جلسة 21 من مارس سنة 1959
برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.
---------------
(88)
القضية رقم 811 لسنة 4 القضائية
قوات مسلحة.
المنازعات الإدارية الخاصة بضباط القوات المسلحة - اختصاص اللجنة العليا للضباط بنظرها - محدد بأن تكون المنازعة متعلقة بالطعن في قرارات لجان الضباط المختلفة - الدعاوى الخاصة بالتعويض عن قرارات الفصل بغير الطريق التأديبي الصادرة بمقتضى أحكام المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 - عدم اختصاص اللجنة العليا بنظرها - اختصاص القضاء الإداري بنظرها.
إجراءات الطعن
في 30 من يوليه سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة صحيفة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 8 من يونيه سنة 1958 في الدعوى رقم 4080 لسنة 9 ق المقامة من محمد حمدي حسين ضد وزارة الحربية (مصلحة خفر السواحل)، والقاضي "برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، وإعادة القضية لهيئة مفوضي الدولة لتهيئتها وتقديم تقرير في موضوعها". وقد طلبت هيئة المفوضين - للأسباب التي استندت إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى وإحالتها إلى اللجنة العليا للضباط بالتطبيق للقانون رقم 174 لسنة 1957، وذلك بدون مصاريف". وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 30 من أغسطس سنة 1958، وإلى المدعي في 10 من سبتمبر سنة 1958، وعين لنظره جلسة 13 من ديسمبر سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من ملاحظات، ثم أرجئ إصدار الحكم لجلسة 10 من يناير سنة 1959، ثم لجلسة 7 من فبراير سنة 1959، ثم لجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من الاطلاع على الأوراق - تتحصل في أن المدعي أقام دعواه طالباً الحكم بإلزام المدعي عليهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ خمسة آلاف جنيه والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وذلك على أساس أنه فوجئ في 15 من سبتمبر سنة 1952 بإحالته إلى المعاش وهو في سن الـ 48 عاماً، فأصابته أضرار مادية يقدرها بالمبلغ المطلوب كتعويض. قدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني دفع فيه بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى استناداً إلى القانون رقم 174 لسنة 1957 الصادر بتاريخ 13 من يوليه سنة 1957. وفي 8 من يونيه سنة 1958 قضت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، وإعادة القضية لهيئة مفوضي الدولة لتهيئتها وتقديم تقرير في موضوعها. وذهبت في أسباب حكمها إلى أنه يبين من مجموع نصوص القانون رقم 174 لسنة 1957 أنه وإن كانت المادة الأولى من القانون المذكور تنص على اختصاص اللجنة العليا دون غيرها بالنظر في المنازعات الإدارية الخاصة بضباط القوات المسلحة؛ مما قد يفهم منه أن اختصاص هذه اللجنة يشمل كافة المنازعات الإدارية أياً كان موضوعها، إلا أن المادتين 5 و6 قد حددتا هذا الاختصاص على نحو ليس فيه لبس، وهو أنها تختص بالنظر في التظلمات الخاصة بالقرارات التي تصدرها لجان الضباط المختلفة، وأن اختصاصها مقصور على تأييد القرار المطعون فيه أو إلغائه أو تخفيضه أو استبداله أو إيقاف تنفيذه، ولا اختصاص لها فيما عدا ما تقدم. ويترتب على ذلك بقاء اختصاص الجهات القضائية الأخرى فيما عدا ما اختصت به اللجنة المذكورة. وقد طعن رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم، واستند في طعنه إلى أنه في 13 من يوليه سنة 1957 صدر القانون رقم 174 لسنة 1957 في شأن التظلم من قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة، ونصت المادة الأولى منه على إنشاء لجنة تسمى اللجنة العليا لضباط القوات المسلحة تختص دون غيرها بالنظر في المنازعات الإدارية الخاصة بضباط القوات المسلحة، ونصت المادة 15 على أن يسري هذا القانون على جميع الدعاوى المنظورة أمام جهات قضائية أخرى والتي أصبحت بمقتضى هذا القانون من اختصاص اللجنة. وواضح من هذين النصين أن المشرع أراد أن يسلب ولاية القضاء عموماً بنظر المنازعات الإدارية الخاصة بضباط القوات المسلحة دون تخصيص أو تمييز، وأوجب إحالة جميع الدعاوى المنظورة وقت العمل بالقانون إلى اللجنة التي أنشأها، وأكدت هذا المعنى المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور في صدد إيراد مبررات إصداره بنصها على أنه "ولما كان التجاء الضباط إلى مجلس الدولة وزيادة عدد القضايا في المدة الأخيرة زيادة كبيرة علاوة على صدور أحكام من هذه الجهة بإلغاء قرارات لجان الضباط بواسطة قضاة مدنيين بعيدين عن تفهم مقتضيات الخدمة العسكرية وتقدير مسببات قرارات لجان الضباط عن تصرفات الضباط سواء في الحرب أو السلم ولذلك رؤى أن تشكل لجنة ضباط عليا تنظر تظلمات الضباط من قرارات لجانهم...". ومفاد هذا كله أن مجلس الدولة لم يعد مختصاً بنظر كافة المنازعات الإدارية الخاصة بضباط القوات المسلحة. وإذ كانت الدعوى الحالية تدخل في عموم عبارة المادة المذكورة؛ إذ تتعلق بشأن من شئون الضباط، وتتناول طلب التعويض عن قرار صادر من إحدى الهيئات العسكرية؛ ورافعها يعد من ضباط القوات المسلحة التي تندرج تحت لوائها قوات خفر السواحل؛ لذلك فقد كان من المتعين على المحكمة أن تقضي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وإحالتها إلى اللجنة العليا للضباط بالتطبيق للقانون رقم 174 لسنة 1957 السالف الذكر.
ومن حيث إن النقطة القانونية مثار النزاع هي ما إذا كانت هذه المنازعة، وهي ناشئة عن تطبيق المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 الخاص بفصل الموظفين بغير الطريق التأديبي، يلحقها أثر القرار بقانون رقم 174 لسنة 1957 في شأن التظلم من قرارات لجان الضباط بالقوات المسلحة، فلا يختص بها القضاء الإداري، أم أن الأمر على خلاف ذلك.
ومن حيث إن القرار بقانون رقم 174 لسنة 1957 سالف الذكر قد نص في المادة الأولى منه على أن "تنشأ بوزارة الحربية لجنة تسمى اللجنة العليا لضباط القوات المسلحة، وتختص دون غيرها بالنظر في المنازعات الإدارية الخاصة بضباط القوات المسلحة"، وبينت المواد 2 و3 و4 من هذا القانون طريقة تشكيل اللجنة واجتماعاتها، ثم جاءت المادة الخامسة ونصت على أن "تختص هذه اللجنة بالنظر في التظلمات الخاصة بالقرارات التي تصدرها لجان الضباط المختلفة"، ونصت المادة السادسة على أن "تصدر اللجنة قراراتها إما بتأييد القرار المطعون فيه أو إلغائه أو بتخفيضه أو باستبداله أو بإيقاف تنفيذه، ولا يترتب على قرارات هذه اللجنة أي حق في المطالبة بتعويضات مالية"، كما نصت المادة 14 على أن "يسري هذا القرار بقانون على جميع الدعاوى المنظورة أمام جهات قضائية أخرى والتي أصبحت بمقتضى هذا القانون من اختصاص اللجنة".
ومن حيث إنه يبين من مجموع النصوص المتقدمة أنه وإن كانت المادة الأولى من القانون سالف الذكر تنص على اختصاص اللجنة العليا لضباط القوات المسلحة دون غيرها بالنظر في المنازعات الإدارية، مما قد يفهم منه شمول اختصاها لكافة الأقضية الإدارية، إلا أن المادتين 5 و6 من هذا القانون قد حددتا الاختصاص على نحو لا لبس فيه ولا إبهام، وهو أن اختصاص اللجنة المذكورة معقود بالتظلم من قرارات لجان الضباط المختلفة ومقصور على تأييد القرار المطعون فيه أو إلغائه أو تخفيضه أو استبداله أو وقف تنفيذه، وأنه لا يترتب على قرارات هذه اللجنة أي حق في المطالبة بتعويضات مالية؛ ومن ثم فلا ينصرف هذا الاختصاص بداهة إلى الدعاوى المرفوعة بالمطالبة بالتعويض عن قرار صادر بالفصل بغير الطريق التأديبي سبق صدوره من مجلس الوزراء بعد موافقة لجنة مشكلة بقرار من القائد العام للقوات المسلحة بمقتضى أحكام المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 بشأن فصل الموظفين بغير الطريق التأديبي.
ومن حيث إنه على هدى ما تقدم فإن دعوى المطالبة بالتعويض عن القرار الصادر من مجلس الوزراء في 26 من أكتوبر سنة 1952 بإحالة المدعي إلى المعاش اعتباراً من 15 من سبتمبر سنة 1952 بمقتضى أحكام المرسوم بقانون رقم 181 لسنة 1952 سالف الذكر تبقى في اختصاص القضاء الإداري؛ إذ اللجنة العليا لضباط القوات المسلحة مقصوراً اختصاصها على الطعن في قرارات لجان الضباط المختلفة دون ما يصدره مجلس الوزراء من قرارات بعد موافقة لجنة مشكلة تشكيلاً خاصاً بأمر من القائد العام للقوات المسلحة؛ إعمالاً لأحكام قانون استثنائي صدر وانتهى تطبيقه قبل صدور القانون رقم 174 لسنة 1957 في شأن التظلم من قرارات لجان الضباط في القوات المسلحة؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد قام على أساس سليم من القانون، ويكون الطعن فيه في غير محله متعيناً القضاء برفضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق