الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 سبتمبر 2023

الطعن 65 لسنة 34 ق جلسة 9 /4 / 1968 مكتب فني 19 ج 2 ق 106 ص 741

جلسة 9 من إبريل سنة 1968

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وأمين فتح الله، وعثمان زكريا.

----------------

(106)
الطعن رقم 65 لسنة 34 القضائية

(أ، ب، ج) حيازة. "الحيازة المكسبة للملكية". تقادم. "التقادم المكسب". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص نية التملك".
(أ) وضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية يعد سبباً مستقلاً لاكتسابها. عدم لزوم تقديم الدليل على مصدر آخر للملكية أو صحة سندها.
(ب) سلطة محكمة الموضوع في استخلاص نية التملك في وضع اليد أو نفيها. وجوب قيامه على أسباب مقبولة.
(ج) حصول تصرف قانوني على العين محل الحيازة لا ينفي عنها صفة الهدوء ولا يقطع التقادم.

-----------------
1 - وضع اليد المدة الطويلة إذا توافرت فيه الشروط القانونية يعد بذاته سبباً لكسب الملكية مستقلاً عن غيره من أسباب اكتسابها (1) ويعفى واضع اليد الذي يتمسك به من تقديم الدليل على مصدر ملكيته وصحة سندها.
2 - إذا كان لمحكمة الموضوع استخلاص نية التملك في وضع اليد أو نفيها بحسب ما يقوم باعتبارها من وقائع الدعوى وملابساتها. إلا أنه يجب أن يكون استخلاصها مقاماً على اعتبارات مقبولة.
3 - وضع اليد واقعة لا ينفي قانوناً صفة الهدوء عنها مجرد حصول تصرف قانوني على العين محل الحيازة ولا يعد هذا التصرف تصرفاً قاطعاً للتقادم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت ضد الطاعنة الثالثة الدعوى رقم 20 سنة 1960 أمام محكمة حلوان الجزئية بالصحيفة المعلنة في 3/ 11/ 1959 طلبت فيها الحكم بإلزام هذه الطاعنة بأن تدفع لها مبلغ 143 ج و750 م مقابل ريع حصتها في المنزل المبين الحدود والمعالم بالصحيفة عن المدة من أول مارس سنة 1950 حتى آخر سبتمبر سنة 1959 وما يستجد من ريع حتى الفصل في الدعوى بواقع 125 قرشاً في الشهر. وقالت بياناً للدعوى إنها تمتلك في كامل أرض وبناء هذا المنزل حصة قدرها 12 ط بمقتضى عقد بيع مصدق عليه في 26/ 11/ 1933 ومسجل برقم 5202 جيزة ورقم 9752 مصر وأنه بالرغم من أن الطاعنة الثالثة لا تملك في هذا العقار سوى حصة شائعة مقدارها ستة قراريط بمقتضى حكم مرسى المزاد رقم 91 سنة 1945 حلوان فإنها وضعت يدها منذ رسو المزاد على المنزل جميعه واستأثرت وحدها بريعه، وقد طالبتها المطعون عليها بنصيبها في الريع بالدعوى رقم 169 سنة 1949 مدني حلوان عن المدة من 19/ 4/ 1946 حتى 18/ 4/ 1949، وقدر الخبير المنتدب فيها هذا النصيب بمبلغ 51 ج و24 م باعتبار ريع المنزل 250 قرشاً في الشهر، وصدر للمطعون عليها حكم ابتدائي بهذا المبلغ وتأيد في الاستئناف رقم 176 سنة 1951 القاهرة. غير أن الطاعنة الثالثة ظلت واضعه يدها على المنزل كله وأصبح متجمد الريع المستحق عليها ابتداءً من أول مارس سنة 1950 حتى آخر سبتمبر سنة 1959 بواقع 125 قرشاً عن كل شهر مبلغ 143 ج و750 م وهو ما أقامت به الدعوى الحالية. والمحكمة قضت في 31/ 1/ 1960 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات وضع يد الطاعنة الثالثة على نصيب المطعون عليها في المنزل. وبعد سماع شهود الطرفين تدخل الطاعنان الأول والثانية خصمين في الدعوى طالبين رفضها استناداً إلى أنهما يمتلكان 18 ط من المنزل موضوع النزاع ويضعان يدهما عليه مع الطاعنة الثالثة التي تمتلك 6 ط منه. وقضت المحكمة في 23/ 4/ 1961 بقبول التدخل في الدعوى وبندب خبير لمعاينة المنزل وبيان المالك للقدر موضوع النزاع وتحقيق وضع اليد ومدته وتقدير الريع عنه. وبعد أن قدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن الطاعنين يضعون اليد على المنزل وأن صافي الريع المستحق للمطعون عليها عن مدة النزاع بحق النصف بقدر بمبلغ 291 ج و256 م قضت محكمة حلوان الجزئية في 25/ 6/ 1961 بإحالة الدعوى إلى محكمة القاهرة الابتدائية وقيدت بجدولها برقم 4752 كلي القاهرة. وأثناء نظر الدعوى أمام هذه المحكمة عدلت المطعون عليها طلباتها إلى إلزام الطاعنين الثلاثة متضامنين بأن يدفعوا لها مبلغ 291 ج و256 م. وفي 5/ 3/ 1962 قضت محكمة القاهرة الابتدائية للمطعون عليها بهذه الطلبات. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 1068 سنة 78 ق القاهرة. والمحكمة قضت في 5/ 12/ 1963 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرتين أبدت فيهما الرأي بنقض الحكم. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال. ويقولون في بيان ذلك إنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بملكيتهم للمنزل موضوع النزاع استناداً إلى أنه كان في الأصل ملكاً لسيدة حسن الشرقاوي التي تصرفت للطاعنين الأول والثانية في 12 ط منه بموجب الوصية الصادرة منها في 4/ 5/ 1925 والثابتة التاريخ في 20/ 10/ 1925 وأنهما بعد وفاتها في 13/ 8/ 1925 وضعا اليد على المنزل المدة المكسبة للملكية بالتقادم الطويل. وعلى الرغم من أن الخبير أثبت في تقريره وضع يد هذين الطاعنين على المنزل عقب وفاة الموصية في 13/ 8/ 1925 بالقيام بتأجيره للغير وتحصيل الأجرة عنه فإن الحكم المعطون فيه قرر أن وضع اليد لم يكن بنية التملك استناداً إلى أن الوصية غير مسجلة ولم يثبت تاريخها إلا بعد وفاة المالكة الأصلية وأن وضع يد الطاعنين كان عرضياً لشراء الطاعنة الثالثة حصة في المنزل بموجب حكم مرسى المزاد رقم 91 سنة 1945 وإقامتهما معها فيه باعتبارها زوجة للطاعن الأول وأختاً شقيقة للطاعنة الثانية. وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون واستدلال فاسد لأن وضع اليد سبب للتملك متى توافرت في الحيازة شروطها القانونية ويستقل بذاته عن التملك بسبب الوصية فلا يؤثر فيه أن تكون الوصية باطلة أو غير مسجلة كما أن الثابت بالأوراق أن الطاعنة الثالثة اشترت حصة بالمنزل في سنة 1945 وأن وضع يد الطاعنين على المنزل بدأ في سنة 1925 ولكن الحكم استدل على أن وضع يدهما كان عرضياً من صلة المصاهرة والقرابة مع الطاعنة الثالثة رغم ما هو ثابت من أنها اشترت حصتها في المنزل بعد اكتمال مدة التقادم. هذا إلى أن الحكم اعتبر التصرف الصادر إلى البائع للمطعون عليها المسجل في 4/ 9/ 1925 والتصرف الصادر إليها من هذا البائع المسجل في 7/ 12/ 1933 تعرضاً قاطعاً للتقادم مع أن تسجيل التصرفات لا شأن له بوضع اليد المكسب للملكية بمضي المدة الطويلة ولا يقطع التقادم مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون. كما أخطأ الحكم في الاستدلال إذ اعتبر الدعوى رقم 169 سنة 1949 التي أقامتها المطعون عليها بالمطالبة بريع حصتها المشتراة في المنزل تعرضاً لوضع يد الطاعنين مع أن هذه الدعوى لم ترفع إلا بعد اكتمال المدة المكسبة لملكيتهما المنزل بالتقادم الطويل.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان الثابت بالحكم المطعون فيه أن الطاعنين الأول والثانية تمسكا أمام محكمة الاستئناف بوضع يدهما على المنزل موضوع النزاع المدة الطويلة المكسبة للملكية ابتداء من 13/ 8/ 1925 عقب وفاة المالكة الأصلية للمنزل والتي كانت قد أوصت لهما قبل وفاتها بحصة فيه، وكان وضع اليد المدة الطويلة إذا توافرت فيه الشروط القانونية يعد بذاته سبباً لكسب الملكية مستقلاً عن غيره من أسباب اكتسابها ويعفى واضع اليد الذي يتمسك به من تقديم الدليل على مصدر ملكيته وصحة سندها، فإن الحكم وقد اعتمد في نفي نية التملك لدى هذين الطاعنين في حيازتهما للمنزل موضوع النزاع المدة الطويلة على بطلان الوصية أو عدم تسجيلها يكون قد جانب صحيح القانون. لما كان ذلك وكان الحكم قد استخلص أن وضع يد الطاعنين على المنزل لم يكن بنية التملك لصلة المصاهرة والقرابة مع الطاعنة الثالثة التي اشترت حصة فيه بموجب حكم مرسى المزاد رقم 91 سنة 1945 حلوان وهي زوجة الطاعن الأول وأخت شقيقة للطاعنة الثانية، ولئن كان لمحكمة الموضوع استخلاص نية التملك في وضع اليد أو نفيها بحسب ما يقوم باعتقادها من وقائع الدعوى وملابساتها، إلا أنه يجب أن يكون استخلاصها مقاماً على اعتبارات مقبولة، وإذ يبين من تدوينات الحكم المطعون فيه أن الطاعنة الثالثة لم تشتر حصتها في المنزل إلا في سنة 1945 وأن الطاعنين الأول والثانية تمسكا بوضع يدهما على المنزل عقب وفاة المالكة في سنة 1925 مما مؤداه - إن صح ادعاؤهما - أن مدة التقادم الطويل قد اكتملت بمضي خمسة عشر عاماً دون انقطاع أو توقف قبل شراء الطاعنة الثالثة لهذه الحصة، وكان الحكم قد استخلص التسامح في وضع يدهما خلال هذه المدة ونفي نية التملك من جانبهما استناداً إلى تملك الطاعنة الثالثة حصتها في المنزل سنة 1945، فإن الحكم يكون قد استند في هذا الاستخلاص إلى سبب غير مقبول. لما كان ما تقدم وكان وضع اليد واقعة لا ينفي قانوناً صفة الهدوء عنها مجرد حصول تصرف قانوني على العين محل الحيازة ولا يعد هذا التصرف تعرضاً قاطعاً للتقادم، وإذ اعتبر الحكم المطعون فيه تصرف أحد ورثة المالكة الأصلية ببيع حصة في المنزل إلى المشتري الذي تصرف فيه بدوره إلى المطعون عليها وتسجيل التصرف الأول في 4/ 9/ 1925 ثم تسجيل التصرف الثاني في 7/ 12/ 1933 - تعكيراً لحيازة الطاعنين التي بدأت في 13/ 8/ 1925 وتعرضاً قاطعاً للتقادم، فإن الحكم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك وكان الحكم قد اتخذ من الدعوى رقم 169 سنة 1949 التي أقامتها المطعون عليها ضد الطاعنة الثالثة بطلب ريع حصتها المشتراة في المنزل أساساً لنفي صفة الهدوء أو الاستمرار في حيازة الطاعنين الأول والثانية للمنزل، وكانت هذه الدعوى لا تعتبر تعكيراً للحيازة ولا تعد إجراء قاطعاً للتقادم خلال مدته المدعى بها على النحو السالف بيانه، فإن الحكم يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون. وإذ رتب الحكم المطعون فيه على انتفاء نية التملك وصفة الهدوء والاستمرار عن حيازة هذين الطاعنين رفض الادعاء بتملك حصتهما بالتقادم الطويل وتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به للمطعون عليها ضد الطاعنين الثلاثة من إلزامهم متضامنين بالريع مقابل حيازتهم لحصتها في المنزل خلال المدة المطالب بها. فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.


(1) نقض 17/ 1/ 1963 - الطعن رقم 249 لسنة 27 ق مجموعة المكتب الفني - السنة 14 رقم 12 ص 111. ونقض 25/ 6/ 1964 - الطعن 500 لسنة 29 ق المجموعة السابقة - السنة 15 رقم 138 ص 890.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق