الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 13 يوليو 2023

الطعن 86 لسنة 4 ق جلسة 4 / 4 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 97 ص 1096

جلسة 4 من أبريل سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني ومحيي الدين حسن والدكتور محمود سعد الدين الشريف المستشارين.

-----------------

(97)

القضية رقم 86 لسنة 4 القضائية

(أ) مدة خدمة سابقة 

- ضم مدة الخدمة السابقة طبقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 - مقصور على ضم المدة التي قضيت بعد الحصول على المؤهل الدراسي - أساس ذلك.
(ب) موظف 

- مناط استحقاق معلم التربية البدنية الدرجة الثامنة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 - قضاء خمس سنوات في تعليم الرياضة البدنية بمصلحة حكومية - عدم اشتراط قضاء هذه المدة في مدارس وزارة التربية والتعليم.
(ج) مدة خدمة سابقة 

- امتناع ضم مدة الخدمة السابقة طبقاً لقراري 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 لعدم توافر شروطهما - لا يمنع من الإفادة من قرار مجلس الوزراء في 9 من مارس سنة 1947 - أساس ذلك.

-------------------
1 - إن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 بحساب مدد الخدمة السابقة في أقدمية الدرجة قد خصا أرباب المؤهلات الدراسية بميزة الانتفاع بضم هذه المدد السابقة، سواء كانت قضيت في درجة أو في غير درجة أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي أو على اعتماد أو بمكافأة أو في التمرين، ما دامت الخدمة حاصلة في مصالح الحكومة المركزية. ومقتضى حكمة التوسعة في ضم مدد العمل السابقة في الحكومة - أياً كانت طبيعتها - لأصحاب المؤهلات الدراسية أن يقتصر على ضم المدد التي قضيت بعد الحصول على المؤهل الدراسي؛ لأن هذه الحدود التي لا ينبغي أن يتعداها ضم المدد السابقة هي التي تتواءم مع طبائع الأشياء ومع الحكمة التي قام عليها القراران المشار إليهما؛ حتى لا يقع المساس بغير حق بأقدميات الموظفين الأصلاء الحاصلين على مؤهلاتهم في تواريخ سابقة.
2 - إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية - حسبما جاء في مذكرة اللجنة المالية التي أقرها - قاطع في إطلاق حكمة وتعميمه من جهة أنه اشترط قضاء خمس سنوات في خدمة حكومية لاكتساب الخبرة الفنية المطلوبة دون تخصيص بأن تقضي هذه المدة في مدارس وزارة التربية والتعليم بالذات، ومن ثم يكفي للإفادة من حكم هذا القرار التنظيمي العام أن يقضي معلم التربية البدنية بوزارة المعارف العمومية خمس سنوات في تعليم الرياضة البدنية بمصلحة حكومية؛ حتى تتهيأ له الخبرة الفنية التي تؤهله لاستحقاق الدرجة الثامنة بماهية قدرها 6 ج شهرياً بحسب مقصود قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947، وذلك تمشياً مع الحكمة التشريعية التي قام عليها هذا القرار.
3 - لا وجه للقول بأنه إذا امتنع ضم مدة خدمة المدعي بكلية البوليس إلى أقدميته في الدرجة التاسعة وفقاً لقراري مجلس الوزراء الصادرين في20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 لم يجز الاعتداد بها نتيجة لذلك من جهة استحقاقه للدرجة الثامنة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947؛ ذلك لأن لكل من قراري مجلس الوزراء المشار إليهما من جهة ولقرار 9 من مارس سنة 1947 من جهة أخرى في شأن معلمي التربية البدنية مجالاً يجرى فيه وحكماً مقصوراً عليه؛ فالقراران الأولان ينظمان ضم مدد الخدمة السابقة إلى أقدمية الدرجة التي يعين فيها الموظف المؤهل، والقرار الأخير يعتد بمدة العمل الحكومي السابق الذي أكسب معلم التربية البدنية خبرة فنية تؤهله لاستحقاق الدرجة الثامنة؛ بقطع النظر عن إمكان ضم هذه المدة السابقة أو عدم إمكانه طبقاً لقواعد ضم مدد الخدمة السابقة التي أرساها قراراً 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950؛ ذلك لأن عدم الحصول على المؤهل الدراسي إن قام مانعاً من ضم المدة السابقة على أول يوليه سنة 1951 فإنه لا يعتبر عقبة في تحصيل الخبرة الفنية المشترطة في مجال تعليم التربية البدنية. ولا شك أن ممارسة المطعون لصالحه لنشاط مهني مماثل بكلية البوليس قد أكسبه تلك الخبرة الفنية التي ينعكس أثرها حتماً على وظيفته الجديدة بوزارة المعارف؛ الأمر الذي يقتضي عدم إهدار هذه المدة عند النظر في استحقاقه للدرجة الثامنة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947.


إجراءات الطعن

في 9 من يناير سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 86 لسنة 4 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (هيئة رابعة "ب") بجلسة 11 من نوفمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 1983 لسنة 2 القضائية المقامة من السيد/ صادق محمد شبيني ضد وزارة التربية والتعليم، القاضي "بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف، وإلزام المستأنف بالمصروفات". وقد طلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء كل من حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه وحكم المحكمة الإدارية لوزارة التربية والتعليم المستأنف، والقضاء بأحقية المدعي في تسوية حالته بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية بالمدارس الأميرية، مع إلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة التربية والتعليم في 14 من يناير سنة 1958، وإلى المطعون لصالحه في 26 من فبراير سنة 1958، وعين لنظره جلسة 21 من فبراير سنة 1959. وقد انقضت المواعيد القانونية دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة ما بملاحظاته، وأبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم. 


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون لصالحه قدم إلى الجنة القضائية لوزارة المعارف العمومية التظلم رقم 5389 لسنة 1 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 15 من مارس سنة 1953 طلب فيها الحكم بتسوية حالته وضم مدة خدمته السابقة التي قضاها بكلية البوليس في عمل التربية البدنية والتدريب. وقال بياناً لذلك إنه التحق بإدارة التدريب العسكري الجامعي التابعة لوزارة الحربية برتبة جاويش معلم بماهية قدرها 250 م و4 ج في 6 من أبريل سنة 1940 حتى 13 من مارس سنة 1943، ثم تحول إلى بوليس القاهرة برتبة عسكري براتب قدره 200 م و4 ج من 14 من مارس سنة 1943 لغاية 30 من نوفمبر سنة 1945، ثم نقل إلى كلية البوليس اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1945، وقد عمل فيها برتبة أمباشي معلم بمرتب قدره 5 ج شهرياً، ثم رقي فيها إلى رتبة جاويش معلم بمرتب شهري قدره 6 ج، إلى أن تم تعيينه مدرساً للتربية البدنية بمدرسة مصر الجديدة للبنين اعتباراً من أول أبريل سنة 1952 عن طريق كلية البوليس التي منحته شهادة باكتسابه خبرة فنية في التربية البدنية خلال اشتغاله بها معلماً للتربية البدنية زهاء سبع سنوات. ثم قال إنه حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في أول يوليه سنة 1951؛ الأمر الذي حدا بمنطقة التعليم الشمالية إلى تناسي شهادة الخبرة الفنية المشار إليها، وإهدار خدمته السابقة التي بلغت ثلاث عشرة سنة، وأضاف إلى ما تقدم أنه عند نقله إلى وزارة المعارف أنقص رتبه إلى خمسة جنيهات بدون مبرر، وبرغم شكواه المتكررة لم يتوصل إلى رد هذا الحيف الواقع به، وقال إنه لم يستفيد من التعيين بوزارة المعارف سوى وضعه في الدرجة التاسعة وحسبان أقدميته فيها من تاريخ حصوله على المؤهل الدراسي المشار إليه في أول يوليه سنة 1951. واستطرد إلى القول بأن وزارة المعارف مقره بخدمته السابقة في الحكومة لغاية آخر مارس سنة 1952؛ بديل أن صرفت إليه إعانة غلاء المعيشة من بدء التعيين في أول أبريل سنة 1952. وقد ردت الوزارة على هذا المتظلم منوهة بأن منطقة التعليم الشمالية عينت المدعي في الدرجة التاسعة المقررة لمؤهله الدراسي (الشهادة الابتدائية) بمرتب شهري قدره 5 ج، ولما تشكي من هذا الراتب وطلب منحه القدر الذي كان يتقاضاه بكلية البوليس استفتى في ذلك ديوان الموظفين الذي ارتأى منحه راتباً قدره 6 ج شهرياً، وهو الراتب الذي كان يتقاضاه أخيراً بكلية البوليس. أما فيما يتعلق بطلب ضم مدد خدمته السابقة إلى خدمته الحالية فقد قامت المنطقة بإصدار إذن بتعديل حالته طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950؛ وبناء على ذلك أرجعت أقدميته في الدرجة التاسعة إلى أول يوليه سنة 1951، وهو تاريخ حصوله على المؤهل الدراسي المشار إليه؛ وذلك طبقاً للبند الثاني من كتاب المالية الدوري رقم ف 234 - 1 - 330 في 25 من أكتوبر سنة 1950، وهو يقضي "بحساب مدد الخدمة السابقة كاملة في أقدمية الدرجة لحملة المؤهلات الدراسية، سواء أكانت تلك المدد قضيت على اعتماد في درجة أو على غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي، وعلى أن يسري هذا على المتطوعين ذوي المؤهلات الدراسية في جميع أسلحة الجيش المختلفة عند إلحاقهم بوظائف مدنية، على أن لا يترتب على ذلك زيادة في الماهية". وبعد إنشاء المحاكم الإدارية وحلولها في الاختصاص محل اللجان القضائية أحيلت الدعوى إلى المحكمة الإدارية لوزارة المعارف، وأمامها أضاف المدعي إلى طلباته طلباً ثالثاً هو منحه الدرجة الثامنة استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية الذي قضى بمنحهم الدرجة الثامنة بعد مضي خمس سنوات في الخدمة باعتبارها مدة خبرة فنية. وبجلسة 21 من يونيه سنة 1954 حكمت المحكمة الإدارية "باعتبار الخصومة منهية بالنسبة لطلب منح المدعي الراتب الذي كان يتقاضاه في كلية البوليس، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات". وأسست قضاءها على أن "ضم مدة الخدمة السابقة مقصور على حملة المؤهلات الدراسية، كما نص على ذلك قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950؛ ومن ثم تكون التسوية التي أجرتها وزارة المعارف - من جهة إرجاع أقدميته في الدرجة التاسعة إلى أول يوليه سنة 1951 - تسوية سليمة مطابقة للقانون"، وعلى أنه فيما يتعلق بالطلب الثالث "الخاص بمنحه الدرجة الثامنة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947، فإنه باستقراء هذا القرار يبين منه أنه قاصر على معلمي التربية البدنية بوزارة المعارف الذين أمضوا خمس سنوات في تعليم التربية البدنية بالوزارة... والمدعي لم يمض عليه في تعليم التربية البدنية بمدارس الوزارة خمس سنوات، وبالتالي لا يحق له طلب الدرجة الثامنة". وبعد استصدار قرار من لجنة المساعدة القضائية بمحكمة القضاء الإداري في 12 من فبراير سنة 1955 في طلب الإعفاء رقم 245 لسنة 9 القضائية أودع المدعي سكرتيرية محكمة القضاء الإداري بتاريخ 12 من أبريل سنة 1955 عريضة استئناف طاعناً في حكم المحكمة الإدارية المشار إليه بالدعوى رقم 1893 لسنة 2 قضائية، وبانياً هذا الطعن على أن له مدة خدمة سابقة على التاريخ الذي أرجعت إليه أقدميته في الدرجة التاسعة، وأنه قدم في شأن هذه المدة شهادة من كلية البوليس ومعتمدة من المراقبة العامة للتربية البدنية بصفتها جهة الاختصاص الفني، وهذه الشهادة قاطعة في أن مدة خبرته الفنية تزيد على تسع سنوات، ولو أن هذه المدة روعيت وأدخلت في الاعتبار لتعين أن يقضي له باستحقاق الدرجة الثامنة، أما أن وزارة التربية والتعليم قد قبلت تحويله إليها من أجل مؤهله فهذا غير صحيح؛ لأنها إنما قبلته للتعليم في مدارسها بسبب خبرته الفنية ومؤهله الفني في التربية البدنية، كما دلت عليه الشهادة المشار إليها، وكان الواجب يقضي - ما دام الأمر كذلك - بضم مدة خدمته الفنية إلى مدة خدمته بالوزارة، ما دامت طبيعة العمل متماثلة في الخدمتين. ثم أضاف إلى ما تقدم أن المادة التاسعة من منشور المالية رقم 4 لسنة 1939 نصت على أنه يشترط في التعيين في الوظائف الفنية من الدرجة الثامنة الحصول على شهادة فنية متوسطة أو خبرة فنية سابقة مدة خمس سنوات على الأقل، وقد أشير في تلك المادة إلى أن المقصود بعبارة "خبرة فنية سابقة" هو أن يكون المرشح قد مارس أعمالاً فنية مماثلة هذه المدة. وقد نشرت وزارة المالية على وزارات الحكومة ومصالحها منشوراً ترد فيه على ما طلبت هذه المصالح تفسيره بشأن شغل الدرجات الثامنة من بين عمال اليومية والخدم الخارجين عن هيئة العمال أوضحت فيه أنه يجوز شغل الدرجة الثامنة الفنية بعمال اليومية والخدمة الخارجين عن الهيئة، بشرط حصولهم على شهادة متوسطة أو خبرة فنية سابقة، أي مارسوا أعمالاً فنية تماثل العمل الذي يراد إسناده إليهم في وظائف الدرجة الثامنة، وتقدر الوزارة مدة الخدمة السابقة بخمس سنوات. ثم قال إنه أخذاً بهذه التعليمات وذلك المنشور يحق له المطالبة بضم مدة خدمته السابقة، ولا سيما مدة خدمته في كلية البوليس التي تبدأ من أول ديسمبر سنة 1945 وتنتهي في 31 من مارس سنة 1952، وهو اليوم السابق على تاريخ التحاقه بالوزارة، وتبلغ المدة التي قضاها معلماً للتربية في كلية البوليس ست سنوات وثلث سنة تقريباً، وطبيعة عمله خلال المدة المذكورة تماثل تماماً العمل الذي يؤديه في وزارة التربية والتعليم؛ ومن ثم يحق له تبعاً لهذا الضم المطالبة بمنحه الدرجة الثامنة. وقد ردت الوزارة المستأنف عليها على هذا بأن المدعي يهدف من وراء دعواه إلى مطلبين: الأول خاص بضم مدة خدمته السابقة بكلية البوليس، وقد قامت الوزارة بضم مدة خدمته بالكلية المذكورة من تاريخ حصوله على الشهادة الابتدائية طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950؛ ومن ثم أرجعت أقدميته إلى في الدرجة التاسعة إلى أول يوليه سنة 1951 مع إسقاط المدة السابقة على هذا التاريخ لعدم حصوله على المؤهل خلالها؛ باعتبار أن ضم مدة الخدمة السابقة مقصور على حملة المؤهلات الدراسية، كما نص على ذلك قرار مجلس الوزراء المشار إليه. وبناء على ما تقدم تكون التسوية التي أجرتها الوزارة بشأن ضم مدة الخدمة السابقة سليمة ومطابقة للقانون. أما الطلب الثاني الخاص بمنحه الدرجة الثامنة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 فإنه يبين من استقراء القرار المذكور أن أحكامه مقصورة على معلمي التربية البدنية بوزارة التربية والتعليم الذين أمضوا خمس سنوات في تعليم التربية البدنية بالوزارة، وهذا الشرط مفقود في حق المدعي؛ لأنه لم يعين معلماً للتربية البدنية بالوزارة إلا اعتباراً من أول أبريل سنة 1952؛ ومن ثم لا يكون قد مضى عليه في تعليم التربية البدنية بمدارس الوزارة خمس سنوات تؤهله لاستحقاق الدرجة الثامنة، وعلى ذلك تكون دعواه قائمة على غير أساس من القانون. وقد رد المستأنف على دفاع الحكومة بمذكرة ردد فيها أقواله السالفة، وأوضح فيها أنه يستند إلى حكم المادة التاسعة من قواعد التعيين في الكادر الجديد (منشور المالية رقم 4 لسنة 1939)، كما نوه بأن وزارة المالية بعثت بكتاب دوري رقم ف 232 - 3 - 4 إلى مصالح الحكومة تفسر فيه المادة التاسعة من المنشور المشار إليه جاء فيه أنه يشترط للتعيين في الوظائف الفنية من الدرجة الثامنة الحصول على شهادة فنية متوسطة أو خبرة فنية سابقة مدة خمس سنوات على الأقل، كما ورد فيه أنه رداً على استفسار بعض الوزارات عما إذا كان يجوز شغل الدرجات الثامنة من بين عمال اليومية والخدمة الخارجين عن هيئة العمال، تجيب وزارة المالية بأن ذلك جائز بشرط حصولهم على شهادة فنية أو خبرة فنية سابقة، والمقصود بالخبرة الفنية أن يكونوا قد مارسوا أعمالاً فنية تماثل العمل المراد إسناده إليهم في وظائف الدرجة الثامنة الفنية، وتقدر هذه الوزارة مدة الخدمة السابقة بخمس سنوات منفصلة أو متصلة. وقال أيضاً إنه التحق بخدمة الحكومة في 6 من أبريل سنة 1940 بإدارة التدريب العسكري بالجامعة، وبقى بها حتى نقل في 14 من مارس سنة 1943 معلم رياضة بدنية وتدريب عسكري بكلية البوليس، واستمر في هذه الوظيفة حتى نقل إلى وزارة التربية والتعليم في أول أبريل سنة 1952. فالمدة التي سلخها في خدمة الحكومة معلماً رياضياً البدنية والتدريب العسكري حتى التحق بوزارة التربية والتعليم تقع بين 6 من أبريل سنة 1940 وأول أبريل سنة 1952. ثم أبان المدعي في ختام ملاحظاته بأنه قد صدر القرار رقم 205 في 22 من أكتوبر سنة 1957 من وزارة التربية والتعليم بمنحه الدرجة الثامنة على أساس فوزه في مسابقة فنية (امتحان) أجرته الوزارة بإعلانها رقم 13 لسنة 1956 لمنح هذه الدرجة، وبأن الوضع الجديد لا يحول دون تمسكه بإرجاع أقدميته في الدرجة المذكورة إلى 6 من أبريل سنة 1947 من تاريخ استكماله السبع السنوات كخبرة فنية، حسبما جاء في المادة 12 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة. بجلسة 11 من نوفمبر سنة 1957 حكمت محكمة القضاء الإداري (هيئة رابعة "ب") "بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه، وتأييد الحكم المستأنف، وإلزام المستأنف بالمصروفات". وأقامت قضاءها على "أن ضم مدد الخدمة السابقة إنما هو قاصر على حملة المؤهلات الدراسية؛ ومن ثم لا يجوز ضم مدة خدمة سابقة إلا إذا كان الموظف حاصلاً على مؤهله الدراسي خلالها. والثابت أن المدعي حصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية في أول يوليه سنة 1951؛ ومن ثم لا يجوز ضم مدة خدمته السابقة إلا من تاريخ حصوله على هذا المؤهل". كما أسست هذا القضاء على "أنه بالنسبة لطلب منحه الدرجة الثامنة فإنه يبين من استقراء قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن تسوية حالة معلمي التربية البدنية، أنه قاصر على معلمي التربية البدنية بوزارة التربية والتعليم الذين أمضوا خمس سنوات في تعليم التربية البدنية بمدارس الوزارة، فقضى بمنحهم الدرجة الثامنة أسوة بمعلمي التربية البدنية بالتعليم الحر"، وعلى "أن المدعي لم يعين معلماً للتربية البدنية بالوزارة إلا اعتباراً من أول أبريل سنة 1952؛ ومن ثم لم يمض عليه في تعليم التربية البدنية بمدارس الوزارة خمس سنوات، وبالتالي لا يحق له الإفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 بمنحه الدرجة الثامنة... ولما تقدم الحكم المستأنف - إذ قضى برفض الدعوى - قد أصاب الحق، متعيناً تأييده".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه "بالرجوع إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية بالمدارس التابعة لوزارة المعارف العمومية، يبين أنه قد صدر بالموافقة على مذكرة تقدمت بها وزارة المالية (اللجنة المالية) إلى مجلس الوزراء في 2 من مارس سنة 1947 جاء فيها أن معلمي التربية البدنية بالمدارس الأميرية كثيراً ما تقدموا بالشكوى، وأن وزارة المعارف العمومية أوصت بمساواتهم على الأقل بزملائهم في التعليم الحر. وقد بحثت اللجنة المالية هذا الاقتراح ورأت المرافقة عليه، وكانت المراقبة العامة للتعليم الحر قد اتبعت مع معلمي التربية البدنية بمدارس التعليم الحر القواعد الآتية، وهى التي أقرها المجلس الأعلى للتعليم بجلسته المنعقدة في 6 من نوفمبر سنة 1945، وهى: (1) اعتبار كل من أمضى خمس سنوات في الخدمة في الدرجة الثامنة بماهية 6 ج شهرياً، أي أول مربوط هذه الدرجة، وبعلاوة قدرها 500 م شهرياً كل سنتين. (2) اعتبار من أمضى خمس عشرة سنة في الدرجة الثامنة منسياً ونقله إلى الدرجة السابعة. وواضح من ذلك أن مجلس الوزراء قد أصدر قراره في 9 من مارس سنة 1947 عاماً شاملاً لكل من يصدق عليه وصف معلم للتربية البدنية بالمدارس الأميرية، كما أن شرط اعتبار معلم التربية البدنية في الدرجة الثامنة منوط بأن يكون قد أمضى خمس سنوات في الخدمة، أي في الخدمة الفنية، كمعلم تربية بدنية، دون تقيد لهذه الخدمة بأن تكون في جهة معينة"، وعلى أنه "إذا كان الثابت من أوراق الدعوى أن المدعي عين في وظيفة معلم تربية بدنية في الدرجة (3/ 6) التاسعة من أول أبريل سنة 1952، وأنه يقوم قبل ذلك بشغل وظيفة معلم للرياضة البدنية والتدريب العسكري بكلية البوليس في المدة من 14 من مارس سنة 1943 إلى 31 من مارس سنة 1952، فتكون قد توافرت في حقه شروط الإفادة من قرار مجلس الوزراء سالف الذكر، ويكون الحكم المطعون فيه - إذ ذهب غير هذا المذهب - قد صدر مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه قد تبين لهذه المحكمة من واقع الأوراق أن المطعون لصالحه له من مدة خدمة سابقة من 6 من أبريل سنة 1940 إلى 13 من مارس سنة 1943 بإدارة التدريب العسكري الجامعي، ثم ألحق ببوليس مصر (طوارئ) من 14 من مارس سنة 1943 إلى 10 من يوليه سنة 1943، ثم ألحق نفراً درجة أولى متطوعاً ببوليس مصر قسم الوايلي بماهية شهرية قدرها 500 م و3 ج اعتباراً من 11 من يوليه سنة 1943، ثم جعلت هذه الماهية الشهرية 4 ج ابتداء من أول أكتوبر سنة 1943، وكان يقوم خلال خدمته بالبوليس بالأعمال الكتابية. وفي أول ديسمبر سنة 1945 نقل إلى كلية البوليس معلماً للتدريب والتربية البدنية بها إلى جانب عمله العسكري، ورقي فيها أمباشي شرف بمرتب شهري قدره 5 ج اعتباراً من أول أغسطس سنة 1946، وجدد تطوعه بالكلية المذكورة في 11 من يوليه سنة 1948 لمدة خمس سنوات أخرى، وفي 4 من مايو سنة 1950 نجح في امتحان الترقي إلى درجة جاويش بكلية البوليس، وأبلغ راتبه الشهري 6 ج، وظل بالكلية حتى 31 من مارس سنة 1952، ثم عين بوزارة المعارف العمومية معلماً للتربية البدنية في الدرجة التاسعة بمرتب 5 ج بإحدى مدارسها الأميرية اعتباراً من أول أبريل سنة 1952. وقد كتبت كلية البوليس في فبراير سنة 1952 إلى وزارة المعارف بأن المطعون لصالحه التحق بالكلية في أول ديسمبر سنة 1945، وكان يقوم بتدريب الطلبة الضباط والتلاميذ الكونستبلات على التربية البدنية بجانب عمله العسكري. ولكون خدمته بالحكومة متصلة منذ تعيينه بإدارة للتدريب العسكري في 6 من أبريل سنة 1940 حتى تاريخ تعيينه بوزارة المعارف العمومية في أول أبريل سنة 1952 فقد اقترح ديوان الموظفين في كتابه الموجه إلى هذه الوزارة في 3 من مايو سنة 1953 تعديل راتبه اعتباراً من تاريخ تعيينه في الوزارة من 5 ج إلى 6 ج شهرياً، وهى الماهية التي كان يتقاضاها بكلية البوليس الملكية. كما تبين لهذه المحكمة أنه حصل على الشهادة الابتدائية في أول يوليه سنة 1951، وأنه رقي إلى الدرجة الثامنة الفنية بالقرار رقم 205 في 22 من أكتوبر سنة 1957 على أثر تفوقه في مسابقة فنية (امتحان) أجرتها وزارة التربية والتعليم بين معلمي التربية البدنية بمدارسها بالإعلان رقم 13 لسنة 1956 لمنح الدرجة المذكورة.
ومن حيث إن مثار المنازعة هو ما إذا كانت مدة خدمة المطعون لصالحه كمدرب ومعلم للتربية البدنية بكلية البوليس السابقة على تعيينه بوزارة المعارف في أول أبريل سنة 1952 يجوز اعتبارها خدمة حكومية في عمل فني مماثل لعمله الحاضر تشفع في استحقاقه الدرجة الثامنة في مقصود قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947، أم أن هذه الخدمة لا بد لاعتبارها كذلك أن تقضى في مدارس وزارة المعارف بالتطبيق للقرار المذكور.
ومن حيث إنه ولئن كان رئيس هيئة المفوضين قد اقتصر في أسباب طعنه في الحكم المطعون فيه على ما قضى به من عدم استحقاق المطعون لصالحه تسوية حالته بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية بالمدارس الأميرية، إلا أن قضاء هذه المحكمة قد جرى [(1)] على أن الطعن في الحكم يثير المنازعة فيه برمته؛ لتزنه المحكمة بميزان القانون وزناً مناطه استظهار ما إذا كانت تقوم به حالة أو أكثر من الأحوال التي تعيبه والمنصوص عليها في المادة 15 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة فتلغيه ثم تنزل حكم القانون في المنازعة، أم أنه لم تقم به أية حالة من تلك الأحوال وكان صائباً في قضائه فتبقى عليه وترفض الطعن؛ ذلك أن الطعن قد قام على حكمة تشريعية تتعلق بالمصلحة العامة كشفت عنها المذكرة الإيضاحية للقانون المشار إليه، باعتبار أن رأي هيئة المفوضين تتمثل فيه الحيدة لصالح القانون وحده الذي يجب أن تكون كلمته هي العليا، فإن لهذه الهيئة أن تتقدم بطلبات أو أسباب جديدة غير تلك التي أبدتها في صحيفة الطعن، ما دامت ترى في ذلك وجه المصلحة العامة بإنزال حكم القانون على الوجه الصحيح في المنازعة الإدارية، كما أن للمحكمة العليا أن تنزل حكم القانون على هذا الوجه غير مقيدة بطلبات الهيئة أو الأسباب التي تبديها، وإنما المرد في ذلك هو إلى مبدأ المشروعية؛ نزولاً على سيادة القانون في روابط هي من روابط القانون العام تختلف في طبيعتها عن روابط القانون الخاص. وعلى هذا الأساس يتعين استظهار الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم جواز ضم مدد الخدمة السابقة على تاريخ تعيين المطعون لصالحه بوزارة التربية والتعليم في أول أبريل سنة 1952، سواء من حيث سلامة النتيجة التي انتهى إليها، أو الأسباب القانونية التي رتب عليها هذه النتيجة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما قضى به الحكم المطعون فيه في طلب المطعون لصالحه ضم مدة خدمته السابقة بكلية البوليس برمتها، فلا ريب في سلامة هذا القضاء للأسباب السائغة التي أوردها ذلك الحكم؛ لأن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 بحساب مدد الخدمة السابقة في أقدمية الدرجة قد خصا أرباب المؤهلات الدراسية بميزة الانتفاع بضم هذه المدد السابقة، سواء كانت قضيت في درجة أو في غير درجة أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي أو على اعتماد أو بمكافأة أو في التمرين، ما دامت الخدمة حاصلة في مصالح الحكومة المركزية. ومقتضى حكمة التوسعة في ضم مدد العمل السابقة في الحكومة أياً كانت طبيعتها لأصحاب المؤهلات الدراسية أن يقتصر على ضم المدد التي قضيت بعد الحصول على المؤهل الدراسي؛ لأن هذه الحدود التي لا ينبغي أن يتعداها ضم المدد السابقة هي التي تتواءم مع طبائع الأشياء ومع الحكمة التي قام عليها القراران المشار إليهما؛ حتى لا يقع المساس - بغير حق - بأقدميات الموظفين الأصلاء الحاصلين على مؤهلاتهم في تواريخ سابقة؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه - إذ اقتصر على إقرار ضم مدة خدمة المطعون لصالحه السابقة المقتضية بكلية البوليس بعد حصوله على مؤهله الدراسي في أول يوليه سنة 1951 إلى خدمته الحالية ورفض حساب مدة خدمته بها السابقة على تاريخ حصوله على ذلك المؤهل - قد أصاب الحق في قضائه للأسباب الصحيحة التي أوردها والتي تقرها هذه المحكمة.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بموضوع الطعن الحالي فإن الثابت أن وزارة المالية (اللجنة المالية) قد تقدمت إلى مجلس الوزراء في 2 من مارس سنة 1947 بمذكرة جاء فيها "أن معلمي التربية البدنية بالمدارس التابعة لوزارة المعارف العمومية كانوا مقيدين على درجات خارج الهيئة، ثم رأت الوزارة المذكورة بموافقة وزارة المالية العمل على تحسين حالهم برفع درجات البعض منهم إلى الدرجة الثامنة والبعض الآخر إلى الدرجة التاسعة، وقد شملهم هذا التحسين وقيدوا على هاتين الدرجتين ابتداء من أول مايو سنة 1944 في حدود المبلغ الذي تقرر بميزانية عام 1944/ 1945 لتعزيز وظائف رجال التعليم، وذلك حسب القواعد الآتية: (أولاً) المقيدون في الدرجتين العالية ب (6 - 7 ج) والعالية أ (7 - 8 ج)، هؤلاء رقوا إلى الدرجة الثامنة ومنحوا علاوة الترقية من أول مايو سنة 1944، وروعي في هذه الترقية قضاء كل منهم خمس سنوات على الأقل في الخدمة، وهى مدة الخبرة الفنية. (ثانياً) المقيدون في الدرجة الثانية (4 - 5 ج)، هؤلاء قيدوا على الدرجة التاسعة بنفس ماهيتهم دون منحهم علاوة ترقية، أسوة بمستخدمي الدرجة الثانية خارج الهيئة التي يعادل متوسط مربوطها متوسط مربوط الدرجة التاسعة والذين وضعوا في هذه الدرجة بعد استبدالها بدرجتهم الفنية. (ثالثاً) المقيدون في الدرجة الثالثة (3 - 4 ج)، هؤلاء رقى البعض منهم إلى الدرجة التاسعة ومنحوا علاوة الترقية إذا كانوا قد أمضوا سبع سنوات على الأقل في الدرجة الثالثة؛ تمشياًَ مع أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 الذي أجاز نقل مستخدمي هذه الدرجة إلى الدرجة التاسعة واعتبار ذلك ترقية يمنحون فيها علاوة من علاواتها... أما فيما يختص بتحسين حال زملائهم المعينين بمدارس التعليم الحر فإن المراقبة العامة لهذا التعليم قد اتبعت معهم القواعد الآتية وهى التي أقرها المجلس الأعلى للتعليم بجلسته المنعقدة في 6 من نوفمبر سنة 1945، وهى: (1) اعتبار كل من أمضى خمس سنوات في الخدمة في الدرجة الثامنة بماهية 6 ج شهرياً، أي أول مربوط هذه الدرجة وبعلاوة قدرها 500 م شهرياً كل سنتين. (2) اعتبار من أمضى خمس عشرة سنة في الدرجة الثامنة منسياً ونقله إلى الدرجة السابعة. وتبعاً لذلك أصبح الفرق بين معلمي التربية البدنية بمدارس الوزارة ومعلمي التربية البدنية بالتعليم الحر من حيث الماهية والدرجة كبيراً مع أن العمل واحد، ومعلم التربية البدنية بالمدارس الأميرية في الغالب يفضل معلم التربية البدنية بالمدارس الحرة، كما جاء بكتاب الوزارة المؤرخ 30 من يونيه سنة 1946، ويكون من الغبن عمل هذه التفرقة بينهم. وحيث إن معلمي التربية البدنية بالمدارس الأميرية كثيراً ما تقدموا بالشكوى من هذا الوضع الشاذ؛ لذلك توصي وزارة المعارف العمومية بمساواتهم على الأقل بزملائهم في التعليم الحر من حيث القواعد التي تطبق في تحديد المرتبات والدرجات حق يستقيم الحال. وقد بحثت اللجنة المالية هذا الاقتراح، ورأت المرافقة عليه". وقد وافق مجلس الوزراء على تلك المذكرة في 9 من مارس سنة 1947.
ومن حيث إن مفاد قرار مجلس الوزراء المشار إليه - حسبما جاء في مذكرة اللجنة المالية التي أقرها - قاطع في إطلاق حكمة وتعميمه من جهة أنه اشترط قضاء خمس سنوات في خدمة حكومية لاكتساب الخبرة الفنية المطلوبة - دون تخصيص بأن تقضى هذه المدة في مدارس وزارة التربية والتعليم بالذات؛ ومن ثم يكفي للإفادة من حكم هذا القرار التنظيمي العام أن يقضي معلم التربية البدنية بوزارة المعارف العمومية خمس سنوات في تعليم الرياضة البدنية بمصلحة حكومية؛ حتى تتهيأ له الخبرة الفنية التي تؤهله لاستحقاق الدرجة الثامنة بماهية قدرها 6 ج شهرياً بحسب مقصود قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947؛ وذلك تمشياً مع الحكمة التشريعية التي قام عليها هذا القرار، وهذا ما توافر بالفعل في المطعون لصالحه بعد أن ثبت أنه أمضى أكثر من خمس سنوات مدرباً ومعلماً للتربية البدنية بكلية البوليس، تقاضى خلالها راتباً يزيد على أول مربوط الدرجة التاسعة (6 ج) عند تعيينه بوزارة التربية والتعليم في أول أبريل سنة 1952.
ومن حيث إنه لا وجه للقول بأنه إذا امتنع ضم مدة خدمة المدعي بكلية البوليس إلى أقدميته في الدرجة التاسعة وفقاً لقراري مجلس الوزراء المشار إليهما لم يجز الاعتداد بها نتيجة لذلك من جهة استحقاقه للدرجة الثامنة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947؛ ذلك لأن لكل من قراري مجلس الوزراء الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 من جهة ولقرار 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية مجالاً يجرى فيه وحكماً مقصوراً عليه، فالقراران الأولان ينظمان ضم مدد الخدمة السابقة إلى أقدمية الدرجة التي يعين فيها الموظف المؤهل، والقرار الأخير يعتد بمدة العمل الحكومي السابق الذي أكسب معلم التربية البدنية خبرة فنية تؤهله لاستحقاق الدرجة الثامنة، بقطع النظر عن إمكان ضم هذه المدة السابقة أو عدم إمكانه طبقاً لقواعد ضم مدد الخدمة السابقة التي أرساها قرارا 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950؛ ذلك لأن عدم الحصول على المؤهل الدراسي إن قام مانعاً من ضم المدة السابقة على أول يوليه سنة 1951 فإنه لا يعتبر عقبة في تحصيل الخبرة الفنية المشترطة في مجال تعليم التربية البدنية. ولا شك أن ممارسة المطعون لصالحه لنشاط مهني مماثل بكلية البوليس في المدة من أول ديسمبر سنة 1945 حتى 31 من مارس سنة 1952 قد أكسبه تلك الخبرة الفنية التي ينعكس أثرها حتماً على وظيفته الجديدة بوزارة المعارف؛ الأمر الذي يقتضي عدم إهدار هذه المدة عند النظر في استحقاقه للدرجة الثامنة بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947. وغنى عن البيان أن هذا القرار واجب تطبيقه على وضع المطعون لصالحه دون المادة 12 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، اعتباراً بأن تعيينه بوزارة التربية والتعليم حاصل قبل العمل بالقانون المشار إليه.
ومن حيث إن الحكم الذي استحدثه قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 هو من العموم والشمول بحيث يفيد منه كل من يصدق عليه وصف معلم التربية البدنية بالمدارس الأميرية، كالمطعون لصالحه؛ وعلى ذلك فإن استحقاق معلم التربية البدنية بالمدارس الأميرية للدرجة الثامنة طبقاً للقرار المشار إليه منوط بأن يكون قد أمضى خمس سنوات في الخدمة الفنية بمصالح الحكومة كمعلم للتربية البدنية، دون تخصيص بأن تكون هذه المدة مقضيه في مدرسة من مدارس الوزارة، كما جاء في الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم يكون الطعن قائماً على أساس سليم من القانون، ويكون الحكم المطعون فيه وحكم المحكمة الإدارية قد أخطئا في تأويل القانون وتطبيقه فيما قضيا به عدم استحقاق المدعي للإفادة من قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية بالمدارس الأميرية؛ ويتعين من ثم القضاء بإلغائهما في هذا الخصوص، وباستحقاق المدعي تسوية حالته بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء السالف الذكر اعتباراً من تاريخ تعيينه بوزارة التربية والتعليم في أول أبريل سنة 1952، وإرجاع أقدميته في الدرجة الثامنة نتيجة لذلك إلى التاريخ المذكور، مع إلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم إفادة المدعي من قرار مجلس الوزراء الصادر في 9 من مارس سنة 1947 في شأن معلمي التربية البدنية بالمدارس الأميرية، وبإفادته من هذا القرار، وما يترتب على ذلك من آثار، وبتأييد الحكم المطعون فيما عدا ذلك، وألزمت الحكومة بالمصروفات المناسبة.


(1) راجع الحكم المنشور في السنة الثانية من هذه المجموعة ص 3 بند 1.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق