جلسة 31 من يناير سنة 1959
برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني ومحي الدين حسن وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.
-------------------
(57)
القضية رقم 67 لسنة 4 قضائية
عمال القنال
- تعيين عامل القنال الحاصل على شهادة الثقافة أو التوجيهية أو ما يعادلهما في الدرجة الثامنة طبقاً للقانون رقم 569 لسنة 1955 ليس حتمياً - إصدار وزير الشئون الاجتماعية والعمل بما له من سلطة تفويضية بموجب القانون قراراً شرط فيه لجواز هذا التعيين أن يكون حصول العامل على المؤهل سابقاً على أول يوليه سنة 1952 ليكون متفقاً مع التسوية التي تتم بالتطبيق للقانون رقم 371 لسنة 1953 - صحيح.
إجراءات الطعن
في أول يناير سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية بجلسة 5 من نوفمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 53 لسنة 4 ق المرفوعة من منصور فرج منصور ضد مصلحة السكك الحديدية, القاضي "بإلغاء القرار رقم 26 الصادر في 11 من يونيه سنة 1956 فما تضمنه من تعيين المدعي في الدرجة التاسعة بدلاً من الدرجة الثامنة, وما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام المدعى عليها بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، ورفض الدعوى موضوعاً, وإلزام رافعها بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للحكومة في 7 من يناير سنة 1958, وللمدعي في 3 من فبراير سنة 1958، وعين لنظره جلسة 20 من ديسمبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من الإيضاحات, ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الأوراق - تتحصل في أنه بصحيفة أودعت سكرتيرية المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية في 10 من نوفمبر سنة 1956 أقام المدعي الدعوى رقم 53 لسنة 4 ق ضد السيد وزير المواصلات والسيد مدير الهيئة العامة لشئون السكك الحديدية, طالباً إلغاء القرار رقم 26 الصادر في 11 من يونيه سنة 1956 بتعيينه في الدرجة التاسعة بدلاً من الدرجة الثامنة لمخالفته للقانون رقم 569 لسنة 1955, وتسوية حالته على أساس مؤهله (الثقافة), وصرف الفروق, وما يترتب على ذلك من آثار. وقال في بيان ذلك إنه التحق بوظيفة كتابية بمصلحة السكك الحديدية اعتباراً من 28 من نوفمبر سنة 1951, ومنذ ذلك التاريخ إلى الآن وهو يعامل وفقاً للقواعد التنظيمية الصادرة في شأن عمال القنال. وقد صدر أخيراً القانون رقم 569 لسنة 1955 بشأن تعيين عمال القنال. وفي 15 من ديسمبر سنة 1955 أصدرت وزارة الشئون الاجتماعية الكتاب الدوري رقم 10, وقد جاء بالبند الرابع منه ما يأتي "يكون تعيين عمال القنال في الدرجة الثامنة والسابعة على الوجه الموضح أعلاه بدون اتباع القواعد المنصوص عليها في المادتين 15 و16 من نظام موظفي الدولة الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951, بشرط أن يكونوا قد حصلوا على مؤهلاتهم الدراسية قبل أول يوليه سنة 1952". وقد حصل المدعي على شهادة الثقافة بعد أول يوليه سنة 1952, وتطبيقاً لهذا الكتاب الدوري رشحته المصلحة لوظيفة من الدرجة التاسعة بالقرار رقم 26 في 11 من يونيه سنة 1956, بدلاً من الدرجة الثامنة التي يجيز مؤهله تعيينه فيها, وذلك بعد أخذ إقرار عليه بقبوله التعيين في الدرجة التاسعة تحت الوعيد والتهديد بالفصل. ولما كان الكتاب الدوري رقم 10 الذي أصدرته وزارة الشئون الاجتماعية والذي استندت إليه المصلحة في تعيين المدعي قد صدر باطلاً من حيث الشكل؛ لصدوره من سلطة أدنى من السلطة التي أصدرت القانون, فضلاً عن أنها لا تملك سلطة تفسير أو تعديل القانون, كما أنه يخالف القانون من حيث الموضوع؛ لأن القانون لم يتعرض لتاريخ الحصول على المؤهل وما إذا كان قبل أو بعد أول يوليه سنة 1952, فقد تظلم المدعي إلى السيد مفوض الدولة في 10 من يوليه سنة 1956, وجاء رده مؤيداً لتظلم المدعي, ولما لم يجب إلى طلبه أقام هذه الدعوى. وقد ردت المصلحة على الدعوى بأن المدعي قد أقر كتابه بقبوله التعيين في الدرجة التاسعة طبقاً للقانون, ولما كانت الفقرة "ب" من المادة الثانية من القانون رقم 569 لسنة 1955 الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1955 تنص على أن لوزير الشئون الاجتماعية والعمل إصدار القرارات اللازمة لتحديد أقدمية عمال القنال فيما بينهم وسائر القرارات الأخرى لتنفيذ هذا القانون, وقد نص في البند الرابع من الكتاب الدوري رقم 10 الصادر في 15 من ديسمبر سنة 1955, الخاص بتنفيذ هذا القانون, على أن يكون تعيين عمال القنال في الدرجة الثامنة بدون اتباع القواعد المنصوص عليها في المادتين 15 و16 من نظام موظفي الدولة الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951, بشرط أن يكونوا قد حصلوا على مؤهلاتهم الدراسية قبل أول يوليه سنة 1952. ولما كان المدعي حصل على مؤهله بعد التاريخ المذكور, فإن وضعه في الدرجة الثامنة يتعارض وأحكام الكتاب الدوري سالف الذكر, على أن المدعي من جهة أخرى تقدم بطلب إلى الإدارة العامة يبدي فيه رغبته في البقاء بها في الدرجة التاسعة بدلاً من القسم الطبي الذي عين به بالقرار المطعون فيه. وخلصت المصلحة من ذلك إلى أن دعوى المدعي لا تستند إلى أساس سليم من القانون. وفي 3 من مارس سنة 1957 صدر قرار المصلحة رقم 25 (تعيينات) بتعيين المدعي وعشرة آخرين من زملائه في الدرجة الثامنة الكتابية اعتباراً من تاريخ صدور القرار. وبجلسة 5 من نوفمبر سنة 1957 حكمت المحكمة "بإلغاء القرار رقم 26 الصادر في 11 من يونيه سنة 1956 فيما تضمنه من تعيين المدعي في الدرجة التاسعة بدلاً من الدرجة الثامنة, وما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت المدعى عليها بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت المحكمة قضاءها على ما ورد بالمادة الثالثة من القانون رقم 569 لسنة 1956 من تعيين من تثبت لياقته طبياً من عمال القنال المؤهلين في الدرجة التي يجيز مؤهله ترشيحه لها, وذلك استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951, وأنه لما كان "المرسوم الصادر بتاريخ 6 من أغسطس سنة 1953 بتعيين المؤهلات العلمية التي يعتمد عليها للتعيين في وظائف الدرجة التاسعة والثامنة والسابعة في الكادرين الفني المتوسط والكتابي قد نص في المادة الخامسة (الفقرة التاسعة) على أن شهادة الثقافة تعتمد لصلاحية أصحابها في التقدم للترشيح لوظائف الدرجة الثامنة بالكادر الفني المتوسط والثامنة الكتابية بالكادر الكتابي", وأنه لما كان "الثابت بالأوراق أن المدعي من عمال القنال الذين يسري عليهم القانون رقم 569 لسنة 1955, وكان وقت تعيينه على درجات بالميزانية بالقرار رقم 26 الصادر في 11 من يونيه سنة 1956 حاصلاً على شهادة الثقافة دفعة سنة 1954, فإنه يستحق أن يعين في الدرجة الثامنة منذ ذلك التاريخ", وأنه "لا يغير من هذا ما نص عليه الكتاب الدوري رقم 10 الصادر في 15 من ديسمبر سنة 1955 من وزارة الشئون الاجتماعية والعمل بشأن تنفيذ القانون رقم 569 لسنة 1955 السالف الذكر في المادة رابعاً... من أنه (يكون تعيين عمال القناة في الدرجتين الثامنة والسابعة على الوجه الموضح أعلاه بدون اتباع القواعد المنصوص عليها في المادتين 15 و16 من نظام موظفي الدولة الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951, بشرط أن يكونوا قد حصلوا على مؤهلاتهم الدراسية قبل أول يوليه سنة 1952)؛ إذ أن السلطة التي خولها القانون رقم 569 لسنة 1955 إلى وزير الشئون الاجتماعية والعمل انحصرت في إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ القانون؛ إذ نص القانون في المادة الثانية (ب) "ولوزير الشئون الاجتماعية والعمل إصدار القرارات الأخرى اللازمة لتنفيذ هذا القانون". وواضح أن وزير الشئون الاجتماعية والعمل لا يملك بذلك وضع شروط جديدة لتطبيق القانون أو التغيير في هذه الشروط", وأن "القانون رقم 569 لسنة 1955 لم يتضمن النص صراحة على أن يكون الحصول على المؤهل قبل أول يوليه سنة 1952, فلا يملك وزير الشئون الاجتماعية والعمل وضع مثل هذا الشرط الإضافي؛ ومن ثم فلا اعتداد بالكتاب الدوري رقم 10 الصادر من وزير الشئون الاجتماعية والعمل في هذا الصدد", وأنه "فضلاً عن ذلك فإن القانون رقم 569 لسنة 1955 ذاته إنما استند في تحديد صلاحية الشهادات الدراسية للتعيين في درجات الميزانية إلى المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953, وهو لاحق في صدوره على أول يوليه سنة 1952, التاريخ الذي حدده كتاب دوري وزير الشئون الاجتماعية والعمل", وأنه "لا اعتداد بما ذهبت إليه المصلحة من أن المدعي أقر كتابه بقبوله التعيين في الدرجة التاسعة؛ لأن المقرر أن علاقة الموظف بالحكومة هي علاقة تنظيمية ولا يؤثر فيها الإقرارات التي تؤخذ من الموظف بقبول وضع معين أو درجة معينة على خلاف ما قررته القوانين واللوائح التنظيمية الخاصة بالتوظيف...".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المادة الثانية من القانون رقم 569 لسنة 1955 تقضي بأن "يكون التعيين في الدرجات التاسعة من بين العمال الحكوميين والمستخدمين خارج الهيئة وعمال القنال وغيرهم الحاصلين على الشهادة الابتدائية على الأقل...". ويبين من ذلك أن القانون المشار إليه لم يشتمل على نص يحظر تعيين من يحصل على مؤهل أعلى من الشهادة الابتدائية في الدرجة التاسعة, بل افترض جواز هذا التعيين, هذا إلى أن قصد الشارع من المرسوم الصادر في 10 من أغسطس سنة 1953 لا يعدو أن يكون تقرير صلاحية حاملي الشهادات للترشيح في وظائف الكادر الإداري والفني العالي, لا على سبيل الإلزام بتعيينهم فيها, وإنما على سبيل الجواز, بل ويجوز التعيين في درجات أقل وبمرتبات أدنى. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب, فإنه يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المدعي أنه كان من عمال الجيش البريطاني, وقد التحق بخدمة مصلحة السكك الحديدية في 7 من نوفمبر سنة 1951, ومنح مرتباً قدره 12 ج شهرياً شاملة إعانة غلاء المعيشة باعتباره حاصلاً على الشهادة الابتدائية, وقد حصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية القسم العام (الثقافة) سنة 1954 دور ثان. وفي 14 من مارس سنة 1955 قدم إلى المصلحة طلباً يلتمس فيه تسوية حالته بالتطبيق لأحكام كادر عمال القنال, ومنحه مرتباً قدره 8.5 ج بدون إعانة غلاء. وبعد أن صدر القانون رقم 569 لسنة 1955 طلب المدعي في 7 من يوليه سنة 1956 تعيينه في إحدى الدرجات الثامنة الخالية بالتطبيق لأحكام القانون المذكور, ثم ابتع هذا الطلب بتظلم إلى مفوضي الدولة. وقد ردت المصلحة على التظلم بأنه لما كان المتظلم قد حصل على مؤهله بعد أول يوليه سنة 1952, فإنه لا يمكن تعيينه في الدرجة الثامنة؛ لأن البند الرابع من كتاب دوري وزير الشئون الاجتماعية والعمل رقم 10 الصادر في 15 من ديسمبر سنة 1955 يقضي بأنه يجب لتعيين عمال القنال في الدرجة الثامنة أن يكونوا قد حصلوا على مؤهلاتهم الدراسية قبل أول يوليه سنة 1952.
ومن حيث إنه في 23 من نوفمبر سنة 1955 صدر القانون رقم 569 لسنة 1955 بشأن تعيين عمال القنال على درجات الميزانية, وقد نصت المادة الثامنة منه على أن "تخصص الوظائف الآتية الخالية والتي تخلو بالكادرين الكتابي والفني المتوسط لتعيين عمال القناة المؤهلين وذلك على الوجه الآتي: ( أ ) يكون التعيين في الدرجات التاسعة من بين العمال الحكوميين والمستخدمين خارج الهيئة وعمال القنال الحاصلين على الشهادة الابتدائية على الأقل, ويكون التعيين حسب أقدمية الحصول على تلك الشهادة, ويكون للحاصلين على مؤهل أعلى الأسبقية في التعيين, وعند التساوي في هذا المؤهل يفضل دائماً الأقدم في الحصول عليه. (ب) يكون التعيين في الدرجتين الثامنة والسابعة في الكادرين الكتابي والفني المتوسط بنسبة 50% على الأكثر من بين عمال القناة, ويشترط لتعيينهم في هذه الدرجات أن يكونوا أقدم في الدرجة السابقة من مستخدمي الحكومة وعمالها المرشحين لها, وعند التساوي في الأقدمية تقسم الدرجات مناصفة بين الفريقين؛ بحيث تخصص إحداها لعامل من القنال والثانية لعامل أو مستخدم, وإذا كان عدد الوظائف الخالية في الدرجة الثامنة أكثر من عدد المرشحين من عمال ومستخدمي الحكومة يكون التعيين أولاً للمؤهلين من عمال القناة ثم لغيرهم... ولوزير الشئون الاجتماعية والعمل إصدار القرارات اللازمة لتحديد أقدمية عمال القناة فيما بينهم, وسائر القرارات الأخرى اللازمة لتنفيذ ذلك القانون....". ونصت المادة الثالثة على أنه "استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة يعين من تثبت لياقته الطبية من العمال المؤهلين ممن ذكروا في المادة السابقة كل منهم بالدرجة التي يجيز مؤهله ترشيحه لها وفقاً لأحكام المرسوم الصادر في 6 من أغسطس سنة 1953, ويمنح كل منهم مرتباً يوازي الأجر الشهري الذي يصرف له بالتطبيق لأحكام كادر عمال القناة ولو جاوز بداية الدرجة, فإن كان يمنح أجراً يومياً حدد مرتبه في الدرجة على أساس أجره اليومي المذكور مضروباً في 25 دون مجاوزة بداية الدرجة.....", ونصت المادة الرابعة على أن "تعيين شروط اللياقة الطبية لمن ذكروا في المادتين السابقتين بقرار من مجلس الوزراء", كما نصت المادة الخامسة على أنه "مع مراعاة أحكام المواد السابقة تسري على من ذكروا من عمال القناة بعد تعيينهم على درجات طبقاً لأحكام المادة 2 باقي أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951, باعتبارهم معينين لأول مرة ويتخذ تاريخ التعيين في الدرجة أساساً لتحديد الأقدمية وفترة العلاوات والأجازات". وجاء بالمذكرة الإيضاحية للقانون المذكور في شأن المؤهلين من عمال القنال ما يأتي "وهؤلاء تختلف شهاداتهم فمنهم من يحمل الابتدائية ومنهم من يحمل الثقافة أو التوجيهية وغيرها من الشهادات المماثلة ومنهم من يحمل مؤهلات صناعية مختلفة وهؤلاء اقتراح تسوية حالتهم بنقلهم إلى درجات داخل الهيئة كل منهم بحسب مؤهله". ولما كان التعيين على درجات داخل الهيئة ينظمه القانون رقم 210 لسنة 1951 فقد استدعى الأمر استصدار تشريع بالاستثناء من ذلك القانون يجيز تعيينهم على تلك الدرجات في الكادرين الكتابي والفني المتوسط بصرف النظر عن قواعد التعيين الواردة في القانون رقم 210 لسنة 1951. وتحقيقاً لهذا الغرض نص في المادة الأولى من مشروع القانون المرافق على تحديد من تنطبق عليه أحكامه وهم عمال القناة الذين تركوا خدمة السلطات البريطانية بقاعدة القناة سنة 1951 والتحقوا بخدمة الحكومة المصرية, ويخصم بأجورهم على القسم (25 من ميزانية الدولة)... ونص في المادة الثانية منه على أن يكون التعيين في الدرجة التاسعة من بين العمال الحكوميين والمستخدمين خارج الهيئة وعمال القناة وغيرهم الحاصلين على الشهادة الابتدائية على الأقل. ويكون التعيين حسب أقدمية الحصول على تلك الشهادة على أن تمنح الأسبقية في التعيين للحاصلين على مؤهل أعلى...... وبالنظر إلى أن إلحاقهم بخدمة الحكومة بالدرجات الدائمة يحقق لهم مزايا شتى فضلاً عما فيه من تجاوز عن القواعد العامة المتصلة بالتعيين في خدمة الحكومة قد تضمنت المادة الخامسة ما يفيد بأن تعيينهم في درجات الميزانية يعتبر افتتاحاً لرابطة التوظف الفعلي بالنسبة لهم, فنصت على اتخاذ تاريخ تعيينهم على الدرجات الخالية بالميزانية مبدأ لحساب الأقدمية بحيث لا يجوز لهم المطالبة بضم مدد الخدمة السابقة لهم واكتساب أقدميات على من سبقهم بالتعيين بالطريق القانوني المعتاد....". وفي 15 من ديسمبر سنة 1955 أصدر السيد وزير الشئون الاجتماعية والعمل الكتاب الدوري رقم 10 تنفيذاً للقانون رقم 569 لسنة 1955 وقرار مجلس الوزراء الملحق به الصادر في 23 من نوفمبر سنة 1955, وقد نصت المادة الثالثة منه على أنه "اعتباراً من 23 من نوفمبر سنة 1955 تشغل الدرجات التاسعة والثامنة الخالية في الكادرين الكتابي والفني المتوسط بالطريقة الآتية: 1 - الدرجة التاسعة: من تثبت لياقته الطبية وكان حاصلاً على الشهادة الابتدائية أو الإعدادية أو ما يعادلهما من الشهادات يعين في الدرجة التاسعة, على أن يراعى حصر الترشيح لهذه الدرجة في الوقت الحالي على عمال القناة بالاشتراك مع عمال الحكومة والمستخدمين خارج الهيئة, وتكون الأفضلية في شغل هذه الدرجة من بين من ذكروا على الوجه الآتي: ( أ ) عند التساوي في المؤهل يفضل الأقدم في الحصول عليه من بين الطوائف الثلاث. (ب) إذا اختلفت المؤهلات يفضل صاحب المؤهل الأعلى بغض النظر عن تاريخ الحصول عليه, وتعتبر الشهادة الإعدادية وما يعادلها أعلى من الشهادة الابتدائية أو ما يعادلها في تنفيذ هذا القانون. 2 - الدرجتان الثامنة والسابعة بالكادر الفني المتوسط... 3 - الدرجة الثامنة الكتابية: من تثبت لياقته الطبية وكان حاصلاً على شهادة إتمام الدراسة الثانوية القسم العام أو الخاص أو ما يعادلهما أو أي مؤهل يجيز للحاصل عليه التعيين في وظيفة من الدرجة الثامنة الكتابية يعين في تلك الدرجة على أن يراعى ألا تزيد نسبة عمال القناة الذين يعينون بهذه الطريقة عن 50% من الدرجات الخالية", ونصت المادة الرابعة من الكتاب الدوري المشار إليه تحت عنوان استثناء عمال القناة من تطبيق المادتين 15 و16 من نظام موظفي الدولة على أن "يكون تعيين عمال القناة في الدرجتين الثامنة والسابعة على الوجه الموضح أعلاه بدون اتباع القواعد المنصوص عليها في المادتين 15 و16 من نظام موظفي الدولة الملحق بالقانون رقم 210 لسنة 1951 بشرط أن يكونوا قد حصلوا على مؤهلاتهم الدراسية قبل أول يوليه سنة 1952". أما المادتان 15 و16 من القانون رقم 210 لسنة 1951 اللتان استثنى عمال القناة من أحكامهما؛ فقد نصت أولاهما على أن يكون التعيين بامتحان في الوظائف الآتية: وظائف الدرجة السادسة في الكادرين الفني العالي والإداري, الوظائف الفنية المتوسطة والكتابية من الدرجتين الثامنة والسابعة. ويعقد الامتحان في مدينة القاهرة, ويجوز عقده في مدينة أخرى إذا اقتضت المصلحة ذلك", ونصت المادة الثانية على أن "يعين الناجحون في الامتحان المقرر لشغل الوظيفة بحسب درجة الأسبقية الواردة في الترتيب النهائي لنتائج الامتحان التحريري والشخصي".
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن مثار المنازعة هو ما إذا كان المدعي - بوصفه من عمال القنال - يستحق تسوية حالته بوضعه في الدرجة الثامنة منذ 11 من يونيه سنة 1956 تاريخ صدور القرار بتعيينه في الدرجة التاسعة , وذلك بالتطبيق لقانون رقم 569 لسنة 1955, ما دام المدعي حاصلاً على شهادة الثقافة, أم أنه لا يستحق سوى التعيين ابتداء في الدرجة التاسعة بالتطبيق للقانون المذكور, ما دام لم يحصل على تلك الشهادة إلا بعد أول يوليه سنة 1952.
ومن حيث إن عمال القناة, وهم الذين عرفتهم المادة الأولى من القانون المشار إليه بأنهم "الذين تركوا خدمة السلطات البريطانية بقاعدة القناة والتحقوا بخدمة الحكومة المصرية ويخصم بأجورهم حالياً على القسم 25 من ميزانية الدولة...", وكانوا - للظروف والملابسات التي اكتنفت وضعهم حين تركوا خدمة السلطات البريطانية - قد ألحقوا بخدمة الحكومة المصرية بصفة مؤقتة وفي وضع معلق على اعتمادات البند المذكور, وذلك إلى أن يعاد توزيعهم توطئة لتعيينهم تعييناً ثابتاً, فشكلت لجنة بوزارة الشئون الاجتماعية في مايو سنة 1954 للنظر في إعادة توزيعهم, فقامت بدراسة مشاكلهم, وإذ كانت الحكومة راغبة في استقرارهم مع إشعارهم بالمسئولية الكاملة وبمراعاة التوفيق بين مصلحتهم والمصلحة العامة؛ فقد صدر من أجل ذلك القانون رقم 569 لسنة 1955 بشأن تعيينهم على درجات الميزانية طبقاً للشروط والأحكام المبينة به, وهؤلاء العمال ينقسمون إلى مؤهلين وغير مؤهلين, والمؤهلون تختلف مؤهلاتهم, وهؤلاء جميعاً رؤى تسوية حالتهم بنقلهم إلى درجات داخل الهيئة كل منهم بحسب مؤهله مع استثنائهم من بعض أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بالنسبة لما يتطلبه هذا القانون في تعيين أمثالهم بالطرق المعتادة وجعل التعيين في الدرجة التاسعة من بين العمال الحكوميين والمستخدمين خارج الهيئة وعمال القناة وغيرهم الحاصلين على الشهادة الابتدائية على الأقل, ويكون التعيين حسب أقدمية الحصول على تلك الشهادة, ويكون للحاصلين على مؤهل أعلى الأسبقية في التعيين, وعند التساوي في هذا المؤهل يفضل دائماً الأقدم في الحصول عليه, أما التعيين في الدرجتين الثامنة والسابعة في الكادرين الكتابي والفني المتوسط فيكون بنسبة 50% على الأكثر من بين عمال القناة, ويشترط لتعيينهم في هذه الدرجات أن يكونوا أقدم في الدرجة السابقة من مستخدمي الحكومة وعمالها المرشحين لها. وعند التساوي في الأقدمية تقسم الدرجات مناصفة بين الفريقين بحيث يخصص إحداها لعامل من القناة والثانية لعامل أو مستخدم..... ولوزير الشئون الاجتماعية والعمل إصدار القرارات اللازمة لتحديد أقدمية عمال القناة فيما بينهم وسائر القرارات الأخرى اللازمة لتنفيذ هذا القانون. وبينت المادة الثالثة أوجه التخفيف في تعيين العمال المذكورين في تلك الدرجات استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951, فيما يختص باللياقة الطبية التي فوض القانون المذكور مجلس الوزراء في إصدار قرار بتعيين شروطها, وكذلك امتحان المسابقة بوساطة ديوان الموظفين. ونصت المادة الخامسة على أن تسري على عمال القناة بعد تعيينهم في الدرجات باقي أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 باعتبارهم معينين لأول مرة, ويتخذ تاريخ التعيين في الدرجة أساساً لتحديد الأقدمية وفترة العلاوات والإجازات.
ومن حيث إن التعيين رأساً من بين عمال القناة في الدرجة الثامنة الكتابية أو الفنية المتوسطة ليس حتمياً بالنسبة لكل من يحمل شهادة الثقافة أو التوجيهية أو ما يعادلها, سواء عند نفاذ هذا القانون أو بعد نفاذه, بل واضح من عبارة الفقرة ( أ ) من المادة 2 من القانون المذكور أن التعيين في الدرجة التاسعة من بين عمال القناة يكون للحاصلين على الشهادة الابتدائية على الأقل, أي يجوز التعيين في هذه الدرجة لمن كان يحمل مؤهلاً أعلى من ذلك, وهذا ينفى اقتراض تسوية الحاصل على شهادة الثقافة حتماً في الدرجة الثامنة, وإنما تعيين هؤلاء في هذه الدرجة مقيد بتوافر الشروط المنصوص عليها في الفقرة (ب) من تلك المادة, وهي تقصر التعيين على نسبة 50% من الدرجات الخالية لعمال القناة, وتشترط لتعيينهم فيها أن يكونوا أقدم في الدرجة السابقة من مستخدمي وعمال الحكومة المرشحين لها, وعند التساوي في الأقدمية تقسم الدرجات مناصفة بين الفريقين بحيث تخصص إحداها لعامل من القناة والثانية لعامل أو مستخدم, وإذا كان وزير الشئون الاجتماعية والعمل بما له من السلطة التفويضية بموجب القانون المذكور قد أصدر قراراً تضمنه الكتاب الدوري رقم 10 في 15 من ديسمبر سنة 1955 يجيز التعيين رأساً في الدرجات الثامنة الفنية والكتابية من عمال القناة الحاصلين على شهادة الثقافة أو التوجيهية أو ما يعادلهما, إلا أنه شرط لذلك أن يكون حصول العامل على هذا المؤهل سابقاً على أول يوليه سنة 1952؛ ليكون متفقاً مع التسوية التي تتم في هذا الشأن بالتطبيق للقانون رقم 371 لسنة 1953 والقوانين المكملة له, باعتبار هؤلاء في خدمة الحكومة قبل أول يوليه سنة 1952 وحاصلين على المؤهل قبل ذلك؛ فتلحقهم التسوية بمقتضى أحكام القانون المذكور, وهذا الشرط غير متحقق في حالة المدعي؛ إذ أنه حصل على شهادة الثقافة بعد أول يوليه سنة 1952.
ومن حيث إنه لذلك يكون الطعن قد قام على أساس سليم من القانون، ويكون الحكم المطعون فيه - والحالة هذه - قد خالف القانون, ويتعين من أجل ذلك إلغاؤه, والقضاء برفض الدعوى, مع إلزام المدعي بالمصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وبرفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق