جلسة 4 من إبريل سنة 1968
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.
---------------
(105)
الطعن رقم 362 لسنة 34 القضائية
(أ) دعوى. "الطلبات في الدعوى". "تقدير قيمة الدعوى".
طلب تثبيت ملكية أطيان زراعية قبل شخص. توجيه المدعي طلباً آخر قبل شخص آخر هو البائع له بطلب رد ما دفع من الثمن عند عدم إجابة الطلب الأول اعتبار الطلبين دعويين مستقلتين وإن جمعتهما صحيفة واحدة. تقدير قيمة كل منهما وفقاً لقواعد تقدير الدعوى في قانون المرافعات.
(ب) استئناف. "استئناف الطلب الأصلي". "أثره".
أثر استئناف الطلب الأصلي على الطلب الاحتياطي. الجدل في ذلك محله أن يكون الاستئناف المرفوع جائزاً.
(ج) دعوى. "تقدير قيمة الدعوى". رسوم. "رسوم قضائية". استئناف.
الأصل في تقدير الدعاوى المتعلقة بالأراضي باعتبار ستين ضعفاً لقيمة الضريبة المقررة. لا يلجأ إلى المستندات لتقدير قيمة العقار إلا عند عدم ربط الضريبة. لا عبرة في تقدير قيمة الدعوى بما ورد في قانون الرسوم القضائية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعنين والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم 592 سنة 1960 مدني كلي قنا طالباً أصلياً الحكم بتثبيت ملكيته إلى أطيان زراعية مساحتها 1 ف و4 س ومبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وكف منازعة الطاعنين له فيها وتسليمها إليه - واحتياطياً الحكم بإلزام المطعون ضده الثاني بأن يدفع له مبلغ 400 جنيه وقال بياناً لدعواه إنه اشترى تلك الأطيان من المطعون ضده الثاني بعقد بيع مسجل في 26 فبراير سنة 1959 مقابل ثمن قدره 400 جنيه وأنه حين أراد وضع يده عليها تعرض له الطاعنون مدعين ملكيتهم لها فاضطر لإقامة الدعوى بطلبيه سالفي الذكر ولدى نظر الدعوى أمام محكمة قنا الابتدائية طلب الطاعنون الحكم برفض الطلب الأصلي مقررين أنهم اشتروا في سنة 1933 ممن يدعى أحمد مصطفى فداناً من تلك الأرض وأنهم وضعوا يدهم عليه منذ ذلك التاريخ وبذلك اكتسبوا ملكيته بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية وبتاريخ 14 فبراير سنة 1963 أحالت تلك المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون وضع يدهم على الأرض موضوع النزاع بصفة هادئة ومستمرة وظاهرة مدة خمسة عشر عاماً سابقة على رفع الدعوى ولينفي المطعون ضده الأول ذلك وبعد أن سمعت شهود الطرفين قضت بتاريخ 28 نوفمبر سنة 1963 بتثبيت ملكية المطعون ضده الأول إلى الأرض الزراعية البالغ مساحتها 1 ف و4 س والمبينة الحدود بصحيفة الدعوى وبكف منازعة الطاعنين له فيها وبتسليمها إليه. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 4 سنة 39 ق ودفع المطعون ضده الأول بعدم جواز الاستئناف لقلة النصاب على أساس أن قيمة الأرض المتنازع عليها وفقاً للقاعدة المنصوص عليها في المادة 31 من قانون المرافعات لا تزيد على ثمانين جنيهاً. وبتاريخ 18 إبريل سنة 1964 قضت محكمة الاستئناف بعدم جواز نظر الاستئناف لقلة النصاب. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وبالجلسة المحددة لنظره أمام هذه الدائرة صممت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعنون فيهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والتناقض في الأسباب. وفي بيان ذلك يقولون إن ذلك الحكم أقام قضاءه بعدم جواز الاستئناف على ما قرره من أن الطلب الأصلي - وهو ما اقتصرت المحكمة الابتدائية على الفصل فيه - لا تتجاوز قيمته وفقاً للقاعدة المنصوص عليها في المادة 31 من قانون المرافعات مائتين وخمسين جنيهاً وأنه لذلك تكون قيمة الدعوى أقل من النصاب الجائز استئنافه. وهذا الذي قرره الحكم ينطوي على خطأ في تطبيق القانون لأن الدعوى أقيمت بطلبين أحدهما أصلي والآخر احتياطي وهما طلبان يجمعهما سبب واحد هو عقد البيع وموضوع واحد هو حصول البيع من مالك أو من غير مالك وأنه إذ انتهت المحكمة الابتدائية في بحثها إلى صحة البيع الحاصل للمطعون ضده الأول وقضت في منطوق حكمها بتثبيت ملكيته إلى الأطيان المتنازع عليها تكون قد قضت ضمناً برفض الطلب الاحتياطي وعلى هذا تقدر قيمة الدعوى بقيمة المعقود عليه بتمامه وذلك على ما نصت عليه المادة 37 من قانون المرافعات ولما كانت قيمة المعقود عليه هي 400 جنيه على ما هو ثابت من عقد البيع فإن الاستئناف يكون جائزاً. ويضيف الطاعنون إلى ما تقدم قولهم إن الحكم المطعون فيه أخذ بقاعدتين متعارضتين في وقت واحد فبينما هو يقرر بأن العبرة في تحديد نصاب الاستئناف هي بقيمة الطلب الأصلي وهي لا تتجاوز مائتين وخمسين جنيهاً يقرر أيضاً أنه إذا تعرضت المحكمة للطلب الاحتياطي - وقيمته 400 جنيه - كان الحكم قابلاً للاستئناف وبذلك جعل قابلية الدعوى للاستئناف متوقفة على نتيجة الحكم فيها بينما الصحيح في القانون أن ذلك يتوقف على قيمتها لا على ما يحكم به فيها - ويستدل الطاعنون على صحة هذا النظر بأن الدعوى تقدر وفقاً للمادة 399 من قانون المرافعات بقيمة الطلب العارض في حالة رفعها على المشتري من الغير الذي يدعي الملكية وإدخال المشتري البائع له ضامناً مطالباً إياه برد الثمن وينبغي ألا يختلف الأمر إذا رفعت الدعوى ابتداء من المشتري كما هو الشأن في الدعوى الحالية. ويؤيد الطاعنون رأيهم أيضاً بقولهم إن لمحكمة الاستئناف إذا ما رأت أن دفاع الطاعنين في محله أن تتناول بالبحث الطلب الاحتياطي وأن تقضي فيه لأن استئناف الطلب الأصلي يطرح عليه الطلب الاحتياطي ومن ثم وجب تقدير الدعوى بقيمة الطلب الاحتياطي وبذلك يكون الاستئناف جائزاً لأن قيمة هذا الطلب أربعمائة جنيهاً وقول الحكم إن ذلك يكون حيث يوجه الطلبان إلى خصم واحد هو قول لا سند له من القانون. ويضيف الطاعنون إلى ما تقدم أنه من غير المقبول أن تقدر هذه الدعوى وهي في حقيقتها نزاع على صحة عقد البيع بقيمة الطلب الأصلي وهي أقل من 250 جنيهاً في حين أن رفع الدعوى بطلب صحة التوقيع على ذات العقد يجعل الدعوى قابلة للاستئناف.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن الدعوى رفعت من المطعون ضده الأول بطلبين أولهما موجه للطاعنين وهو طلب الحكم بتثبيت ملكيته إلى فدان و4 أسهم من الأطيان الزراعية وكف منازعتهم له فيها وتسليمها إليه وثانيهما موجه إلى المطعون ضده الثاني باعتباره البائع له وهو طلب الحكم برد ما دفعه من الثمن وقدره 400 جنيه وذلك في حالة عدم إجابة الطلب الأول وهذان الطلبان وإن جمعتهما صحيفة دعوى واحدة إلا أنهما يعتبران في حقيقتهما دعويين مستقلتين يختلفان خصوماً وموضوعاً وسبباً وتقدر قيمة كل منها وفقاً للقاعدة التي تحكمها من قواعد تقدير الدعاوى المنصوص عليها في قانون المرافعات وعلى ذلك فإن الدعوى الموجهة للطاعنين وهي دعوى متعلقة بأراضي زراعية تقدر وفقاً للمادة 31 من قانون المرافعات باعتبار ستين ضعفاً لقيمة الضريبة المربوطة عليها وذلك بصرف النظر عن قيمتها الثابتة في عقد بيعها فإذا كان ذلك وكان الثابت من أوراق الدعوى أن قيمة الأرض المتنازع عليها لا تزيد طبقاًَ للقاعدة سالفة الذكر على مائتين وخمسين جنيهاً فإنها تكون في حدود النصاب النهائي للمحكمة الابتدائية وإذ رتب الحكم المطعون فيه على ذلك عدم جواز استئناف الحكم الصادر فيها لقلة النصاب فإنه يكون صحيحاً في نتيجته ويضحى ما يقول به الطاعنون من أن الحكم المطعون فيه قد جعل قابلية الدعوى للاستئناف متوقفة على نتيجة الحكم فيها قولاًَ غير منتج كما لا غناء فيما يثيره الطاعنون من أن الحكم الابتدائي قد عرض للطلب الاحتياطي وفصل فيه ضمناً برفضه على أساس أن الحكم بتثبيت الملكية يسبقه حتماً القضاء بصحة العقد وأنه على ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ فيما قرره من أن محكمة أول درجة لم تتعرض للطلب الاحتياطي لا غناء في ذلك لأن كل طلب هو في حقيقته دعوى مستقلة عن الأخرى ولم يستأنف الطاعنون إلا قضاء الحكم في الدعوى الموجهة لهم والصادر ضدهم ومن ثم يكون التقدير فيما يتعلق بنصاب الاستئناف بقيمة هذه الدعوى وحدها لأن الاستئناف لم يتناول الدعوى الأخرى التي لم يكن الطاعنون خصوماً فيها ولا شأن لهم بها أو بقضاء الحكم الابتدائي فيها إن صح أنه فصل فيها ضمناً. ولا محل للجدل فيما إذا كان من شأن استئناف الطلب الأصلي أن يطرح على المحكمة الاستئنافية الطلب الاحتياطي أو لا يطرحه إذ محل هذا البحث أن يكون الطلب الذي رفع عنه الاستئناف جائزاً استئنافه ولا يجدي الطاعنين ما أثاروه في مذكرتهم الشارحة من أن المادة 75 من قانون الرسوم المعدل بالقانون رقم 66 لسنة 1964 تنص على أن تقدير الرسوم النسبية على الأراضي الزراعية يكون على أساس الثمن أو القيمة التي يوضحها الطالب بحيث لا تقل عن الضريبة الأصلية السنوية مضروبة في سبعين وأن هذه المادة تكشف عن نية المشرع في كيفية تقدير الدعوى لا يجدي الطاعنين ذلك لأن الأصل في تقدير الدعاوى المتعلقة بالأراضي هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - باعتبار ستين ضعفاً لقيمة الضريبة المقررة عليها ولا يلجأ إلى تقدير قيمة العقار حسب المستندات إلا إذا كان العقار غير مربوط عليه ضريبة وذلك عملاً بنص المادة 31 من قانون المرافعات وأنه لا عبرة بما ورد في المادة 75 من قانون الرسوم القضائية لأن هذا النص خاص بتقدير الرسوم وليس من شأنه أن يغير الأساس الذي رسمه قانون المرافعات في خصوص تقدير قيمة الدعاوى المتعلقة بالأراضي لتحديد الاختصاص ونصاب الاستئناف ومن ثم يكون النعي في جميع ما تضمنه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق