جلسة 30 من مايو سنة 1959
برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني ومحيي الدين حسن والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.
----------------
(116)
القضية رقم 87 لسنة 4 القضائية
متطوع
منح المتطوعين العسكريين الذين يعينون في وظائف مدينة الماهيات التي حصلوا عليها أثناء تطوعهم في أسلحة الجيش المختلفة - قرار مجلس الوزراء الصادر في 29/ 7/ 1951 في هذا الشأن - شروط تطبيقه - سريان القرار على من عين من المتطوعين في درجات كادر العمال.
إجراءات الطعن
في 9 من يناير سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتارية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 87 لسنة 4 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") بجلسة 11 من نوفمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 2349 لسنة 2 ق المقامة من وزارة المواصلات ضد عبد الخالق علي أبو موسى، والذي قضى: "بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، ورفض الدعوى، وإلزام المستأنف ضده بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء حكم محكمة القضاء الإداري، وبتأييد الحكم المستأنف، مع إلزام الحكومة بالمصروفات.". وقد أعلن هذا الطعن إلى الحكومة في 13 من يناير سنة 1958 وإلى المطعون لصالحه في 19 منه، وعين لنظر أمام دائرة فحص الطعون جلسة 25 من أبريل سنة 1959، ومنها أحيل إلى المحكمة العليا بجلسة 9 من مايو سنة 1959؛ إذ سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقدم المطعون لصالحه في جلسة المرافعة بعض الأوراق، ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون لصالحه كان قد تقدم في 11 من نوفمبر سنة 1953 إلى اللجنة القضائية لوزارة المواصلات بتظلم جاء فيه أنه حاصل على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية سنة 1938، والتحق بخدمة مصلحة السكة الحديد في 5 من يوليه سنة 1948 بأجر يومي قدره 160 م، وكان قبل ذلك متطوعاً في الجيش برتبة وكيل أمين (كاتب متطوع) في المدة من 13 من مارس سنة 1941 حتى 11 من أبريل سنة 1947، فكان يتعين على المصلحة منحه أجرة قدرها 200 م يومياً من تاريخ التحاقه بخدمتها، وهو الأجر المقرر لمؤهله الدراسي، فضلاً عن أحقيته في منحه الماهية التي كانت يتقاضاها أثناء خدمته بالجيش قبل التحاقه بوظيفة مدينة، طبقاً للقواعد الصادرة في شأن المتطوعين العسكريين، كما أنه يستحق ضم مدة خدمته بالجيش إلى مدة خدمته بالمصلحة. ودفعت المصلحة هذا التظلم بأن المتظلم حاصل على شهادة الابتدائية سنة 1938، والتحق بخدمتها في 5 من يوليه سنة 1948 بوظيفة كاتب أجرية ظهورات بأجر يومي قدره 160 م في الدرجة (160/ 240 م) المخصصة لهذه الوظيفة في كادر العمال، ولا يجوز منح العامل، طبقاً لأحكام الكادر المذكور، أجراً يزيد على أول مربوط الدرجة التي حددت له فيه، فضلاً عن أن قواعد الإنصاف جاءت مقصورة الأثر على المعينين قبل 9 من ديسمبر سنة 1944. أما عن طلب منحه الماهية التي كان يتقاضاها بالجيش فإنها ما زالت بسبيل حصر المتطوعين الذين التحقوا بوظائف مدينة تمهيداً لتنفيذ القواعد الصادر في شأنهم، كما أنه لا يستفيد من قرار مجلس الوزراء الصادر في 20 من أغسطس سنة 1950 بشأن ضم مدد خدمة المتطوعين في الجيش؛ لأنه معين على غير الدرجة المقررة لمؤهله الدراسي، وطلبت المصلحة رفض تظلم المدعي. وبالتطبيق لأحكام القانون رقم 147 لسنة 1954 بشان المحاكم الإدارية أحيل التظلم بحالته إلى المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات، فقضت بجلسة 19 من فبراير سنة 1955 "بأحقية المدعي في الأجر الذي كان يتقاضاه في الجيش، قبل تعيينه بخدمة مصلحة السكة الحديد، وما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية من تاريخ التحاقه بخدمتها، ورفض طلب ضم مدة الخدمة بالجيش إلى مدة خدمته بالمصلحة، وعدم قبول طلب تطبيق قانون المعادلات الدراسية على حالته لعدم اتباعه الإجراءات المنصوص عليها في قانون إنشاء المحاكم الإدارية". واستندت المحكمة في القضاء له بأحقيته في الأجر الذي كان يتقاضاه في الجيش قبل تعيينه بالمصلحة إلى قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من يوليه سنة 1951. وبعريضة مودعة سكرتارية محكمة القضاء الإداري في 25 من يونيه سنة 1955 أقامت وزارة المواصلات الدعوى رقم 2349 لسنة 2 ق طالبة الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء حكم المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات في الدعوى رقم 832 لسنة 2 ق، ورفض دعوى المستأنف ضده، مع إلزامه بالمصروفات ومقابل الأتعاب. وقالت شرحاً لاستئنافها إنه في 19 من فبراير سنة 1955 أصدرت المحكمة الإدارية حكمها المطعون فيه، والذي أعلن للوزارة في 26 من أبريل سنة 1955، وأن المستأنف عليه حاصل على الشهادة الابتدائية عام 1938، وعين بخدمة مصلحة السكة الحديد في 5 من يوليه سنة 1948 بوظيفة كاتب أجرية ظهورات بأجر يومي قدره 160 م في الدرجة (160/ 240 م) المخصصة لهذه الوظيفة في كادر العمال، ولا يجوز منح العامل طبقاً لأحكامه أجراً يزيد على أول مربوط الدرجة التي حددت له فيه؛ ومن أجل ذلك تطلب وزارة المواصلات الحكم بإلغاء الحكم المستأنف الصادر من المحكمة الإدارية. وبجلسة 11 من نوفمبر سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") "بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف، ورفض الدعوى، وإلزام المستأنف ضده بالمصروفات". وأسست قضاءها على أن الحكم المستأنف صدر في 19 من فبراير سنة 1955، وأبلغ إلى الوزارة المستأنفة في 26 من أبريل سنة 1955، فأقامت الدعوى في 25 من يوليه سنة 1955؛ فيكون الاستئناف قد استوفى أوضاعه الشكلية. ولما كانت المطلوبات الختامية للمستأنف عليه أمام المحكمة الإدارية هي أحقيته لتسوية حالته على أساس منحه 200 م يومياً منذ بدء التحاقه بخدمة مصلحة السكة الحديد استناداً إلى القواعد الصادرة في شأن المتطوعين مع ضم مدة خدمته بالجيش إلى مدة خدمته في المصلحة وتقرير أحقيته في اعتباره في الدرجة التاسعة من تاريخ تعينه طبقاً لقانون المعادلات الدراسية، وهذه الطلبات غير مقدرة القيمة؛ ومن ثم يكون الحكم الصادر فيها قابلاً للاستئناف. وفي الموضوع؛ قالت محكمة القضاء الإداري إنه لا ينتفع من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من يوليه سنة 1951 إلا المتطوعون في أسلحة الجيش المختلفة الذين طبقت في شأنهم قواعد الإنصاف أثناء خدمتهم العسكرية، والذين نقلوا إلى وظائف مدينة في سلك الدرجات دون اليومية، وفي وظائف تتفق ومؤهلاتهم الدراسية بشرط ألا تقل مدة خدمتهم السابقة في التطوع عن خمس سنوات. والمستأنف ضده عاد إلى خدمة مصلحة السكك الحديدية في 5 من يوليه سنة 1948 بوظيفة كاتب أجرية بأجر يومي قدره 160 م بالدرجة (160/ 240 م) المخصصة لوظيفة كاتب أجرية بقواعد كادر العمال؛ وذلك بعد أن أنهى مدة خدمته في الجيش لعدم رغبته في تجديد تطوعه. وخلصت المحكمة من ذلك إلى أن المستأنف ضده فقد أحد شروط الانتفاع بقرار مجلس الوزراء آنف الذكر، ولما كان حكم المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات، إذ قضى بسريان قرار مجلس الوزراء المذكور على المستأنف ضده، فإنه يكون قد خالف القانون خليقاً بالإلغاء. وفي 9 من يناير سنة 1958 طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في حكم محكمة القضاء الإداري الصادر من الهيئة الرابعة "ب" بجلسة 11 من نوفمبر سنة 1957 وطلب الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء حكم محكمة القضاء الإداري، وتأييد الحكم المستأنف، مع إلزام الحكومة بالمصروفات، استناداً إلى أن المطعون لصالحه هو ممن تتوافر فيهم شروط قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من يوليه سنة 1951.
ومن حيث إن مجلس الوزراء قد وافق بجلسته المنعقدة في 29 من يوليه سنة 1951 على رأي وزارة المالية الذي أفصحت عنه في مذكرة لجنتها المالية، وجاء فيها "أوضحت وزارة الحربية والبحرية بكتابها المؤرخ 12 من مارس سنة 1951 أن بعض مستخدميها المؤهلين الذين كانوا قد تطوعوا في أسلحة الجيش وطبقت عليهم قواعد إنصاف المجندين الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 23 من مايو سنة 1948، ولما انتهت مدة تطوعهم عينوا في وظائف مدينة تناسب مؤهلاتهم الدراسية. وأضافت الوزارة المذكورة أن أحد هؤلاء المستخدمين، وهو حضرة أبو سمرة حسنين منصور أفندي، كان يشغل وظيفة "صول تعيين" درجة أولى بمرتب قدره 800 م و8 ج، ولما عين بإحدى وظائف الدرجة الثامنة الفنية (أمين مخزن) بالخبرة الفنية، منح أول مربوط الدرجة الثامنة وقدره ستة جنيهات شهرياً طبقاً لأحكام كادر سنة 1939، إلا أنه رفع دعوى ضد الوزارة بسبب إنقاص ماهيته من 800 م و8 ج إلى ستة جنيهات، فحصل على حكم لصالحه من مجلس الدولة بجلسة 29 من ديسمبر سنة 1949 باستحقاقه للماهية التي كان يتقاضاها وهو برتبة صول بالجيش ابتداء من تاريخ نقله إلى الدرجة الثامنة الفنية، وتستطيع وزارة الحربية والبحرية الرأي على ضوء هذا الحكم عن الماهية التي تمنح للعسكريين الذين يعينون في وظائف مدينة: أهي الماهية التي حصلوا عليها في الوظائف العسكرية بمقتضى قرار مجلس الوزراء الصادر في 23 من مايو سنة 1948 الخاص بإنصاف المجندين أم الماهيات المقررة لمؤهلاتهم الدراسية؟ وترى وزارة المالية أنه لما كان تعيين هذا المستخدم في وظائف المدينة يتفق ومؤهلاته الدراسية لأداء أعمال فنية فلا ترى مانع من الأخذ بالمبدأ الذي قضت به محكمة القضاء الإداري، وهو منح المتطوعين العسكريين عند تعيينهم في الوظائف المدينة الماهيات التي حصلوا عليها أثناء تطوعهم في أسلحة الجيش المختلفة، ما دام لهم مدة خدمة سابقة لا تقل عن خمس سنوات. وقد بحثت اللجنة المالية هذا الموضوع ورأت رفع الأمر إلى مجلس الوزراء ليقرر فيه ما يراه". (مذكرة اللجنة المالية رقم 1/ 1280 حربية في 18 من يوليه سنة 1951) وفي مجال تطبيق قرار مجلس الوزراء هذا على بعض المستخدمين بوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية أرسل ديوان الموظفين في 20 من أبريل سنة 1953 إلى مدير عام الإيرادات والمصروفات بالمصلحة المذكورة الكتاب رقم 88/ 2/ 100، وجاء فيه "إيماءً إلى الكتاب رقم 36/ 10/ 196 في 18 من مايو سنة 1952 في شأن استفسارات مصلحة السكة الحديد عن الماهيات التي تمنح للمستخدمين الذين تطوعوا في أسلحة الجيش المختلفة عند تعيينهم في وظائف مدينة تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من يوليه سنة 1951 في هذا الشأن، نفيد أن هذا القرار قضى بمنح المتطوعين العسكريين عند تعيينهم في الوظائف المدينة الماهيات التي حصلوا عليها أثناء تطوعهم في أسلحة الجيش المختلفة، ما دام لهم مدة خدمة سابقة لا تقل عن خمس سنوات، وبشرط أن يكون تعيينهم في وظائف مدينة تتفق مع مؤهلاتهم الدراسية؛ لذلك يرى ديوان الموظفين بالاتفاق مع مجلس الدولة (إدارة الرأي لوزارة المالية والاقتصاد) أنه تطبيقاً لهذا القرار يمنح المتطوعون العسكريون الماهيات التي حصلوا عليها أثناء تطوعهم بأسلحة الجيش المختلفة عند نقلهم إلى الوظائف المدينة، على أن يكون هذا المنح من تاريخ نقلهم إلى هذه الوظائف، وأن هذه القاعدة تطبق على جميع المتطوعين العسكريين من أصحاب المؤهلات الدراسية، وسواء أكان تعيينهم في هذه الوظائف على درجات أو باليومية، لا يطبق هذا الرأي إلا على من تم نقله للوظائف المدينة قبل العمل بقانون نظام موظفي الدولة رقم 210 لسنة 1951".
ومن حيث إنه يبين من مذكرة اللجنة المالية المرفوعة إلى مجلس الوزراء لإقرارها بجلسة 29 من يوليه سنة 1951 أن مجلس الوزراء قد حرص على وضع قاعدة تنظيمية عامة أساسها الأصل القانوني العام الذي أرسى قواعده القضاء الإداري في حكمه الذي أشارت إليه مذكرة اللجنة المالية، والذي كان باعثاً على استصدار قرار مجلس الوزراء المذكور، وهو عدم جواز خفض ماهية موظف أو مستخدم لمناسبة تعيينه في وظيفة بالسلك المدني، استناداً إلى أنه نقل إليها من السلك العسكري، طالما أن ماهيته في السلك المدني لم تتجاوز ربط الدرجة المقررة لوظيفته، ولا محل لما اتجهت إليه محكمة القضاء الإداري في حكمها المطعون فيه من قصر حكم قرار مجلس الوزراء المذكور على من يتقاضون مرتبات شهرية أو عينوا على غير درجات كادر العمال، لا محل لذلك مع عموم عبارة قرار مجلس الوزراء وشمول مراميه، فالعبرة في توافر شروط القرار المذكور بأن يكون الموظف أو المستخدم من المتطوعين العسكريين الذين لهم مدة خدمة لا تقل عن خمس سنوات وعينوا في وظائف مدينة مع مؤهلاتهم. وغنى عن البيان، في خصومة هذه الدعوى، أن وظيفة كاتب أجرية هي من الوظائف التي تتفق مع مؤهل المطعون لصالحه، باعتباره حاصلاً على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية عام 1938، وخدم متطوعاً بالجيش في وظيفة وكيل أمين (كاتب متطوع) في المدة من 13 من مارس سنة 1941 حتى 11 من أبريل سنة 1947، وانتهت مدة خدمته لعدم رغبته في تجديد تطوعه، وكانت آخر ماهية يتقاضاها خمسة جنيهات مصرية خلاف بدل التعيين وإعانة غلاء المعيشة، ثم التحق بخدمة مصلحة السكة الحديد في 5 من يوليه سنة 1948 بوظيفة كاتب أجرية، كما هو ثابت من ملف خدمته. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب يكون قد خالف القانون، متعيناً إلغاؤه، والقضاء بأحقية المدعي الإفادة من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من يوليه سنة 1951، وبتسوية حالته على مقتضى أحكامه، ويكون طلب منحه الأجر الذي كان يتقاضاه في خدمة الجيش قبل تعيينه في مصلحة السكك الحديدية قائماً على أساس سليم من القانون، متعيناً إجابته إليه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباستحقاق المدعي تسوية حالته على مقتضى الأجر الذي كان يتقاضاه في الجيش قبل تعيينه في خدمة مصلحة السكك الحديدية، وما يترتب على ذلك من أثار وفروق مالية، ألزمت الحكومة بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق