جلسة 4 من إبريل سنة 1968
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي.
----------------
(104)
الطعن رقم 161 لسنة 34 القضائية
مسئولية. "مسئولية عقدية". "اتفاقات الإعفاء من المسئولية".
المسئولية العقدية عن تعويض الضرر لا ترتفع عن المدين بإقرار الغير بتحمل هذه المسئولية عنه ما دام الدائن المضرور لم يقبل ذلك ولم يكن طرفاً في الورقة التي أقر فيها الغير بتحمل تلك المسئولية. عدم اعتبار هذا الإقرار اتفاقاً على الإعفاء من المسئولية. اعتباره اتفاقاً على ضمان المسئولية لا يؤثر على حق المضرور في الرجوع على المسئول الأصلي ولا ينتقص من هذا الحق.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 129 سنة 1961 كلي القاهرة على المطعون ضدهم طالباً الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 7539 ج و628 م على سبيل التعويض وقال في بيان دعواه إنه استأجر من المطعون ضده الأول ماكينتين لدق الأساس لمدة ثلاث سنوات تنتهي في 14 من أكتوبر سنة 1957 وأنفق في سبيل إصلاحهما وإعدادهما للعمل مبالغ كبيرة ولما رست عليه في سنة 1955 عملية دق أساسات محطة طلمبات الوادي من شركة شمال الدلتا للمقاولات التي يمثلها المطعون ضده الرابع قام بنقل إحدى الماكينتين مع ملحقاتها التي اشتراها لها إلى موقع العملية بجهة ضغط الحنة مركز أبي حماد وسلمها إلى مندوبي شركة المقاولات المذكورة بموجب كشف جرد وبعد قيامه بالعمل عدة أيام نشب خلاف بينه وبين هذه الشركة أدى إلى توقف العمل وعلى أثر ذلك رفع على الشركة دعوى إثبات حالة لتحديد حقوقه قبلها وإذ كان في هذا الوقت على خلاف أيضاً مع المطعون ضده الأول المؤجر للماكينتين بسبب سعيه في استردادها قبل انتهاء مدة الإجازة تارة بالقوة وتارة بطريق القضاء وفشله في تحقيق غرضه هذا فقد انتهز هذا المطعون ضده فرصة وقوع الخلاف بينه وبين شركة المقاولات وتواطأ معها على أن تسلمه الماكينة التي في عهدتها نكاية بالطاعن وتم تسليمها إلى المطعون ضدهما الثاني والثالث بوصفهما مندوبي المطعون ضده الأول في ليلة 29 من ديسمبر سنة 1955 في غفلة من مندوب الطاعن المقيم بموقع العملية ولما علم الطاعن بذلك بادر بإرسال برقية إلى الشركة يحملها فيه المسئولية عن تصرفها هذا وأعقب ذلك بتقديم بلاغ إلى شرطة مركز أبي حماد يتهم فيه مندوبي هذه الشركة في موقع العملية بالتبديد ثم رفع الدعوى الحالية مطالباً بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي أصابته بسبب حرمانه من الانتفاع بالماكينة في المدة الباقية من مدة الإجارة وقدر هذا التعويض بالمبلغ المطالب به على أساس الربح الذي ضاع عليه من الانتفاع بالماكينة في المدة من 29 من ديسمبر سنة 1955 إلى نهاية الإيجار هو مبلغ 5248 جنيهاً بواقع ثمانية جنيهات يومياً طبقاً لتقدير الخبير الذي عين في دعوى إثبات الحالة وأن الضرر الأدبي الذي لحقه يقدر بمبلغ 1500 ج وأضاف إلى هذين المبلغين قيمة ملحقات الماكينة ولوازمها التي اشتراها لها من ماله الخاص بموجب فواتير قدمها إلى المحكمة الابتدائية والبالغة 383 ج و628 م وكذلك مبلغ 408 ج قيمة ما ضاع عليه من ربح كان سيحققه من تنفيذ عملية دق الأساسات التي اتفق عليها مع شركة المقاولات المطعون ضدها الرابعة والتي أصبح عاجزاً عن تنفيذها بسبب تسليم الماكينة إلى المطعون ضده الأول وبتاريخ 15 من يناير سنة 1962 قضت المحكمة الابتدائية: (أولاً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة المبدى من المدعى عليه الرابع (المطعون ضده الرابع) (ثانياً) بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان بالنسبة لشقها الخاص بطلب مبلغ الـ 408 ج (ثالثاً) بإلزام المدعى عليه الأول (المطعون ضده الأول) والشركة المدعى عليها الرابعة (المطعون ضدها الرابعة) بأن يدفعا للمدعي (الطاعن) مبلغ 4171 ج و628 م والمصروفات المناسبة لذلك مع المقاصة في أتعاب المحاماة ورفض ما عدا ذلك من الطلبات (رابعاً) باستبعاد دعوى الضمان الفرعية المقامة من الشركة المدعى عليها الرابعة ضد المدعى عليه الأول من الرول لعدم سداد رسومها - وقد استندت المحكمة في رفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث إلى ما قالته في أسباب حكمها من أنهما لم يشتركا في الخطأ المنسوب إلى كل من المطعون ضدهما الأول والرابعة لأن الثابت من الإقرار المؤرخ 27 من ديسمبر سنة 1955 الذي أعطاه المطعون ضده الأول إلى الشركة المطعون ضدها الرابعة وقت تسليمها الماكينة إليه إنه هو الذي تسلم الماكينة وأن المطعون ضدهما الثاني والثالث لم يكونا إلا مجرد نائبين عنه في عملية الاستلام كما اعتبرت المحكمة مسئولية كل من المطعون ضده الأول والشركة المطعون ضدها الرابعة مسئولية عقدية وعلى هذا الأساس اعتبرت كل منهما مسئولاً عن تعويض الضرر الذي لحق الطاعن تعويضاً كاملاً باعتبار أن مسئوليتهما تضاممية وليست بالتضامن وقد استأنف كل من المطعون ضدهما الأول والرابعة هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئناف الأول برقم 1636 سنة 79 قضائية واستئناف المطعون ضدها الرابعة برقم 1732 سنة 79 قضائية ولم يستأنفه الطاعن وبتاريخ 11 من يناير سنة 1964 حكمت تلك المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوعهما بتعديل الحكم المستأنف وبإلزام السيد/ علي إبراهيم علي وحده "المطعون ضده الأول" بأن يدفع إلى السيد/ يوسف مراد عبد الرحمن مبلغ 420 ج والمصاريف المناسبة وخمسمائة قرش أتعاباً للمحاماة فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير تاريخه 10 من مارس سنة 1964 وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الأول والثاني لعدم إعلانهما به وبقبول شكلاً بالنسبة للمطعون ضدهما الثالث والرابعة وبنقض الحكم المطعون فيه في خصوص السبب الرابع من أسباب الطعن.
وحيث إنه لما كان يبين من أصل ورقة إعلان الطعن أنه لم يعلن إلى المطعون ضدهما الأول والثاني إذ أن الطاعن طلب إعلانهما في المنزل رقم 131 شارع رمسيس بالقاهرة ولما توجه المحضر في يوم 3 من أغسطس سنة 1965 لإعلانهما في هذا المحل أثبت في ورقة الإعلان أن هذا الرقم عبارة عن قطعة أرض فضاء لا يوجد بها سكن وطلب من الطاعن التحري عن عنوان المطلوب إعلانهما فطلب الطاعن إعلانهما بالعمارة 129 شارع رمسيس ولما توجه إليها المحضر في يوم 7 من أغسطس سنة 1965 لم يجد لهما محل إقامة فيها وأثبت ذلك في محضره ووقفت إجراءات الإعلان عند هذا الحد. لما كان ذلك وكان الطاعن لم يعلن المطعون ضدهما المذكورين بالطعن في الميعاد الذي اقتضاه تطبيق الفقرة الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم 43 لسنة 1965 ولا في الميعاد الذي افتتحه القانون رقم 4 لسنة 1967 لتصحيح ما لم يصح من الإجراءات التي اقتضاها تطبيق الفقرة المذكورة ولاستكمال ما لم يتم منها فإنه يتعين إعمال الجزاء المنصوص عليه في المادة 431 من قانون المرافعات قبل تعديله بالقانون رقم 401 لسنة 1955 والحكم ببطلان الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول علي إبراهيم والمطعون ضده الثاني لبيب تادرس.
وحيث إنه بالنسبة للمطعون ضده الثالث حسن بهنساوي فإنه لما كان الثابت من الوقائع المتقدم ذكرها أن المحكمة الابتدائية قضت في 15 يناير سنة 1962 برفض الدعوى بالنسبة إليه وقد قبل الطاعن هذا الشق من الحكم ولم يستأنفه وانقضى ميعاد استئنافه بفوات ستين يوماً على تاريخ العمل بالقانون رقم 100 لسنة 1962 فإن هذا الشق من الحكم المذكور يكون قد أصبح نهائياً وحائزاً لقوة الأمر المقضي وبالتالي لا يجوز للطاعن أن يطعن فيه مباشرة بطريق النقض ويتعين لذلك القضاء بعدم جواز الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للشركة المطعون ضدها الرابعة.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المذكور أعفى الشركة المطعون ضدها الرابعة من المسئولية استناداً إلى ما قاله من أن المطعون ضده الأول أعطاها خطاباً يعفيها فيه من المسئولية ويقر فيه بتحمله لها وحده مع أن الطاعن لم يكن طرفاً في هذه الورقة ولا يمكن لذلك أن يحاج بها كما لا يجوز قانوناً أن يعفى شخص من المسئولية عن خطأ ارتكبه لأن غيره قد أقر بتحمل هذه المسئولية عنه والمطعون ضدها الرابعة حين قدمت الورقة الصادرة إليها من المطعون ضده الأول لم تقصد بتقديمها إلا أن تكون سنداً لها في دعوى الضمان الفرعية التي رفعتها على المطعون ضده المذكور وإذ رتب الحكم المطعون ضده على هذه الورقة التي لم يكن الطاعن طرفاً فيها إعفاء الشركة المطعون ضدها الرابعة من المسئولية قبله فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أسس قضاءه برفض دعوى الطاعن قبل الشركة المطعون ضدها الرابعة على قوله "وحيث إنه عن مدى إلزام المهندس نيازي إبراهيم بصفته مديراً لشركة شمال الدلتا للمقاولات فإن الحكم المستأنف الذي قضى بإلزامه تأسيساً على وقوع خطأ من جانبه عندما قام بتسليم الماكينة التي في حيازته للمقاول المؤجر فإن الثابت من مطالعة حافظة مستندات هذا الخصم المرفقة وجود الإقرار الموقع عليه من المقاول علي إبراهيم والمتضمن استلامه للماكينة موضوع النزاع من موقع العمل وقوله نصاً (وأقرر بأنني أتحمل كافة المسئوليات والتعويضات التي قد يرجع بها المهندس يوسف مراد عبد الرحمن على شركة شمال الدلتا للمقاولات بسبب استلام تلك الماكينة كما أقرر بأنني مسئول مباشرة....) وهذا الإقرار يقطع بصريح اللفظ والمعنى في قبول المقاول علي إبراهيم تحمل كافة المسئوليات الناتجة عن تسليم واستلام الماكينة وأن يكون تحمل هذا مباشرة - وفي ذلك ما يؤكد رفع أية مسئولية عن عاتق شركة شمال الدلتا ويسقط عن كاهلها جميع الالتزامات الناتجة عن هذا التصرف - وترتيباً على ما تقدم يصبح القول بقيام مسئوليتها ولا سند له ويتعين تبعاً لذلك إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام هذه الشركة" - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه وأقام عليه قضاءه بإعفاء الشركة المطعون ضدها الرابعة من مسئوليتها قبل الطاعن خطأ في القانون ذلك بأن مسئولية هذه الشركة قبل الطاعن عن تعويض الضرر الذي تسبب عن خطئها متى تحققت فإنها لا ترتفع عنها بإقرار الغير بتحمل هذه المسئولية عنها ما دام الطاعن وهو المضرور لم يقبل ذلك ولم يكن طرفاً في الورقة التي أقر فيها الغير بتحمله تلك المسئولية وهذا الاتفاق الذي تم بين المطعون ضده الأول وبين الشركة المطعون ضدها الرابعة والذي بمقتضاه تحمل الأول المسئولية الناتجة عن خطأ الثانية لا يعتبر اتفاقاً على الإعفاء من المسئولية مما تجيزه المادة 217 من القانون المدني لأن الاتفاق الذي تعنيه هذه المادة هو الاتفاق الذي يحصل بين الدائن المضرور وبين المدين المسئول بشأن تعديل أحكام المسئولية الواردة في القانون إعفاء أو تخفيفاً أو تشديداً أما حيث يتفق المسئول مع مسئول آخر ليتحمل عنه المسئولية دون دخل للمضرور في هذا الاتفاق فإن هذا يكون اتفاقاً على ضمان المسئولية لا يؤثر على حق المضرور في الرجوع على المسئول الأصلي ولا ينتقص من هذا الحق - لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون فيما أسس عليه قضاءه بإعفاء الشركة المطعون ضدها الرابعة من المسئولية قبل الطاعن قد خالف القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن باقي أسباب الطعن وهي موجهة إلى قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض على المطعون ضده الأول لا محل لبحثها بعد أن انتهت هذه المحكمة إلى بطلان الطعن بالنسبة لهذا المطعون ضده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق