جلسة 25 من ديسمبر سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: عبد المنصف هاشم نائب رئيس المحكمة، أحمد شلبي، محمد عبد الحميد سند ومحمد جمال شلقاني.
------------------
(245)
الطعن رقم 1618 لسنة 50 القضائية
(1) بيع "بيع ملك الغير". خلف "الخلف العام" بطلان "بطلان التصرفات".
بيع ملك الغير. اعتباره قائماً منتجاً لآثاره إلى أن يتقرر بطلانه بناء على طلب المشتري. أثره. للمشتري مطالبة ورثة البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري - أو وارثه - وبعدم التعرض له في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه. أيلولة المبيع إلى البائع أو ورثته. مؤداه. انقلاب البيع صحيحاً في حق المشتري. م 467/ 2 مدني.
(2) بيع. إصلاح زراعي.
البيع الصادر من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي. اشتراط أن يكون لواضع اليد على الأرض الزراعية المشتغل بالزراعة. اللائحة التنفيذية للقانون 100 لسنة 1964 المعدلة. لم تحظر على المشتري بيعها للغير.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 346 سنة 1975 مدني أسوان الابتدائية ضد المطعون عليهما الأول والثاني بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوضع الأرض الزراعية المبينة بالأوراق تحت الحراسة القضائية وتعيين حارس قضائي عليها، وبطرد المطعون عليهما آنفي الذكر منها، وقالوا بياناً للدعوى إنهم يملكون تلك الأرض بالميراث عن المرحومة...... التي اشترها من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي غير أن المطعون عليهما المذكورين اغتصابها فأقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة البيان. تدخلت المطعون عليها الثالثة في الدعوى طالبة الحكم برفضها لشرائها نصف الأرض محل النزاع من مورثة الطاعنين وركنت في ذلك إلى عقد مؤرخ 5/ 6/ 1971 وإيصالين أنكر الطاعنون صدورها من مورثتهم وبتاريخ 6/ 12/ 1975 حكمت المحكمة بقبول تدخل المطعون عليها الثالثة وبرفض طلب الحراسة القضائية وبإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الثالثة أن العقد المؤرخ 5/ 6/ 1971 والإيصالين قد صدرت جميعها من مورثة الطاعنين، وبعد سماع الشهود حكمت المحكمة بتاريخ 13/ 4/ 1976 برفض الدفع بالإنكار.... وبندب مكتب خبراء وزارة العدل بأسوان لبيان مشتري أرض النزاع وتاريخ الشراء وكيفية سداد الثمن، كما أقام الطاعنون الدعوى رقم 622 سنة 1976 مدني أسوان الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بطردهم من ذات الأرض موضوع النزاع وأمرت المحكمة بضمها إلى الدعوى الأولى ليصدر فيهما حكم واحد، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 31/ 12/ 1977 بطرد المطعون عليه الأول من الأرض المبينة بتقرير الخبير ومساحتها 23 ط... ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط (مأمورية أسوان) بالاستئناف رقم 30 سنة 53 ق مدني، وبتاريخ 15/ 3/ 1980 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون الأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، إذ ذهب إلى أن بيع مورثتهم ما لا تملك إلى المطعون عليها الثالثة بالعقد المؤرخ 5/ 6/ 1971 يتقلب صحيحاً بأيلولة ملكية المبيع إليها بالتسجيل لورود عقد البيع المسجل على ذات الأرض المبيعة إليها، فضلاً عن التزام البائعة وورثتها الطاعنين قبل المطعون عليها المذكورة بضمان عدم التعرض، في حين أن الأرض موضوع العقد المؤرخ 5/ 6/ 1971 تختلف حسبما ورد بتقرير الخبير - عن تلك التي ورد عليها عقد البيع المسجل فيظل البطلان المترتب على عدم ملكية البائعة للقدر الذي باعته إلى المطعون عليها الثالثة قائماً لعدم انتقال ملكيته إليها، كما أن التسجيل لم يتم إلا بعد وفاة البائعة فانتقلت الملكية به إليهم مباشرة ولم يتلقوا عنها ميراثاً ولم يخلفوها في عقد البيع أو يلزموا قبل المطعون عليها الثالثة بضمان عدم التعرض.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن عقد بيع ملك الغير - إلى أن يتقرر بطلانه بناء على طلب المشتري، وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يبقى قائماً منتجاً لآثاره بحيث يكون للمشتري أن يطالب البائع بتنفيذ ما يترتب على العقد بمجرد انعقاده وقبل تسجيله من حقوقه والتزامات شخصية، وتنتقل هذه الحقوق وتلك الالتزامات من كل من الطرفين إلى وارثه، فيلتزم وارث البائع بنقل ملكية المبيع إلى المشتري أو إلى وارثه، كما يلتزم بضمان عدم التعرض للمشتري في الانتفاع بالمبيع أو منازعته فيه وإذ كان الثابت بالأوراق أن مورثة الطاعنين قد اشترت الأرض محل النزاع من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي سنة 1971، وقبل أن تسجل هذا العقد باعت نصفها إلى المطعون عليها الثالثة بالعقد المؤرخ 5/ 6/ 1971، ولما سدد ورثتها الطاعنون باقي الثمن قاموا بتسجيل عقد البيع الصادر إلى مورثتهم في 16/ 5/ 1976 فانتقلت ملكية الأرض إليهم فإن عقد البيع الصادر من مورثة الطاعنين إلى المطعون عليها عن نصف الأرض محل النزاع وإن كان قد ورد في الأصل على ما لا تملك ويعتبر بيعاً باطلاً لمصلحة المطعون عليها المذكورة إلا أنه والمشترية لم تطلب الحكم بإبطاله يبقى قائماً منتجاً لجميع آثاره وتنتقل جميع الحقوق والالتزامات المترتبة عليه لكل من طرفيه إلى ورثته، ومن ثم يكون الطاعنون ملتزمين قبل المطعون عليها الثالثة ينقل ملكية القدر المبيع إليها وبعدم التعرض لها في الانتفاع به أو منازعتها فيه، لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع قد خلصت في حدود سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها إلى أن عقد البيع المبرم بين مورثة الطاعنين والمطعون عليها الثالثة قد ورد على ذات الأرض موضوع عقد البيع المسجل تأسيساً على أن شروطه هي ذات شروط عقد البيع المسجل وقد أقام الحكم قضاءه على ما يكفي لحمله ويؤدي إلى ما انتهى إليه في هذا الخصوص، فإن هذا البيع ينقلب صحيحاً في حق المطعون عليها الثالثة بأيلولة ملكية المبيع إلى الطاعنين بعد صدور العقد عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة 467 من القانون المدني، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو شابه الفساد في الاستدلال، ويكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه خالف القانون، ذلك أن عقد البيع المؤرخ 5/ 6/ 1971 يعتبر عقداً باطلاً بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام لمخالفته أحكام القرار الوزاري رقم 153 سنة 1969 وقرار محافظة أسوان رقم 228 لسنة 1969 بتحديد مورثة الطاعنين دون سواها لنقل الملكية إليها، كما أن الحكم لصالح المطعون عليها الثالثة يعتبر تعرضاً للقرار الوزاري آنف الذكر بالإلغاء أو التعديل.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة 14 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 100 لسنة 1964 بتنظيم تأجير العقارات المملوكة للدولة ملكية خاصة والتصرف فيها المعدلة بقرار وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي رقم 153 لسنة 1969 وإن اشترطت صدور البيع من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي لواضع اليد على الأرض الزراعية المشتغل بالزراعة، إلا أن تلك اللائحة لم تحظر على المشتري بيعها للغير، ومن ثم فإن هذا النعي يكون لا أساس له.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق