جلسة 19 من ديسمبر سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم زغو، محمد حسن العفيفي، ممدوح السعيد ولطفي عبد العزيز.
-----------------
(236)
الطعن رقم 1041 لسنة 52 القضائية
تعويض. مسئولية "الخطأ الجنائي والخطأ المدني". محكمة الموضوع.
الالتزام بالتعويض عن كل خطأ سبب ضرراً للغير. شموله كل فعل أو قول خاطئ ولو تجرد من صفة الجريمة - المادة 163 مدني. مؤدى ذلك. التزام المحكمة المدنية ببحث كل فعل أو قول يعتبر خروجاً على الالتزام القانوني المفروض على الكافة بعدم الإضرار بالغير دون سبب مشروع.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2408 لسنة 1980 مدني قنا الابتدائية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده أن يدفع له مبلغ 500 ج، وقال بياناً لذلك أن الأخير ضبط بمعرفة الشرطة وهو ينقل كمية من الأسمدة ولدى سؤاله بمحضر الجنحة 165 لسنة 1973 عسكرية ادفو نسب إليه - على غير الحقيقة أن السماد المضبوط مملوك له (الطاعن) بيد أنه قضى ببرائته من هذه التهمة وتصدق على الحكم، وأن المبلغ المطالب به يمثل التعويض الجابر للأضرار المادية والأدبية التي لحقت به بسبب هذا الاتهام، وبتاريخ 21/ 3/ 1981 حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضده أن يدفع للطاعن مبلغ 300 ج، استأنف الطرفين هذا الحكم لدى محكمة استئناف قنا وقيد استئناف المطعون ضده برقم 177 سنة 56 ق مدني، واستئناف الطاعن برقم 185 سنة 56 ق مدني، وبتاريخ 8 / 2/ 1982 حكمت المحكمة في استئناف المطعون ضده بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى وفي استئناف الطاعن برفضه، طعن الأخير في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الصادر في الجنحة 165 سنة 1973 عسكرية ادفو ببراءته والمطعون ضده من تهمة نقل الأسمدة المضبوطة لعدم وجود جريمة في الأوراق إلا بنفي ركن الخطأ عن المطعون ضده، بعد أن أسند إليه (إلى الطاعن) - على غير الحقيقة أنه المالك للسماد المضبوط وأنه هو الذي أمر بنقله، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وأقام قضاءه على أن ما أسنده المطعون ضده إلى الطاعن لا يكون جريمة، وبالتالي لا يكون في هذا الإسناد خطأ يمكن نسبته إليه مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المشرع إذ نص في المادة 163 من القانون المدني على أن "كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض" فقد رتب الالتزام بالتعويض على كل خطأ سبب ضرراً للغير، وأورد عبارة النص في صيغة عامة، بما يجعلها شاملة لكل فعل أو قول خاطئ، سواء أكان مكوناً لجريمة معاقباً عليها، أم كان لا يقع تحت طائلة العقاب ويقتصر على الإخلال بأي واجب قانوني لم تكلفه القوانين العقابية بنص خاص، ومؤدى ذلك أن المحكمة المدنية يجب عليها البحث فيما إذا كان الفعل أو القول المنسوب للمسئول - مع تجرده من صفة الجريمة - يعتبر خروجاً على الالتزام القانوني المفروض على الكافة، بعدم الإضرار بالغير دون سبب مشروع، فلا يمنع انتفاء الخطأ الجنائي من القول أو الفعل المؤسس عليه الدعوى المدنية من توافر الخطأ في هذا القول أو ذلك الفعل، لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على عدم وجود ركن الخطأ فيما أسنده المطعون ضده إلى الطاعن لمجرد أن هذا الإسناد لا يشكل جريمة، بما مؤداه أن الخطأ في حق المطعون ضده لا يتوافر إلا أن يكون مكوناً لجريمة جنائية، فإنه بعد تخصيص من الحكم لعموم نص المادة 163 من القانون المدني بغير مخصص، وهو الأمر الذي حجب محكمة الاستئناف عن استظهار ما إذا كان هناك خطأ مدني ضار يستوجب مساءلة المطعون ضده بالتعويض عنه أولاً، وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق