جلسة 5 من نوفمبر سنة 1960
برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني ومصطفى كامل إسماعيل وحسني جورجي ومحمد مختار العزبي المستشارين.
-----------------
(12)
القضية رقم 928 لسنة 5 القضائية
كادر عمال القناة
- عامل القناة - امتحانه أمام اللجنة الفنية المختصة - ثبوت نجاحه في المهنة - اكتسابه مركزاً قانونياً ذاتياً بحسب نتيجة امتحانه من تاريخ أدائه - التحدي بتراخي الإدارة في امتحان العامل - في غير محله - القول برد صلاحية العامل إلى تاريخ نفاذ الكادر - غير صحيح - أساس ذلك.
إجراءات الطعن
بتاريخ أول يونيه سنة 1959 طعنت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن السيد وزير الأشغال بالإقليم الجنوبي في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 2 من إبريل سنة 1959 في القضية رقم 450 لسنة 5 القضائية المرفوعة من نعيم ميخائيل الفهد ضد وزارة الأشغال العمومية، والقاضي بأحقية المدعي في تسوية حالته طبقاً لكادر عمال القنال بوضعه في الدرجة (300/ 500) مليم المخصصة لمهنة براد بأول مربوطها وقدره 300 مليم مع إعانة الغلاء المقررة حسب حالته الاجتماعية وذلك اعتباراً من أول إبريل سنة 1952 مع ما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية عن الخمس السنوات السابقة على تقديم طلب المعافاة في 17 مارس سنة 1958 وألزمت المدعى عليها بالمصروفات.
ويطلب الطاعن للأسباب الواردة في صحيفة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بتسوية حالة المدعي على أساس درجة عامل دقيق (300/ 500) مليم ببداية 240 مليماً اعتباراً من أول إبريل سنة 1952 وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية عن خمس سنوات سابقة على تقديم طلب الإعفاء من الرسوم القضائية بتاريخ 17 من مارس سنة 1958 وعين لنظر هذا الطعن أمام هيئة فحص الطعون جلسة 16 من أكتوبر سنة 1960 وأحيل إلى المحكمة العليا لجلسة 5 من نوفمبر سنة 1960 وسمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات وأرجئ النطق بالحكم لآخر الجلسة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع ما رئي لزوماً لسماعه من إيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تتحصل - حسبما بان من أوراق الطعن - في أن المدعي رفع هذه الدعوى طالباً فيها الحكم بأحقيته في تسوية حالته في الدرجة (300/ 500 مليم) المخصصة لصانع دقيق بأول مربوطها وقدره 300 مليم يومياً وذلك اعتباراً من 10 من مايو سنة 1952. وقال بياناً لدعواه إنه التحق بخدمة طلمبات المكس التابعة لوزارة الأشغال بعد تركه العمل لدى السلطات البريطانية وذلك في 18 من نوفمبر سنة 1951 بأجر يومي قدره 200 مليم بصفة مؤقتة وقد امتحن في 10 من مايو سنة 1952 أمام اللجنة الفنية فقررت وضعه في الدرجة (300/ 500) مليم بأجر قدره 240 مليماً يومياً بعد ثبوت صلاحيته لمهنة براد ميكانيكي وهو أجر يقل عن المقرر لمهنته في كادر عمال القنال، إذ أن مهنته ورادة في الجداول الملحقة بكادر عمال القنال بوصفها مهنة صانع دقيق ومخصص لها الدرجة (300/ 500) مليم بأول مربوطها وقدره 300 مليم وهو الأجر الذي يستحقه بعد نجاحه في الامتحان وفقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 11 من يونيه سنة 1950 و12 من نوفمبر سنة 1950 - بتطبيق الكشوف حرف ب الملحقة بكادر العمال على المعينين منهم بعد أول مايو سنة 1945 - أجابت الجهة الإدارية على الدعوى بأن المدعي من عمال القنال السابقين الذين ألحقوا بخدمتها اعتباراً من أول نوفمبر سنة 1951 بوظيفة براد بأجر يومي قدره 200 مليم طبقاً لما قدرته لجنة تنظيم شئون عمال القنال. ولما كان عمال القنال قد اعتبروا عمالاً مؤقتين، ولا يجوز تعديل أجورهم حتى يتم وضعهم على درجات بالميزانية طبقاً للقانون رقم 569 لسنة 1955 وقرار مجلس الوزراء الملحق به كما أفتى بذلك ديوان الموظفين فإن المدعي يكون غير محق في دعواه ويتعين رفضها لعدم قيامها على أساس قانوني سليم.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية أصدرت حكمها المطعون فيه وبنت قضاءها على أن مهنة براد التي نجح المدعي في امتحانها وردت في كادر عمال القنال في الكشف رقم 8 في درجة صانع دقيق (300/ 500) مليم بأجر يومي قدره 300 مليم واتضح للجنة الفنية التي اختبرت المدعي أن للمدعي المقدرة والكفاية لهذه المهنة بدرجة صانع دقيق فليس لها بعد ذلك أن تمنحه أجراً يقل عن بداية الأجر المقرر لها في الكادر لما في ذلك من خروج على أحكامه، ويستحق المذكور هذا الأجر اعتباراً من تاريخ نفاذ أحكام كادر عمال القنال في أول إبريل سنة 1952، لا من تاريخ أدائه الامتحان في 10 من مايو سنة 1952 إذ لا يجوز تحميله نتائج تراخي الإدارة.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه عند وضع كادر عمال القنال ترك المشرع للجنة المسند إليها اختبار العمال حرية وضع كل عامل في المهنة والدرجة التي تراها - بحسب كفايته الفنية ودرجة مهارته. كما أن المشرع رأى عند إصدار القانون رقم 569 لسنة 1955 بشأن تعيين عمال القنال على درجات بالميزانية وقرار مجلس الوزراء الملحق به والمؤرخ 23 من نوفمبر سنة 1955 وجوب تصحيح المراكز القانونية لهؤلاء العمال بالنص على عدم إجراء أي تعديل في درجة أي منهم أو أجره إلا بعد نقله إلى درجة من درجات الميزانية، وذلك باعتبار أن تعيينهم بالحكومة عقب تركهم خدمة الجيش البريطاني إنما كان تعييناً مؤقتاً. وقد أيد ديوان الموظفين هذا الرأي، وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك فإنه يكون قد جانب الصواب ويتعين القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن مركز عمال القنال من حيث الدرجات التي وضعوا فيها والأجور التي منحوها عقب تركهم خدمة السلطات البريطانية أثر إلغاء معاهدة سنة 1936 إنما كان مركزاً مؤقتاً اقتضته الضرورة العاجلة وقتذاك وأن مراكزهم في هذا الشأن لم تستقر إلا بعد نفاذ القواعد التنظيمية التي وضعت لإعادة توزيعهم بصفة نهائية وذلك على مقتضى ما يسفر عنه الامتحان الفني الذي حتم كادر عمال القنال أن يؤدوه في حرفهم بوساطة اللجان المشكلة لهذا الغرض في مختلف الوزارات والمصالح، وأن للجنة اختبار عمال القنال أن تستقل بتقدير كفاية العامل تبعاً لمبلغ إجادته عند تأدية الامتحان المعقود له بغية تحديد درجته وأجره في نطاق ما تضمنته قواعد الكادر وعلى ذلك فإن وضع المطعون ضده في الدرجة (300/ 500) مليم ببداية 240 مليماً يومياً يكون مطابقاً للقواعد التنظيمية الصحيحة.
وإذ كان الثابت من الأوراق أن المدعي قد أدى الامتحان الفني الذي تطلبه كادر عمال القنال ونجح فيه في 24 من يوليه سنة 1952 فإنه يكون قد اكتسب مركزاً قانونياً على أساس نتيجة هذا الامتحان ترتب له بمقتضاه حق استمده مباشرة من القانون في حينه فيما يتعلق بالدرجة والأجر اللذين يستحقهما ولا يؤثر في هذا الحق وثبوته لصاحبه صدور تنظيم لاحق غير ذي أثر رجعي كالقانون رقم 569 لسنة 1955 بشأن تعيين عمال القناة على درجات بالميزانية أو قرار مجلس الوزراء الملحق به الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1955، ما داما لم يمسا أوضاع العمال ومراكزهم السابقة بأثر منعطف على الماضي. ومن ثم فإن المدعي يستحق تسوية حالته على الوجه المتقدم من تاريخ أدائه الامتحان [(1)] أمام اللجنة الفنية المختصة في 24 من يوليه سنة 1952 في المهنة التي أثبت الامتحان صلاحيته لها، لا من تاريخ سابق على ذلك. إذ أن هذه الصلاحية ليست صفة لازمة للشخص ومطلقة زمنياً، بل هي حالة مكتسبة ونسبية تقوم به في وقت ما متى توافرت له أسبابها من مران وخبرة بالنسبة إلى حرفة بذاتها. وقد جعل كادر عمال القنال الاختبار الفني أداة لإثباتها، وليس معنى ثبوتها للعامل وقت أداء هذا الاختبار أنها كانت قائمة به في زمن سابق، ما دام اكتساب هذه الصلاحية ومرتبتها يتأثران بطبيعتهما بمضي الوقت وبالدربة. ولا سند للحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من رد هذه الصلاحية إلى أول إبريل سنة 1952 تاريخ نفاذ أحكام كادر عمال القنال لعدم قيام الدليل على ذلك، كما لا حجة له فيما أخذه على جهة الإدارة من تراخ في تطبيق أحكام الكادر المذكور في حق المدعي فور نفاذها إذ لم يكن في وسعها عملياً ومادياً أن تقوم باختبار العدد العديد من عمال القنال الذين ألحقوا بخدمتها كل في حرفته في وقت واحد، والثابت أنها قامت باختبار المدعي فنياً بعد فترة معقولة من تاريخ نفاذ الكادر المشار إليه. ومن ثم فإنه يتعين إلغاء حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه لمجانبته الصواب، والقضاء باستحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لأحكام كادر الصواب، والقضاء باستحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لأحكام كادر عمال القناة في الدرجة (300/ 500) مليم ببداية قدرها 240 مليماً اعتباراً من 24 من يوليه سنة 1952، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية عن الخمس السنوات السابقة على تقديمه طلب المساعدة القضائية في 17 من مارس سنة 1958، مع إلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وباستحقاق المدعي تسوية حالته بوضعه في الدرجة (300/ 500) مليم ببداية قدرها 240 مليماً اعتباراً من 24 من يوليه سنة 1952 وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية عن الخمس السنوات السابقة على تقديمه طلب المساعدة القضائية في 17 من مارس سنة 1958 وألزمت الحكومة بالمصروفات المناسبة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
[(1)] راجع في هذا الشأن الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في القضية رقم 522 لسنة 5 القضائية في 11 من يونيه سنة 1960 المنشور بمجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا للسنة الخامسة. العدد الثالث - المبدأ (113).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق