جلسة 15 من نوفمبر سنة 1958
برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.
---------------
(10)
القضية رقم 721 لسنة 3 القضائية
اختصاص
- اختصاص محكمة النقض بالطلبات المقدمة من رجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين بوزارة العدل وبمحكمة النقض وبالنيابة العامة بإلغاء القرارات المتعلقة بأي شأن من شئون القضاء عدا النقل والندب وكذلك المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم - مناطه أن يكون الطلب مقدماً من أحد هؤلاء - الطعن المقدم من شخص ترك في التعيين في وظيفة معاون نيابة في القرار الصادر بتركه - هو طعن من مجرد فرد من الأفراد - لا تختص محكمة النقض بالفصل فيه.
إجراءات الطعن
في 4 من مايو سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثالثة) بجلسة 7 من مارس سنة 1957 في الدعوى رقم 1284 لسنة 9 ق المرفوعة من فاروق صادق حنا ضد وزير العدل والنائب العام, القاضي "برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء أصلياً بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى, وإحالتها بحالتها إلى محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية, واحتياطياً بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي مصلحة, وإلزام رافعها بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 14 من أكتوبر سنة 1957, وللمدعي في 17 من أكتوبر سنة 1957, وعين لنظره جلسة 25 من أكتوبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات, ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 10 من فبراير سنة 1955 أقام المدعي الدعوى رقم 1284 لسنة 9 ق ضد وزارة العدل والنائب العام, طالباً الحكم بإلغاء القرارات الصادرة في 12 و20 من ديسمبر سنة 1954 و12 من يناير سنة 1955 يتعين معاوني النيابة الناجحين من درجة جيد المبينين بالعريضة فيما تضمنته هذه القرارات من تخطي المدعي في التعيين وأحقيته في أن يعين عضواً بالنيابة في الدرجة التي يصبح فيها زملاؤه عند الحكم بإلغاء هذه القرارات والتي يخولها إياه مدة عمله في المحاماة مع حفظ حقه في التعويض لهذا التخطي مع إلزام الوزارة بالمصروفات. وقال في بيان ذلك إنه حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة دور مايو سنة 1952 بدرجة جيد, وقيد اسمه بجدول عموم المحاميين في 20 من سبتمبر سنة 1952 لعدم بلوغه السن المحددة للقبول قبل هذا التاريخ, وتقدم المدعي بطلب لوزارة العدل لتعيينه معاوناً للنيابة, وقد قامت وزارة العدل ممثلة في المعلن إليهما بتعيين جميع الناجحين الذين طلبوا تعيينهم بهذه الوظائف من دفعة سنة 1952 من الناجحين بدرجة جيد, وتخطت المدعي بدون مسوغ يجيز لها ذلك, مع أنها اتخذت إجراءات التعيين بالنسبة له ونجح في الكشف الطبي واستوفى جميع مسوغات التعيين, ولما كان حق التعيين في الوظائف حقاً عاماً لكل مصري متمتع بالحقوق العامة, لذلك أقام المدعي دعواه. وقد ردت الوزارة على الدعوى بأنه تبين للنيابة العامة من مراجعة أوراق المدعي والتحريات التي وردت بشأنه ومن بينها كتاب مدير إدارة المباحث العامة بوزارة الداخلية رقم 38 - 3/ 1 في 12 من نوفمبر سنة 1954, أن المدعي لم يكن مستكملاً للشروط التي تتطلبها المادتان 1 و67/ 2 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 في شأن استقلال القضاء فيمن يعين معاوناً للنيابة, هذا إلى أن التعيين في الوظائف العامة قائم على إطلاق حرية الإدارة في الاختيار, وهو حق متروك لتقديرها تترخص فيه في حدود القوانين واللوائح, وما عساه يكون قد وضع من قواعد تنظيمية أو تقاليد مرعية ثابتة ولا معقب عليها في شيء من ذلك. وبجلسة 7 من مارس سنة 1957 حكمت المحكمة "برفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات". وأقامت المحكمة قضاءها على أنه "من المسلمات في القانون الإداري أن شغل الوظائف العامة بطريق التعيين أمر تترخص فيه جهة الإدارة بمحض اختيارها فتستقل بوزن مناسبات قرارها, وبتقدير ملائمة أو عدم ملائمة إصداره بما لا معقب عليها في هذا الشأن ما دام لم يثبت أن قرارها ينطوي على إساءة استعمال السلطة", وأن "المدعي لم يقدم أي دليل على أن جهة الإدارة حين تخطته في التعيين في وظيفة معاون نيابة قد ابتغت غير وجه الصالح العام وأساءت بذلك استعمال سلطتها, وما يقوله المدعي من أن ما جاء في كتاب إدارة المباحث العامة إلى النيابة في شأن التحري عن المرشحين للتعيين من أنه ينتمي إلى جماعة تعمل على التفرقة بين عنصري الأمة ليس صحيحاً - إن قوله هذا لا يمكن أن يصم تصرف الإدارة المبني على النظر إلى تحريات إدارة المباحث العامة بعين الاعتبار بعيب إساءة استعمال السلطة, كما لا ينبئ عن أنها قد خالفت القانون في شأنه أو مست بأي حق مكتسب له, بل إنه يفيد أنها قصدت إلى أن تقصر التعيين على من خلت صحائفهم من أي مأخذ أو اتهام, وهو ما ينم عن أنها كانت بمنأى عن أي هوى أو نزوة, وأنها إنما ابتغت وجه المصلحة العامة وحدها المنوط بها تقديرها حين شغلت وظائف معاوني النيابة الخالية بمرشحين آخرين غير المدعي, سيما وأنهم حاصلون مثله على درجة جيد....", وأنه "يبين من ذلك أن المدعي غير محق في دعواه مما يتعين معه رفضها مع إلزامه بالمصروفات".
ومن حيث إن حاصل ما يقوم عليه الطعن أن واقع الأمر أن المدعي يستهدف بدعواه تقرير أحقيته في التعيين في وظيفة معاون نيابة في الحركات المطعون فيه ترتيباً على أنه استوفى شرائطه, وكان تركه فيها مخالفاً للقانون أو منحرفاً عن وجه المصلحة العامة, وبالتالي يقيم دعواه توصلاً إلى إلغاء امتناع الإدارة عن تعيينه, فهو حسبما يتحدد به نطاق طلبه من موظفي النيابة وإن لم يكن فعلاً حيث لم يصدر قرار بعد بهذا التعيين؛ ومن ثم تختص محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية بالفصل في هذا الطلب بالتطبيق لنص المادة 23 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 معدلة بالقانون رقم 240 لسنة 1955, دون مجلس الدولة, ويتعين من أجل ذلك إحالة الدعوى بحالتها إلى محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية للفصل فيها. ومن جهة أخرى ليست هناك مصلحة شخصية للمدعي تبرر قبول دعواه؛ ذلك أنه لا يكفي أن يكون قد استوفى شروط التعيين واتخذت الجهة الإدارية في شأنه الإجراءات الخاصة به كاستيفاء الأوراق والكشف الطبي, بل يجب لكي تتوافر للمدعي المصلحة الشخصية أن يكون إما من بين المرشحين فعلاً لشغل الوظيفة العامة, وإما من المشتركين في المسابقة المعدة لذلك أو في الانتخاب للوظيفة في الحالات التي ينص فيها القانون على المسابقة أو الانتخاب للتعيين, وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتفسيره.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على المادة 23 من القانون رقم 147 لسنة 1949 أنها نصت على أنه "كذلك تختص محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية يحضرها على الأقل أحد عشر مستشاراً من مستشاريها دون غيرها بالفصل في الطلبات المقدمة من رجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين بالديوان العام بإلغاء المراسيم والقرارات المتعلقة بإدارة القضاء عدا الندب والنقل متى كان مبنى الطلب عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة......", ثم عدلت هذه المادة بالقانون رقم 240 لسنة 1955 فأصبح نصها كما يلي "كذلك تختص محكمة النقض دون غيرها منعقدة بهيئة جمعية عمومية يحضرها على الأقل تسعة من مستشاريها بالفصل في الطلبات المقدمة من رجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين بالوزارة وبمحكمة النقض وبالنيابة العامة بإلغاء قرارات مجلس الوزراء والقرارات الوزارية المتعلقة بأي شأن من شئون القضاء عدا النقل أو الندب متى كان مبنى الطلب عيباً في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها أو إساءة استعمال السلطة, كما تختص دون غيرها بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم....". وواضح من هذه النصوص أن اختصاص محكمة النقض منوط بأن يكون طلب الإلغاء مقدماً من أحد رجال القضاء أو النيابة أو الموظفين القضائيين بالوزارة وبمحكمة النقض وبالنيابة العامة, وذلك للحكمة التي قام عليها ذلك التشريع والتي كشفت عنها المذكرة الإيضاحية للقانون الأول, وهي أنه "ليس أجدر ولا اقدر على الإحاطة بشئون القضاة تعرف شئونهم والفصل في ظلاماتهم من رجال من صميم الأسرة القضائية, يضاف إلى ما تقدم أن النص تطبيق محكم لنظرية الفصل بين السلطات حيث تستقل السلطة القضائية بشئون سدنتها فلا يكون لأية سلطة سواها سبيل أو رقابة عليهم". وليس من شك في أن المدعي ليس من بين هؤلاء الذين ورد ذكرهم بالمادتين المذكورتين, بل هو مجرد فرد من الأفراد, وإن كان يطلب إلغاء القرار بتركه في التعيين في النيابة, ومثل هذا الطلب لا يغير من الأمر من شيء، طالما أنه لم يصبح بعد فرداً من أفرادها.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن قد قام على غير أساس سليم من القانون متعيناً رفضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه للأسباب التي قام عليها والتي تأخذها هذه المحكمة أسباباً لها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق