الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 سبتمبر 2023

الطعن 280 لسنة 34 ق جلسة 16 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 110 ص 762

جلسة 16 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وإبراهيم علام.

-----------------

(110)
الطعن رقم 280 لسنة 34 القضائية

(أ) مسئولية. "مسئولية عقدية". "مسئولية تقصيرية".
المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية. استقلال كل منهما بأحكام خاصة خصه المشرع بها بقصد تحديد نطاق كل منها. مناط العمل بأحكام كل من المسئوليتين.
(ب) مسئولية حارس البناء. المادة 177/ 1 من القانون المدني.
المادة 177/ 1 من القانون المدني وضعت لحماية غير المتعاقدين مع حارس البناء في حالة تهدم البناء أو جزء منه. المتعاقدون معه يخضعون لأحكام العقد ونصوص القانون المدني الخاصة بأحكام عقد الإيجار.

----------------
1 - مفاد نص المادة 567 من القانون المدني أن التزام المؤجر - طبقاً لأحكام الإيجار في القانون المدني - بصيانة العين المؤجرة وحفظها إنما هو تقرير للنية المحتملة للمتعاقدين وأنه إذا اتفق الطرفان على ما يخالفها تعين إعمال اتفاقهما، وإذ أورد المشرع هذه المادة والمادة 577 التي تقضي بالتزام المؤجر بضمان العيوب الخفية بالعين المؤجرة وغيرها من النصوص التي تنظم أحكام عقد الإيجار وتبين آثاره وتحدد المسئولية عن الإخلال بتنفيذه بالفصل الأول من الباب الثاني من الكتاب الثاني من القانون المدني، كما أورد في شأن العقود الأخرى المنصوص عليها بذات الكتاب الأحكام التي تناسبها في هذا الخصوص، وكانت المادة 177/ 1 من القانون المدني الخاصة بمسئولية حارس البناء قد وردت بالفصل الثالث من الباب الأول من الكتاب الأول ضمن النصوص المتعلقة بالمسئولية عن العمل غير المشروع، وإذ خص المشرع على هذا النحو المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية كلاً منهما بأحكام تستقل بها عن الأخرى وجعل لكل من المسئوليتين في تقنينه موضعاً منفصلاً عن المسئولية الأخرى، فقد أفصح بذلك عن رغبته في إقامة نطاق محدد لأحكام كل من المسئوليتين. فإذا قامت علاقة تعاقدية محددة بأطرافها ونطاقها وكان الضرر الذي أصاب أحد المتعاقدين قد وقع بسبب إخلال الطرف الآخر بتنفيذ العقد فإنه يتعين الأخذ بأحكام العقد وبما هو مقرر في القانون بشأنه باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي تضبط كل علاقة بين الطرفين بسبب العقد سواء عند تنفيذه تنفيذاً صحيحاً أو عند الإخلال بتنفيذه. ولا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية التي لا يرتبط المضرور فيها بعلاقة عقدية سابقة لما يترتب على الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه مما يخل بالقوة الملزمة له، وذلك ما لم يثبت ضد أحد الطرفين المتعاقدين أن الفعل الذي ارتكبه وأدى إلى الإضرار بالطرف الآخر يكون جريمة أو يعد غشاً أو خطأ جسيماً مما تتحقق معه المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه أخل بالتزام قانوني، إذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل في جميع الحالات سواء كان متعاقداً أو غير متعاقد.
2 - دل المشرع بإفراده لكل من المسئوليتين التعاقدية والتقصيرية أحكاماً مستقلة تختص بها دون الأخرى على النحو السالف الإشارة إليه، على أنه وضع المادة 177/ 1 لحماية غير المتعاقدين في حالة تهدم البناء أو جزء منه، أما من يربطه بحارس البناء عقد إيجار فإن أحكام هذا العقد ونصوص القانون المدني الواردة في الفصل الأول من الباب الثاني من الكتاب الثاني التي تنظم أحكام عقد الإيجار تكون هي وحدها الواجبة التطبيق لتحديد مسئولية المؤجر. ولا يغير من ذلك ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المدني تعليقاً على المادة 565/ 2 الواردة في الكتاب الثاني ضمن أحكام عقد الإيجار من أنه "إذا كان بالعين المؤجرة عيب يعرض صحة المستأجر ومن معه الخطر جسيم وأصابه من ذلك ضرر بالفعل. وثبت خطأ في جانب المؤجر فإن المستأجر يستحق التعويض طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية، ويجوز له أيضاً أن يطلب فسخ العقد ولو كان قد تنازل عن هذا الحق مقدماً لأن الأمر يتعلق بالنظام العام" ذلك أنه وقد خلت هذه المادة من عبارة "طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية" وورد نصها آمراً في تنظيم أحد التزامات المؤجر المترتبة على العقد فإنه لا يخرج مسئولية المؤجر - في خصوص هذا الالتزام - عن طبيعتها ولا يحيلها إلى مسئولية تقصيرية وذلك ما لم يثبت أن المؤجر ارتكب خطأ جسيماً أو غشاً أو فعلاً يؤثمه القانون على النحو السالف بيانه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 27/ 12/ 1956 هدم جزء من المنزل رقم 8 ( أ ) الكائن بشارع الصبان قسم الظاهر والمملوك للطاعنين ونتج عن ذلك وفاة وإصابة بعض سكانه، فأقام المطعون ضده الأول عن نفسه وبصفته وصياً على إخوته سعاد وفتحي ومحمد الدعوى رقم 1750 سنة 1958 كلي القاهرة يطلب الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا مبلغ 5000 ج تعويضاً عن وفاة والدهم المرحوم أحمد أحمد عطيه ووالدتهم المرحومة سيدة إبراهيم وأخيهم المرحوم صلاح أحمد عطيه وأقام المطعون ضده الثاني الدعوى رقم 1751 سنة 1958 كلي القاهرة بطلب الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 1000 جنيه تعويضاً عن وفاة ابنته ليلى عبد الفتاح علي، كما أقام المطعون ضده الثالث الدعوى رقم 1752 سنة 1958 كلي القاهرة يطلب الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 5000 ج تعويضاً عن وفاة زوجته المرحومة عطيات أحمد مصطفى وأولاده نعيمة ومصطفى وعلي، وأقام أيضاً المطعون ضده الرابع الدعوى رقم 1753 سنة 1958 كلي القاهرة يطلب الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 2500 ج تعويضاً عن وفاة ابنه المرحوم محمد السيد عطية وإصابة ابنته فوزية السيد عطية بإصابة تخلفت عنها عاهة مستديمة. وأسس المطعون ضدهم هذه الدعاوى على أن الطاعنين تسببا بإهمالهما في انهيار جزء من المنزل سالف الذكر وهو السلم والغرفتين الملاصقتين له من الجهة الغربية القبلية بكامل ارتفاع المنزل البالغ خمسة أدوار حتى سطح الأرض بأن تركا المنزل بدون صيانة ولم يتخذا الإجراءات الكفيلة بحماية السكان وضمنت المحكمة الدعاوى الأربع ليصدر فيها حكم واحد وبتاريخ 31/ 12/ 1961 حكمت بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا للمطعون ضده الأول عن نفسه مبلغ 600 ج ولكل من إخوته المشمولين بوصايته مبلغ 800 ج، وبأن يدفعا للمطعون ضده الثاني مبلغ 500 ج وللمطعون ضده الثالث مبلغ 3000 ج وللمطعون ضده الرابع مبلغ 800 ج. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 595 سنة 79 ق. وبتاريخ 10 مارس سنة 1964 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعا للمطعون ضده الأول بصفته مبلغ 1200 ج وللمطعون ضده الثاني مبلغ 300 ج وللمطعون ضده الثالث 600 ج وللمطعون ضده الرابع مبلغ 320 ج. وبتاريخ 28 أبريل سنة 1964 قرر الطاعنان بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب ذلك أنه أقام قضاءه بمسئوليتهما عن وفاة بعض سكان المنزل المملوك لهما وإصابة آخرين نتيجة لسقوط جزء منه وتهدمه، على ما تقضي به المادة 177/ 1 من القانون المدني من مسئولية حارس البناء مسئولية تقصيرية مفترضة، هذا في حين أن الصحيح في القانون هو وجوب إعمال قواعد المسئولية العقدية وذلك لقيام علاقة عقدية بين الطاعنين ومن أصيبوا من تهدم بعض مباني المنزل لاستئجارهم وحدات سكنية فيه، مما لا يجوز معه تطبيق أحكام المسئولية التقصيرية في أية صورة من صورها. وأضاف الطاعنان أنه قد ترتب على هذا الخطأ أن الحكم لم يبحث دفاعهما المؤسس على وجوب إعمال أحكام المسئولية التعاقدية التي تقضي بإلزام المستأجر بإخطار المؤجر بما يتطلبه العقار من ترميمات مستعجلة وبصحة شرط الإعفاء من المسئولية الوارد بعقدي الإيجار المقدمين في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت في مدوناته أن هناك علاقة تعاقدية بين الطاعنين والمطعون ضدهم وأن بعضهم قدم عقود إيجار عن وحدات سكنية بالمنزل الذي هدم جزء من مبانيه وقرر آخرون أنهم كانوا يقيمون بوحدات سكنية بالمنزل بوصفهم مستأجرين لها من الباطن. ولما كانت المادة 567 من القانون المدني قد نصت في فقرتها الأولى على إلزام المؤجر بأن يتعهد العين المؤجرة بالصيانة وبأن يقوم بجميع الترميمات الضرورية لحفظها، ونصت في فقرتها الأخيرة على جواز أن يقضي الاتفاق بين المؤجر والمستأجر بغير ذلك، مما مفاده أن التزام المؤجر طبقاً لأحكام الإيجار في القانون المدني بصيانة العين المؤجرة وحفظها إنما هو تقرير للنية المحتملة للمتعاقدين وأنه إذا اتفق الطرفان على ما يخالفها تعين إعمال اتفاقهما، وإذ أورد المشرع هذه المادة والمادة 577 التي تقضي بالتزام المؤجر بضمان العيوب الخفية بالعين المؤجرة وغيرهما من النصوص التي تنظم أحكام عقد الإيجار وتبين آثاره وتحدد المسئولية عن الإخلال بتنفيذه بالفصل الأول من الباب الثاني من الكتاب الثاني من القانون المدني، كما أورد في شأن العقود الأخرى المنصوص عليها بذات الكتاب الأحكام التي تناسبها في هذا الخصوص، وكانت المادة 177/ 1 من القانون المدني الخاصة بمسئولية حارس البناء قد وردت بالفصل الثالث من الباب الأول من الكتاب الأول ضمن النصوص المتعلقة بالمسئولية عن العمل غير المشروع، وإذ خص المشرع على هذا النحو المسئولية العقدية والمسئولية التقصيرية كلاً منهما بأحكام تستقل بها عن الأخرى وجعل لكل من المسئوليتين في تقنينه موضعاً منفصلاً عن المسئولية الأخرى فقد أفصح بذلك عن رغبته في إقامة نطاق محدد لأحكام كل من المسئوليتين، فإذا قامت علاقة تعاقدية محددة بأطرافها ونطاقها وكان الضرر الذي أصاب أحد المتعاقدين قد وقع بسبب إخلال الطرف الآخر بتنفيذ العقد فإنه يتعين الأخذ بأحكام العقد وبما هو مقرر في القانون بشأنه باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هي التي تضبط كل علاقة بين الطرفين بسبب العقد سواء عند تنفيذه تنفيذاً صحيحاً أو عند الإخلال بتنفيذه، ولا يجوز الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية التي لا يرتبط المضرور فيها بعلاقة عقدية سابقة، لما يترتب على الأخذ بأحكام المسئولية التقصيرية في مقام العلاقة العقدية من إهدار لنصوص العقد المتعلقة بالمسئولية عند عدم تنفيذه مما يخل بالقوة الملزمة له، وذلك ما لم يثبت ضد أحد الطرفين المتعاقدين أن الفعل الذي ارتكبه وأدى إلى الإضرار بالطرف الآخر يكون جريمة أو يعد غشاً أو خطأ جسيماً مما تتحقق معه المسئولية التقصيرية تأسيساً على أنه أخل بالتزام قانوني إذ يمتنع عليه أن يرتكب مثل هذا الفعل في جميع الحالات سواء كان متعاقداً أو غير متعاقد. وقد دل المشرع بإفراده لكل من المسئوليتين التعاقدية والتقصيرية أحكاماً مستقلة تختص بها دون الأخرى على النحو السالف الإشارة إليه على أنه وضع المادة 177/ 1 لحماية غير المتعاقدين في حالة تهدم البناء أو جزء منه، أما من يربطه بحارس البناء عقد إيجار فإن أحكام هذا العقد ونصوص القانون المدني الواردة في الفصل الأول من الباب الثاني من الكتاب الثاني التي تنظم أحكام عقد الإيجار تكون هي وحدها الواجبة التطبيق لتحديد مسئولية المؤجر. ولا يغير من ذلك ما جاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المدني تعليقاً على المادة 565/ 2 الواردة بالكتاب الثاني ضمن أحكام عقد الإيجار من أنه "إذا كان بالعين المؤجرة عيب يعرض صحة المستأجر ومن معه لخطر جسيم وأصابه من ذلك ضرر بالفعل وثبت خطأ في جانب المؤجر فإن المستأجر يستحق التعويض طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية ويجوز له أيضاً أن يطلب فسخ العقد ولو كان قد تنازل عن هذا الحق مقدماً لأن الأمر يتعلق بالنظام العام" ذلك أنه وقد خلت هذه المادة من عبارة "طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية" وورد نصها آمراً في تنظيم أحد التزامات المؤجر المترتبة على العقد فإنه لا يخرج مسئولية المؤجر - في خصوص هذا الالتزام - عن طبيعتها ولا يحيلها إلى مسئولية تقصيرية وذلك ما لم يثبت أن المؤجر ارتكب خطأ جسيماً أو غشاً أو فعلاً يؤثمه القانون على النحو السالف بيانه - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أطلق للمطعون ضدهم الحق في الرجوع على الطاعنين بدعوى المسئولية التقصيرية المفترضة المبينة بالمادة 177/ 1 من القانون المدني بوصف الطاعنين حارسين للبناء وتأسيساً على أن المطعون ضدهم قد أصابهم ضرر من تهدم جزء منه، والتفت الحكم عن بحث العلاقة الإيجارية السابق الإشارة إليها ومدى تطبيق أحكام المسئولية العقدية عليها وذلك لتحديد أطراف هذه العلاقة وبيان نطاقها من حيث انطباقه على البناء بأكمله أو على أجزاء منه وبيان ما يخرج عن نطاقها ويدخل في نطاق المسئولية التقصيرية، فإن الحكم يكون قد خالف صحيح القانون. وإذ حجب الحكم نفسه بهذه المخالفة عن بحث دفاع الطاعنين المؤسس على أن مسئوليتهما مسئولية تعاقدية وبيان مدى صحته وإنزال حكم القانون عليه، فإنه يكون فوق مخالفته للقانون قد شابه القصور في التسبيب بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق