الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 12 يوليو 2023

الطعن 18 لسنة 3 ق جلسة 21 / 3 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 79 ص 924

جلسة 21 من مارس سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

----------------

(79)

القضية رقم 18 لسنة 3 القضائية

عمال الجيش البريطاني 

- المناط في استحقاق الأجور التي قدرت بكادر عمال القنال للكتبة والمخزنجية، أن يكون العامل قد عمل كاتباً أو مخزنجياً بالجيش البريطاني قبل تعيينه في إحدى هذه الوظائف بالحكومة.

-----------------
إن الأجور التي قدرت بكادر عمال القنال للكتبة والمخزنجية إنما هي خاصة بمن كان يعمل من هؤلاء العمال كاتباً أو مخزنجياً بالجيش البريطاني قبل تركه الخدمة ثم عين في إحدى هذه الوظائف بالحكومة بعد ذلك؛ ومن ثم فلا ينصرف هذا الحكم إلى من لم يكن كاتباً أو مخزنجياً بالجيش البريطاني، ولو كان قد ألحق بعد ذلك بالحكومة بإحدى هذه الوظائف؛ إذ لا يستحق في هذه الحالة سوى الأجر المقرر للوظيفة التي عين عليها، دون الأجر المقرر في كادر عمال القنال للكتبة والمخزنجية.


إجراءات الطعن

في 24 من نوفمبر سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") بجلسة 24 من سبتمبر سنة 1956 في الدعوى رقم 13909 لسنة 8 ق المرفوعة من وزارة الأوقاف ضد عثمان أمين أحمد، الذي قضى "برفض الطعن، وإلزام وزارة الأوقاف بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء قرار اللجنة القضائية، وبرفض التظلم، مع إلزام المطعون عليه بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 2 من ديسمبر سنة 1956، وللخصم في 29 من نوفمبر سنة 1956، وعين لنظره جلسه 31 من يناير سنة 1959، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات، ثم أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أن عثمان أمين أحمد قدم تظلما إلى اللجنة القضائية لوزارة الأوقاف قيد برقم 1394 لسنة 2 ق طلب فيه تغيير لقب سباك إلى كاتب مساعد، مع منحه الدرجة التاسعة بالتطبيق للمادة 22 من القانون رقم 579 لسنة 1953 المعدل للقانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة. وقال في بيان ذلك إنه كان من عمال الجيش البريطاني في وظيفة ملاحظ عمال بمخازن الجيش، أي مساعد مخزنجي، وقد التحق بخدمة وزارة الأوقاف في 8 من نوفمبر سنة 1951، وعين في وظيفة سباك، وهو لا يعرف عن عملها شيئاً. ولما كان قيده على هذه الوظيفة جاء خطأ لعدم درايته بأعمالها، فضلاً عن أنه ألحق بقسم الهندسة واشتغل كاتب صادر القسم، فإنه - تطبيقاً لحكم المادة 22 من قانون نظام موظفي الدولة - يستحق أن يوضع في وظيفة كاتب وعلى درجة، وقد ردت الوزارة على التظلم بأن المتظلم من عمال القنال وغير حاصل على مؤهلات دراسية؛ ولإلمامه بالقراءة والكتابة رأى قسم الهندسة الملحق به الانتفاع به في الأعمال الكتابية، وقام بتشغيله في هذه المهنة؛ إذ لا يوجد له عمل يتفق وحرفته المقيد بها، وهي "ملاحظ عمال" أو "رئيس عمال". هذا وعمال القنال الملحقين بالوزارة قد ألحقوا بها بصفة مؤقتة إلى أن يتم توزيعهم على جهات أخرى، كما أن أجورهم تصرف على حساب وزارة المالية والاقتصاد للخصم به على الاعتماد المخصص للصرف منه على عمال القنال، كما أنه لا يجوز تعيينه أصلاً في الدرجة التاسعة لعدم حصوله على المؤهل الدراسي المقرر للتعيين في هذه الدرجة. وبجلسة 16 من مارس سنة 1954 قررت اللجنة "استحقاق المتظلم للأجر المقرر للكتبة بكادر عمال القنال بمنحه مرتب 12 ج من تاريخ اشتغاله بوظيفة كاتب بالوزارة، وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات". واستندت في ذلك إلى أن "الوزارة ذهبت إلى أن المتظلم غير حاصل على مؤهل دراسي؛ ومن ثم لا يستحق الدرجة التاسعة، وهذا الذي ذهبت إليه الوزارة في محله؛ إذ أن المتظلم - وهو غير حاصل على مؤهل دراسي - لا يستحق التعيين على درجة ما، ويتعين لذلك رفض هذا الطلب"، وأنه لما كان "الكادر الخاص بعمال القنال المشتغلين بوزارات الحكومة - والمقرر بمعرفة لجنة خاصة شكلت بوزارة المالية بناء على قرار صادر من مجلس الوزراء - يقضي بأن يمنح القائم بأعمال كتابية مرتب 12 ج شهرياً"، وأنه وقد ثبت "من التظلم ومن رد الوزارة أن المتظلم يقوم بأعمال كتابية منذ عمل بالوزارة؛ فهو يستحق تسوية حالته باعتبار مرتبه 12 ج شهرياً، وما يترتب على ذلك من آثار، وصرف الفروق". وبصحيفة أودعت سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 11 من سبتمبر سنة 1954 طعنت وزارة الأوقاف في قرار اللجنة القضائية سالف الذكر طالبة إلغاءه؛ مؤسسة طعنها على أن المطعون ضده لم يكن كاتباً أو مخزنجياً بالجيش البريطاني حتى تنطبق عليه القواعد التي وضعت للكتبة والمخزنجية من عمال القنال، وأن اسمه بكشوف مصلحة العمل ورد ضمن أسماء (ملاحظ عمال)، وورد اسمه بشهادة القيد على أنه (رئيس عمل)، وورد في استمارة بيان ترك الخدمة أنه كان يشتغل بوظيفة (ملاحظ مخازن بالقصاصين)، كما ورد في تظلمه أن وظيفته بالقنال كان (ملاحظ أعمال بمخازن الجيش البريطاني)، أي مساعد مخزنجي، وكل هذه التسميات لا تنصرف إلى أنه مخزنجي، حتى يمنح الأجر المقرر لهذه الوظيفة، هذا وقيامه بعملية صادر القيودات بقسم الهندسة لا تعطيه الحق في لقب كاتب. وبجلسة 24 من سبتمبر سنة 1956 حكمت المحكمة "برفض الطعن، وألزمت وزارة الأوقاف بالمصروفات". وأقامت المحكمة قضاءها على أنه كان من رأي اللجنة المشكلة بوزارة المالية للنظر في توزيع عمال القنال وإعادة تقدير أجورهم ودرجاتهم "أن أصحاب الحرف الذين لا توجد في الوزارات والمصالح الملحقة بها أعمال كافية لتشغيلهم جميعاً في حرفهم الأصلية أو ليست هناك حاجة لاستيفاء أربابها عملهم، فيعهد إليهم بأعمال أخرى، بشرط أن يتبين بعد الاختبار أنهم يحسنون أداءها، على أن يعطوا الأجور المقررة للأعمال التي يؤدونها فعلاً"، وأنه لما كان "المطعون ضده، كما هو ثابت من ملف خدمته، أنه كان يعمل ملاحظ مخازن بالجيش البريطاني، وقد عين بوزارة الأوقاف، ومنذ تعيينه وهو يقوم بأعمال كتابية، ومن حقه أن يأخذ أجر العمل الذي يقوم به، فإن قرار اللجنة قد بنى على سند سليم من القانون؛ ومن ثم يكون الطعن في غير محله، ويتعين رفضه".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن عمال القنال الذين لا توجد أعمال حكومية تتفق مع حرفهم الأصلية يكلفون أداء أعمال تقرب من حرفهم أو توكل إليهم أية أعمال أخرى ويمنحون أجور الأعمال التي يؤدونها بالفئات المقررة في التنظيم الحكومي دون هذه الفئات التي نظمها كادر عمال القنال. فإذا كان من الثابت أن المتظلم كان يعمل ملاحظاً بالجيش البريطاني، وإذ كان لا يوجد بوزارة الأوقاف مثل هذا العمل، فقد وكل إليه أداء عمل كتابي؛ ومن ثم فإنه يعطى أجر هذا العمل، طبقاً لما هو مقرر للعمال الكتبة بكادر عمال الحكومة، وهو ما فعلته الوزارة. أما القضاء بمنحه الأجر المقرر للكتبة في كادر عمال القنال، فمن مقتضاه أن يكون المتظلم كاتباً بالجيش البريطاني ثم يعين في عمل كتابي، وهو الأمر الذي لم يتحقق الشرط الأول منه؛ فمن ثم فقد أخطأ هذا القضاء، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي كان من عمال القنال، وكان يعمل بمخازن الجيش البريطاني بالقصاصين، وقد وردت مهنته بكشوف مصلحة العمل وكذلك بكتاب مراقبة القوى العاملة (ملاحظ أعمال)، ووردت مهنته بشهادة القيد (رئيس عمال)، وقد ألحق بوزارة الأوقاف اعتباراً من 8 من نوفمبر سنة 1951 بأجر يومي قدره 200 م بخلاف إعانة الغلاء بوظيفة سباك لعدم وجود عمل بالوزارة يتفق مع عمله بالجيش، ونظراً لإلمامه بالقراءة والكتابة فقد رأى قسم الهندسة الذي ألحق به الانتفاع به في الأعمال الكتابية.
ومن حيث إن مثار هذه المنازعة ينحصر فيما إذا كان المدعي يستحق الأجر المقرر للكتبة والمخزنجية بكادر عمال القنال باعتبار أنه كلف بعمل كتابي بوزارة الأوقاف، أم أنه لا يستحق إلا الأجر المقرر للوظيفة التي عين عليها بالوزارة المذكورة.
ومن حيث إنه لا جدال في أن الأجور التي قدرت بكادر عمال القنال للكتبة والمخزنجية إنما هي خاصة بمن كان يعمل من هؤلاء العمال كاتباً أو مخزنجياً بالجيش البريطاني قبل تركه الخدمة ثم عين في إحدى هذه الوظائف بالحكومة بعد ذلك؛ ومن ثم فلا ينصرف هذا الحكم إلى من لم يكن كاتباً أو مخزنجياً بالجيش البريطاني، ولو كان قد ألحق بعد ذلك بالحكومة بإحدى هذه الوظائف؛ إذ لا يستحق في هذه الحالة سوى الأجر المقرر للوظيفة التي عين عليها، دون الأجر المقرر في كادر عمال القنال للكتبة والمخزنجية.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأنه ورد في أصل تقرير اللجنة التي شكلت بوزارة المالية لإعادة توزيع عمال الجيش البريطاني الذين تركوا خدمته على الوزارات والمصالح أن "العمال الذين لا توجد لهم أعمال حكومية تتفق وحرفهم الأصلية فهؤلاء يكلفون أعمالاً تقرب من حرفهم بقدر المستطاع أو أية أعمال أخرى بحسب مقتضيات الأحوال، ويمنحون إذن أجوراً تتفق والأعمال المكلفين بها أو القائمين بها فعلاً". وأنه إذا عهد إلى العامل بعمل حرفة غير حرفته الأصلية في الجيش البريطاني فإنه لا يستحق أجر هذه الحرفة، بل تكون العبرة في تحديد أجره بالعمل الذي عين لأدائه في الجهة التي ألحق بها؛ ذلك أن المناط في تقدير الأجر الذي يستحقه العامل هو بنوع العمل المسند إليه أصلاً في القرار الصادر بتعيينه، وهو القرار الذي يحدد مركزه القانوني والآثار المترتبة عليه، لا بالعمل الإضافي أو التبعي، ولا بالعمل الذي يقوم به عرضاً أو تطوعاً.
ومن حيث إن المدعي لم يكن يعمل كاتباً أو مخزنجياً بالجيش البريطاني قبل التحاقه بخدمة الحكومة؛ ومن ثم فإنه لا يستحق الأجر المقرر للكتبة والمخزنجية بكادر عمال القنال، وإنما يستحق الأجر المقدر للعمل الذي أسند إليه بالقرار الصادر بتعيينه، بصرف النظر عن العمل الذي كلف به بعد ذلك.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن قد قام على أساس سليم من القانون، ويكون الحكم المطعون قد جانب الصواب، ويتعين إلغاؤه، والقضاء برفض الدعوى، وإلزام المدعي بالمصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق