جلسة 25 من يناير سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ الدكتور حافظ هريدي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وأحمد صفاء الدين.
----------------
(18)
الطعن رقم 449 لسنة 37 القضائية
استئناف. "الاستئناف الفرعي". نقض. نزع الملكية للمنفعة العامة.
الاستئناف الفرعي يتبع الاستئناف الأصلي ويزول بزواله. إعمال هذه القاعدة لا يترتب عليه بالضرورة ارتباط الاستئناف الفرعي بالاستئناف الأصلي في موضوعه. القضاء برفض الاستئنافين. الطعن من أحد الطرفين لا يتناول إلا موضوع الاستئناف المطعون فيه ولا يفيد إلا رافعه ما لم تكن المسألة التي نقض الحكم بسببها أساساً للموضوع الآخر أو غير قابلة للتجزئة. مثال في نزع ملكية للمنفعة العامة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 94 لسنة 1954 كلي كفر الشيخ ضد الطاعنين طالبين الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا لهم مبلغ 3868 ج و280 م والفوائد بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد، وقالوا بياناً للدعوى إن وزارة الأشغال قامت بعمل المشروع رقم 9842 بتعديل وتعلية وتقوية جسر النيل بناحية فوة واستولت دون إنذار أو اتفاق سابق على أطيانهم المجاورة للمشروع وقدرها 5 ف و12 ط، وأتلفت الزراعة القائمة بها وهدمت سواقيها وانتزعت الأتربة من مساحة أخرى قدرها 2 ف و21 ط و9 س فقاموا بإنذارها مطالبين بثمن الأطيان مع التعويض ولما لم تجيبهم إلى طلبهم رفعوا عليها الدعوى رقم 14 سنة 1950 كفر الشيخ طلبوا فيها ندب خبير لإثبات الحالة وقدم الخبير تقريره، ثم رفعوا هذه الدعوى للحكم لهم بالطلبات السابقة، وبتاريخ 19/ 2/ 1955 حكمت المحكمة بندب خبير لبيان قيمة الأطيان المستولى عليها وقت نزع الملكية وقيمة الزراعة والأشجار والمنشآت وقت الاستيلاء وثمن الأتربة والريع السنوي للأطيان موضوع النزاع، وبتاريخ 12/ 2/ 1956 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا للمطعون عليهم مبلغ 2766 ج و949 م والفوائد بالنسبة لمبلغ 1026 ج و618 م بسعر 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 18/ 4/ 1954 حتى السداد، واستأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى فيما زاد على المبلغ الذي أودعته الحكومة خزانة المحكمة وقدره 1740 ج و331 م، وقيد هذا الاستئناف برقم 126 سنة 6 قضائية كما رفع المطعون عليهم استئنافاً فرعياً طالبين تعديل الحكم المستأنف والحكم لهم بالمبلغ الذي أظهره الخبير وقدره 3899 ج و868 م، وقيد هذا الاستئناف برقم 160 سنة 6 قضائية، وبعد أن قررت المحكمة ضم الاستئنافين وبتاريخ 6/ 6/ 1957 حكمت بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 215 سنة 37 قضائية وبتاريخ 24/ 1/ 1963 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه على أساس أنه أغفل بحث دفاع الطاعنين من أن أطيان المطعون عليهم التي لم تنزع ملكيتها قد زادت قيمتها بسبب تنفيذ المشروع، وبعد إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف وبتاريخ 4/ 11/ 1965 حكمت بقبول الاستئنافين شكلاً وبندب خبير لتقدير قيمة الزيادة ومقابل التعويض، ثم عادت وبتاريخ 29/ 5/ 1967 فحكمت في موضوع الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المستأنفين أصلياً بأن يدفعوا متضامنين إلى المستأنف ضدهم أصلياً مبلغ 1499 ج و347 م والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ صدوره. طعن الطاعنون في هذين الحكمين بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير، وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها وطلبت نقض الحكمين.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكمين المطعون فيهما أن الحكم الأول اعتبر الاستئناف الفرعي قائماً بعد إحالة القضية إلى محكمة الاستئناف من محكمة النقض وأن الحكم الثاني قضى في هذا الاستئناف بإلزام الطاعنين بدفع ثمن عن الأرض المنزوعة ملكيتها يزيد على تقدير الحكم الابتدائي، وهو من الحكمين مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه، ذلك أن الطعن بالنقض رفع من الطاعنين عن الحكم السابق صدوره من محكمة الاستئناف بتاريخ 6/ 6/ 1957 وصدر حكم النقض لصالحهم في الاستئناف الأصلي بسبب عدم مراعاة للفائدة التي عادت على الأرض التي لم تنزع ملكيتها من تنفيذ المشروع، ولم يكن تقدير الثمن بالحكم السابق محل طعن من جانب المطعون عليهم فيكون الاستئناف الأصلي وحده هو المطروح على محكمة الإحالة دون الاستئناف الفرعي، وكان يتعين على محكمة الإحالة أن تلتزم حدود التقدير المحكوم به ابتدائياً لأنه لا يجوز أن يضار طاعن من طعنه، ولأن هذا التقدير أصبح نهائياً بالحكم الصادر في الاستئناف الفرعي وهو لم يكن محل طعن سابق.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كان يجوز للمستأنف عليه الذي قبل الحكم الابتدائي وفوت على نفسه ميعاد الطعن فيه أن يرفع قبل إقفال باب المرافعة استئنافاً فرعياً يتبع الاستئناف الأصلي ويزول بزواله باعتبار أن قبوله للحكم معلق على شرط أن يكون مقبولاً من الطرف الآخر، إلا أن إعمال هذا الشرط لا يترتب عليه بالضرورة ارتباط الاستئناف الفرعي بالاستئناف الأصلي في موضوعه، وإنما يكون له كيانه المستقل وطلبه المنفصل شأنه في ذلك شأن أي استئناف آخر، فإذا صدر الحكم برفض موضوع الاستئنافين وطعن فيه أحد الطرفين دون الآخر بطريق النقض فإنه لا يفيد من الطعن إلا رافعه ولا يتناول النقض مهما تكن صيغة الحكم الصادر به إلا موضوع الاستئناف المطعون فيه، ولا يمتد إلى موضوع الاستئناف الآخر ما لم تكن المسألة التي نقض الحكم بسببها أساساً للموضوع الآخر أو غير قابله للتجزئة، وإذ كان الواقع في الدعوى أن الطاعنين أقاموا استئنافاً أصلياً بطلب إلغاء الحكم الابتدائي ورفض الدعوى فيما زاد على المبلغ الذي قدرته جهة الإدارة ثمناً للأطيان المستولى عليها وأودعته خزانة المحكمة وأن المطعون عليهم أقاموا من جانبهم استئنافاً فرعياً بطلب تعديل الحكم المستأنف والحكم لهم بمبلغ 3899 ج و868 م الذي قدره الخبير المنتدب في الدعوى، وكانت محكمة الاستئناف قد أصدرت بتاريخ 6/ 6/ 1957 حكماً بقبول الاستئنافين شكلاً وبرفضهما موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف، وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض ولم يطعن فيه المطعون عليهم وصدر الحكم بنقضه على أساس أنه أغفل بحث ما تمسك به الطاعنون في دفاعهم من أن أطيان المطعون عليهم التي لم تنزع ملكيتها قد زادت قيمتها بسبب تنفيذ المشروع، فإن النقض يكون مقصوراً على موضوع الاستئناف الأصلي، ويمتنع على محكمة الاستئناف أن تعود إلى النظر في الاستئناف الفرعي من جديد. وإذ كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف قد خالفت هذا النظر واعتبرت الاستئناف الفرعي قائماً بعد نقض الحكم، وأصدرت حكماً بقبوله وحكمت في موضوعه بما يجاوز المبلغ المحكوم به ابتدائياً، فإن هذا القضاء يكون مخالفاً للقانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إنه لما كان الطعن للمرة الثانية، ولما تقدم وللأسباب الواردة بالحكم الابتدائي، ولما هو ثابت في واقع الدعوى بعد إحالتها إلى محكمة الاستئناف من أنه لم تترتب أية فائدة لباقي أطيان المطعون عليهم بسبب تنفيذ المشروع ولأحقية المطعون عليهم في صرف المبلغ المحرر عنه محضر الإيداع المؤرخ 7/ 11/ 1954، فإنه يتعين القضاء بالمبلغ المحكوم به ابتدائياً بعد خصم المبلغ المودع والفوائد القانونية عن باقي المبلغ.
لذلك
نقضت المحكمة الحكمين المطعون فيهما وحكمت في موضوع الاستئناف الأصلي رقم 126 سنة 6 ق طنطا بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام المستأنفين بأن يدفعوا متضامنين للمستأنف عليهم مبلغ 1062 ج و121 م (ألف واثنين وستين جنيهاً ومائة وواحد وعشرين مليماً) وفوائده بواقع 4% سنوياً من تاريخ صدور هذا الحكم حتى تمام السداد وألزمت المستأنفين بالمصروفات المناسبة عن الدرجتين وألزمت المطعون عليهم بمصروفات هذا الطعن وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة عن جميع مراحل التقاضي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق