جلسة 4 من ديسمبر سنة 1993
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة: رأفت محمد يوسف، وأبو بكر محمد رضوان، ومحمد أبو الوفا عبد المتعال، وغبريال جاد عبد الملاك - نواب رئيس مجلس الدولة.
---------------
(30)
الطعن رقم 3290 لسنة 34 القضائية
دعوى - الحكم الصادر فيها على خلاف حكم سابق - سلطة المحكمة الإدارية العليا في مرحلة الطعن.
إذا صدر حكم على خلاف حكم سابق وكان الحكم السابق مطعوناً فيه أمام المحكمة الإدارية العليا فإن هذه المحكمة لا تتقيد بالحكم اللاحق عند نظرها الطعن في الحكم الأول حتى لو كان الحكم اللاحق نهائياً - لا يجوز التحدي بحجية الحكم الثاني - أساس ذلك: أن المحكمة الإدارية العليا هي أعلى درجات التقاضي في النظام القضائي الإداري والقول بغير ذلك يغل يدها في أعمال سلطة التعقيب على النزاع وهو مطروح عليها - هذه السلطة تتناول الموضوع برمته - من شأن التقيد بالحكم الثاني أن يعلو الحكم اللاحق على ما فيه من مخالفة للقانون على حكم المحكمة الإدارية العليا الأمر الذي يتجافى مع طبائع الأشياء ويخل بنظام التدرج في أصله وغايته - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 29/ 8/ 1988 أودع الأستاذ/ .......... المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل في حكم المحكمة التأديبية بالمنصورة الصادر في الدعوى رقم 664 لسنة 14 ق بجلسة 22/ 5/ 1988 والقاضي بمعاقبة/ .........
(الطاعن) بغرامة تعادل مثلي الأجر الأساسي الذي كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
وأرفق الطاعن بتقرير الطعن حافظة مستندات.
وبتاريخ 4/ 9/ 1988 تم إعلان تقرير الطعن إلى النيابة الإدارية في مقرها.
وقد أعدت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وببراءة الطاعن مما نسب إليه.
وتم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة حيث أودع الطاعن أمامها بجلسة 28/ 7/ 1993 حافظة مستندات ومذكرة أشار فيها إلى صدور حكم لصالحه من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (الدائرة الاستئنافية) بإلغاء قرار إنهاء خدمته للانقطاع.
وبجلسة 11/ 8/ 1993 قدمت النيابة الإدارية مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً بعدم قبول الطعن شكلاً واحتياطياً برفض الطعن.
وبجلسة 26/ 9/ 1993 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره جلسة 6/ 11/ 1993 وبالجلسة الأخيرة تم نظره أمام المحكمة وفيها تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 22/ 5/ 1988 وأن الطاعن تقدم عنه بطلب المعافاة من الرسوم القضائية رقم 229 لسنة 34 ق عليا بتاريخ 19/ 7/ 1988 أي خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه وبالتالي ينقطع ميعاد الطعن فيه، وإذ كان الثابت أن الطعن الماثل أقيم بتاريخ 29/ 8/ 1988 أي خلال ستين يوماً من تاريخ تقديم طلب المعافاة سالفة الذكر فإنه أياً ما كان الأمر بالنسبة لما تم في طلب المعافاة يعتبر الطعن مقاماً خلال المواعيد القانونية وقد استوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل في أنه بتاريخ 19/ 4/ 1986 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة تقرير اتهام ضد:.......... مقيم شعائر بمديرية أوقاف شمال سيناء "درجة خامسة" لأنه أتى ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن حصل على مبلغ 443.645 جنيهاً بدون وجه حق قيمة راتبه عن الفترة من فبراير - سبتمبر سنة 1983 حال كونه منقطعاً عن العمل خلال تلك المدة.
وطلبت النيابة محاكمة المذكور عما نسب إليه.
وبتاريخ 22/ 5/ 1988 أصدرت المحكمة التأديبية بالمنصورة حكمها المطعون فيه بمنطوقه سالف الذكر مقيماً قضاءه على أساس أن الثابت من الأوراق وتحقيقات النيابة الإدارية أن المحال (الطاعن) قد انقطع عن العمل اعتباراً من 25/ 12/ 1982 واستمر في انقطاعه إلى أن صدر بتاريخ 23/ 6/ 1984 قرار بإنهاء خدمته بسبب هذا الانقطاع إلا أنه كان يصرف راتبه عن فبراير ومارس وإبريل ومايو ويونيه ويوليو وأغسطس وسبتمبر سنة 1983 على الرغم من أن الأوراق قد خلت مما يفيد أنه كان بالعمل في هذه الفترة بل أنه لم يستطع أن يقدم ما يثبت ذلك رغم استدعاء النيابة الإدارية ولم يحضر إليها لإبداء دفاعه كما حضر أمام المحكمة أكثر من مرة ولم يستطع أن يثبت ذلك بل أنه طلب دفتر الحضور والانصراف عن الفترة من فبراير سنة 1983 حتى سبتمبر سنة 1983 ولما ورد هذا الدفتر حمل معه دليل إدانته إذ خلت صفحاته من توقيعه من 18/ 6/ 1983 حتى 30/ 9/ 1983 ورغم أن الفترة من فبراير حتى 17/ 6/ 1983 لم تفصح بالأوراق، إلا أنه لم يقدم المحال ما يبرر انقطاعه في هذا الفترة وحصوله على مرتبه عنها ولم يثبت أنه كان بالعمل فيها بأي وسيلة أخرى وأن المستقر عليه أن الأجر مقابل العمل فمن ثم يكون ما صرف خلال فترة الانقطاع قد تم بغير حق مخالفة تأديبية تستوجب مجازاته عنها.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وتأويله وعدم استخلاص النتيجة التي انتهت إليها من أصول ثابتة بالأوراق إذ أن الثابت من الأوراق أن:
1 - بتاريخ 26/ 12/ 1982 دعي الطاعن لحضور حفل مدرسة الشيخ زويد الابتدائية.
2 - بتاريخ 25/ 12/ 1982 كلف الطاعن من الوحدة المحلية لمركز ومدينة الشيخ زويد بعمل خط سير لجميع المساجد والمرور عليها دورياً نظراً لشدة حاجتها إلى التوعية.
3 - إقرار من مفتش المساجد ومدير مديرية الأوقاف بشمال سيناء بتاريخ 30/ 12/ 1982 بأن الطاعن منذ عمله بالمديرية من أول يناير سنة 1980 وحتى 30/ 12/ 1982 يقوم بأداء خطبة الجمعة على الوجه الأكمل ولم يصرف مقابل لها وطلبت المديرية من مدير عام المساجد الموافقة على صرف مقابل للخطبة والتصريح له بالاستمرار حيث أن المديرية في حاجة ماسة إلى ذلك.
4 - الطلب المقدم من الطاعن بتاريخ 30/ 12/ 1982 بخصوص الموافقة على صرف مراجع دينية من مجمع البحوث الإسلامية.
5 - كتاب مديرية أوقاف شمال سيناء المؤرخ في 14/ 5/ 1983 إلى الطاعن بتكليفه للتوجه لمقابلة رئيس مجلس مدينة الشيخ زويد.
6 - كتاب المجموعة الصحية بالفصلوجي بتاريخ 28/ 5/ 1983 إلى مديرية أوقاف شمال سيناء رداً على كتابها بتوقيع الكشف الطبي على الطاعن بمنحه راحة لمدة أسبوع اعتباراً من 19/ 5/ 1983 وبإعادة الكشف الطبي عليه يوم 25/ 5/ 1983 تبين أنه لا يزال يعاني من المرض ومنح أسبوعاً آخر راحة.
7 - كتاب رئيس الإدارة المركزية لأمانة خدمة المواطنين واتجاهات الرأي العام المؤرخ في 28/ 4/ 1984 رداً على شكوى الطاعن قرر أن مديرية الأوقاف بشمال سيناء أفادت بأن قرار إبعاد الطاعن من سيناء تم بناء على قرار المحافظ.
8 - محضر التحقيق في شكوى الطاعن ضد/ ............ مفتش المساجد بشمال سيناء وبتاريخ 29/ 12/ 1983 الذي أقر فيه المشكو في حقه أن الطاعن يعمل معه مقيم شعائر بمسجد شرطة الشيخ زويد ولوجود خلافات بينهما بسبب غياب الشاكي عن عمله من 25/ 12/ 1983 حرر مذكرات بغياب الطاعن.
9 - أقوال عامل المسجد في المحضر الإداري رقم 547 لسنة 1984 بتاريخ 14/ 3/ 1984 بأن الطاعن كان يحضر وأن ذلك ثابت من دفتر الحضور والانصراف وإن المشكو في حقه طلب من الشاهد الإقرار بعدم حضوره ولكن الطاعن كان يذهب إلى المساجد المجاورة بتكليف من رئيس مجلس مدينة الشيخ زويد ومديرية أوقاف سيناء وإن المشكو في حقه استخدم دفتر آخر غير المعد للحضور والذي يثبت حضور الطاعن وعدم انقطاعه.
وأورى الطاعن أنه مما تقدم أن ما قام عليه الحكم المطعون فيه من انقطاع الطاعن عن عمله غير صحيح ولا حجة فيما ورد بالحكم المطعون فيه أن دفتر الحضور والانصراف ورد يحمل الدليل على انقطاع الطاعن لعدم توقيعه به من 18/ 6/ 1983 وذلك لأن الدفتر الذي قدم هو دفتر مصطنع وليس الدفتر الصحيح حسبما أقر بذلك عامل المسجد وأن الدفتر الصحيح هو الذي قدم الطاعن صورته بحافظة مستندات والذي يثبت فيه توقيعه وعدم انقطاعه.
ومن حيث إن المستقر عليه أن المحكمة التأديبية إنما تستخدم الدليل الذي تقيم عليه قضاءها عن الوقائع التي تطمئن إليها دون معقب عليها في هذا الشأن ما دام هذا الامتناع قائماً على أصول موجودة وغير منتزعة من أصول لا تنتجها ومن ثم فإنه متى ثبت أن المحكمة التأديبية قد استخلصت النتيجة التي انتهت إليها استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانونياً وكيفتها تكييفاً سليماً وكانت هذه النتيجة تبرر اقتناعها الذي بنت عليه قضاءها فإنه لا يكون هناك محل للتعقيب عليها ذلك أن لها الحرية في تكوين عقيدتها من أي عنصر من عناصر الدعوى.
ومن حيث إن الثابت أن المحكمة التأديبية المطعون في حكمها قد استندت للقول بثبوت انقطاع الطاعن عن العمل وصرف مرتبه خلال فترة الانقطاع الذي يعد ولا شك مخالفة تأديبية ليس فقط على ما ورد بتحقيق النيابة الإدارية وأقوال الشهود وصور المذكرات المقدمة عن انقطاع الطاعن بل على ما ورد بدفتر الحضور والانصراف الذي تبين منه عدم توقيع الطاعن عليه في الفترة من 18/ 6/ 83 حتى 30/ 9/ 1983 وعدم استطاعة الطاعن تقديم أي دليل ينفي ذلك الانقطاع ولما كان دفتر الحضور والانصراف هو الورقة الرسمية المعدة لإثبات حضور العاملين وانصرافهم فمن ثم فإن ما ورد به يعتبر حجة ودليلاً كافياً لثبوت انقطاع الطاعن عن الفترة التي لم يوقع خلالها على ذلك الدفتر ومن ثم تكون المحكمة التأديبية قد استخلصت النتيجة استخلاصاً سائغاً من أصول مادية تنتجها قانوناً، وكيفتها تكييفاً صحيحاً بما يجعل ما انتهت إليه من إدانة الطاعن عن صرف مرتبه خلال فترة الانقطاع متفقة وصحيح الواقع وحكم القانون.
ومن حيث إنه لا ينال مما تقدم ما يتمسك به الطاعن من قول بأن الدفتر الذي قدم إلى المحكمة ليس هو الدفتر الصحيح وإنما يوجد دفتر آخر قدم صورته واستند في ذلك إلى أقوال وردت من شاهد في محضر إداري ذلك لأنه كما سبق القول بأن دفتر الحضور والانصراف هو ورقة رسمية فإنه لا يمكن القول بعكسها إلا بالطعن فيها بالتزوير وإذ كان الثابت أن الطاعن لم يسلك هذا الطريق بالنسبة لدفتر الحضور والانصراف المقدم أمام المحكمة التأديبية فمن ثم فإنه لا يقبل منه الدفتر المقدم أمام المحكمة لأنه الدفتر الصحيح أما الصورة المقدمة منه للدفتر المزعوم فليس لها حجية طالما لا يوجد أصلها بل أنها تتعارض مع الدفتر الرسمي المقدم أمام المحكمة التأديبية وبالتالي يغدو ما يتمسك به الطاعن في هذا الشأن غير متفق وحكم القانون مستوجباً طرحه.
ومن حيث إنه عما يتمسك به الطاعن في البنود الأربعة الأول من طعنه المتعلقة بالقول بدعوته لحضور حفل مدرسة يوم 26/ 12/ 82، وتكليفه بعمل خط سير يوم 25/ 12/ 1982 وإقرار مفتش المساجد بتاريخ 30/ 12/ 1982 بأداء الطاعن عمله على الوجه الأكمل فإن كل هذه الأمور عن فترات سابقة على المدة المنسوب فيها للطاعن صرف مرتبه عن الانقطاع خلالها (من فبراير حتى سبتمبر سنة 1983) ومن ثم فلا تعد دليلاً لينفي الاتهام الموجه للطاعن وبالمثل أيضاً فإن ما ورد بالبند (7) من تقرير الطعن المتعلق بالقول بورود كتاب رئيس الإدارة المركزية لأمانة خدمة المواطنين واتجاهات الرأي العام المؤرخ في 28/ 4/ 1984 بالإفادة بأن قرار إبعاد الطاعن عن سيناء تم بناء على قرار المحافظ وهذا الخطاب حسب تاريخه المذكور هو عن فترة لاحقة على الفترة المقدم للمحاكمة عنها سالفة الذكر، بما لا يعتبر دليلاً يفيد عدم الانقطاع عن فترة الاتهام السابقة عليه وبالتالي يكون ما يتمسك به الطاعن في هذا الشأن غير ذي تأثير على صحة النتيجة التي انتهت إليها المحكمة التأديبية ومن ثم يستوجب طرحه.
ومن حيث إنه عما ورد بالبند (5) من تقرير الطعن من ورود كتاب مديرية أوقاف شمال سيناء المؤرخ في 28/ 5/ 1983 بتكليف الطاعن بمقابلة رئيس مجلس مدينة الشيخ زويد فإن هذا الخطاب لا يفيد في نفي الاتهام الموجه للطاعن بما يستوجب حق طرحه ما يتمسك به الطاعن في هذا المقام.
ومن حيث إنه عما ورد بالبند (8) من تقرير الطعن من أن المشكو في حقه/ ......... مفتش المساجد أقر بمحضر التحقيق بتاريخ 29/ 12/ 1983 بتحريره مذكرة بانقطاع الطاعن عن عمله من 25/ 12/ 1983 فإن هذا القول ليس من شأنه أن يقيم دليلاً على وجود الطاعن في الفترة المحددة به وهي انقطاع الطاعن من 25/ 12/ 1983 أما الفترة السابقة موضوع الاتهام فمتروك أمرها لما تثبته الأوراق الرسمية ولا سيما دفتر الحضور والانصراف، ومن ثم يتعين طرح ما يتمسك به الطاعن في هذا الشأن.
وأخيراً فإن ما يتمسك به الطاعن في البند (6) من تقرير الطعن من حصوله على إجازة مرضية لمدة أسبوع اعتباراً من 19/ 5/ 1983 وأسبوع آخر من 25/ 5/ 1983 وذلك للتدليل على أنه كان بالخدمة ولم ينقطع بدون مبرر، فإنه بفرض صحة هذا القول فإن ما أثبته دفتر الحضور والانصراف من عدم توقيع الطاعن خلال الفترة اللاحقة على التاريخ المذكور وهي الفترة من 18/ 6/ 83 حتى سبتمبر سنة 1983 وما يعينه هذا من انقطاع الطاعن خلال تلك الفترة، فإن الانقطاع عن هذه الفترة الأخيرة وحده (من 18/ 6/ 83 حتى سبتمبر سنة 1983) وصرف الطاعن مرتبه عنها، يعد في حد ذاته مخالفة تأديبية ثابتة تستوجب مجازاة الطاعن عنها.
ومن حيث إنه لا يفيد مما تقدم صدور حكم من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة (الدائرة الثانية) بهيئة استئنافية في الطعن رقم 103 لسنة 10 ق. س بجلسة 25/ 8/ 1990 بإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمة الطاعن رقم 5 لسنة 1984 استناداً إلى جانب عدم سبق الإنذار إلى القول بعدم ثبوت انقطاع الطاعن في الفترة من 25/ 12/ 1982 حتى 27/ 9/ 1983 يكون ذلك الحكم نهائياً لعدم جواز الطعن عليه كما هو ثابت بالأوراق المرفقة بحافظة مستندات الطاعن، لا ينال ما تقدم من صحة الحكم المطعون فيه فيما أثبته من مسئولية الطاعن على النحو المتقدم وذلك لأن المستقر عليه أنه إذا صدر حكم على خلاف حكم سابق وكان هذا الحكم السابق مطعوناً فيه أمام المحكمة الإدارية العليا فإن المحكمة الإدارية العليا لا تتقيد بالحكم اللاحق عند نظرها الطعن في الحكم الأول ولو كان الحكم اللاحق نهائياً ولا يجوز التحدي بحجية الحكم الثاني لأن هذا الحكم صدر قبل الفصل في الطعن المقام عن الحكم الأول ولم تتمهل المحكمة مصدرة الحكم الثاني على أن تقول المحكمة الإدارية العليا كلمتها فيه باعتبارها أعلى درجات التقاضي في النظام القضائي الإداري ولو قيل بغير ذلك لأدى ذلك لأن تغل يد المحكمة الإدارية العليا في إعمال سلطتها في التعقيب على النزاع وهو مطروح عليها تلك السلطة التي تتناول الموضوع برمته ولكانت النتيجة العكسية أن يعلو الحكم اللاحق على ما فيه من مخالفة للقانون أياً كان قضاء هذا الحكم على حكم المحكمة الإدارية العليا الأمر الذي يتجافى مع طبائع الأشياء ويخل بنظام التدرج في أصله وغايته.
يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1271 لسنة 2 ق بجلسة 20/ 11/ 1957 منشور بمجموعة العشر سنوات الجزء من أ - ط بند 114 ص 552.
وحكمها الصادر في الطعن رقم 418 لسنة 14 ق بجلسة 29/ 3/ 1972.
منشور بمجموعة الخمسة عشر عاماً الجزء الثاني بند 160 ص 1096).
ومن حيث إنه وقد تبين مما تقدم صحة الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من إدانة الطاعن عن واقعة صرف مرتبه خلال فترة الانقطاع التي ثبتت في حقه من واقع الدفتر الرسمي المعد لإثبات حضور وانصراف العاملين، فمن ثم فإن ما ورد بالحكم الاستئنافي المشار إليه من قول بعدم الانقطاع قول يخالف صحيح الواقع لا يلزم المحكمة الإدارية العليا عند بحثها الطعن الماثل باعتبار أن الحكم الاستئنافي قد أقام قضاءه المشار إليه مستنداً إلى صورة من دفتر الحضور والانصراف وليس على أصل الدفتر الذي استند إليه الحكم التأديبي وإذ كان المستقر أن الصورة ليس لها حجية إلا إذا كانت مطابقة للأصل ولما كان الثابت على النحو المتقدم أن الدفتر الأصلي قد خلا من توقيع الطاعن بما يعني انقطاعه فمن ثم تكون الصورة التي تثبت عكس ذلك تختلف عن الأصل ولا يجوز لذلك التعويل عليها، ولا يكون للحكم الاستئنافي حجية في هذا الخصوص أمام المحكمة الإدارية العليا عند نظرها الطعن الماثل في الحكم التأديبي تمنع من تأييده لصحته فيما انتهى إليه من إدانة الطاعن على النحو المتقدم على الرغم من تعارض أسابه مع أسباب الحكم الاستئنافي.
ومن حيث إنه وإن كان الأمر على ما تقدم إلا أنه وقد صدر الحكم الاستئنافي المشار إليه قاضياً بإلغاء قرار إنهاء خدمة الطاعن وأن هذا الحكم نهائي فيما قضى به بغض النظر عن الأسباب التي قام عليها فإنه يترتب عليه اعتبار الطاعن بالخدمة وكأنه لم تنته خدمته في يوم من الأيام بما لا يجوز معه توقيع أي من العقوبات المقررة بالنسبة لمن ترك الخدمة وإنما يتعين أن تكون العقوبة من بين العقوبات المقررة للعاملين الموجودين بالخدمة، مما يتعين معه تعديل الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من توقيع عقوبة الغرامة على الطاعن لتكون العقوبة الواردة بمنطوق الحكم.
فلهذه الأسباب
قررت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بمجازاة الطاعن بخصم شهر من راتبه وقت صدور الحكم المطعون فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق