جلسة 25 من يناير سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وأحمد صفاء الدين.
---------------
(21)
الطعن رقم 524 لسنة 37 القضائية
(1) دعوى. "شروط قبول الدعوى. الصفة". دفوع. "الدفع بعدم القبول".
اكتساب المدعي الصفة في رفع الدعوى أثناء نظرها. أثره. زوال العيب وانتفاء مصلحة المدعى عليه في التمسك بالدفع بعدم القبول.
(2) دعوى. "شروط قبول الدعوى. الصفة". استئناف. "نطاق الاستئناف. السبب الجديد".
الصفة في رفع الدعوى. جواز أن يكون سند المدعي في ثبوت صفته أمام محكمة الاستئناف مغايراً لسنده أمام محكمة أول درجة أو صادراً بعد نقض الحكم السابق. ليس من شأن ذلك تغيير موضوع النزاع.
(3) نقض. "أثر نقض الحكم". استئناف.
نقض الحكم. للخصوم أن يقدموا أمام محكمة الإحالة ما كان يجوز لهم تقديمه قبل صدور الحكم المنقوض من دفاع ودفوع إلا ما سقط الحق فيه. جواز اعتماد هذه المحكمة في تحصيل فهمها لواقع الدعوى على ما يقدم لها من تلك الوجوه وما يستجد من وقائع ومستندات وأدلة.
(4) دعوى. "شروط قبول الدعوى. الصفة". دفوع "الدفع بعدم القبول". حوالة. استئناف.
إقامة الطاعن دعواه ابتداء بطلب التعويض الناشئ عن إخلال الشركة المطعون عليها بتنفيذ عقد المقاولة المبرم بينها وبين جمعية بناء المساكن تأسيساً على أنه تضمن اشتراطاً لمصلحة الأعضاء. اعتماده أمام محكمة الإحالة - بعد نقض الحكم الصادر في الدعوى - على أن الجمعية أحالت إليه حقوقها بما فيها التعويض بموجب عقد أعلن إلى الشركة أثناء نظر الاستئناف. أثره. انتفاء مصلحة الشركة في التمسك بالدفع بعدم القبول. عدم ترتيب الحكم المطعون فيه على الحوالة أثرها في اعتبار صفة الطاعن في المطالبة بالحق موضوعها لأنها قدمت في الاستئناف بعد صدور حكم النقض السابق. خطأ.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2546 سنة 1959 مدني كلي القاهرة ضد المطعون عليهم الأول والثاني والرابع والخامس طالباً الحكم بإلزامهم متضامنين، وفي مواجهة المطعون عليه الثالث بصفته بأن يدفعوا له مبلغ 3649 ج و530 م، وقال بياناً للدعوى إنه باعتباره أحد الأعضاء في الجمعية التعاونية لبناء المساكن لرجال القضاء والنيابة العامة اختص بقطعة أرض ليقيم عليها مسكناً طبقاً للنموذج حرف (ج)، وهو أحد النماذج الأربعة التي صممها المطعون عليهما الرابع والخامس وقدرت التكاليف بمبلغ 3094 ج، وأن الجمعية التعاونية عهدت بإقامة هذا المسكن مع مساكن أعضائها إلى الشركة التي يمثلها المطعون عليهما الأول والثاني بمقتضى عقد مقاولة مؤرخ 14/ 5/ 1955 وأشرف المطعون عليهما الرابع والخامس على التنفيذ، إلا أنه تبين بعد أن تسلم الطاعن البناء من الجمعية أن الشركة خالفت الشروط والمواصفات الواردة في العقد وظهرت عيوب في البناء وأوجه نقص عديدة في التنفيذ فرفع الدعويين رقم 807 لسنة 58 ورقم 11023 مستعجل القاهرة لإثبات حالة البناء وما فيه من عيوب ومدى مطابقته لعقد المقاولة وللأصول الفنية، وقدم الخبير المنتدب فيهما تقريراً بالعيوب الموجودة في البناء وبالمخالفات لشروط العقد ونظراً لأن الشركة هي التي أقامت البناء ووضع المطعون عليهما الرابع والخامس تصميمه وقاما بالإشراف على التنفيذ وهم جميعاً مسئولون بالتضامن عن تعويض الأضرار الناشئة عن تلك العيوب والمخالفات فقد انتهى الطاعن إلى طلب الحكم له بالطلبات. وأقرت الجمعية التعاونية بحق الطاعن وانضمت إليه في طلباته، ودفعت الشركة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة استناداً إلى أن عقد المقاولة أبرم بينهما وبين الجمعية لبناء مساكن لها وأن الجمعية وحدها تتولى بيعها لأعضائها من رجال القضاء والنيابة ولا شأن للشركة بهذا التوزيع ولا علاقة بينها وبين الطاعن تخوله مقاضاتها بسبب التزاماتها المترتبة على عقد المقاولة، وبتاريخ 14/ 10/ 1960 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم القبول تأسيساً على أن عقد المقاولة يتضمن اشتراطاً لمصلحة أعضاء الجمعية، ثم عادت بتاريخ 25/ 6/ 1961 فحكمت بإلزام الشركة والمطعون عليهما الرابع والخامس متضامنين بأن يدفعوا للطاعن مبلغ 1049 ج و520 م والمصروفات المناسبة، واستأنفت الشركة هذا الحكم طالبة إلغاءه والحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها وقيد الاستئناف برقم 1409 سنة 78 قضائية، وبتاريخ 28/ 4/ 1962 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، وأسست قضاءها برفض الدفع على أن عقد المقاولة أبرم في حدود نيابة الجمعية عن أعضائها وأن ما ينشأ عن العقد من حقوق والتزامات يضاف إليهم فيكون للطاعن توجيه الدعوى مباشرة إلى الشركة، وطعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 277 سنة 32 قضائية، وبتاريخ 29/ 12/ 1966 نقضت المحكمة هذا الحكم على أساس أنه أخطأ في تكييف العلاقة القانونية بين الجمعية التعاونية وأعضائها في شأن عقد المقاولة وفي ترتيب آثاره، وبعد أن أحيلت القضية إلى محكمة الاستئناف تمسك الطاعن بأن الجمعية أحالت إليه الحقوق الناشئة عن عقد المقاولة بما فيها التعويضات المترتبة على مخالفة شروطه منذ تاريخ رفع الدعوى على الشركة وذلك بموجب إقرار من الجمعية مؤرخ 12/ 3/ 1967 فضلاً عن انتقال الحق في التعويض بموجب تسجيل عقد ملكيته عن الأرض المقام عليها البناء بتاريخ 17/ 9/ 1966 تحت رقم 2697 شهر عقاري الجيزة، وبتاريخ 25/ 11/ 1967 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها عن غير ذي صفة، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه قضى بعدم قبول الدعوى مستنداً في ذلك إلى أن الطاعن أقام الدعوى ابتداء على أساس قاعدة الاشتراط لمصلحة الغير، وأنه لم يحصل على حوالة الحق من الجمعية التعاونية إلا بتاريخ 12/ 3/ 1967 بعد صدور حكم النقض فلا تصلح لاعتباره صاحب صفته في الدعوى لأن العبرة في ذلك هي بوقت رفع الدعوى، وهذا من الحكم مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه، ذلك أنه لا يجب أن يتحقق شرط الصفة للمدعي في وقت رفع الدعوى، وإنما يكفي اكتساب هذه الصفة أثناء نظرها، لأنه بزوال العيب الذي كان يشوب صفته تصبح إجراءات التقاضي صحيحة ومنتجة لآثارها ولا محل بعد ذلك للدفع بانعدام الصفة ولا يكون لصاحب الدفع مصلحة فيه، ورغم أن حق الجمعية في اقتضاء التعويض المترتب على إخلال الشركة في تنفيذ عقد المقاولة قد انتقل إلى الطاعن بموجب حوالة نافذة قبل الشركة التي أعلنت بها أثناء الاستئناف، إلا أن الحكم لم يرتب على الحوالة أثرها، وحسب أنه مقيد بأدلة الإثبات وأوجه الدفاع المقدمة إلى محكمة أول درجة أو التي تكون سابقة على حكم النقض، مع أنه يجوز تقديم أدلة وأوجه دفاع جديدة أمام محكمة الاستئناف بعد نقض الحكم ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة أول درجة.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه وإن كان يجوز للمدعى عليه أن يدفع بعدم قبول الدعوى إذا لم يكن المدعي صاحب صفة في رفعها، إلا أنه متى اكتسب المدعي هذه الصفة أثناء نظر الدعوى مراعياً المواعيد والإجراءات المنصوص عليها في القانون فإن العيب الذي شاب صفته عند رفعها يكون قد زال وتصبح الخصومة بعد زوال العيب منتجة لآثارها منذ بدايتها، ولا تكون للمدعى عليه مصلحة في التمسك بهذا الدفع، ولا يؤثر في اعتبار صفة المدعي أن يكون السند الذي اعتمد عليه في ثبوت صفته أمام محكمة الاستئناف مغايراً لسنده أمام محكمة أول درجة أو صادراً بعد نقض الحكم السابق، ذلك أن التمسك بسبب جديد لأول مرة أمام محكمة الاستئناف ليس من شأنه تغيير موضوع النزاع وإنه وفقاً لنص الفقرة الأخيرة من المادة 411 من قانون المرافعات السابق يجوز مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله تغيير سببه والإضافة إليه، وكذلك يكون للخصوم أمام محكمة الإحالة ما كان يجوز لهم تقديمه قبل صدور الحكم المنقوض من دفاع ودفوع إلا ما يكون منها قد سقط الحق فيه، ولمحكمة الإحالة أن تعتمد في تحصيل فهمها لواقع الدعوى على ما يقدم إليها من هذه الوجوه وعلى ما يستجد من وقائع ومستندات وأدلة. وإذ كان الواقع في الدعوى أن الطاعن أقامها بطلب التعويض الناشئ عن إخلال الشركة المطعون عليها بتنفيذ عقد المقاولة على أساس أن هذا العقد الذي أبرمته مع الجمعية التعاونية لبناء المساكن تضمن الاشتراط لمصلحة أعضاء الجمعية، إلا أن الطاعن اعتمد أمام محكمة الإحالة على أن الجمعية أحالت إليه حقوقها بما في ذلك الحق في التعويض بموجب عقد حوالة مؤرخ 12/ 3/ 1967 أعلن إلى الشركة أثناء نظر الاستئناف، وكان يترتب على هذه الحوالة اعتبار الطاعن صاحب صفة في طلب الحق موضوع الحوالة، ولا يستطيع المدين الوفاء للمحيل بعد نفاذ الحوالة في حقه، فإن توجيه الدعوى إليه من المحال له الذي أصبح وحده صاحب الصفة في المطالبة بالحق يكون صحيحاً، وتنتفي كل مصلحة للمدين في التمسك بالدفع بعدم قبول الدعوى، لأن للمدين وفقاً لنص المادة 312 من التقنين المدني أن يتمسك قبل المحال له بالدفوع التي كان له أن يتمسك بها قبل المحيل وقت نفاذ الحوالة في حقه، كما يجوز له أن يتمسك بالدفوع المستمدة من عقد الحوالة. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه لم يرتب على الحوالة أثرها في اعتبار صفة الطاعن في المطالبة بالحق موضوعها، لأنها لم تقدم إلا في الاستئناف بعد صدور حكم النقض السابق، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع في شأن الدفع بعدم القبول صالح للفصل فيه، ولما تقدم ولأن الطعن للمرة الثانية، فإنه يتعين تأييد الحكم المستأنف في قضائه برفض الدفع وتحديد جلسة للفصل في الموضوع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق