جلسة 15 من نوفمبر سنة 1958
برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.
---------------
(11)
القضية رقم 723 لسنة 3 القضائية
موظف
- تقرير سنوي - عرضه على الرئيس المحلي ثم رئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما طبقاً للمادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - غياب رئيس المصلحة أو قيام مانع لديه - حلول من يقوم مقامه في مباشرة هذا الاختصاص - تعيين رئيس المصلحة في وقت معاصر لميعاد إعداد التقارير السنوية - عهدة إلى وكيل المصلحة باستيفاء التقارير السنوية لتعذر تفرغه لشئون الموظفين والإدارة في ذلك الوقت - صحة ذلك.
إجراءات الطعن
في 4 من مايو سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بجلسة 5 من مارس سنة 1957 في الدعوى رقم 379 لسنة 2 ق المرفوعة من سعد محمد إبراهيم ضد مصلحة التليفونات, القاضي "بقبول الدعوى شكلاً, وفي الموضوع برفضها, وإلزام المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم " بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء بإلغاء القرار المطعون فيه, وإلزام المدعى عليها بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 8 من يونيه سنة 1957, وللمدعي في 27 من مايو سنة 1957, وعين لنظره جلسة 25 من أكتوبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات, ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات أقام المدعي الدعوى رقم 379 لسنة 2 ق طلباً الحكم بإلغاء القرار رقم 693 الصادر في 5 من يونيه سنة 1954 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية على الدرجة السادسة الكتابية, وما يترتب على ذلك من آثار, مع إلزام المحكمة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال في بيان ذلك إنه التحق بخدمة مصلحة التلغرافات والتليفونات في 12 من أكتوبر سنة 1941, وظل يزاول أعمال المصلحة المختلفة بكفاية وإخلاص حتى أنه اختير سكرتيراً للسيد مساعد مدير الحركة, ثم مندوباً للمصلحة لدى اللجان القضائية مما يدل على كفايته ونزاهته وحسن استعداده, وقد سويت حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف فاعتبر في الدرجة الثامنة منذ التحاقه بالخدمة وبعد بلوغه سن الثامنة عشرة في 14 من مارس سنة 1942 بوصفه حاصلاً على دبلوم المحاسبة والتجارة المتوسطة, ثم سويت حالته بالتطبيق لقانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953, فرقي إلى الدرجة السابعة اعتباراً من 14 من مارس سنة 1948, وظل المدعي طوال فترة عمله مكباً على الدرس والتحصيل حتى حصل على دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية سنة 1952. وفي 5 من يونيه سنة 1954 صدر القرار الوزاري رقم 693 متخطياً المدعي في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية في النسبة المخصصة للاختيار بأن رقي زميله السيد/ محمد الحسيني محمد أحمد الديب إلى الدرجة المذكورة رغم أنه دون المدعي كفاية ومؤهلات وأحدث منه في الدرجة السابقة. وقد عقد المدعي مقارنة بينه وبين المطعون في ترقيته من حيث المؤهل وأقدمية الدرجة السابعة, وانتهى منها إلى أن المصلحة قد أساءت استعمال سلطتها حين تخطته في الترقية إلى الدرجة السادسة الكتابية. وقد ردت المصلحة على الدعوى بأن ترقية السيد/ محمد الحسيني محمد أحمد الديب المطعون في ترقيته تمت في 25 من مايو سنة 1954 بالقرار الوزاري رقم 693 الصادر في 5 من يونيه سنة 1954 في النسبة المخصصة للاختيار, حيث إنه حصل على أعلى درجات الكفاية بين زملائه, وكان أساس الترقية التقرير السنوي الأول المقدم عن سنة 1953, وذلك طبقاً للمادة الثانية من القانون رقم 579 لسنة 1953 التي تنص على أن تحدد درجة كفاية الموظف في الترقي خلال العام الأول اعتباراً من أول مارس سنة 1954 طبقاً للتقرير السري السنوي الأول المقدم عنه. وقد قدم المدعي مذكرة أشار فيها إلى النزاع القائم بينه وبين وكيل المصلحة وإلى دعوى الجنحة المباشرة التي أقامها - أي المدعي - ضد وكيل المصلحة متهماً إياه بسبه والقذف في حقه, وإلى أنه لاحظ أن التقرير السنوي المقدم عنه عن عام 1953 وقعه السيد محمود سعد مدير المستخدمين باعتبار أنه رئيسه المباشر, مع أن رئيسه المباشر هي السيد مصطفى نظمي, ووقعه وكيل المصلحة على أنه المدير المحلي كما وقعه على أنه المدير العام, مع أن المدير المحلي للمدعي هو سكرتير عام المصلحة, وأن المدير العام لم يكن غائباً عن المصلحة حتى يوقع الوكيل بدلاً عنه, كل ذلك مع ثبوت قيام خصومة قضائية بين المدعي ووكيل المصلحة مما يؤكد أن المقصود هو الانتقام من المدعي بإهدار حقه في الترقية عن طريق التقرير السري فضلاً عن مخالفته للقانون لصدوره مشوباً بعيب عدم الاختصاص. وقد رد مدير المصلحة على ما أثاره المدعي فقال إن الأستاذ محمود سعد كان يلاحظ بصفة مباشرة أعمال موظفي المستخدمين ولم يكن ثمت بد من تقدير كفاية موظفي هذه الإدارة بمعرفته, وأن توقيع وكيل المصلحة في خانة المدير المحلي كان سببه أن إدارة المستخدمين بالمصلحة تتبع سيادة الوكيل مباشرة في ذلك الوقت, وباعتباره الرئيس التالي لمدير المستخدمين, فيعتبر المدير المحلي لها, وبهذه الصفة وقع سيادته في خانة المدير المحلي, وفيما يختص بتوقيع السيد الوكيل على تقرير المدعي في الخانة المخصصة لرئيس المصلحة فإن ذلك يرجع إلى أن ميعاد إعداد التقارير السنوية لعام 1953 صاحب تعيينه - أي المدير العام - مديراً للمصلحة, فكان من المتعذر عليه التفرغ لشئون الموظفين والإدارة في ذلك الوقت, فعهد بهذه المسائل إلى الوكيل ومنها استيفاء التقارير السنوية, ثم أضاف مدير عام المصلحة أنه - ومع ذلك - فقد عرض تقرير المدعي على لجنة شئون الموظفين برياسته, فوافقت على التقدير الذي قدره وكيل المصلحة. وبجلسة 5 من مارس سنة 1957 حكمت المحكمة "بقبول الدعوى شكلاً, وفي الموضوع برفضها, وألزمت المدعي بالمصروفات". وأقامت المحكمة قضاءها على أن "ترقية محمد الحسيني محمد أحمد الديب إلى الدرجة السادسة الكتابية المطعون فيها بهذه الدعوى قد تمت في نسبة الاختيار بقرار وزارة المواصلات رقم 693 الصادر في 5 من يونيه سنة 1954 وفقاً للمادة 40 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة معدلاً بالقانون رقم 579 لسنة 1953, وقد تضمن ذلك القانون النص على أن تكون الترقية في النسبة المخصصة للترقية بالاختيار بحسب ترتيب الكفاية في التقدير في التقريرات السنوية السرية في العامين الأخيرين. ولما كانت قواعد تقدير كفاية الموظفين بالأرقام الحسابية لم يعمل بها إلا اعتباراًً من أول مارس سنة 1954 وعن سنة 1953 فقط, فقد ضمن المشرع نصاً بحكم وقتي من مقتضاه أن تحدد درجة كفاية الموظف في الترقي خلال العام الأول اعتباراً من أول مارس سنة 1954 طبقاً للتقرير السري السنوي الأول المقدم عنه". وأنه لما كان "القرار المطعون فيه صدر خلال العام الأول من حياة القانون رقم 579 لسنة 1953 وبعد أول مارس سنة 1954 فإنه يخضع للحكم الوقتي سالف الذكر, وتكون الترقية فيه في النسبة المخصصة للترقية بالاختيار بحسب ترتيب الكفاية وفقاً للتقرير السنوي السري الأول المقدم عن سنة 1953, وإذ سارت المصلحة في القرار المطعون فيه على أساس هذا النظر فإنها تكون قد نزلت على حكم القانون, وخلا قرارها بذلك من عيب عدم المشروعية الذي نسبه إليه المدعي وهيئة مفوضي الدولة", "ورقابة المحكمة على السبب الذي يقوم عليه القرار المطعون فيه يجب أن تنحصر في حدود التقرير السنوي السري المقدم عن سنة 1953 لكل من المدعي والمطعون في ترقيته دون التفات إلى عناصر الأقدمية في الدرجة والأفضلية في المؤهل الدراسي وأهمية الوظيفة التي أراد المدعي في صحيفة افتتاح دعواه أن يتخذها أساساً للمقارنة بينه وبين المطعون في ترقيته", ولما كان "قد تحدد نطاق الدعوى على هذا النحو فإن المدعي ينعي على القرار المطعون فيه أن قيامه على سبب هو تقريره السنوي السري عن سنة 1953 جاء مشوباً بعيوب عدم الاختصاص والشكل وسوء استعمال السلطة التي تبطله قانوناً", وبعد أن أشارت المحكمة إلى عيب عدم الاختصاص الذي ينسبه المدعي إلى القرار المطعون فيه على ما سلف البيان أفاضت في بيان صفة الأستاذ محمود سعد مدير المستخدمين وتاريخ توليه هذا المنصب, فقالت إن "مدير المستخدمين هو الرئيس المباشر لجميع موظفي هذه الإدارة دون وكيلها خاصة وأن ملف خدمة المدعي حافل بأوراق موقع عليها من السيد محمود سعد بوصفه الرئيس المباشر له, بل إن هذا الرئيس تعرض للمجازاة الإدارية عن أمر يتعلق بالمدعي, فكل هذه الأمور تدل دلالة قاطعة على أن الإقرار الصادر من المدعي في بدء مراحل الدعوى من أن السيد محمود سعد مدير المستخدمين كان هو الرئيس المباشر له وقت وضع التقرير قد صادف الحقيقة والواقع, ولا يلتفت بعد ذلك إلى ما ساقه المدعي من قرائن للمنازعة في هذا المقام بقيام السيد مصطفى كامل نظمي بالتوقيع على تقرير سنة 1952 وتقديم المدعي طلب الترقية بالاختيار إليه وتأشيره عليه, فإن هذه القرائن لا تنهض دليلاً قبل الدليل المستمد من الأمر الإداري رقم 12 لسنة 1954, الموزع للاختصاصات في مصلحة التليفونات والتلغرافات بين موظفيها، ومن ثم فيكون ما ينعاه المدعي على توقيع السيد محمود سعد على التقرير السنوي السري المقدم عنه عن سنة 1953 في خانة الرئيس المباشر في غير محله ويتعين الالتفات عنه واعتبار هذا التوقيع للرئيس المباشر فعلاً". وبعد أن أشارت المحكمة إلى ما نعاه المدعي على توقيع وكيل المصلحة في خانتي الرئيس المحلي ورئيس المصلحة ورد المصلحة على ذلك وناقشت ما ورد بدفاع المدعي من أن للمصلحة سكرتيراً عاماً هو الأستاذ محمود على حجاج وأنه هو الرئيس المحلي له, قالت المحكمة إن "الأمر الإداري رقم 12 مستخدمين لسنة 1954 الصادر في 4 من فبراير سنة 1954 بوضع تنظيمات مؤقتة للوظائف الرئيسية بالمصلحة قد حدد وظيفة السيد/ محمود علي حجاج برئيس التحريرات والسكرتارية وهذه الوظيفة بعيدة كل البعد عن وظيفة السكرتير سكرتير عام للمصلحة، ولم يرد في ميزانية المصلحة عن سنة 1953/ 1954 وظيفة سكرتير عام للمصلحة...."، يؤيد ذلك أن "المستخلص من أوراق ملف خدمة المدعي أن السيد محمود علي حجاج كان يندب مع المدعي للحضور أمام اللجان القضائية, وليست هذه بلا شك من اختصاصات وظيفة السكرتير العام؛ ومن ثم فلا يكون فيما قدمه المدعي من مستندات للتدليل على أن السيد محمود علي حجاج هو المدير المحلي له ما ينال من صحة ما قررته المصلحة في خطابها رقم 210/ 11 - 72 من أن السيد وكيل المصلحة كان هو المدير المحلي لإدارة المستخدمين وقت وضع تقرير المدعي. ولا محل للمقارنة في هذا الشأن بين المدعي والمطعون في ترقيته؛ إذ أن كلاً منهما كان يتبع إدارة خاصة, فالمدعي كان تابعاً لإدارة المستخدمين بينما كان المطعون في ترقيته يتبع إدارة محفوظات الديوان العام, وقد يختلف في التسلسل الإداري المدير المحلي لكل من الإدارتين؛ ومن ثم يكون ما ينعاه المدعي على توقيع وكيل المصلحة على تقريره السنوي في خانة المدير المحلي في غير محله أيضاً....". وبالنسبة لتوقيع وكيل المصلحة في خانة رئيس المصلحة قالت المحكمة إنها "ترى في رد السيد المدير العام وفي تعميم هذا الإجراء بالنسبة لجميع موظفي المصلحة - وآية ذلك أن السيد وكيل المصلحة هو الذي وقع أيضاً على تقرير المطعون في ترقيته في نفس السنة في الخانة المخصصة لرئيس المصلحة - ما يفيد قيام التفويض من السيد المدير العام إلى السيد وكيل المصلحة وقت التوقيع على التقريرات السنوية في مباشرة هذا الإجراء مما يجعله صحيحاً قانوناً, خاصة وأن السيد المدير العام يقرر أن تقدير السيد الوكيل نيابة عنه قد عرض عليه في لجنة شئون الموظفين ووافق عليه, فالتفويض السابق والإجازة اللاحقة يحلان تقدير وكيل المصلحة محل تقدير المدير العام ويجعلان هذا التقدير كأنه صادر من الأخير؛ ومن ثم فإن ما ينعاه المدعي على توقيع وكيل المصلحة في الخانة المخصصة لرئيس المصلحة في غير محله أيضاً....". ثم ردت المحكمة على ما أثاره المدعي في إحدى مذكراته من عيب شكلي شاب تقريره السنوي فقالت إن "المدعي يوجهه أول ما يوجهه إلى صورة التقرير بدعوى أن هذه الصورة جاءت خلواً من بيان مفردات درجات التقدير في خانتي المدير المحلي ورئيس المصلحة, ولكن هذا الوجه من أوجه الطعن غير ذي بال في الدعوى؛ لأن العبرة هي بأصل التقرير دون الصورة, ثم يوجهه المدعي إلى أصل التقرير مشيراً إلى عبث بالأرقام واضح فيها بأن كتب أولاً بالرصاص, ثم أعيد بالحبر لمجرد تلفيق العدد حتى يساوي في مجموعه الرقم الأخير في المجموع الكلي, وهذه الواقعة إن صحت لا تعيب القرار قانوناً؛ إذ بفرض صحتها فهي لا تؤدي إلى ما استخلصه المدعي من أن هذا الإجراء كان لمجرد تلفيق الأرقام, هذا إلى أن الطعن في أصل التقرير - وهو ورقة رسمية - لا يقبل إلا بطريق الطعن بالتزوير في هذه الورقة وسلوك إجراءاته, وأما ما يثيره المدعي من أن التوقيعات على تقريره جاءت غير مؤرخة فهو غير ذي موضوع؛ إذ العبرة بوجود التقرير تحت نظر الجهات المختصة في إصدار القرار الإداري الذي يقوم عليها, والثابت في القرار الإداري المطعون فيه أنه وقع بعبارة (بعد الاطلاع على محضري لجنة شئون الموظفين بهذه المصلحة المتضمن مقترحات اللجنة بجلستها المنعقدة في 15 من مايو سنة 1954 و19 من مايو سنة 1954) مما يفيد اجتماع هذه اللجنة واستعراضها للتقارير؛ ومن ثم فيكون عيب الشكل الذي ينسبه المدعي إلى تقريره السنوي في غير محله....". أما عن عيب سوء استعمال السلطة الذي ينعاه المدعي على القرار المطعون فيه فتقول المحكمة "إن المدعي يقيمه على أنه لخصومة قائمة بينه وبين وكيل المصلحة انتهز الأخير فرصة وضع التقرير السنوي السري له للانتقام منه.... وقدم المدعي للتدليل على قيام الخصومة صحيفة دعوى جنحة مباشرة أقامها ضده أمام محكمة الجنح ومذكرة من السيد الوكيل يقر فيها بقيام الخصومة, ولكن بمطالعة صحيفة دعوى الجنحة المباشرة يبين أن المدعي أقامها عن واقعتين وقعتا خلال شهر أغسطس سنة 1954 في حين أن هذه الدعوى كانت قد أقيمت من قبل بتقديمها إلى سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 4 من أغسطس سنة 1954, أي أن الجنحة المباشرة نشأت أسبابها بعد رفع هذه الدعوى, ومن باب أولى بعد صدور القرار المطعون فيه, بل وبعد وضع التقرير السنوي به بأشهر, فقيام الجنحة المباشرة لا ينهض دليلاً على قيام الخصومة بين المدعي ووكيل المصلحة عند وضع التقرير السنوي له, ولا يكون في أوراق الدعوى بعد ذلك ما يفيد قيام الخصومة وقت ومع التقرير حتى يتجه وكيل المصلحة إلى إساءة استعمال السلطة ضد المدعي, فإذا انتفى السبب الذي يدعو إلى إساءة استعمال السلطة من جانب وكيل المصلحة ولم يظهر لإساءة استعمال السلطة اثر في تقديره, إذ أن الرئيس المباشر للمدعي كان قد قدر درجة كفايته عن سنة 1953 بست وخمسين درجة ولم ينزل وكيل المصلحة بهذا التقدير إلا إلى ثلاث وخمسين درجة أي بنقص قدره ثلاث درجات فليس هذا التنزيل اليسير مفيداً في إثبات إساءة استعمال السلطة, وإلا فما بال المطعون في ترقيته الذي كان رئيسه المباشر قد قدر درجة كفايته بمائة درجة ونزل بها المدير المحلي ورئيس المصلحة إلى 75 أي بنقص قدره 25 درجة؛ ومن ثم فيكون عيب إساءة استعمال السلطة الذي ينسبه المدعي إلى تقريره السنوي غير ثابت من الأوراق ويتعين الإعراض عنه". ثم استطردت المحكمة بعد ذلك تقول "إنه بعد إذ تبين للمحكمة فساد العيوب التي ينسبها المدعي إلى التقرير السنوي المقدم عنه عن سنة 1953 الذي قام عليه القرار المطعون فيه وكان للمحكمة أن تستنير بعناصر أخرى في أوراق الملف للمقارنة بين المدعي والمطعون في ترقيته من حيث الكفاية استجلاء لعيب سوء استعمال السلطة, فإن المحكمة تلاحظ أنه بينما قدر المدعي في التقرير السنوي لسنة 1952 بدرجة جيد, وأشير فيه بترقيته في دوره, فإن المطعون في ترقيته كان قد قدر في التقرير السنوي لسنة 1952 بدرجة جيد, وأوصى بترقيته لقيامه بعمله على الوجه الأكمل ومعاونته الفعالة ولكفايته الممتازة, وبينما قدر المدعي في التقرير السنوي لسنة 1954 بسبع وخمسين درجة فإن المطعون في ترقيته قدر بخمس وسبعين درجة, فإذا جاز الاستناد إلى التقارير السابقة واللاحقة فإن كفة ميزان المدعي تكون مرجوحة بكفة ميزان المطعون في ترقيته, ولما كانت تقارير سنة 1953 التي قام عليها القرار المطعون فيه قد سجلت نفس الموازنة التي سجلتها التقارير السابقة والتقارير اللاحقة فإنه لا يكون لعيب إساءة استعمال السلطة أدنى أثر في هذه الدعوى, وإذا كان المدعي يضع حجراً للزاوية في هذه الدعوى قيام خصومة بينه وبين وكيل المصلحة فإن تقدير الوكيل له جاء تالياً لتقرير رئيسه المباشر الذي لم يقدر كفايته إلا بست وخمسين درجة, وهذا التقرير بذاته وقبل أن تمتد إليه يد الوكيل أو السيد المدير العام أو لجنة شئون الموظفين يقل كثيراً عن تقدير درجة كفاية المطعون في ترقيته التي استقرت أمام لجنة شئون الموظفين بعد التنزيل إلى 75 درجة, فأياً كان وجه الحق في قيام الخصومة بين المدعي ووكيل المصلحة فإنها ما كانت لتؤثر في النتيجة, الأمر الذي ينتفي معه كل مصلحة للمدعي في التنويه بهذه الخصومة في خصوصية هذه الدعوى", وأنه "يبين من كل ما تقدم أن الدعوى لا تقوم على أساس من القانون أو الواقع فيتعين الحكم برفضها".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة1951 تنص على أن يقدم التقرير السنوي السري عن الموظف من رئيسه المباشر, ثم يعرض على المدير المحلي للإدارة فرئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما ثم يعرض بعد ذلك على لجنة شئون الموظفين لتسجيل التقدير إذا لم تؤثر الملاحظات في الدرجة العامة لتقدير الكفاية وإلا فيكون للجنة تقدير درجة الكفاية التي يستحقها الموظف ويكون تقديرها نهائياً, وواضح أن هذه المادة رسمت الإجراءات الواجب مراعاتها في وضع التقارير بما رأته كفيلاً بتحقيق الضمانات الكافية للموظفين في كافة مراحلها. وغنى عن البيان أن الموظف الذي ناط به القانون الاشتراك في وضع هذه التقارير على الوجه الذي رسمه له يجب عليه أن يمارس الاختصاص المحدد له بنفسه ولا يجوز له أن يعهد به إلى سواه طالما أن القانون لم يخوله سلطة تفويض غيره فيما عهد به إليه؛ ومن ثم فإن التفويض الصادر من رئيس المصلحة إلى الوكيل في وضع التقارير السرية السنوية هو تفويض غير مشروع مما يعيب التقارير الصادرة عن هذا الوكيل, وبالتالي يبطل القرار المستند إليها دون أن يصححه أو يحييه من جديد إجازة المدير المقول بها لا لسبب إلا أنها إجازة وردت على تصرف لا وجود له مما كان يتعين معه إلغاء القرار المطعون فيه, وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه ولئن كانت المادة 31 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تقضي بأن يعرض تقرير الموظف على الرئيس المحلي ثم رئيس المصلحة لإبداء ملاحظاتهما, إلا أنه إذا غاب رئيس المصلحة أو قام لديه مانع حل محله في مباشرة هذا الاختصاص من يقوم مقامه في العمل, وهو في هذه الحالة وكيل المصلحة, ولما كان رئيس المصلحة قد أبدى المانع من مباشرة هذا الاختصاص بنفسه، وهو أن ميعاد إعداد التقارير السنوية عن عام 1953 صاحب تعيينه مديراً للمصلحة, فكان من المتعذر عليه التفرغ لشئون الموظفين والإدارة في ذلك الوقت, فعهد باستيفاء التقارير السنوية إلى وكيل المصلحة، فيكون مباشرة الوكيل للاختصاص المذكور قد جاء مطابقاً للقانون، ويكون الطعن قد قام على غير أساس سليم من القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه للأسباب التي قام عليها والتي تتخذها هذه المحكمة أسباباً لها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق