جلسة 23 من ديسمبر سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد طموم، زكي المصري، منير توفيق وأحمد مكي.
-----------------
(239)
الطعن رقم 43 لسنة 46 القضائية
(1) محكمة الموضوع "مسائل الواقع". عقد "تفسير العقود".
تفسير العقود. من سلطة محكمة الموضوع. لا رقابة عليها لمحكمة النقض متى كان تفسيرها ما تحتمله عباراتها ولا خروج فيه على المعنى الظاهر لها.
(2) نقض "أسباب الطعن: السبب الموضوعي". حكم "تسبيب الحكم".
انتهاء الحكم سائغاً إلى عدم مسئولية الجمعية المطعون ضدها عن قيمة الشيك والسندات الإذنية موضوع النزاع لصدورها من مدير الجمعية عن شخصه وبعيداً عن صفته. المنازعة في ذلك. جدل موضوعي في تقدير الأدلة. عدم جوازه أمام محكمة النقض.
(3) شركات "تصفية". محكمة الموضوع "مسائل الواقع".
قيام المصفى بحصر الديون المطالب بها وإدراجها في كشوف التصفية لتخصيص مقابل للوفاء بها عند قبولها. لا يعد إقراراً بها أو أنها خالية من النزاع. استعداد الغير للوفاء بجزء من الدين. لا يعد دليلاً على صحة هذا الدين.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن البنك الطاعن أقام الدعوى رقم 155 لسنة 1963 تجاري كلي القاهرة على المطعون ضدهم بطلب الحكم بإلزام أولهم بصفته مصفياً والباقين بصفتهم ضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 102725 ج و375 م والفوائد بواقع 7% ابتداء من 1/ 6/ 1962 وبياناً لذلك قال أنه بموجب عقد تاريخه 15/ 6/ 1959 فتح البنك...... الذي آل إليه اعتماداً لديه بحساب جار لصالح الجمعية التعاونية المنزلية بمحافظة الإسماعيلية في حدود مبلغ عشرة آلاف ووقع عليه المطعون ضدهما الثاني والثالث والمرحومين..... و.... بصفتهم ممثلين للجمعية المذكورة وضامنين متضامنين، وإذ أقفل الحساب في 31/ 5/ 1962 عن رصيد مدين قدره 10272 ج 375 م وامتنع هؤلاء عن سداده فقد أقام البنك دعواه بطلباته السابقة وبتاريخ 26/ 2/ 1967 ندبت محكمة أول درجة خبيراً لأداء المهمة المبينة بمنطوق حكمها وبعد أن قدم الخبير تقريره وأعيد إليه لمباشرتها في مواجهة المطعون ضدهم وقدم تقريره الثاني حكمت في 16/ 12/ 1973 برفض الدعوى، استأنف البنك الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 47 لسنة 91 ق القاهرة وبتاريخ 22/ 11/ 1975 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن البنك الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها نقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل الأوجه الأول والثاني والثالث من السبب الأول منهما أن الطاعن تمسك في دفاعه بصفة المطعون ضده الثالث في تمثيل الجمعية وفي السحب الجاري لديه لأن هذا الحساب ليس حساباً جديداً ناتجاً عن قد فتح الاعتماد المؤرخ 15/ 6/ 1959 وإنما هو حساب قديم مستمر ناشئ عن عقود اعتماد أخرى متلاحقة وسابقة على العقد المذكور أولها العقد المؤرخ 1/ 10/ 1950 وإذ نص في هذا العقد على صفة مدير الجمعية في تمثيلها وفي السحب من حسابها الجاري لديه فإن هذه الصفة تظل لاصقة بالحساب حتى إقفاله وإن لم يرد لها ذكر في باقي عقود الاعتماد الأخرى وإلا كان على الجمعية أن تخطره بما يخالف ذلك وإذ لم تفعل وجب أن تتحمل مسئولية تجاوز تابعها المذكور في السحب وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع فأخطأ بذلك في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تفسير العقود للتعرف على مقصود عاقديها من سلطة محكمة الموضوع ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك متى كان تفسيرها مما تحتمله عباراتها ولا خروج فيه على المعنى الظاهر لها وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بعد أن عرض لعقود فتح الاعتماد المبرمة بين البنك والجمعية خلص إلى أن عقد فتح الاعتماد المؤرخ 15/ 6/ 1959 ليس امتداداً للعقود أو للحسابات السابقة عليه بل هو عقد مستقل عنها ومنبت الصلة بها وكان هذا الذي خلص إليه سائغاً ومما تحتمله عبارات العقد ولا خروج فيه على المعنى الظاهر لها وفيه الرد الكافي على دفاع الطاعن المشار إليه، فإن ما يثيره الطاعن من أحد هذا العقد كان امتداداً لعقود فتح الاعتماد السابقة عليه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الرابع من السبب الأول أن الحكم استخلص من إنشاء الشيك والسندات الإذنية محل النزاع قبل تاريخ عقد فتح الاعتماد المؤرخ 15/ 6/ 1959 والتي تم خصم قيمتها من الحساب الجاري الناتج عن هذا الاعتماد أن هذه الأوراق صورية وهو استخلاص فاسد من الحكم يعيبه بالقصور في التسبيب ذلك أنه لا يوجد في العرف المصرفي ما يمنع من خصم مثل هذه الأوراق من حساب جار متى استحقت في ظله وكان ذلك الحساب امتداداً للحساب القائم وقت تحريرها.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بعدم مسئولية الجمعية عن قيمة الشيك والسندات الإذنية موضوع النزاع على ما خلص إليه في مدوناته من "أن البنك هو أقدم على تسوية صورية مريبة كشف عنها الخبير في تقريره قوامها مبلغ 11891 ج و511 م بموجب الكمبيالات الست والشيك السالف الإشارة إليه، وكان هذا الدين سابقاً على عقد فتح الاعتماد المطروح النزاع بشأنه على المحكمة وكانت هذه السندات الإذنية والشيك تحمل توقيع علي سليمان فقط دون كشف عن صفة له أو بيان لمن يمثله في أمر هذا الدين وفي الساعات السابقة على عقد الاتفاق بالنسبة للسندات الإذنية وفي ذات يوم توقيعها بالنسبة للشيك فأدرجها في حساب الدائن بالنسبة للجمعية قبل عقد الاتفاق وأدرجها في حساب المدين بعد سريان عقد الاتفاق أي أنها حملت الاتفاق المذكور ديوناً للبنك بموجب السندات الإذنية والشيك الصادر من..... هذا لشخصه بعيداً عن صفته.... ومؤدى هذه الحقيقة وجوب استنزال هذا المبلغ من جانب المديونية بالنسبة للجمعية التعاونية المنزلية والبنك وشأنه في اقتضائها من المدين بها". وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغاً وكافياً لحمل قضائه فإن ما يثيره الطاعن في هذا المقام لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني - على الحكم المطعون فيه البطلان والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده الأول بصفته مصفياً للجمعية أقر بدينه عند إعداد كشوف التصفية كما أن محافظة الإسماعيلية عرضت عليه الوفاء بمبلغ ألفي جنيه خصماً من هذا الدين وقد التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع والمستندات المؤيدة له.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أن قيام المصفي بحصر الديون المطالب بها وإدراجها في كشوف التصفية تمهيداً لتخصيص مقابل للوفاء بها عند ثبوتها لا يعني إقراره بها أو أنها خالية من النزاع كما أن استعداد الغير للوفاء بجزء من أحد هذه الديون لا يعد دليلاً على صحة هذا الدين، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول قد أقام قضاءه على ما يكفي لحمله، فلا عليه إذ التفت عما ذهب إليه الطاعن من التمسك بإقرار المصفي بالدين في كشوف التصفية واستعداد محافظة الإسماعيلية للوفاء بجزء منه ومن ثم يكون النعي على الحكم بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق