جلسة 9 من مايو سنة 1959
برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخربيي وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.
------------------
(107)
القضية رقم 753 لسنة 3 القضائية
(أ) دعوى. عريضة الدعوى.
وجوب توقيع عريضة كل دعوى ترفع إلى مجلس الدولة من محام مقيد بجدول المحامين المقبولين أمامه - إجراء جوهري يترتب على مخالفته البطلان - لا يلزم أن يكون التوقيع بإمضاء المحامي وبخطه، فقد يكون بختمه غير المنكور منه.
(ب) موظف. تأديبه.
اختصاص مدير المصلحة بتوقيع الجزاءات في الحدود المقررة قانوناً - عدم جواز مباشرة وكيله لهذا الاختصاص إلا إذا كان هناك مانع يحول بينه وبين مباشرته - إلغاء القرار الصادر من الوكيل في مثل هذه الحالة ووجوب إعادة عرض الموضوع على المدير لتقرير ما يراه - مثال.
إجراءات الطعن
في يوم السبت 18 من مايو سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والسكك الحديدية بجلسة 19 من مارس سنة 1957 في القضية رقم 542 لسنة 2 القضائية المرفوعة من السيد/ يوسف عبد المجيد أبو طالب ضد مصلحة السكك الحديدية، والقاضي ببطلان عريضة الدعوى، وإلزام المدعي بالمصروفات. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب الواردة في عريضة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بقبول الدعوى، وإعادة القضية إلى المحكمة الإدارية للفصل فيها مجداً". وقد أعلن الطعن للحكومة في 5 من سبتمبر سنة 1957، وللمدعي في 7 منه، وعين لنظر جلسة 11 من يناير سنة 1958، وفيها سمعت الدعوى على الوجه المبين بالمحضر، وأرجئ النطق بالحكم لجلسة 24 من يناير سنة 1958، ورخصت في تقديم مذكرات. ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة 12 من أبريل سنة 1958، ثم لجلسة 21 من يونيه سنة 1958، وفيها أعيدت القضية للمرافعة لجلسة 22 من نوفمبر سنة 1958 للسبب المبين بالمحضر، وأرجئ النطق بالحكم لجلسة 31 من يناير سنة 1959، ثم لجلسة 4 من أبريل سنة 1959 للسبب الوارد بالمحضر، ثم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من الأوراق، تتحصل في أن المدعي أقام هذه الدعوى بعريضة أودعها سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 25 من أكتوبر سنة 1954 يطلب فيها القضاء بإلغاء الأمر المبلغ إليه في 13 من سبتمبر سنة 1954 من مفتش عام المصلحة، والقاضي بخصم ثلاثة أيام من مرتبه. وقد أحيلت الدعوى إلى المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية على إثر صدور القانون رقم 165 لسنة 1955 بشأن تنظيم مجلس الدولة. وبجلسة 19 من مارس سنة 1957 قضت المحكمة ببطلان عريضة الدعوى؛ لأنها غير موقع عليها من محام. وأسست قضاءها على أن نص المادة 13 من القانون رقم 9 لسنة 1949 الذي رفعت الدعوى في ظله صريح في وجوب توقيع عريضة الدعوى من محام؛ الأمر الذي لا يتحقق في مجرد ختم العريضة بأكلشيه المحامي؛ إذ أن الختم بالأكلشيه وإن تضمن اسم المحامي إلا أنه لا يعتبر توقيعاً بالمعنى المنصوص عليه في هذا القانون؛ وبهذه المثابة تكون الدعوى باطله.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن البطلان لا يكون واجباً إلا في الأحوال التي ينص فيها القانون على البطلان بلفظ أو بعبارة تقتضيه، أما عند عدم النص فلا وجه للبطلان إلا إذا كان العيب الذي شاب الأجر عيباً جوهرياً وبشرط أن يثبت حصول ضرر عنه، بحيث يكون من شأن هذا العيب عدم تحقق الغرض المقصود منه على الوجه الذي يريده القانون. فإذا تبين أن قانون مجلس الدولة قد خلا من نص يوجب تقرير البطلان في حالة عدم توقيع العريضة بإمضاء المحامي، وكان الثابت أن العريضة صادرة من مكتب المحامي بالفعل وممهورة بأكلشيه يحمل اسمه، ومثل المحامي المدعي في جميع مراحل الدعوى، فإن المصلحة التي تغياها القانون تكون قد تحققت بالفعل؛ ومن ثم كان يتعين قبول الدعوى. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون قد خالف القانون، متعيناً الطعن فيه.
ومن حيث إنه ولئن كانت المادة 20 من القانون رقم 165 لسنة 1955 تقضي بوجوب أن تكون كل عريضة دعوى ترفع إلى مجلس الدولة موقعة من محام مقيد بجدول المحامين المقبولين أمام المجلس، مما مفاده أن هذا الإجراء الجوهري يجب أن يستكمله شكل العريضة وإلا كانت باطلة، إلا أن التوقيع كما يكون بإمضاء الموقع وبخطه فقد يكون بختمه غير المنكور منه. وقد بأن من أقوال محامي ذي الشأن في محضر الجلسة، أنه هو الذي أعد العريضة ووقعها بختمه الذي يوقع به عادة على مثل هذه الأوراق، قد حضر عنه في جميع مراحل الدعوى؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه، إذ أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى على بطلان العريضة للسبب المذكور، قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، فيتعين إلغاؤه.
عن الموضوع:
من حيث إن الدعوى مهيأة للفصل فيها.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أن المدعي جوزي بخصم ثلاثة أيام من راتبه "لإدانته في مادة وقوف القطار رقم 87 يوم 15 من نوفمبر سنة 1953 مدة خمس عشر دقيقة بالقرب من سيمافور القيام النازل بمحطة قوص لعدم فدو مؤخر القطار 423 ألف الذي اتضح من التحقيق أنه دفع للخلف لوزن اليوميات عقب مرور قطار 459". وقد نعى المدعي على هذا الجزاء أنه ينطوي على إساءة ظاهرة لاستعمال السلطة؛ لأنه غير مسئول عما نسب إليه وأدين فيه. وفي مذكرته الأخيرة المقدمة لهذه المحكمة نعى على قرار الجزاء أن الذي أوقعه شخص غير مختص بإصداره وهو مفتش عام الحركة، في حين أنه كان يجب صدوره من مدير عام المصلحة؛ الأمر الذي يعيب القرار ويبطله ويبطل جميع الآثار المترتبة عليه. وقد ردت الحكومة على ذلك بأن المصلحة وقعت هذا الجزاء على المدعي؛ لأنه ثبت من التحقيقات التي أجريت في شأن هذا الحادث مسئوليته عنه لمخالفته التعليمات المنصوص عليها في اللائحة العمومية.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المدعي جوزي بخصم ثلاثة أيام من راتبه نظراً لما نسب إليه من إهمال، وذلك على أثر التحقيق الأصلي والتحقيق الانضمامي الذي أجرته المصلحة. وقد أوقع الجزاء السيد وكيل المدير العام للمصلحة في 26 من يوليه سنة 1954 بناء على اقتراح مفتش عام الحركة والبضائع ومفتش عام هندسة السكة والأشغال. وقد أعلن المدعي بهذا الجزاء في 13 من سبتمبر سنة 1954.
ومن حيث إن المادة 2 من القانون رقم 104 لسنة 1949 باختصاصات مجلس إدارة السكك الحديدية تنص على أن "يقوم المدير العام تحت إشراف وزير المواصلات بإدارة السكك الحديدية والتلغرفات والتليفونات وتصريف شئونها الاعتيادية وذلك مع مراعاة أحكام هذا القانون، وله على الأخص أن يبت ضمن حدود القوانين واللوائح في المسائل الآتية وهى: ( أ )... (ج) جميع المسائل الأخرى كالعلاوات القانونية والإجازات والعقوبات وغيرها".
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن توقيع الجزاءات على موظفي المصلحة كان منوطاً بمدير عام المصلحة طبقاً لأحكام هذا القانون، وهذا الاختصاص معقود له دون سواه يباشره بنفسه، ولا يحل وكيل المدير العام محله فيه إلا إذا كان هناك مانع يحول دون مباشرته له.
ومن حيث إن الواضح من كتاب مصلحة السكك الحديدية لهيئة مفوضي الدولة في 5 من مايو سنة 1958 رقم 28/ 7/ 165 أن مدير عام المصلحة لم يكن في إجازة في يوم 26 من يوليه سنة 1954، وهو اليوم الذي وقع فيه الجزاء على المدعي، كما لم يثبت أن مانعاً ما قد حال دون قيام المدير العام بمباشرة هذا الاختصاص حتى يمكن أن يحل وكيله محله في مباشرته؛ ومن ثم فإن القرار المطعون فيه - إذ صدر من غير مختص بإصداره - يكون مخالفاً للقانون متعيناً إلغاؤه. إلا أنه يجب التنبيه إلى أنه مهما يكن من أمر في موضوع التهمة ذاتها وفي شأن ثبوتها أو عدم ثبوتها وفي نوع العقوبة التي يحق توقيعها، فإن القرار المشار إليه قد شابه عيب ينبني عليه بطلانه بسبب عدم اختصاص وكيل المدير العام كما سلف إيضاحه، فيتعين، والحالة هذه، إعادة عرض الموضوع على الرئيس المختص قانوناً لتقرير ما يراه في شأن ما هو منسوب للمدعي من حيث ثبوته أو عدم ثبوته، والجزاء الذي يوقع عليه في حالة ما إذا رأى إدانته فيما هو منسوب إليه ليصدر قراره في هذا الشأن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبصحة عريضة الدعوى، وبإلغاء القرار المطعون فيه، وألزمت الهيئة العامة للسكك الحديدية بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق