جلسة 23 من يناير سنة 1973
برياسة السيد المستشار/ عباس حلمي عبد الجواد، وعضوية السادة المستشارين: عدلي بغدادي، ومحمود عمر المصري، ومحمد طايل راشد، ومصطفى الفقي.
---------------
(15)
الطعن رقم 317 لسنة 37 القضائية
حراسة. "حراسة إدارية. رفع الحراسة". التزام. "انقضاء الالتزام. الوفاء". نيابة. "نيابة قانونية". دعوى. "شروط قبول الدعوى".
رفع الحراسة وفقاً للقانون 150 لسنة 1964. وجوب تقدم دائني الأشخاص الذين رفعت الحراسة عن أموالهم بديونهم إلى مدير عام إدارة الأموال التي آلت إلى الدولة قبل الالتجاء إلى القضاء. للمدير إن يرفض أداء أي دين غير جدي أو صوري بقرار مسبب. عدم جواز الرجوع على المدين بغير الديون التي يرفض المدير العام أداءها. امتناع المدير رغم مضي مدة كافية عن إصدار قرار بأداء هذه الديون أو برفضها. أثره. أحقية الدائن في الالتجاء إلى القضاء العادي لمطالبة المدير بدينه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 2/ 5/ 1964 استصدرت المطعون ضدها الأولى أمر الحجز التحفظي رقم 25 لسنة 1964 كلي الجيزة على ما لمدينها - المطعون ضده الأخير - تحت يد الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث وفاء لمبلغ 3874 ج و726 م وفوائده القانونية، وقامت بإعلان هذا الأمر بتاريخ 19، 21/ 5/ 1964 ثم اتبعت ذلك بأن استصدرت في 26/ 5/ 1964 أمر الأداء رقم 32 لسنة 1964 كلي الجيزة بإلزام المطعون ضده الأخير باعتباره مديناً والطاعن بصفته مصفياً ومديراً لإدارة الأموال الآيلة للدولة بأن يدفعا لها المبلغ المشار إليه وبصحة إجراءات الحجز التحفظي وجعله نافذاً. تظلم الطاعن بصفته من أمر الحجز لدى محكمة الجيزة الابتدائية بالدعوى رقم 661 سنة 1964، كما تظلم من أمر الأداء بالدعوى رقم 471 سنة 1964 كلي الجيزة وطلب في هاتين الدعويين إلغاء الأمرين المشار إليهما استناداً إلى أن المطعون ضده الأخير قد خضع للحراسة بمقتضى الأمر رقم 138 لسنة 1961، ثم رفعت عنه وآلت أمواله إلى الدولة طبقاً للقانون رقم 150 لسنة 1964، وأنه لا يجوز قانوناً توقيع حجز على أموال آلت إلى الدولة وأصبحت مملوكة لها والطاعن نائب عنها في إدارتها ولم يعد نائباً عن المطعون ضده الأخير بعد أن رفعت عنه الحراسة بالقانون السالف ذكره. وبتاريخ 29/ 5/ 1966 قضت المحكمة الابتدائية للطاعن بصفته بطلباته استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافها برقم 1011 سنة 83 ق، ومحكمة الاستئناف حكمت في 30/ 3/ 1967 بإلغاء الحكم المستأنف بكامل أجزائه وبإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع للمطعون ضدها الأولى مبلغ 2874 و736 م وفوائده القانونية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، ويقول في بيان ذلك إنه وإن كانت القاعدة العامة الواردة في المادة الثانية من القانون رقم 150 لسنة 1964 هي أيلولة أموال الأشخاص الطبيعيين الذين رفعت عنهم الحراسة إلى الدولة مقابل التعويض المشار إليه في هذه المادة، إلا أنه استثناء من هذه القاعدة صدر القرار الجمهوري رقم 1876 لسنة 1964 وناط في المادة الأولى منه - في فقرتها الرابعة - بالسلطة التنفيذية ممثلة في المدير العام لإدارة الأموال التي آلت إلى الدولة ولاية الفصل في جدية الديون التي يطلبها أصحابها من الأشخاص الذين رفعت الحراسة عن أوالهم، فلا يجوز لهؤلاء الدائنين الالتجاء مباشرة إلى القضاء للمطالبة بديونهم قبل عرضها على المدير المذكور، كما لا يجوز للمحاكم أن تقضي بقبول هذه الديون أو برفضها وإلا كان عملها هذا اغتصاباً لما خص به ذلك القانون السلطة التنفيذية، غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن بصفته بالدين موضوع الدعوى على الرغم من عدم صدور قرار منه بشأنه، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون. وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المادة الثانية من القانون رقم 150 لسنة 1964 برفع الحراسة عن أموال وممتلكات الأشخاص الذين فرضت عليهم طبقاً لأحكام قانون الطوارئ تقضي بأن تؤول إلى الدولة الأموال والممتلكات التي رفعت الحراسة عنها ويعوض عنها صاحبها بتعويض إجمالي قدره 30 ألف جنيه ما لم تكن قيمتها أقل من ذلك فيعوض عنها بمقدار هذه القيمة، وتنص الفقرة الرابعة من المادة الأولى من القرار الجمهوري رقم 1876 لسنة 1964 الصادر بالاستناد إلى ذلك القانون على أن الأموال والممتلكات التي تؤول إلى الدولة ويعوض عنها صاحبها وفقاً لأحكام القانون رقم 150 لسنة 1964 المشار إليه هي صافي قيمتها بعد استنزال جميع الديون العقارية والممتازة والعادية بحيث تكون سندات التعويض ممثلة لناتج التصفية، ولا يجوز الرجوع على صاحب هذه السندات بغير الديون التي يرفض المدير العام أداءها بقرار مسبب لعدم جديتها أو صوريتها أو لأي سبب آخر يقره القانون، ومفاد ذلك أنه يجب على الدائنين للأشخاص الذين رفعت الحراسة عن أموالهم وآلت إلى الدولة أن يتقدموا إلى المدير العام لإدارة الأموال المذكورة بديونهم قبل التجائهم إلى القضاء للمطالبة بها، وأن ما يؤول إلى الدولة إنما هو صافي قيمة أموال الأشخاص الموضوعين تحت الحراسة وهو ما يتحدد بعد استنزال الديون التي في ذمتهم وإجراء تصفية يتولاها المدير العام لإدارة الأموال التي آلت إلى الدولة بحيث تعطى لهم سندات التعويض بقيمة ناتج هذه التصفية، ويلتزم المدير المذكور في سبيل ذلك بأن يؤدي إلى الدائنين ديونهم بوصفه مصفياً ينوب في الوفاء بها عن المدين نيابة قانونية، ويصدق ذلك بالنسبة إلى جميع الديون سواء كانت عقارية أو ممتازة أو عادية متى كان قد تم الإخطار عنها وفقاً للقانون، وكانت تدخل في نطاق قيمة الأصول المملوكة للمدين، ولا يستثنى من ذلك سوى الدين الذي يصدر المدير قراراً مسبباً برفض أدائه لعدم جديته أو صوريته أو لغير ذلك من الأسباب التي يتحقق معها أن الدين قد اتفق عليه مع المدين بقصد إخراج بعض الأموال من نطاق الحراسة إضراراً بالمصلحة العامة، فيمتنع على ذلك المدير بحكم القانون أداؤه من جانبه، كما يمتنع على الدائن مطالبته به، وإن كان يجوز لهذا الدائن أن يرجع به قضاء على المدين صاحب سندات التعويض أما إذا لم يصدر المدير قراراً مسبباً برفض الدين، ومن ثم لم يتعلق به سبب من أسباب الاعتراض من جانب السلطة العامة فإن امتناعه عن أداء ذلك الدين يكون بمثابة امتناع المدين أو نائبه عن الوفاء بدين لم يجحده، مما يحق معه للدائن أن يطالبه به أمام القضاء العادي صاحب الولاية في نظر كافة المنازعات المدنية، دون أن يقوم ثمة وجه للادعاء بمجاوزة هذا القضاء ولايته أو تعديه على اختصاص السلطة التنفيذية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المطعون ضدها - الدائنة - قد تقدمت إلى الجهة المختصة بطلب أداء دينها وفقاً للأوضاع المقررة في هذا الشأن، وقدمت المستندات المؤيدة لجديته ولم يصدر الطاعن بصفته قراراً مسبباً برفض الدين حتى صدور الحكم المطعون فيه، وكان هذا الحكم قد أقام قضاءه في الدعوى على تقدير منه بأن الطاعن إذ لم يصدر قراراً مسبباً برفض الدين رغم مضي مدة اعتبرها الحكم كافية ومعقولة لكي يمارس الطاعن فيها سلطته، فإن ذلك من جانبه في الظروف المتقدمة يحمل على أن الطاعن لم يجد أن هذا الدين يقوم به سبب من أسباب عدم الجدية أو الصورية أو غير ذلك مما يدعوه إلى رفضه وانتهى الحكم إلى أنه ليس ثمة ما يبرر امتناع الطاعن بصفته عن أداء الدين، أو ما يحول بين الدائنة وبين أن تسلك للمطالبة بدينها سبيل القضاء العادي وإلزامه بالدين موضوع الدعوى. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق