جلسة 21 من مارس سنة 1959
برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي ومحيى الدين حسن وعلي إبراهيم البغدادي المستشارين.
-------------------
(80)
القضية رقم 59 لسنة 3 القضائية
سكك حديدية
- قرار مجلس الوزراء في 13/ 1/ 1943 بشأن تعيين بعض من تثبت عدم لياقتهم الطبية في وظائف أخف عملاً بماهياتهم الأصلية - سريان أحكامه على من فصل لعدم اللياقة الصحية وأعيد للخدمة قبل صدوره.
إجراءات الطعن
في يوم السبت 22 من ديسمبر سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة المفوضين طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والسكك الحديدية بجلسة 22 من أكتوبر سنة 1956 في الدعوى رقم 151 لسنة 3 ق المرفوعة من السيد/ محمد سليمان عامر ضد مصلحة السكك الحديدية، والقاضي "بأحقية المدعي في أن تدفع له المصلحة الفرق بين مرتبه الذي كان يتقاضاه عند التشريك في 9/ 7/ 1936 وقدره 13 ج وبين المرتب الذي كان يتقاضاه في 13/ 1/ 1943، وذلك عن المدة من 13/ 1/ 1943 حتى 29/ 10/ 1944، وكذلك أحقيته في صرف مكافأته عن المدة التي قضاها بالخاصة الخديوية تبع خط مريوط من سنة 1905 إلى 17/ 2/ 1914، تاريخ التحاقه بخدمة المصلحة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه في شطره الأول، والقضاء برفض هذا الطلب، وإلزام المدعي مصروفاته". وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 29 من ديسمبر سنة 1956، وإلى الخصم في 6 من يناير سنة 1957، وعين لنظره جلسة 31 من يناير سنة 1959، ثم أرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن المطعون عليه أقام دعواه أمام المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكة الحديد بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة في 17 من ديسمبر سنة 1955 طالباً الحكم بإلزام مصلحة السكة الحديد بأن تدفع له فرق مرتبه ما بين خمسة جنيهات و13 جنيهاً عن المدة من 13 من يناير سنة 1943 حتى 29 من أكتوبر سنة 1944، وكذلك أحقيته في صرف مكافأته عن المدة التي قضاها بالخاصة الخديوية تبع خط مريوط من سنة 1905 إلى 17 من فبراير سنة 1914 تاريخ التحاقه بخدمة المصلحة، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الحكومة بالمصروفات. وقال شرحاً لدعواه إنه عين مساح وابورات بخط مريوط عندما كان تابعاً للخاصة الخديوية سنة 1905، ولما ضم هذا الخط إلى المصلحة نقل بوظيفة سائق وابورات إلى مصلحة السكة الحديد، وذلك في سنة 1914، وظل يعمل بالمصلحة إلى أن وصل مرتبه 13 ج، وفي سنة 1936 شرك لمرض القلب والصدر، ثم أعيد للعمل بالمصلحة بوظيفة رئيس مساحين بمرتب قدره خمسة جنيهات، وذلك في 4 من يناير سنة 1938، وظل يعمل في هذه الوظيفة إلى أن صدر قرار مجلس الوزراء في 13 من يناير سنة 1943 الذي قضى بأن يعاد للخدمة المشركون بمرض القلب والصدر بمرتباتهم التي كانوا يتقاضونها قبل التشريك، وذلك من تاريخ صدور هذا القرار، ولكن المصلحة لم تصرف له هذا الفرق إلا من شهر أكتوبر سنة 1944، وردت المصلحة بأن المدعي فصل من الخدمة في 9 من يوليه سنة 1936 لعدم اللياقة الطبية، ومنح مكافأته، ثم أعيد للخدمة بوظيفة رئيس مساحين بأجر يومي قدره 200 م على أساس أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 13 من يناير سنة 1943 لا ينطبق على حالته، إلا أنه تظلم من ذلك هو وزملاؤه، فوافقت الإدارة على تطبيق قرار مجلس الوزراء سالف الذكر بالنسبة له، على أن لا تصرف له فروق إلا من 29/ 10/ 1944. وفي 22 من أكتوبر سنة 1956 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها "بأحقية المدعي في أن تدفع له المصلحة الفرق بين مرتبه الذي كان يتقاضاه عند التشريك في 9/ 7/ 1936 وقدره 13 ج وبين المرتب الذي كان يتقاضاه في 13/ 1/ 1943، وذلك عن المدة من 13/ 1/ 1943 حتى 29/ 10/ 1944...". وأسست قضاءها على أن المدعي - وقد شرك طبياً بسبب إصابته بأحد الأمراض الواردة في قرار 13 من يناير سنة 1943 - فإنه بذلك يكون محقاً في طلب الانتفاع بأحكامه، بما في ذلك الفروق المالية المترتبة على تسوية حالته على مقتضاه اعتباراً من تاريخ صدوره.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن سند المدعي في دعواه هو قرار مجلس الوزراء الصادر في 13 من يناير سنة 1943 الذي أعاد العمل بالقرار السابق صدوره في سنة 1938 بالترخيص لمدير عام السكك الحديدية في نقل من يرسب في الكشف الطبي من خدمة القاطرات بسبب أمراض الصدر والقلب والإبصار إلى وظائف أخف عملاً بماهياتهم الأصلية، وهذا القرار هو أول قرار يصدر في هذا الخصوص، ولم يشتمل على أن أي حكم يتسع للوقائع السابقة على صدوره؛ فمن ثم فإن المدعي - إذ فصل قبل العمل به - لا يكون له أدنى حق في الانتفاع بما أورد من ميزات خص بها خدمة القاطرات استثناء من القواعد العامة. فإذا كان مجلس إدارة المصلحة قد رأى - بما له من سلطة الاستثناء - تطبيقه في حق فإنه لا يستطيع المطالبة بأكثر مما قرره له، فكان يتعين رفض طلبه صرف أية فروق عن فترة سابقة على التاريخ الذي حدده لذلك.
ومن حيث إن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح التي تصدر في هذا الشأن، ومركز الموظف مركز قانوني عام يخضع في تنظيمه لما تقرره هذه القوانين واللوائح من أحكام. ويتفرع عن ذلك أنه إذا تضمنت نظم التوظف مزايا للوظيفة وشرطت للإفادة منها شروطاً فإن حق الموظف في الإفادة منها يكون منوطاً بتوافر تلك الشروط؛ وبهذه المثابة يجب أن يخضع نظامهم القانوني للتعديل والتغيير وفقاً لمقتضيات المصلحة العامة. ويتفرع عن ذلك أن النظام الجديد يسري على الموظف بأثر حال مباشرة من تاريخ العمل به، وإذا تضمن النظام الجديد مزايا جديدة للوظيفة ترتب أعباء مالية على الخزانة فالأصل ألا يسري النظام الجديد في هذا الخصوص إلا من تاريخ العمل به، إلا إذا كان واضحاً منه أنه قصد أن يكون نفاذه من تاريخ سابق.
ومن حيث إن مجلس الوزراء وافق بجلسته المنعقدة في 13 من يناير سنة 1943 على الطلب الذي تضمنته المذكرة رقم 28 المرفوعة من مدير عام مصلحة السكك الحديدية إلى مجلس إدارة المصلحة في 9 من سبتمبر سنة 1942 والتي أقرها هذا الأخير في 27 منه في شأن "تعيين سائقي ووقادي الوابورات وبعض عمال الحركة عندما تتضح عدم لياقتهم الطبية لوظائفهم في وظائف أخرى أخف عملاً بماهياتهم الأصلية"؛ وذلك بنقل من يرسب في الكشف الطبي بسبب ضعف الإبصار والصدر والقلب إلى الوظيفة الخالية التي يمكن إسنادها إليه، على أن يمنح ماهيته الأصلية ولو زادت عن أقصى مربوط الدرجة المخصصة للوظيفة التي يعين فيها، على أن تكون الماهية بصفة شخصية له، تسوي بمجرد وجود وظيفة خالية تتناسب درجتها مع ماهيته. وعلى هدى ما تقدم يتعين صرف المرتب الأصلي للمطعون عليه بعد أن توافرت فيه الشروط المطلوبة وأعيد للخدمة قبل صدور قرار مجلس الوزراء سالف الذكر؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في النتيجة التي انتهى إليها؛ بحسبان أن المطعون عليه دأب على المطالبة بالفروق المالية في سنة 1946 و1948 و1949 و1950 و1952 و1954؛ وبذلك لم تسقط بالتقادم الخمسي.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق