جلسة 13 من يونيه سنة 1959
برياسة السيد/ السيد علي الدمراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.
----------------
(131)
القضية رقم 93 لسنة 5 القضائية
(أ) دعوى - حكم فيها
- إلزام المحكمة من تلقاء نفسها لخصم لم يكن ممثلاً في الدعوى بمصروفاتها - خطأ يعيب الحكم ويؤدي إلى بطلانه.
(ب) دعوى - صفة في الدعوى
- الدعوى التي يتصل موضوعها بمجلس بلدى معصرة ملوى - رفعها ضد وزارة الشئون البلدية والقروية - غير مقبول لانعدام صفة الوزارة في تمثيل المجلس المذكور - وجوب توجيه مثل هذه الدعوى إلى المجلس باعتباره شخصاً إدارياً عاماً يمثله رئيسه في التقاضي.
إجراءات الطعن
في 14 من ديسمبر سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية بجلسة أول نوفمبر سنة 1958 في الدعوى رقم 169 لسنة 5 القضائية المرفوعة من نجيب سعد الله شحاتة ضد وزارة الشئون البلدية والقروية، والقاضي بأحقية المدعي في أن يتقاضى مرتباً شهرياً قدره ثمانية جنيهات في الدرجة الثامنة اعتباراً من أول إبريل سنة 1952، وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق المالية اعتباراً من 4 من مارس سنة 1953، وذلك بالتطبيق لكادر عمال القنال، وألزمت مجلس معصرة ملوى البلدي المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلب رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - (أولاً) الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، و(ثانياً) أصلياً: الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها على غير ذي صفة. واحتياطياً: بقبول الطعن شكلاً، وبرفض الدعوى، وإلزام رافعها بالمصروفات. وقد أعلن الطعن لبلدية القاهرة في 17 من ديسمبر سنة 1958، ولوزارة الشئون البلدية والقروية في 21 منه، وللمدعى في 25 منه، وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 6 من يونيه سنة 1959، وفي 25 من مايو سنة 1959 أبلغت بلدية القاهرة والمدعي بميعاد هذه الجلسة، وفيها قررت المحكمة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا، وحددت لذلك جلسة 13 من يونيه سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه الموضح بالمحضر، وأرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما هو مستفاد من الأوراق، تتحصل في أن المدعي أقام دعواه بعريضة أودعها سكرتارية المحكمة الإدارية في 4 من مارس سنة 1958 طالباً الحكم بأحقيته في أن يتقاضى مرتباً شهرياً قدره ثمانية جنيهات مصرية اعتباراً من أول إبريل سنة 1952 بخلاف إعانة غلاء المعيشة المستحقة له، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وعلى الأخص إلزام المدعى عليها بأن تدفع له الفروق المستحقة له اعتباراً من التاريخ المذكور، وكذلك المصروفات والأتعاب. وقال شرحاً لدعواه إنه حاصل على شهادة الكفاءة ومن عمال القنال الكتبة، وعين بتاريخ 12 من نوفمبر سنة 1951 بوظيفة كاتب حسابات بمجلس بلدى معصرة ملوى بمرتب شهري قدره ستة جنيهات، مع أن المرتب الذي يستحقه اعتباراً من أول إبريل سنة 1952 على أساس القواعد التي وضعتها لجنة إعادة توزيع عمال الجيش البريطاني هو ثمانية جنيهات شهرياً بخلاف إعانة غلاء المعيشة. ويذكر أن الوزارة المدعى عليها احتجت بأنه عين على وظيفة متعمدة بالميزانية قبل أول إبريل سنة 1952، أي قبل التاريخ المحدد لسريان الكادر الذي وضعته لجنة إعادة توزيع عمال الجيش البريطاني، فلا تطبق عليه أحكامه. ويقول المدعي إن كتاب وزارة المالية المؤرخ 25 من مارس سنة 1952 قد نص على أن "تنفذ القواعد الخاصة بتحديد الأجور اعتباراً من أول إبريل سنة 1952، ما لم تكن قد نفذت قبل هذا التاريخ"، وهذه العبارة الأخيرة تنطبق بالبداهة على الموظفين المعينين قبل التاريخ المحدد لبدء العمل بالقواعد المشار إليها، وهو أول إبريل سنة 1952، فمن كان منهم قد سبق أن طبقت عليه القواعد المذكورة بمنحه الأجر المقرر بموجبها انتهى الأمر بالنسبة إليه، ومن كان منهم لم تطبق عليه بعد هذه القواعد وجب أن يعامل بها اعتباراً من أول إبريل سنة 1952 بصرف النظر عن تاريخ تعيينه. ويستطرد المدعي قائلاً إن هذا هو ما أخذت به المحاكم الإدارية في القضايا المماثلة؛ من ذلك الحكم الصادر في القضية رقم 1542 لسنة 1 القضائية محاكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1955 في القضية المرفوعة من نجيب فرج ندا، وهي مماثلة لحالته. وردت الإدارة العامة لشئون البلديات على الدعوى بأن المدعي كان بخدمة الجيش البريطاني، والتحق بمجلس معصرة ملوى البلدي بوظيفة كاتب حسابات من الدرجة الثامنة الكتابية بماهية قدرها 6 ج شهرياً اعتباراً من 12 من نوفمبر سنة 1951، وهي الماهية التي كانت مقررة لشهادة الكفاءة الحاصل عليها عام 1931 طبقاً لقواعد الإنصاف، وكان يخصم بماهيته على ميزانية المجلس، ولما صدر قانون المعادلات رقم 371 لسنة 1953 سويت حالته بالتطبيق لأحكام ذلك القانون، فمنح ماهية قدرها 500 م و6 ج من 12 من نوفمبر سنة 1951 تاريخ تعيينه زيدت إلى 500 م و7 ج بعد سنتين، أي من 12 من نوفمبر سنة 1953. وتقول الوزارة: أما عن طلبه منحه ماهية قدرها 8 ج شهرياً من أول إبريل سنة 1952 أسوة بزملائه من عمال القنال لحصوله على شهادة الكفاءة فإن لجنة توزيع عمال القنال رأت وضع الكتبة والمخزنجية في الدرجة 140 - 360 م أو 160 - 360 م بعلاوة قدرها 20 م كل سنتين، على أن يمنح الحاصل على شهادة الكفاءة أجراً يومياً يعادل 8 ج في الشهر، وذلك اعتباراً من أول إبريل سنة 1952، وأن تصرف أجورهم خصماً على حساب وزارة الشئون الاجتماعية. فمن ذلك يتبين أن تقدير اللجنة كان قاصراً على عمال الجيش البريطاني الذين يشغلون وظائف كتبة أو مخزنجية باليومية ويخصمون بأجورهم على حساب وزارة الشئون الاجتماعية؛ إذ وضعتهم في درجات كادر عمال اليومية، وهذا يتعارض وحالة المدعي الذي عين على درجة ثامنة بالماهية المقررة لشهادته وقدرها 6 ج أسوة بزملائه من موظفي الحكومة، كما أنه يخصم بماهيته على ميزانية المجلس بخلاف عمال القنال المعينين باليومية. ويضاف إلى ذلك أن ماهيته قد ارتفعت بتسوية حالته بقانون المعادلات الذي لم يطبق أصلاً على عمال القنال باليومية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه - إذ قضى بأحقية المدعي في أن يتقاضى مرتباً شهرياً قدره ثمانية جنيهات في الدرجة الثامنة اعتباراً من أول إبريل سنة 1952، وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية اعتباراً من 4 من مارس سنة 1953 وذلك بالتطبيق لكادر عمال القنال، وبإلزام مجلس معصرة ملوى البلدي المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة - يقوم على أن الفصل في الدعوى يقتضى البحث فيما إذا كان لعامل القنال الذي عين على درجة من درجات الكادر العام مباشرة منذ إلحاقه بالخدمة حق مكتسب في الإفادة من أحكام هذا الكادر. ويقول الحكم إن كادر عمال القنال الذي وضعته لجنة إعادة توزيع عمال الجيش البريطاني على الوزارات والمصالح المشكلة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من نوفمبر سنة 1951 والمخول لها الحق في إعادة النظر في أجورهم طبقاً لقرار المجلس المذكور في 2 من ديسمبر سنة 1951، يقضي بأنه في حالة شغل الوظائف الخالية الخارجة عن هيئة العمال بتعيين عمال الجيش البريطاني تكون القاعدة العامة لتحديد ماهياتهم في الدرجات التي يعينون فيها هي الأجرة اليومية مضروبة في 25 يوماً ولو تجاوزت بهذا الأجر مربوط الدرجات المطلوبة تعيينهم فيها، وبأن هذه القاعدة تطبق أيضاً على الكتبة عند تعيينهم في الدرجات الدائمة والمؤقتة التي تجيز مؤهلاتهم الدراسية التعيين فيها. ويستطرد الحكم قائلاً إن مفاد ذلك أن القواعد التنظيمية التي تضمنها الكادر المذكور عامة يستفيد منها جميع عمال القنال، يستوي في ذلك من عين منهم على درجة بالميزانية أو باليومية ومن عين منهم قبل نفاذ ذلك الكادر وبعد نفاذه، ومقتضى ذلك النظر أن هذه القواعد هي الواجبة الاتباع في حالة ما إذا عين عامل القنال باليومية ثم نقل إلى وظيفة خالية بالميزانية، سواء أكانت من الوظائف الخارجة عن الهيئة أو الداخلة فيها، دائمة أو مؤقتة، أو عين مباشرة في تلك الوظيفة؛ إذ لا وجه للتفرقة بين الحالتين لعموم النص وشموله، والقاعدة أن العام يؤخذ على إطلاقه ما لم يرد ما يخصصه؛ وعليه فإن تخصيص المدعى عليها الحكم الوارد بقواعد كادر عمال القنال بالعمال الذين يعينون أولاً باليومية دون من يعينون مباشرة على درجات بالميزانية يكون تخصيصاً بلا مخصص، ويجب عدم الاعتداد به في هذا الشأن، هذا فضلاً عن أن الاستناد إلى قواعد الإنصاف في تحديد المرتب لا يجدي؛ إذ أن المشرع بتحديده أجوراً معينة مراعى فيها الارتفاع عما تضمنته هذه القواعد يكون قد أفصح عن نيته في معاملة عمال القنال معاملة خاصة تبررها ظروفهم وتضحياتهم؛ ومن ثم فإن المدعي يكون على حق في تسوية حالته طبقاً لأحكام كادر عمال القنال. ويذكر الحكم أن القواعد التي تضمنها هذا الكادر تقضي بوضع الكتبة والمخزنجية في الدرجة 140/ 360 م أو 160/ 360 م بعلاوة قدرها عشرون مليماً كل سنتين، على أن يمنح الحاصلون على شهادات دراسية معينة الأجور المقررة في هذه القواعد، ومن بينها أن يمنح الحاصل على شهادة الكفاءة أو ما يعادلها أجراً يومياً يعادل ثمانية جنيهات شهرياً بخلاف إعانة غلاء المعيشة التي تمنح بمقتضى القواعد المعمول بها وبحسب الحالة الاجتماعية لكل عامل. ويستنتج الحكم من ذلك أنه يشترط لإمكان استفادة عامل القنال من حكم هذه القواعد ثلاثة شروط، الأول: أن يكون حاصلاً على الشهادة المذكورة، الثاني: أن يكون قد قام بعمل كاتب أو مخزنجي بالجيش البريطاني، الثالث: أن يكون قد ألحق بخدمة الحكومة في هذه الوظيفة كذلك. ويقول الحكم إنه بتطبيق هذه الشروط على حالة المدعي وبالاطلاع على الأوراق وملف خدمته يتضح أنه حاصل على شهادة الدراسة الثانوية قسم أول (الكفاءة) سنة 1931، وأنه كان يشغل وظيفة Cierk بالجيش البريطاني، وعين بمجلس معصرة ملوى البلدي بوظيفة كاتب حسابات؛ ومن ثم فإنه - كما يقول الحكم - يكون قد استوفى الشروط المطلوبة، وبالتالي فإنه يستحق تسوية حالته طبقاً للقواعد السالفة الذكر. وعن الفروق المالية المستحقة يذكر الحكم أن المدعي رفع هذه الدعوى بصحيفة أودعها في 4 من مارس سنة 1958؛ ومن ثم فإنه يستحق الفروق المالية اعتباراً من 4 من مارس سنة 1953؛ لسقوط حقه في الفروق السابقة بمضي خمس سنوات دون ثبوت تظلمه إدارياً؛ وفقاً للمادة 50 من القسم الثاني من اللائحة المالية للميزانية والحسابات.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه صادر ضد وزارة الشئون البلدية والقروية ومجلس بلدى القاهرة، مع أنهما لا دخل لهما في النزاع، وكان يجب رفع الدعوى ضد مجلس بلدى معصرة ملوى؛ إذ أن المجالس البلدية هي أشخاص اعتبارية متميزة بعضها عن بعض وعن وزارة الشئون البلدية والقروية ولكل منها استقلالها وذمتها الخاصة؛ ومن ثم فإن الدعوى تكون قد رفعت على غير ذي صفة، ويتعين الحكم بعدم قبولها.
ومن حيث الموضوع يقول الطعن إن مقطع النزاع هو في تعرف نطاق قواعد عمال القنال، وهل يقتصر نطاقها على الوزارات والمصالح الحكومية فحسب أم يمتد كذلك إلى المجالس البلدية وسائر الأشخاص الإقليمية، فتلتزم هذه الهيئات بتطبيقها على عمالها ومستخدميها. ويقول الطعن إن الواضح - من قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من نوفمبر سنة 1951 لإعادة توزيع عمال الجيش البريطاني الذين تركوا الخدمة في منطقة السويس بالجيش البريطاني على مختلف الوزارات والمصالح الحكومية والخصم بأجورهم بعد استنفاد الاعتمادات المخصصة للأجور في ميزانية الدولة على بند 13 (الخاص بمساعدات الضمان الاجتماعي بميزانية وزارة الشئون الاجتماعية)، ومن تقرير لجنة توزيع هؤلاء العمال - أن هذه القواعد إنما تنصرف أصلاً إلى وزارات الحكومة ومصالحها، ولم يرد بها ذكر للمجالس البلدية ونحوها من الأشخاص الإقليمية، كما كانت تكاليف هذا القرار على عاتق الحكومة ولم تتحمله كل جهة على حدة، وكان الصرف عليه من بند خاص في ميزانية الدولة هو بند المساعدات بمصلحة الضمان الاجتماعي بميزانية وزارة الشئون الاجتماعية وغيره من البنود التي خصصت بعد ذلك لهذا الغرض، إلى أن صدر القانون رقم 569 لسنة 1955 بتعيين هؤلاء العمال على درجات بالميزانية. ويذكر الطعن أن المجالس البلدية هي أشخاص اعتبارية مستقلة عن الحكومة المركزية، ولا تتقيد بقواعدها المطبقة فيها إلا إذا ألزمها القانون أو قررت ذلك في ضوء ظروفها وإمكانياتها المالية، ولا يستفاد هذا الإلزام من المادة الأولى من لائحة استخدام موظفي المجالس البلدية وعمالها التي تنص على أن "تتبع بالنسبة لموظفي ومستخدمي وعمال المجالس البلدية جميع القواعد المقررة أو التي ستقرر لموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة فيما يتعلق بشروط التعيين ومنح العلاوات والترقيات والنقل والإجازات وبدل السفر، وذلك بغير إخلال بالأحكام الخاصة الواردة في هذه اللائحة"؛ إذ أن هذا النص قد حدد الموضوعات والمسائل التي تسري أحكامها وقواعدها على موظفي المجالس البلدية وعمالها على سبيل الحصر، وليس من بينها المرتبات والأجور التي تقررها الحكومة لموظفيها ومستخدميها وعمالها، كما أن المجالس البلدية لم تصدر قرارات بتطبيق كادر عمال القنال على من التحقوا بها من هؤلاء العمال، وبالتالي لم تلتزم به. وإذا كانت هذه المجالس قد قبلت بعض عمال القنال عند توزيعهم عليها كسائر المصالح والوزارات الحكومية فإن الحكومة قد تكفلت بصرف أجور هؤلاء العمال من ميزانيتها ولم تتحملها هذه المجالس، وأما الذين عينوا فيها بداءة - كالمدعي - على درجات في ميزانية هذه المجالس فلا إلزام على هذه المجالس في أن تتحمل ما يزيد من أجورهم على مربوط الدرجات التي عينوا فيها في ميزانيتها، ولا محل إذن في هذا المجال للقول بإلزام المجالس البلدية هذه القواعد دون أن يلزمها القانون أحكامها، ودون أن تتخذ من جانبها قراراً بسريانها على من يلتحقون بها. ويضيف الطعن إلى ذلك قوله بأنه فضلاً عن ذلك فإن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من تسوية المدعي على الدرجة الثامنة مع استحقاقه الأجور المنصوص عليها في كادر عمال القنال فيه مخالفة صريحة لأحكام هذا الكادر الذي نص على أن يمنح للكاتب أو المخزنجي الحاصل على شهادة الكفاءة أو ما يعادلها - كالمدعي - أجراً يومياً يعادل ثمانية جنيهات شهرية بخلاف إعانة الغلاء في الدرجة 140/ 360 أو 160/ 360، وليس في الدرجة الثامنة، كما قضى الحكم المطعون فيه. ويذكر الطعن أن طلب الإدارة وقف تنفيذ هذا الحكم يبرره تجنبها مخاطر عدم تحصيل ما تضطر لصرفه للمدعي تنفيذاً لهذا الحكم ومشقة هذا التحصيل، فضلاً عن احتمال إلغاء الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه يبين من استظهار ملف خدمة المدعي أنه حاصل على شهادة الدراسة الثانوية قسم أول في شهر يوليه سنة 1931، وأنه كان مستخدماً بالجيش البريطاني ورشحته مصلحة البلديات في 11 من نوفمبر سنة 1951 للتعيين في وظيفة كاتب بمجلس المعصرة القروي على أن يمنح الماهية المقررة لمؤهله، واستلم عمله في 12 من نوفمبر سنة 1951، ووافق مجلس قروي معصرة ملوى بتاريخ 3 من ديسمبر سنة 1952 على تثبيته واشتراكه في صندوق التوفير، ووافقت مصلحة البلديات في يوليه سنة 1953 على تثبيته واشتراكه في الصندوق اعتباراً من يوليه سنة 1953، وسويت حالته في 4 من يوليه سنة 1954 طبقاً لقانون المعادلات باعتباره في الدرجة الثامنة من بدء تعيينه في 12/ 11/ 1951 بماهية 500 م و6 ج، و500 م و7 ج من 12/ 11/ 1953، على ألا تصرف الفروق المالية المترتبة على تنفيذ حكم المادة الأولى من القانون رقم 371 لسنة 1953 إلا من تاريخ هذا التنفيذ وعن المدة التالية فقط.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي أقام دعواه بصحيفتها المودعة سكرتارية المحكمة الإدارية في 4 من مارس سنة 1958 ضد وزارة الشئون البلدية والقروية، والمحكمة الإدارية - عندما تبينت أن المدعي موظف بمجلس معصرة ملوى البلدي - قضت من تلقاء نفسها، دون ما طلب من المدعي، بإلزام مجلس معصرة ملوى البلدي بالمصروفات وبمبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة، كما ذكرت في ديباجة الحكم أن الدعوى مرفوعة ضد وزارة الشئون البلدية والقروية وبلدية القاهرة، وكانت المحكمة تقصد بلدية معصرة ملوى.
ومن حيث إن الخلاف في اسم البلدية صاحبة الشأن لا يعدو أن يكون خطأ مادياً كتابياً بحتاً ظاهر الوضوح مردود على وجهه الصحيح في كل من وقائع الحكم وأسبابه؛ ومن ثم فهو خطأ كتابي محض قابل للتصحيح لا يعيب الحكم عيباً جوهرياً، ولا يفضي إلى بطلانه.
ومن حيث إنه قد وضح أن المحكمة من تلقاء نفسها هي التي ألزمت مجلس معصرة ملوى البلدي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، دون أن يكون ذلك المجلس ممثلاً في الدعوى، فما كان يجوز ذلك إلا بصحيفة تعلن إلى ذلك المجلس؛ الأمر الذي يعيب الحكم، ويؤدي إلى بطلانه.
ومن حيث إنه ثابت من الأوراق أن المدعي موظف بمجلس معصرة ملوى البلدي، وهذا المجلس شخص إداري عام له الشخصية المعنوية وله ميزانيته المستقلة وله أهلية التقاضي، ويمثله في ذلك رئيسه؛ وبهذه المثابة يكون هو صاحب الصفة في المنازعة الإدارية، وهو الذي توجه إليه الدعوى بحسبانه الجهة الإدارية المختصة بالمنازعة، أي المتصلة بها موضوعاً، وهو بطبيعة الحال وبحكم قيامه على المرفق العام يستطيع الرد على الدعوى وإعداد البيانات وتقديم المستندات الخاصة بها، وكذلك تسوية المنازعة صلحاً أو تنفيذ الحكم في ميزانيته عند الاقتضاء. وعلى مقتضى ما تقدم فإن الدعوى تكون قد رفعت على غير ذي صفة، ويتعين الحكم بعدم قبولها.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن قد قام على أساس سليم، ويكون الحكم المطعون فيه قد وقع مخالفاً للقانون، ويتعين من أجل ذلك إلغاؤه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق