الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 6 أغسطس 2023

الطعن 813 لسنة 3 ق جلسة 22 / 11 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 15 ص 167

جلسة 22 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

-----------------

(15)

القضية رقم 813 لسنة 3 القضائية

حكم 

- خطأ وارد في ديباجة الحكم - ورود اسم وزارة المواصلات بالحكم باعتبار أنها هي المدعية في حين أن الدعوى إنما رفعت من وزارة الزراعة - هو خطأ مادي كتابي ظاهر الوضوح - جواز تصحيح مثل هذا الخطأ - أساس ذلك.

----------------
لئن صح ما ينعاه طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة على الحكم المطعون فيه من ورود اسم "وزارة المواصلات" به باعتبار أنها هي المدعية في حين أن الدعوى إنما رفعت من "وزارة الزراعة", إلا أن هذا الخلاف في اسم الوزارة صاحبة الشأن لا يعدو أن يكون خطأ مادياً كتابياً بحتاً ظاهر الوضوح, وهو إن وقع في منطوق الحكم كان سائغ التصحيح طبقاً لنص المادة 364 من قانون المرافعات المدنية والتجارية بقرار تصدره المحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة, ومن باب أولى إذا وقع في ديباجته فحسب وكان تحديد طرفي المنازعة واضحاً دون لبس من الأوراق ومن الحكم ذاته؛ إذ أن التظلم رقم 2800 لسنة 1 القضائية مقدم إلى اللجنة القضائية لوزارات التجارة والزراعة والتموين من المدعي ضد وزارة الزراعة, والطعن في قرار اللجنة القضائية الصادر في هذا التظلم مرفوع من وزارة الزراعة ضد المدعي أمام محكمة القضاء الإداري وهو موضوع الدعوى رقم 6268 لسنة 8 القضائية الصادر فيها الحكم المطعون فيه حالياً, وهذا كله ظاهر ومردد على وجهه الصحيح في كل من وقائع الحكم وأسبابه؛ ومن ثم فهو خطأ كتابي محض قابل للتصحيح لا يعيب الحكم عيباً جوهرياً ولا يفضي إلى بطلانه.


إجراءات الطعن

في 6 من يونيه سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 813 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثانية) بجلسة 10 من أبريل سنة 1957 في الدعوى رقم 6268 لسنة 8 القضائية المقامة من وزارة الزراعة ضد مرقص زكي صليب, القاضي "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه, وتسوية حالة المطعون عليه بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية والقوانين المعدلة له, وألزمت الحكومة بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه وكذا قرار اللجنة القضائية فيما قضى بأحقية المتظلم للدرجة الثامنة من تاريخ التعيين بالتطبيق لقواعد الإنصاف الصادرة في سنة 1944 والقضاء برفض التظلم فيما يتعلق بتطبيق تلك القواعد, وبعدم جواز نظره فيما يتعلق بتطبيق قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 والقوانين المعدلة له؛ لسابقة الفصل فيه, وإلزام المتظلم بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة الزراعة في 16 من أكتوبر سنة 1957 وإلى المطعون عليه في 17 منه. وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 25 من أكتوبر سنة 1958, وفي 6 من يوليه سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم, مع ضم أوراق والترخيص في تقديم مذكرات خلال عشرة أيام.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المدعي رفع إلى اللجنة القضائية لوزارات التجارة والزراعة والتموين التظلم رقم 2800 لسنة 1 القضائية ضد وزارة الزراعة بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 22 من سبتمبر سنة 1953 ذكر فيها أنه حصل على دبلوم التجارة المتوسطة في مايو سنة 1945 وعلى دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية في سبتمبر سنة 1950 والتحق بخدمة وزارة الزراعة في 26 من أكتوبر سنة 1945 في وظيفة كاتب بإدارة المخازن والمشتريات بربط ثابت بلا درجة على اعتماد تنفيذ قانون تحديد المساحة القطنية. ولما كان لا يزال معيناً على غير درجة, فهو يطلب الحكم بمنحه الدرجة الثامنة الكتابية الدائمة من تاريخ تعيينه إلى تاريخ حصوله على دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية وكذا تطبيق قانون الادخار والتأمين عليه أسوة بزملائه المعينين على درجات دائمة بالميزانية بالباب الأول, علماً بأنه قد صدر لصالحه قرار من اللجنة القضائية بجلسة 26 من أبريل سنة 1953 في التظلم رقم 366 لسنة 1 القضائية باستحقاقه للدرجة السادسة المخفضة بمرتب شهري 500 م و10 ج بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من أكتوبر سنة 1950 ولما يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 28 من نوفمبر سنة 1953 حدد طلباته بحصرها في منحه الدرجة الثامنة الدائمة أسوة بزملائه الذين نالوا هذه الدرجة, وذلك على أساس أنه حاصل على دبلوم التجارة المتوسطة تطبيقاً لقواعد الإنصاف الصادرة في سنة 1944, وما يترتب على ذلك من آثار. وقد أجابت وزارة الزراعة عن هذا التظلم بأن المتظلم حاصل على دبلوم التجارة المتوسطة بالمنصورة في سنة 1945, وعلى دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية في سنة 1950, وأنه عين اعتباراً من 28 من أكتوبر سنة 1945 في وظيفة كاتب بالوزارة بربط ثابت بلا درجة بماهية شهرية قدرها 500 م و7 ج خصماً على اعتماد مصروفات تنفيذ قانون تحديد المساحة القطنية, وهذا الاعتماد مقسم إلى وظائف. وقد بلغت ماهيته 9 جنيهات شهرياً من أول مايو سنة 1952؛ وبجلسة 28 من نوفمبر سنة 1953 "قررت اللجنة أحقية المتظلم للدرجة الثامنة من تاريخ التعيين بالتطبيق لقواعد الإنصاف الصادرة سنة 1944 ورفض ما عدا ذلك من طلبات". واستندت في ذلك إلى أن قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 قد هدفت إلى تسعير الشهادات الدراسية تسعيراً غير مقصور الأثر على من كان من الموظفين حاملاً لهذه المؤهلات قبل تاريخ صدور تلك القواعد, بل هي قد صدرت عامة ومطلقة يمتد أثرها إلى جميع الموظفين الذين يحملون تلك الشهادات ولو كان تعيينهم في وظائف أو حصولهم على مؤهلاتهم لاحقاً لصدورها. ولما كانت القواعد المذكورة تنص على أن الحاصلين على دبلوم التجارة المتوسطة يمنحون الدرجة الثامنة براتب شهري قدره 500 م و7 ج يزاد بواقع 500 م كل سنتين, فإنه يحق للمتظلم الإفادة من هذه الأحكام؛ لأنه حاصل على الدبلوم المشار إليه ومعين على اعتماد مقسم إلى وظائف, أما فيما يتعلق بطلب وضعه على درجة دائمة فالثابت من الأوراق أنه معين على اعتماد؛ ومن ثم يكون طلبه هذا لا سند له من القانون. وبصحيفة مودعة سكرتيرية محكمة القضاء الإداري في 6 من أبريل سنة 1954 طعنت وزارة الزراعة في قرار اللجنة القضائية هذا بالدعوى رقم 6268 لسنة 8 القضائية طالبة "الحكم بقبول هذا الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية الصادر لصالح المطعون ضده في التظلم المقيد تحت رقم 2800 لسنة 1 قضائية, ومع إلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة"، وقالت تأييداً لدعواها إن القانون رقم 371 لسنة 1953 لا ينطبق إلا على الموظفين الداخلين في الهيئة سواء كانوا مثبتين أو غير مثبتين وعلى المستخدمين الخارجين عن الهيئة؛ لأنه استثناء من أحكام القانون رقم 210 لسنة 1951, ولما كان المدعى عليه معيناً على اعتماد تحديد المساحة القطنية فإن القانون سالف الذكر لا ينطبق على حالته. ثم أضافت في كتابها المؤرخ 31 من ديسمبر سنة 1956 أن المدعي التحق بخدمتها في 28 من أكتوبر سنة 1945 بوظيفة كاتب بلا درجة خصماً على اعتماد مصروفات تنفيذ قانون تحديد المساحة القطنية المدرج بالميزانية بالباب الثالث بند 22 الفئة الثانية أعمال جديدة, وهذا الاعتماد غير مقسم إلى درجات, وإنما إلى وظائف بالميزانية. وفي أول يوليه سنة 1953 نقل بحالته إلى اعتماد الفقر والجهل والمرض (بند 16 ثقافة زراعية), وهذا الاعتماد ولو أنه مقسم إلى درجات إلا أنه لا يفيد منه في تطبيق أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية؛ ذلك أن هذا النقل لا يعدو أن يكون مجرد تغيير في المصرف المالي الذي يخصم بمرتبه عليه, وما دام هذا النقل قد تم بنفس الحالة التي كان عليها من قبل وبلا درجة من الدرجات المقسمة بهذا الاعتماد لأن التعديل في الخصم تم نظراً لنفاد الاعتماد الأول, فإنه لا يكسبه أي حق في تطبيق قانون المعادلات الدراسية طالما لم تخصص له درجة من درجات هذا الاعتماد, وأنه معين بربط ثابت. وقد رد المدعي على هذا بمذكرة طلب فيها "الحكم بتأييد قرار اللجنة القضائية, وذلك مع إلزام الوزارة الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقال إن أسباب الطعن لا تمت بصلة إلى الحكم المطعون فيه الذي لم يستند إلى قانون المعادلات الدراسية بل طبق قواعد الإنصاف, وإنه لما كان قانون المعادلات لم يقصد سوى إلغاء قرارات معينة لمجلس الوزراء ليس من بينها القرارات الصادرة بإنصاف حملة مؤهله, فلا يكون ثمت محل لتطبيق هذا القانون على حالته, بل تطبق عليه قواعد الإنصاف. وإن القانون رقم 151 لسنة 1955 لا يجوز الاعتداد به كتفسير تشريعي, وإذا اعتبر متضمناً لحكم جديد فإنه يكون قانوناً رجعياً يسلب الموظفين دون مقتض حقوقاً اكتسبوها من القانون رقم 371 لسنة 1953, وبهذه المثابة فإنه يكون غير شرعي أو بالأحرى غير دستوري. وقد أودع السيد مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهى فيه - للأسباب التي أوردها به - إلى أنه يرى "الحكم بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه, وذلك فيما تضمنه من تقرير استحقاق المطعون ضده للدرجة الثامنة من تاريخ تعيينه بالتطبيق لقواعد الإنصاف". ثم ألحق بهذا التقرير تقريراً تكميلياً أيد فيه ذات الرأي, وأن المدعي لا يفيد لا من قواعد الإنصاف ولا من أحكام قانون المعادلات الدراسية. وبجلسة 10 من أبريل سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثانية) "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه وتسوية حالة المطعون عليه بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية والقوانين المعدلة له, وألزمت الحكومة المصروفات". وأقامت قضاءها على أن قواعد الإنصاف لا تسري في حق المدعي لكونه التحق بخدمة الحكومة في 28 من أكتوبر سنة 1945 بعد الفراغ من تطبيقها, وإنما الذي ينطبق على حالته هو القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية؛ لأنه بنفاذ الاعتماد الذي كان معيناً عليه بمربوط ثابت والذي لم يكن مقسماً إلى درجات ونقله في 30 من يونيه سنة 1953 إلى اعتماد الثقافة الزراعية المقسم إلى درجات في الميزانية, أصبح هذا النقل بمثابة تعيين جديد وليس مجرد تغيير في المصرف المالي الذي يخصم بمرتبه عليه؛ ومن ثم فإنه يفيد من أحكام قانون المعادلات الدراسية مفسراً بالقانون رقم 151 لسنة 1955 والقانون رقم 78 لسنة 1956. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 6 من يونيه سنة 1957 طلب فيها "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, وكذا قرار اللجنة القضائية فيما قضى بأحقية المتظلم للدرجة الثامنة من تاريخ التعيين بالتطبيق لقواعد الإنصاف الصادر سنة 1944, والقضاء برفض التظلم فيما يتعلق بتطبيق تلك القواعد, وبعدم جواز نظره فيما يتعلق بتطبيق قانون المعادلات الدراسية رقم 371 لسنة 1953 والقوانين المعدلة له لسابقة الفصل فيه، وإلزام المتظلم المصروفات". واستند في أسباب طعنه إلى أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ خطأ جسيماً في أسماء الخصوم؛ إذ ذكر أن اسم المدعي هو "وزارة المواصلات" في حين أن الدعوى مقامة من "وزارة الزراعة"، الأمر الذي يبطل الحكم بالتطبيق لنص المادة 74 من القانون رقم 165 لسنة 1955 والمادة 349 من قانون المرافعات المدنية والتجارية, وفيما خلا ذلك فلا اعتراض على الحكم فيما قضى به من إلغاء قرار اللجنة القضائية؛ لأن المدعي وقد عين في خدمة الحكومة بعد 9 من ديسمبر سنة 1944 لا يفيد من قواعد الإنصاف الصادرة في سنة 1944 والتي كان قد فرغ من تطبيقها حتى هذا التاريخ, وأصبح لا يمتد أثرها إلى الموظفين الذي يعينون بعده, وإنما يقوم الاعتراض على الحكم فيما قضى به من تسوية حالة المدعي بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية مع أنه سبق لمحكمة القضاء الإداري (الدائرة الرابعة "ب") أن قضت بجلسة 28 من يناير سنة 1956 في الدعوى رقم 2066 لسنة 2 القضائية (استئناف) المقامة من وزارة الزراعة ضد نفس المدعي بإلغاء حكم المحكمة الإدارية لوزارة الزراعة الصادر في 26 من يناير سنة 1955 فيما قضى به من أحقية المذكور في أن تسوى حالته بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية, وبرفض دعواه على أساس أنه معين على اعتماد غير مقسم إلى درجات. ولما كان الحكم الحالي قد صدر في منازعة اتحد فيها مع الحكم الأول في الخصوم والمحل والسبب, وكان الحكم الأول قد حاز قوة الشيء المقضي به, والحكم الحالي قد فصل في منازعة على خلاف هذا الحكم فإنه يكون قد خالف القانون وقامت به حالة تجيز الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا. وقد عقب المدعي على هذا لطعن بمذكرة طلب فيها "تأييد الحكم المطعون فيه مع إلزام الوزارة الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين". واستند في ذلك إلى أنه ليس ثمت حكم صادر على خلاف حكم سابق كما ذهبت إلى ذلك هيئة المفوضين؛ إذ السبب في الدعويين مختلف, فهو قواعد الإنصاف في الدعوى رقم 6268 لسنة 8 القضائية, وهو قانون المعادلات في الدعوى رقم 2066 لسنة 2 القضائية, وإن كانت محكمة القضاء الإداري قد حورت سند الدعوى القانوني. هذا إلى أنه بعد أن صدر الحكم في الدعوى رقم 2066 لسنة 2 القضائية ونظرت الدعوى رقم 6268 لسنة 8 القضائية كان قد صدر القانون رقم 78 لسنة 1956 الذي أقر إفادة الموظفين المعينين على اعتمادات مقسمة إلى درجات من أحكام قانون المعادلات الدراسية, وهذا السند القانوني الجديد لم يكن محل نظر محكمة القضاء الإداري عندما أصدرت حكمها في الدعوى رقم 2066 لسنة 2 القضائية؛ ومن ثم فلا حجية لهذا الحكم في تلك النقطة, وبفرض صيرورته نهائياً فربما كان أقرب إلى العدالة عدم التمسك بهذه الحجية باعتبار أن الحكم قضى في حقيقته بتسوية على خلاف القانون, وهي تسوية يمكن الرجوع فيها سواء بحكم قضائي أو بتصرف من جانب الإدارة.
ومن حيث إنه ولئن صح ما ينعاه طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة على الحكم المطعون فيه من ورود اسم "وزارة المواصلات" به باعتبار أنها هي المدعية، في حين أن الدعوى إنما رفعت من "وزارة الزراعة", إلا أن هذا الخلاف في اسم الوزارة صاحبة الشأن لا يعدو أن يكون خطأ مادياً كتابياً بحتاً ظاهر الوضوح, وهو إن وقع في منطوق الحكم كان سائغ التصحيح طبقاً لنص المادة 364 من قانون المرافعات المدنية والتجارية بقرار تصدره المحكمة من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم من غير مرافعة, ومن باب أولى إذا وقع في ديباجته فحسب وكان تحديد طرفي المنازعة واضحاً دون لبس من الأوراق ومن الحكم ذاته؛ إذ أن التظلم رقم 2800 لسنة 1 القضائية مقدم إلى اللجنة القضائية لوزارات التجارية والزراعة والتموين من المدعي ضد وزارة الزراعة, والطعن في قرار اللجنة القضائية الصادر في هذا التظلم مرفوع من وزارة الزراعة ضد المدعي أمام محكمة القضاء الإداري، وهو موضوع الدعوى رقم 6268 لسنة 8 القضائية الصادر فيها الحكم المطعون فيه حالياً, وهذا كله ظاهر ومردد على وجهه الصحيح في كل من وقائع الحكم وأسبابه؛ ومن ثم فهو خطأ كتابي محض قابل للتصحيح ولا يعيب الحكم عيباً جوهرياً ولا يفضي إلى بطلانه.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق ومن القضايا المضمومة أن المدعي سبق أن قدم إلى اللجنة القضائية لوزارات التجارة والزراعة والتموين التظلم رقم 726 لسنة 1 القضائية ضد وزارة الزراعة بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 21 من يناير سنة 1953 طلب فيها تسوية حالته بوضعه في الدرجة السادسة المخفضة بالكادر الفني العالي المقرر لمؤهله الدراسي - وهو دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية - الذي حصل عليه أثناء وجوده في خدمة وزارة الزراعة في شهر سبتمبر سنة 1950, وذلك بالتطبيق لقرارات مجلس الوزراء الصادرة في 8 من أكتوبر سنة 1950 و2 و9 من ديسمبر سنة 1951 وصرف ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية. وبجلسة 26 من أبريل سنة 1953 أصدرت اللجنة القضائية قرارها في هذا التظلم بـ "تسوية حالة المتظلم باستحقاقه لأن يوضع في الدرجة السادسة المخفضة براتب شهري قدره 500 م و10 ج بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 8 من أكتوبر سنة 1950 ولما يترتب على ذلك من آثار". وقد طعنت وزارة الزراعة في قرار اللجنة القضائية هذا أمام محكمة القضاء الإداري مرتين: (الأولى) بالدعوى رقم 11086 لسنة 8 القضائية بعريضة أودعتها سكرتيرية المحكمة في 14 من يوليه سنة 1954, و(الثانية) بالدعوى رقم 11520 لسنة 8 القضائية بعريضة أودعتها سكرتيرية المحكمة في 19 من يوليه سنة 1954, وطلبت في كلتا الدعويين "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع: (أولاً) بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه. و(ثانياً) تسوية حالة المطعون ضده بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية المعدل بالقانون رقم 377 لسنة 1953 مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة". وبجلسة 7 من نوفمبر سنة 1955 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") في الدعوى الأولى "بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه؛ وألزمت الحكومة المصروفات"، كما قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "أ" الدائرة الثانية) في الدعوى الثانية بجلسة 17 من فبراير سنة 1958 "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه, ورفض تظلم المطعون ضده, وألزمته بالمصروفات". وذكرت في أسباب حكمها أن المطعون عليه وقد عين بعد 9 من ديسمبر سنة 1944 لا يفيد من قواعد الإنصاف, كما أنه لا يفيد من أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 المفسر بالقانون رقم 151 لسنة 1955 والمعدل بالقانون رقم 78 لسنة 1956؛ لكونه غير معين على درجة دائمة أو على اعتماد مقسم إلى درجات.
ومن حيث إن المدعي أقام الدعوى رقم 772 لسنة 2 القضائية ضد وزارة الزراعة أمام الحكمة الإدارية لوزارات المالية والتجارة والزراعة والتموين بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 14 من مارس سنة 1954 طلب فيها تسوية حالته على أساس أنه حاصل على دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية في سبتمبر سنة 1950, وذلك بمنحه الدرجة السادسة بمرتب شهري قدره عشرة جنيهات ونصف من تاريخ حصوله على هذا المؤهل بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 سنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية. وبجلسة 26 من يناير سنة 1955 قضت المحكمة الإدارية في هذه الدعوى "بأحقية المدعي في أن تسوى حالته على أساس منحه الدرجة السادسة بمرتب شهري قدره عشرة جنيهات وخمسمائة مليم من تاريخ حصوله على دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 وما يترتب على ذلك من آثار, على ألا تصرف إليه الفروق المالية إلا من تاريخ تنفيذ هذا القانون وعن المدة التالية له فقط". وقد استأنفت وزارة الزراعة هذا الحكم أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 2066 لسنة 2 القضائية (استئناف) بعريضة أودعتها سكرتيرية المحكمة في 7 من مايو سنة 1955 طلبت فيها إلغاء الحكم المشار إليه الصادر لصالح المستأنف عليه مع إلزام هذا الأخير بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبجلسة 28 من يناير سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "ب") "بقبول الاستئناف شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف, ورفض الدعوى, وإلزام المستأنف ضده بالمصروفات". وجاء في أسباب حكمها أنه "صدر في 14 من مارس سنة 1956 القانون رقم 78 لسنة 1956 مستبدلاً بأحكام المادة الأولى من القانون رقم 151 لسنة 1955 الحكم الآتي...". وأن المستأنف عليه "معين على اعتماد غير مقسم إلى درجات فلا تسري عليه أحكام القانون رقم 78 لسنة 1956 ولا يفيد منها".
ومن حيث إنه بعريضة مودعة سكرتيرية اللجنة القضائية لوزارات التجارة والزراعة والتموين في 22 من سبتمبر سنة 1953 رفع المدعي التظلم رقم 2800 لسنة 1 القضائية ضد وزارة الزراعة طالباً تقرير أحقيته في الدرجة الثامنة الكتابية الدائمة من تاريخ تعيينه بوزارة الزراعة في 26 من أكتوبر سنة 1945 - بوصفه حاصلاً على دبلوم التجارة المتوسطة في مايو سنة 1945 - إلى تاريخ حصوله على دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية في سبتمبر سنة 1950, وذلك بالتطبيق لقواعد الإنصاف الصادرة في 30 من يناير سنة 1944 مع تطبيق قانون الادخار والتأمين عليه. وبجلسة 28 من نوفمبر سنة 1953 قررت اللجنة القضائية "أحقية المتظلم للدرجة الثامنة من تاريخ التعيين بالتطبيق لقواعد الإنصاف الصادرة سنة 1944, ورفض ما عدا ذلك من طلبات". وقد طعنت وزارة الزراعة في هذا القرار أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 6268 لسنة 8 القضائية طالبة الحكم بإلغائه وبإلزام المدعي بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وبجلسة 10 من أبريل سنة 1957 قضت محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثانية) "بإلغاء قرار اللجنة القضائية المطعون فيه وتسوية حالة المطعون عليه بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية والقوانين المعدلة له, وألزمت الحكومة بالمصروفات", وهو الحكم المطعون فيه حالياً من السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن طلب المدعي الخاص بتسوية حالته باعتباره حاصلاً على دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية في سبتمبر سنة 1950 أثناء وجوده في الخدمة بوضعه في الدرجة السادسة المخفضة براتب شهري قدره 500 م و10 ج سواء بالتطبيق لقواعد الإنصاف أو لقرارات مجلس الوزراء الصادرة في 8 من أكتوبر سنة 1950 وأول يوليه و2 و9 من ديسمبر سنة 1951, أو بالاستناد إلى أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية - هذا الطلب قد سبق رفضه بأحكام نهائية حازت قوة الشيء المقضي به هي تلك الصادرة من محكمة القضاء الإداري في الدعاوى رقم 11086 لسنة 8 القضائية ورقم 11520 لسنة 8 القضائية, ورقم 2066 لسنة 2 القضائية (استئناف). وقد تعرضت هذه الأحكام للقانون رقم 78 لسنة 1956, وذكرت أن أحكامه لا تسري على المدعي ولا يفيد منها.
ومن حيث إن دعواه الحالية تهدف إلى تسوية حالته بمنحه الدرجة الثامنة الكتابية الدائمة من تاريخ تعيينه بخدمة وزارة الزراعة في 28 من أكتوبر سنة 1945, بوصفه حاصلاً على دبلوم التجارة المتوسطة في مايو سنة 1945, حتى تاريخ حصوله على دبلوم الدراسات التكميلية التجارية العالية, وذلك بالتطبيق لقواعد الإنصاف الصادرة في سنة 1944, كما تتضمن طلب تطبيق قانون التأمين والادخار على حالته. وقد قررت اللجنة القضائية لوزارات التجارة والزراعة والتموين بجلسة 28 من نوفمبر سنة 1953 في التظلم رقم 2800 لسنة 1 القضائية رفض طلبه الخاص بوضعه على درجة دائمة ورفض تطبيق قانون التأمين والادخار على حالته, وصار قرارها في هذا الطلب نهائياً بعدم طعنه فيه في الميعاد وأجابته إلى طلبه الخاص بمعاملته بقواعد الإنصاف الصادرة في سنة 1944, وهو الطلب الذي قضت محكمة القضاء الإداري بحكمها المطعون فيه بإلغاء قرار اللجنة القضائية في خصوصه؛ لأنه أخطأ في الاستجابة إليه؛ إذ أن المدعي التحق بخدمة الحكومة في 28 من أكتوبر سنة 1945, أي بعد الفراغ من تطبيق قواعد الإنصاف التي لم يعد ثمت محل لتطبيقها عليه. وقد أصاب الحكم المطعون فيه الحق فيما قضى به في هذا الشق منه؛ إذ سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944 إنما قصد بها إنصاف من كان من الموظفين ذوي المؤهلات الدراسية الواردة بها في خدمة الحكومة وقت صدورها, ثم امتد أثرها إلى من عين من هؤلاء حتى يوم 9 من ديسمبر سنة 1944 دون غيرهم ممن عينوا بعد هذا التاريخ, بينما التحق المدعي بخدمة وزارة الزراعة اعتباراً في 28 من أكتوبر سنة 1945؛ ومن ثم فإنه لا يفيد من أحكامها, بيد أن الحكم المطعون فيه قد قضى بتسوية حالة المدعي بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية والقوانين المعدلة له, في حين أن هذا الطلب سبق رفضه - على نحو ما سلف تفصيله - بأحكام نهائية حازت قوة الشيء المقضي به مع اتحاد الخصوم والمحل والسبب في المنازعات السابقة والمنازعة الحالية. وغير صحيح أن ثمت سنداً قانونياً استجد بعد صدور هذه الأحكام هو القانون رقم 78 لسنة 1956 ولم يكن محل نظر محكمة القضاء الإداري؛ إذ الواقع - كما سلف البيان - أن الأحكام المشار إليها أوردت في أسبابها صراحة أن القانون المذكور لا يسري في حق المدعي الذي لا يفيد من أحكامه, كما أن نقله إلى اعتماد الفقر والجهل والمرض إنما تم بعد أول يوليه سنة 1952, وقد كان حتى هذا التاريخ معيناً بلا درجة خصماً على اعتماد غير مقسم إلى درجات؛ ومن ثم فإنه يتعين القضاء بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تسوية حالة المدعي بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية والقوانين المعدلة له, وبعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة لهذا الطلب لسبق الفصل فيه برفضه بأحكام أصبحت نهائية وحائزة لقوة الشيء المقضي به, مع إلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من تسوية حالة المدعي بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية والقوانين المعدلة له, وبعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة لهذا الطلب لسبق الفصل فيه, وألزمت المدعي بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق