جلسة 19 من نوفمبر سنة 1960
برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني ومصطفى كامل إسماعيل وعبد الفتاح بيومي نصار وأبو الوفا زهدي محمد المستشارين.
-------------------
(24)
القضية رقم 695 لسنة 5 القضائية
إعانة غلاء المعيشة - حسابها
- قرار مجلس الوزراء الصادر في 29/ 10/ 1952 بمنحها الموظفين والمستخدمين والعمال المعينين على اعتمادات مؤقتة - شرط استحقاقها هو استمرار بقائهم في الخدمة مدة سنة - ربطها على المرتب أو الأجر المقرر للمؤهل أو المقرر طبقاً لقواعد التعيين - هذا المرتب أو الأجر هو المستحق في 29/ 10/ 1952 بالنسبة للموجودين في الخدمة في هذا التاريخ ومضت عليهم سنة دون صرف الإعانة، وهو المستحق في اليوم التالي لمضي السنة بالنسبة لغيرهم - استبعاد الزيادة في المرتب أو الأجر عند حساب الإعانة بالنسبة لمن يحصلون على أكثر من المقرر قانوناً - خصم الزيادة من إعانة الغلاء محسوبة على الأساس المتقدم - الحكمة من إجراء استبعاد الزيادة المذكورة وخصمها - بيان ذلك.
إجراءات الطعن
في 15 من إبريل سنة 1959 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد وزير الزراعة بالإقليم المصري سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 695 لسنة 5 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين بجلسة 16 من فبراير سنة 1959 في الدعوى رقم 342 لسنة 5 القضائية "محاكم" المقامة من علي إبراهيم الحاذق ضد وزارة الزراعة، القاضي "بأحقية المدعي في إعانة غلاء المعيشة من اليوم التالي لمضي سنة عليه في الخدمة، وذلك على التفصيل المبين بأسباب هذا الحكم وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952، وألزمت الحكومة بالمصروفات". وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه "إحالة هذا الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة" وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 13 من يونيه سنة 1959، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه إلى أنها ترى أن "الطعن في الحكم بطلب إلغائه غير مستند إلى أساس من القانون حقيقاً بالرفض". وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم المطعون عليه أية مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 19 من يونيه سنة 1960، وفي 8 من يونيه سنة 1960 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1960. وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي أقام الدعوى رقم 342 لسنة 5 القضائية "محاكم" ضد وزارة الزراعة أمام المحكمة الإدارية لوزارات الخزانة والاقتصاد والصناعة والزراعة والتموين بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 16 من سبتمبر سنة 1958 ذكر فيها أنه عين بقسم أبحاث آفات القطن بمصلحة وقاية المزروعات بوزارة الزراعة في 2 من مارس سنة 1955 في وظيفة عامل فحص بأجر يومي قدره 200 مليم بدون إعانة غلاء المعيشة. وقد جرت المصلحة على تعيينه لمدة ستة شهور ثم فصله لمدة يوم واحد في نهاية المدة المذكورة وإعادة تعيينه في اليوم التالي مباشرة بقصد حرمانه من إعانة غلاء المعيشة التي قرر مجلس الوزراء بجلسة 29 من أكتوبر سنة 1952 استحقاق أمثاله المعينين بصفة غير منتظمة لها بعد مضي سنة من تاريخ تعيينهم. ولما كان قد عين في 2 من مارس سنة 1955 فإنه يستحق إعانة الغلاء لمضي أكثر من سنة على تعيينه بالمصلحة وتمتعه بجميع مزايا موظفي الدولة. ولذا يطلب "الحكم باستحقاقه لإعانة غلاء المعيشة على أجره الحالي بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 أكتوبر سنة 1952 الخاص بإعانة غلاء المعيشة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المصلحة بالمصاريف والأتعاب". وقد ردت الجهة الإدارية على هذه الدعوى بأن المدعي عين اعتباراً من 2 من مارس سنة 1955 عامل فحص موسمي بأجر يومي قدره 200 مليم شامل لإعانة غلاء المعيشة، وذلك بصفة موسمية ولمدد محددة يفصل في نهايتها ويعاد تعيينه بعدها، ولم يتقاض إعانة غلاء معيشة لأنه لم يمض في الخدمة سنة كاملة بدون فاصل، والأجر الذي يتقاضاه شامل لإعانة الغلاء. وقد أودع السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهى فيه إلى أنه يرى "الحكم بأحقية المدعي في إعانة غلاء المعيشة بعد مضي سنة من تاريخ تعيينه على أساس أجره في اليوم التالي لمضي هذه السنة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء في 29 أكتوبر سنة 1952 وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الوزارة بالمصروفات".
وبجلسة 16 من فبراير سنة 1959 قضت المحكمة "بأحقية المدعي في إعانة غلاء المعيشة من اليوم التالي لمضي سنة عليه في الخدمة، وذلك على التفصيل المبين بأسباب هذا الحكم وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 وألزمت الحكومة بالمصروفات". وأقامت قضاءها على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 إنما يعني بأحكامه معالجة حالة فئة الموظفين المستخدمين والعمال الذين يتصف عملهم بعدم الانتظام وأن المدعي يفيد من هذا القرار، إذ يتضح من الأوراق أن الوزارة درجت على فصله كل ثلاثة أو أربعة أشهر وإعادة تعيينه بعد يوم أو اثنين، ومن ثم فإنه يستحق إعانة غلاء المعيشة بعد مضي سنة عليه من الخدمة، ولا حجة في القول بأن أجره روعي فيه أن يكون شاملاً لإعانة غلاء المعيشة لعدم قيام الدليل على ذلك، ولما كان الثابت من الأوراق أن المذكور عين في مهنة عامل فحص بذرة بأجر يومي قدره 200 مليم وهو الأجر المقرر لهذه المهنة في كادر العمال، فإنه لم يكن يحصل على أية زيادة عن الأجر المقرر للمهنة التي عين فيها، لذا تحسب إعانة غلاء المعيشة المستحقة له حسب حالته الاجتماعية وبالفئات المقررة على أساس الأجر المشار إليه. وقد طعنت وزارة الزراعة في هذا الحكم بعريضة أودعتها سكرتيرية هذه المحكمة في 15 من إبريل سنة 1959 طلبت فيها، إحالة هذا الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبوله شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة. واستندت في أسباب طعنها إلى أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 اشترط لكي ينتفع العامل أو الموظف بأحكامه ألا يكون ما يتقاضاه من ماهية أو أجر في 29 من أكتوبر سنة 1952 يزيد عما هو مقرر لمؤهله، أو ما هو مقرر طبقاً لقواعد التعيين، وبالرجوع إلى الكشوف الملحقة بكادر العمال يبين أن مهنة المدعي وهي عامل فحص (لوزة القطن أو بذرته) مقرر لها الفئة (140/ 300) في الكشف رقم (1)، كما أنه ورد في البند "سابعاً" من أحكام الكادر المذكور أنه لا يجوز أن يتقاضى العامل عند تعيينه أجراً يزيد على أول مربوط الدرجة التي حددت له، أي أنه ما كان يجوز تعيين المدعي إلا بأجر مقداره 140 مليماً يومياً وهو إذ منح 200 مليم فإنه يكون قد عين بأجر يزيد عما هو مقرر لتعيين أمثاله، وبذا يتخلف عنه شرط الإفادة من أحكام قرار مجلس الوزراء آنف الذكر؛ وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون وقامت به حالة من حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا. وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه إلى أن "الطعن في الحكم بطلب إلغائه غير مستند إلى أساس من القانون حقيق بالرفض". وأسست رأيها على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 إنما يعني بأحكامه الموظفين والمستخدمين والعمال الذين يعينون بصفة غير منتظمة على اعتمادات مؤقتة، أمثال المدعي، وأنه لا دليل على أن أجر هذا الأخير روعي في تحديده شموله لإعانة غلاء المعيشة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب الحق فيما قضى به من استحقاق المدعي إعانة غلاء المعيشة من اليوم التالي لمضي سنة عليه في الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952، وذلك حسب حالته الاجتماعية بالفئات المقررة قانوناً.
ومن حيث إن مجلس الوزراء وافق بجلسته المنعقدة في 29 من أكتوبر سنة 1952 على رأي اللجنة المالية المبين في مذكرتها التي جاء بها:
"... بما أن بعض اعتمادات الميزانية التي يجوز تعيين موظفين أو مستخدمين أو عمال عليها، بالرغم من وصفها بأنها مؤقتة، غير أنها قد تستمر سنتين أو ثلاث أو أكثر حسب نوع العمل المخصص له الاعتماد - لذلك يرى ديوان الموظفين بمذكرة له تاريخها 13 من سبتمبر سنة 1952 أن الأمر يحتاج إلى وضع قواعد ثابتة لتنظيم حالات الموظفين والمستخدمين الذين يعينون على اعتمادات مؤقتة من حيث استحقاقهم لإعانة غلاء المعيشة، وبناء عليه يقترح الديوان منحهم إعانة الغلاء بعد مضي سنة من تاريخ تعيينهم على أساس ماهيتهم أو أجورهم في اليوم التالي لمضي سنة عليهم بالخدمة. ومن يكون منهم الآن في الخدمة ومضى عليه سنة ولا تصرف له هذه الإعانة تمنح إليه من تاريخ موافقة مجلس الوزراء على أساس ماهيته أو أجره في ذلك التاريخ - وقد بحثت اللجنة المالية هذا الاقتراح ورأت الموافقة عليه بشرط ألا تكون الماهية أو الأجر الذي يتقاضاه الموظف أو المستخدم أو العامل يزيد عما هو مقرر لمؤهله أو ما هو مقرر طبقاً لقواعد التعيين على أنه في حالة ما إذا كان الموظف أو المستخدم أو العامل يحصل على ماهية أو أجر يزيد عن الماهية أو الأجر القانونيين تخصم هذه الزيادة من إعانة الغلاء..." - ومفاد هذا أن مجلس الوزراء أقر منح إعانة غلاء المعيشة للموظفين والمستخدمين والعمال المعينين على اعتمادات مؤقتة متى استمر بقاؤهم في الخدمة مدة سنة، على أن يكون استحقاقهم لهذه الإعانة بعد مضي السنة من تاريخ تعيينهم، ومن يكون منهم في الخدمة في 29 من أكتوبر سنة 1952 ومضى عليه سنة ولم تصرف له هذه الإعانة يمنحها من هذا التاريخ، وتقدر الإعانة في الحالة الأولى على أساس ماهياتهم أو أجورهم في اليوم التالي لمضي السنة، وفي الحالة الثانية على أساس هذه الماهيات أو الأجور في التاريخ المشار إليه. وذلك كله بشرط أن تكون الماهية أو الأجر الذي يتقاضاه الموظف أو المستخدم أو العامل هو المقرر لمؤهله أو المقرر طبقاً لقواعد التعيين لا أزيد منه، فإن زادت الماهية أو الأجر عن الماهية أو الأجر القانونيين خصمت الزيادة من إعانة الغلاء. ومقتضى هذا الشق الأخير من قرار مجلس الوزراء أن شرط استحقاق إعانة غلاء المعيشة للموظفين والمستخدمين والعمال المعينين على اعتمادات مؤقتة هو ألا يزيد المرتب أو الأجر الذي يتقاضاه الواحد منهم على ما هو مقرر قانوناً لمؤهله أو ما هو مقرر طبقاً لقواعد التعيين ومعنى هذا ربط إعانة الغلاء أصلاً بالمرتب أو الأجر القانوني والاعتداد بهذا المرتب أو الأجر في تحديد مقدارها بوصفه وعاءها الصحيح. فإذا كان الموظف أو المستخدم أو العامل المعين على اعتماد مؤقت يحصل على مرتب أو أجر أزيد من المرتب أو الأجر القانوني فإنه يمنح إعانة الغلاء وفقاً لقاعدة منحها أي محسوبة على أساس المرتب أو الأجر القانوني باستبعاد الزيادة حتى لا يتميز على مثيله الدائم أو على زميله المؤقت الذي لا يتقاضى سوى المرتب أو الأجر القانوني على أن تخصم الزيادة - وهي أساس الفارق - من إعانة الغلاء لتساوي المراكز النهائية، أي أن الشارع لاحظ أن ثمة فريقاً من الموظفين والمستخدمين والعمال المعينين على اعتمادات مؤقتة يتقاضى أفراده بسبب أوضاعهم الخاصة وظروف الاعتمادات المعينين عليها - مرتبات أو أجوراً تزيد على المرتبات أو الأجور القانونية المقررة لمؤهلاتهم أو المقررة طبقاً لقواعد التعيين، وأقام بناء على هذا النظر حكماً مناطه مطابقة المرتب أو الأجر لما هو مقرر للمؤهل أو ما هو مقرر وفقاً لقواعد التعيين، أو زيادته على ذلك، رد فيه حساب إعانة غلاء المعيشة إلى الأصل الموحد وهو المرتب أو الأجر القانوني للمساواة في المعاملة بين صاحب هذا المرتب أو الأجر وبين من يحصل على المزيد منه حتى لا ينال هذا الأخير إعانة على الزيادة يتضاعف بها تميزه - وقد يكون مرعياً في منحه إياها أنها من قبيل الإعانة - وقضى بخصم هذه الزيادة من إعانة غلاء المعيشة المستحقة على الأساس المتقدم تحقيقاً لهذه المساواة. ومن ثم فإن منح إعانة الغلاء بالشروط والقيود الزمنية الواردة في قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 إنما يكون على أساس المرتب أو الأجر القانوني، ودون الزيادة الحاصلة فيه.
ومن حيث إنه ظاهر من الأوراق أن المدعي معين في وظيفة عامل فحص (لوزة القطن أو بذرته) وهي من وظائف العمال العاديين الواردة في الكشف رقم (1) من الكشوف الملحقة بكادر العمال في الفئة (140/ 300) ببداية قدرها 140 مليماً وهو الأجر المقرر قانوناً. ولما كان المذكور قد منح منذ تعيينه الأول في 2 من مارس سنة 1955 أجراً يومياً قدره 200 مليم، فإنه يكون قد حصل على أجر يزيد على ما هو مقرر قانوناً في كادر العمال لمثل مهنته، ومن ثم فإنه يستحق - والحالة هذه - إعانة غلاء المعيشة حسب حالته الاجتماعية وبالفئات المقررة على أساس الأجر القانوني وهو 140 مليماً من اليوم التالي لمضي سنة عليه في الخدمة، وذلك بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952، على أن تخصم الزيادة في أجره من إعانة الغلاء وإذ قضى الحكم المطعون فيه باستحقاقه هذه الإعانة على أساس أجر يومي قدره 200 مليم، فإنه يكون قد جانب الصواب، ويتعين تعديله على الوجه المتقدم، مع إلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بتعديل الحكم المطعون فيه وباستحقاق المدعي إعانة غلاء المعيشة على الوجه المبين بالأسباب وألزمت الحكومة بالمصروفات المناسبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق