الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 30 سبتمبر 2023

الطعن 978 لسنة 5 ق جلسة 12 / 11 / 1960 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 1 ق 18 ص 118

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي ومصطفى كامل إسماعيل ومحمد عزت عبد المحسن وأبو الوفا زهدي محمد المستشارين.

-----------------

(18)

القضية رقم 978 لسنة 5 القضائية

كادر العمال 

- الامتحان الفني أمام اللجنة المختصة - لا يقوم دليلاً على أدائه الشهادة اللاحقة من بعض موظفي المصلحة السابقين - لا اعتداد بما يقدم من أوراق لا أصل لها في سجلات المصلحة أو ملف خدمة العامل - أساس ذلك.

----------------
إذا كان الثابت أنه لا دليل في الأوراق على تأدية المدعي امتحاناً فنياً ما عند بدء دخول الخدمة ونجاحه في هذا الامتحان. ولا تقوم شهادة موظفي المصلحة السابقين المحررة في سنة 1948، أي بعد تعيينه بزهاء أربعة عشر عاماً، بأنه نال تمريناً كافياً بمعمل الصناعات الزراعية يجعله جديراً بالمساعدة مقام هذا الامتحان، إذ فضلاً عن أنها لم تتضمن معنى اختباره عند التعيين أو في تاريخ لاحق، فإن التمرين الذي تشير إليه لم يكن بطبيعة الحال يتوفر له عند بدء تعيينه بل اكتسبه - إن صح - بعد مضي وقت من هذا التعيين، وما دامت الأوراق خلوة من دليل كاف مقبول مثبت لأداء المدعي امتحاناً عند التحاقه بالخدمة ونجاحه في هذا الامتحان فإن الشهادة اللاحقة الصادرة من موظفين سابقين غير مختصين ولا مسئولين بالمصلحة لا تقبل في إثبات شيء من ذلك، والقول بغير هذا يفتح الباب للتحايل على أحكام كادر العمال بوسائل غير منضبطة لا يمكن الاطمئنان إليها، كما لا يمكن الأخذ في هذا الشأن بما هو وارد في صور شمسية لأوراق لا تحمل طابع الرسمية وتصر الجهة الإدارية على عدم وجود أصول لها لديها إلى حد طلبها إجراء تحقيق في موضوعها بوساطة النيابة الإدارية.


إجراءات الطعن

في 20 من يونيه سنة 1959 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد وزير الزراعة بالإقليم المصري سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 978 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين بجلسة 19 من إبريل سنة 1959 في الدعوى رقم 364 لسنة 3 القضائية "محاكم" المقامة من: سيد أحمد خليل ضد وزارة الزراعة القاضي "بأحقية المدعي في تسوية حالته وفقاً لأحكام كادر العمال بأجر يومي قدره 300 مليم في الدرجة (240/ 400 مليم) المعدلة إلى (300/ 500) طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 من تاريخ دخوله الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار وفروق وألزمت الوزارة المصروفات". وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه "قبول هذا الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 20 من يوليه سنة 1959 فعقب عليه بمذكرة انتهى فيها إلى طلب "رفض الطعن". وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً أبدت فيه رأيها بأن الطعن قام على غير سند من القانون "ويتعين الحكم برفضه" وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 23 من أكتوبر سنة 1960، وفي 21 من سبتمبر سنة 1960 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة 12 من نوفمبر سنة 1960 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بمراعاة عطلة العيد من 15 إلى 19 من يونيه سنة 1959 وامتداد الميعاد إلى أول يوم عمل بعدها وهو 20 من يونيه سنة 1959 وفقاً لنص المادة 23 من قانون المرافعات.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 364 لسنة 3 القضائية "محاكم" ضد وزارة الزراعة أمام المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في أول يوليه سنة 1956 ذكر فيها أنه عين في أول فبراير سنة 1934، بعد اختباره، عاملاً باليومية في وظيفة مساعد معمل، ولما صدر كادر العمال سويت حالته على أساسه بوضعه في درجة بدايتها 300 مليم من أول مايو سنة 1954.
ولما كانت قواعد الكادر بالنسبة للمعينين قبل صدوره توجب تسوية حالتهم من وقت التعيين لا من وقت صدوره، فقد كان لزاماً أن تسوى حالته في الدرجة 300 مليم من أول فبراير سنة 1934 وما يترتب على ذلك من آثار أهمها الترقية إلى درجة الدقة الممتازة بعد ست سنوات ما دام قد استكمل هذه المدة قبل أول مايو سنة 1945 ولذا فإنه يطلب "الحكم بأحقية الطالب في تسوية حالته بوضعه في درجة صانع دقيق (من 300/ 500 مليم) اعتباراً من أول فبراير سنة 1934، وما يترتب على ذلك من آثار أهمها الترقية لدرجة الدقة الممتازة بعد ست سنوات، مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة والنفاذ". وقد ردت وزارة الزراعة على هذه الدعوى بأن المدعي التحق بخدمة مصلحة البساتين بوظيفة عامل تليفون في أول فبراير سنة 1934 وقد كان يبلغ من العمر وقتذاك 14 سنة أي أقل من السن المقرر لتعيين العمال وهو 18 سنة ولذا كان اشتغاله بمثابة تمرين تحت الاختبار، وقد بدأ كعامل بقسم الصناعات الزراعية وقضى فترة التمرين في أعمال هذا القسم، ثم نقل للعمل كعامل تليفون وقت تطبيق الكادر، الأمر الذي جعل لجنة الكادر تمنحه وظيفة عامل تليفون حيث وضع في الفئة (120/ 300 مليم) المخصصة لهذه الوظيفة. وقد تقدم في 25 من يناير سنة 1948 بملتمس يرجو فيه وضعه في وظيفة مساعد معمل في الفئة (300/ 500 مليم) تأسيساً على أنه قد تمرن التمرين الكافي في الأعمال الفنية الخاصة بالصناعات الزراعية، معترفاً بهذا أنه كان تحت التمرين حتى هذا التاريخ. وقد عرض أمره على لجنة شئون العمال بالمصلحة فوافقت على تعديل حالته بوضعه في وظيفة مساعد معمل في الفئة (300/ 500 مليم) اعتباراً من أول مايو سنة 1945، واعتبرت المدة من تاريخ إلحاقه بالعمل بقسم الصناعات الزراعية في أول مايو سنة 1945 فترة تمرين واختبار، ولا سيما أنه يشترط للتعيين في وظيفة مساعد معمل أن يجتاز المرشح اختباراً فنياً، ولو أن المدعي اختبر مساعداً فنياً من تاريخ تعيينه الأول لانعدمت شروط التعيين الواجب توافرها في مثل هذه الحالة والمنصوص عليها في كادر العمال. هذا إلى أن مصلحة البساتين لم تكن لديها ملفات خدمة للعمال. إذ لم تنشأ هذه الملفات بها إلا بعد تطبيق الكادر، ولذا فإن الكادر قد طبق على عمالها على أساس طبيعة العمل القائمين به، وإنما تضمنت سجلاتها بياناً لوظائف العمال، وقد ورد بها أن وظيفة المدعي هي عامل تليفون، ولذا عومل بوضعه في الفئة (120/ 300 مليم) المخصصة لهذه الوظيفة اعتباراً من تاريخ تعيينه في أول فبراير سنة 1934، ولا دليل من هذه السجلات أو من ملف خدمة المدعي على أنه أدى امتحاناً ما عند بدء التحاقه بالخدمة، ومن ثم فإنه لا يكون على حق في دعواه، أما الشهادة التي تقدم بها في سنة 1948 فقد قدمت بعد تطبيق الكادر، فضلاً عن أنها موقعة من بعض موظفي المصلحة السابقين بأنه تمرن تمريناً كافياً في عمل الصناعات الزراعية وأن عمله مرض، هذا إلى عدم إمكان التعويل عليها لعدم وجودها أصلاً في ملف خدمته وعدم ورود أي ذكر لاختباره فنياً سواء في سجلات المصلحة أو في ملف خدمة المذكور. وخلصت الوزارة من هذا إلى طلب الحكم برفض الدعوى. وقد أودع السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهى فيه إلى أنه يرى "الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع برفضها مع إلزام المدعي بالمصروفات" وأسس رأيه على أن المدعي قد عجز عن تقديم الدليل على أنه التحق بالخدمة بوظيفة مساعد معمل بعد اختباره. وقد عقب المدعي بمذكرة أوضح فيها أنه عين ابتداء في أول فبراير سنة 1934 عاملاً باليومية بوظيفة صانع منتجات زراعية درجة أولى وظل قائماً بهذا العمل حتى صدر كادر العمال الذي كان يجب تطبيق أحكامه عليه من وقت تعيينه، بيد أن الوزارة لم تسو حالته على أساس هذه الأحكام إلا اعتباراً من أول مايو سنة 1945، تاريخ نفاذ الكادر، وأضاف أنه ثابت من الاستمارة رقم 97 مالية المتضمنة تطورات تعيينه إنه عين منذ بدء اشتغاله بالخدمة "صانع منتجات زراعية" لا "عامل تليفون" كما تقرر الوزارة وأنه تقدم بشهادة موقعة من مسئولين تثبت اختباره عند تعيينه في أول فبراير سنة 1934 واختتم مذكرته بالتصميم على طلباته على أساس أنه دخل الخدمة بامتحان في وظيفة صانع منتجات زراعية. وبجلسة 19 من إبريل سنة 1959 قضت المحكمة الإدارية بأحقية المدعي في تسوية حالته وفقاً لأحكام كادر العمال بأجر يومي قدره 300 مليم في الدرجة (240/ 400 مليم) المعدلة إلى الدرجة (300/ 500) مليم طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 12 من أغسطس سنة 1951 من تاريخ دخوله الخدمة، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق وألزمت الوزارة المصروفات" وأقامت قضاءها على أن جهة الإدارة قد عجزت عن تقديم أوراق تعيين المدعي أو السجل الثابتة به وظيفته وبذا لم يقم أي دليل يؤيد ادعاءها بأن المدعي قد عين في سنة 1934 في وظيفة عامل تليفون بينما قدم المدعي أوراقاً تثبت أنه عين في وظيفة صانع بعمل الشربات والمربات في أول فبراير سنة 1934 بعد أن أدى امتحاناً ظهر منه أنه ملم بأعمال الشربات والمربات. يؤيد هذا أن الوزارة وضعته في الدرجة (300/ 500 مليم) في وظيفة "مساعد معمل" اعتباراً من أول مايو سنة 1945. الأمر الذي تستشف منه المحكمة أنه قد التحق بالخدمة ابتداء في وظيفة صانع مربات بعد اختباره. والذي يتعين تسوية حالته على أساسه اعتباراً من أول فبراير سنة 1934 لا من أول مايو سنة 1945، وذلك بوضعه في درجة صانع دقيق (240/ 400 مليم) المعدلة إلى (300/ 500 مليم) من تاريخ دخوله الخدمة، وما يترتب على ذلك من آثار. وقد طعنت وزارة الزراعة في هذا الحكم بعريضة أودعتها سكرتيرية هذه المحكمة في 20 من يونيه سنة 1959 طلبت فيها "قبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين". واستندت في أسباب طعنها إلى أن الثابت من الأوراق أن المدعي عند بدء التحاقه بالعمل كانت سنه لا تجاوز 13.5 سنة، ولذا فإن اشتغاله وقتذاك إنما كان بمثابة تمرين تحت الاختبار، وقد أمضى سنتين بقسم الصناعات الزراعية، ثم نقل إلى وظيفة عامل تليفون، كما هو ثابت من كشوف تطبيق كادر العمال، أما الاستمارة رقم 97 المقدمة صورتها من المدعي فإنها لا تجدي في إثبات وظيفته وقت تعيينه. إذ أن ما تحويه من بيانات إنما هو عن الوظيفة الحالية لا الوظيفة التي بدأ بها خدمته. وقد سوت لجنة الكادر حالته بناء على الطلب المقدم منه في 25 من يناير سنة 1948 على أساس اعترافه فيه بأن الفترة من تاريخ التحاقه بالعمل حتى 30 من إبريل سنة 1945 كانت فترة تمرين، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون. وقد عقب المدعي على هذا الطعن بمذكرة ردد فيها دفاعه السابق رداً على أسباب الطعن، وأكد أنه التحق بالخدمة في وظيفة مساعد معمل بعد اختباره أمام لجنة فنية واتضاح لياقته لهذا العمل. وبعد أن ناقش أسانيد الطعن انتهى إلى أحقيته في التسوية التي يطالب بها لقيامه فعلاً بوظيفة مساعد معمل من بدء خدمته. واختتم مذكرته بطلب "رفض الطعن" وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً أيدت فيه ما جاء بأسباب حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه من حجج، وخلصت من ذلك إلى أن الطعن "قد قام على غير سند من القانون ويتعين الحكم برفضه".
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي، وهو من مواليد 19 من يوليه سنة 1920، دخل الخدمة بمصلحة البساتين اعتباراً من أول فبراير 1934، أي وهو يناهز سن الثالثة عشرة والنصف، وغير حاصل على أي مؤهل دراسي، وألحق بالعمل في قسم الصناعات الزراعية. ولدى صدور كادر العمال سويت حالته بوضعه في الفئة (120/ 300 مليم) المخصصة لوظيفة عامل تليفون، واعتبر أنه قضى في البداية فترة تمرين تحت الاختبار في أعمال القسم المشار إليه، وتدرج أجره بالعلاوات على هذا الأساس حتى بلغ 170 مليماً يومياً في أول مايو سنة 1944. وقد تقدم في سنة 1948 بشهادة موقعة من بعض موظفي المصلحة السابقين بأنه نال تمريناً كافياً بمعمل الصناعات الزراعية وأن عمله كان مرضياً ويستحق المساعدة، والتمس في طلب له مؤرخ 25 من يناير سنة 1948 وضعه في وظيفة مساعد معمل في الفئة (300/ 500 مليم) مستنداً في ذلك إلى حصوله على التمرين الكافي في الأعمال الفنية بناء على تلك الشهادة. وبعرض هذا الطلب على اللجنة الفنية المختصة بتطبيق كادر العمال بالمصلحة وافقت على تعديل حالته بوضعه في وظيفة مساعد معمل في الفئة (300/ 500 مليم) بمعامل الصناعات الزراعية اعتباراً من أول مايو سنة 1945 طبقاً لطبيعة عمله وقتئذ، وصدر بذلك أمر المصلحة رقم (70) واعتبرت مدة خدمته السابقة على هذا التاريخ بمثابة فترة تمرين واختبار، ثم سوى أجره اليومي على هذا الأساس فبلغ 400 مليم في أول مايو سنة 1955 وتقرر الجهة الإدارية أن الثابت بسجلاتها أن المدعي عين في وظيفة عامل تليفون نقلاً من قسم الصناعات الزراعية بعد قضائه فترة فيه متمرناً تحت الاختبار، وأنه لم يرد في هذه السجلات ما يدل على أنه أدى امتحاناً عند بدء التحاقه بالخدمة. وقد أودعت الوزارة أخيراً حافظة مستندات تحوي مستخرجاً طبق الأصل من كشف كادر عمال المياومة بديوان مصلحة البساتين ثابت به أن المدعي كان يشتغل في وظيفة "عامل تليفون" في الفئة (120/ 240 مليم) على البند 19 أجور قبل تعيينه في درجة عامل فني بوظيفة "مساعد معمل" في الفئة (200/ 360) اعتباراً من أول مايو سنة 1945. وقد أنكرت الوزارة المستندات التي تقدم المذكور بصور منها لعدم وجود أصولها بالمصلحة حتى يمكن معرفة مدى صحتها، وذكرت أن النيابة الإدارية قد أجرت مع المدعي تحقيقاً في هذا الموضوع لمعرفة كيفية حصوله على هذه المستندات وتصويرها.
ومن حيث إنه ظاهر مما تقدم أنه لا دليل في الأوراق على تأدية المدعي امتحاناً فنياً ما عند بدء دخول الخدمة ونجاحه في هذا الامتحان. ولا تقوم شهادة موظفي المصلحة السابقين المحررة في سنة 1948، أي بعد تعيينه بزهاء أربعة عشر عاماً، بأنه نال تمريناً كافياً بمعمل الصناعات الزراعية يجعله جديراً بالمساعدة، مقام هذا الامتحان إذ فضلاً عن أنها لم تتضمن معنى اختباره عند التعيين أو في تاريخ لاحق، فإن التمرين الذي تشير إليه لم يكن بطبيعة الحال ليتوفر له عند بدء تعيينه بل اكتسبه - إن صح - بعد مضي وقت من هذا التعيين. وما دامت الأوراق خلوة من دليل كاف مقبول مثبت لأداء المدعي امتحاناً عند التحاقه بالخدمة ونجاحه في هذا الامتحان فإن الشهادة اللاحقة الصادرة من موظفين سابقين غير مختصين ولا مسئولين بالمصلحة لا تقبل في إثبات شيء من ذلك. والقول بغير هذا يفتح الباب للتحايل على أحكام كادر العمال بوسائل غير منضبطة لا يمكن الاطمئنان إليها. كما لا يمكن الأخذ في هذا الشأن بما هو وارد في صور شمسية لأوراق لا تحمل طابع الرسمية وتصر الجهة الإدارية على عدم وجود أصول لها لديها إلى حد طلبها إجراء تحقيق في موضوعها بوساطة النيابة الإدارية.
على أنه مهما يكن من أمر في شأن صحة أو عدم صحة واقعة الاختبار التي يزعمها المدعي، فإن إلمامه بأعمال الشربات والمربات - كما هو مذكور في تلك الأوراق - لا يحدد له مركزاً قانونياً في وظيفة بعينها، ولا يخوله حقاً محتوماً في وظيفة "مساعد معمل" بدرجة صانع دقيق في الفئة (300/ 500 مليم) من بدء تعيينه في أول فبراير سنة 1934، إذ فضلاً عن قصور هذا الوصف عن بيان الدرجة التي قدرت للمدعي والوظيفة التي يصلح لها والفئة التي تؤهله لها كفايته، فإنه ينقصه ما هو ثابت من أن المذكور لم يكن في هذا التاريخ قد بلغ من السن سوى قرابة ثلاثة عشر عاماً ونصف، أي أدنى ببضع سنوات من السن القانوني المقرر للصناع والعمال الفنيين، الأمر الذي يؤيد قول الوزارة بأن اللجنة الفنية المختصة بتطبيق كادر العمال بها قد اعتبرت هذه الفترة بمثابة تمرين واختبار والذي يعززه ما هو مدون بسجلاتها وما ورد بالمستخرج طبق الأصل من كشف كادر العمال الخاص بالمدعي. والمقدم منها أخيراً من أنه كان يقوم بعمل عامل تليفون في الفئة (120/ 240) قبل أول مايو سنة 1945، وهو عمل يدخل في عداد وظائف العمال العاديين الواردة في الكشف رقم (1) من الكشوف الملحقة بكادر العمال والتي لا يستلزم الكادر في شاغلها أداء امتحان فني ما.
ومن حيث إنه لما تقدم لا يكون المدعي على حق في دعواه، ويكون حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه، إذ قضى بإجابته إليها قد جانب الصواب، ويتعين القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعي بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق