الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 8 أغسطس 2023

الطعن 719 لسنة 3 ق جلسة 29 / 11 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 21 ص 255

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد إبراهيم الديواني وكيل مجلس الدولة المساعد وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

---------------

(21)

القضية رقم 719 لسنة 3 القضائية

(أ) إعانة غلاء معيشة 

- مناط صرفها طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 وكتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 13/ 17 في 6/ 1/ 1942 هو الاستمرار في القيام بأداء واجبات منتظمة - عدم استحقاق الإعانة طبقاً للقرار والكتاب المذكورين للمعينين بصفة غير منتظمة.
(ب) إعانة غلاء معيشة 

- قرار مجلس الوزراء في 29 من أكتوبر سنة 1952 بشأن منح المعينين بصفة غير منتظمة إعانة غلاء معيشة - استحداثه قاعدة تنظيمية لم تكن مقررة قبل صدوره - تحديد المقصود بالمعينين بصفة غير منتظمة يرجع فيه إلى مذكرة اللجنة المالية في 26/ 10/ 1952 بشأن طلب استصداره - المقصود بالمعينين بصفة غير منتظمة الذين يعينون على اعتمادات مؤقتة ليست لها صفة الدوام - المعينون على اعتمادات مؤقتة في الميزانية تستمر سنتين أو ثلاث أو أكثر - عدم استحقاق هؤلاء إعانة غلاء معيشة طبقاً لقرار 1/ 12/ 1941 وكتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 13/ 17 في 6/ 1/ 1942 - حجة ذلك.
(ج) إعانة غلاء معيشة 

- تعيين عامل على اعتماد مؤقت ورد في الباب الثالث من ميزانية وزارة الحربية - اعتباره من العمال المعينين بصفة مؤقتة وغير منتظمة في حكم قرار مجلس الوزراء الصادر في 1/ 12/ 1941 - عدم استحقاقه إعانة غلاء معيشة بالتطبيق لأحكام هذا القرار.

----------------
1 - في أول ديسمبر سنة 1941 قرر مجلس الوزراء منح إعانة غلاء المعيشة بنسب متفاوتة معينة في صدر هذا القرار للموظفين والمستخدمين والعمال. ثم صدر الكتاب الدوري رقم 234 - 13/ 17 في 6 من يناير سنة 1942 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء المذكور بشأن إعانة غلاء المعيشة, وجاء في البند الثالث منه بيان الأحكام الخاصة بصرف هذه الإعانة. ونصت الفقرة الثانية من هذا البند على أنه "يشترط فيمن تصرف إليه هذه الإعانة أن يكون من العاملين بصفة منتظمة, وليس من المكلفين بخدمات وقتية أو عارضة. والمقصود بالخدمة المنتظمة أن يكون الموظف أو المستخدم أو العامل مستمراً في القيام بأداء واجبات منتظمة بصرف النظر عن فئة المستخدمين التابع لها. ولا تصرف الإعانة إلا لمن له خدمة ثلاثة أشهر على الأقل". ومؤدي عبارات هذا الكتاب الدوري أن إعانة غلاء المعيشة هذه - بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 - لا تصرف للموظفين والمستخدمين والعمال المعينين بصفة غير منتظمة.
2 - لتفهم قصد الشارع من عبارة الموظفين المعينين بصفة غير منتظمة في مجال القواعد المنظمة لمنح إعانة غلاء المعيشة يتعين الرجوع إلى مذكرة اللجنة المالية في 26 من أكتوبر سنة 1952 التي اشتملت على اقتراح منح تلك الطائفة إعانة غلاء معيشة, والتي وافق عليها مجلس الوزراء في 29 من أكتوبر سنة 1952. ويتبين من الاطلاع عليها أن القواعد الخاصة بإعانة غلاء المعيشة لا تصرف للموظفين والمستخدمين والعمال المعينين بصفة غير منتظمة, وهؤلاء هم الذين يعينون على اعتمادات مؤقتة ليست لها صفة الدوام. وأن مصلحة السكك الحديدية قد استطلعت رأى اللجنة المالية في منح عمالها المؤقتين إعانة غلاء معيشة, فوافقت وزارة المالية في سنة 1950 على منحهم الإعانة بشرط أن يكون قد مضي عليهم سنة واستمروا في الخدمة بدون انفصال, وذلك على أساس أنهم يكونون في حكم المعينين بصفة منتظمة. وأن وزارة الداخلية طلبت الموافقة على منح إعانة غلاء معيشة لموظف بها معين في عمل مؤقت بماهية شهرية, فوافقت وزارة المالية على منحه الإعانة بشرط أن يكون عمله سيستمر أكثر من عام. كما طلبت مصلحة الأموال المقررة الموافقة على منح كتبة الجرد والتقدير العام المعينين على الاعتماد المفتوح لهذا الغرض بميزانية عام 1949/ 1950 إعانة غلاء معيشة. واستطردت مذكرة اللجنة المالية لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 تقول إن بعض اعتمادات الميزانية التي يجوز تعيين موظفين أو مستخدمين أو عمال عليها بالرغم من وصفها بأنها مؤقتة غير أنها قد تستمر إلى سنتين أو ثلاث أو أكثر حسب نوع العمل المخصص له الاعتماد. وأن ديوان الموظفين يرى بمذكرة له في 13 من سبتمبر سنة 1952 أن الأمر يحتاج إلى وضع قواعد ثابتة لتنظيم حالات الموظفين والمستخدمين والعمال الذين يعينون على اعتمادات مؤقتة من حيث استحقاقهم لإعانة غلاء معيشة, وأنه يقترح منحهم إعانة الغلاء بعد مضي سنة من تاريخ تعيينهم على أساس ماهياتهم أو أجورهم في اليوم التالي لمضي سنة عليهم بالخدمة, ومن يكون منهم الآن في الخدمة ومضى عليه سنة بها ولا تصرف له هذه الإعانة تمنح إليه من تاريخ موافقة مجلس الوزراء على أساس ماهيته أو أجره في ذلك التاريخ. وقد وافق مجلس الوزراء في 29 من أكتوبر سنة 1952 على رأي اللجنة المالية المبين في تلك المذكرة, فاستحدث بذلك قاعدة تنظيمية تضمنها الكتاب الدوري رقم 29 لسنة 1952 الصادر من ديوان الموظفين في 16 من ديسمبر سنة 1952 بشأن إعانة غلاء المعيشة للموظفين والمستخدمين والعمال المؤقتين. ونص هذا الكتاب على ما يأتي "يحيط ديوان الموظفين وزارات الحكومة ومصالحها بأن مجلس الوزراء وافق بجلسته المعقودة في 29 من أكتوبر سنة 1952 على منح الموظفين والمستخدمين والعمال المعينين بصفة غير منتظمة على اعتمادات مؤقتة بالميزانية إعانة غلاء معيشة بعد مضي سنة من تاريخ تعيينهم على أساس ماهياتهم أو أجورهم في اليوم التالي لمضي سنة عليهم بالخدمة. ومن يكون منهم الآن في الخدمة ومضى عليه سنة بها ولا تصرف له هذه الإعانة تمنح إليه من تاريخ موافقة مجلس الوزراء على أساس ماهيته أو أجره في ذلك التاريخ بشرط ألا تكون الماهية أو الأجر الذي يتقاضاه الموظف أو المستخدم أو العامل يزيد عما هو مقرر لمؤهله أو ما هو مقرر طبقاً لقواعد التعيين, وفي حالة ما إذا كان الموظف أو المستخدم أو العامل يحصل على ماهية أو أجر يزيد على الماهية أو الأجر القانونيين تخصم هذه الزيادة من إعانة الغلاء". ويتضح مما تقدم أن الموظفين والمستخدمين والعمال المعينين على اعتمادات مؤقتة في الميزانية والتي قد تستمر سنتين أو ثلاث أو أكثر حسب نوع وطبيعة العمل المخصص له الاعتماد يعتبرون من الموظفين المعينين بصفة غير منتظمة في حكم قرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 وكتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 13/ 17 في 6 من يناير سنة 1942, وما كانوا يستحقون تلك الإعانة لو لا أن صدر قرار مجلس الوزراء في 29 من أكتوبر سنة 1952 الذي أنشأ لهم هذا الحق. ولا يقدح في هذا النظر أن كتاب وزارة المالية قد نص على أن "المقصود بالخدمة المنتظمة أن يكون الموظف أو المستخدم أو العامل مستمراً على القيام بأداء واجبات منتظمة بصرف النظر عن فئة المستخدمين التابع لها", وأن وزارة المالية كانت قد وافقت قبل صدور قرار مجلس الوزراء في 29 من أكتوبر سنة 1952 على منح العمال المؤقتين في بعض الوزارات والمصالح إعانة غلاء معيشة بعد مضي سنة من تاريخ تعيينهم؛ ذلك أن المقصود بعبارة "بغض النظر عن فئة المستخدمين التابع لها" هو عدم الاعتداد بما إذا كان الموظف داخل الهيئة أو خارجها أم عاملاً باليومية, طالماً أنه ليس معيناً على اعتماد مؤقت. وأن موافقة وزارة المالية على منح العمال المؤقتين إعانة غلاء معيشة قبل صدور قرار مجلس الوزراء في 29 من أكتوبر سنة 1952 كانت بمناسبة استيضاحات صدرت من تلك الوزارات والمصالح عن حالات فردية معينة. من أجل هذا يكون ما ارتأته وزارة المالية في هذا الشأن ليس صادراً بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 في حدود التفويض المخول لها, بل إنه في حقيقة أمره يكون بمثابة فتاوى صدرت في حالات فردية جاءت على خلاف المقصود من كتابها الدوري السالف الإشارة إليه.
3 - متى كان الثابت من ملف خدمة المطعون لصالحه أنه عين على اعتماد الطرق بوزارة الحربية والبحرية, وهو اعتماد مؤقت ورد في الباب الثالث من الميزانية تحت بند (19), على ما يبين من مطالعة ميزانية الدولة عن السنة المالية 1951/ 1952, صفحة 830, أعمالاً جديدة لإنشاء طرق جديدة, وأكدت الجهة الإدارية وروده في هذا الباب في السنوات التالية, فإن المطعون لصالحه لا يمكن إلا أن يكون من العمال المعينين بصفة مؤقتة وغير منتظمة وعلى اعتماد أعمال جديدة في حكم قرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 في الفترة التي تبدأ بعد مضي ثلاثة أشهر من تاريخ تعيينه الذي تم في 12 من أكتوبر سنة 1950 إلى أول سبتمبر سنة 1952, وهي الفترة التي يطالب عنها بإعانة الغلاء؛ ومن ثم فإنه لا يستحق تلك الإعانة بالتطبيق لأحكام هذا القرار.


إجراءات الطعن

في 27 من أبريل سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 719 لسنة 3 ق في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال العمومية والحربية بجلسة 26 من فبراير سنة 1957 في الدعوى رقم 461 لسنة 3 ق المقامة من علي عامر أحمد ضد وزارة الحربية, والذي يقضي "برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء للمدعي بطلباته, وإلزام المدعى عليها بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى الحكومة في 4 من يوليه سنة 1957, وإلى المطعون لصالحه في 3 من أغسطس سنة 1957, وعين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 18 من أكتوبر سنة 1958, وقد انقضت المواعيد القانونية دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته. وفي 6 من يوليه سنة 1958 أعلن الطرفان بميعاد الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة. وقدم المطعون لصالحه مذكرة في أول نوفمبر سنة 1958 انتهى فيها إلى طلب الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه بكامل أجزائه, والقضاء بأحقية المدعي في علاوة غلاء المعيشة بعد مضي ثلاثة أشهر من بدء تعيينه الذي تم في 12 من أكتوبر سنة 1950 تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 والمنفذ بكتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 13/ 27 الصادر في 6 من يناير سنة 1942, مع ما يترتب على ذلك من آثار مالية, وإلزام المدعى عليها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة". وفي تلك الجلسة قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن المطعون لصالحه أقام الدعوى رقم 461 لسنة 3 ق أمام المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال العمومية والحربية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 31 من يوليه سنة 1956 ذكر فيها أنه عين في 12 من أكتوبر سنة 1950 بصفة مؤقتة على اعتماد الطرق ضمن تسعة عمال آخرين في درجة صانع دقيق بأجر يومي قدره 300 م بعد أدائه امتحاناً أمام لجنة, ولم تمنحه الوزارة إعانة غلاء معيشة في الفترة من تاريخ تعيينه في 12 من أكتوبر سنة 1950 إلى أول سبتمبر سنة 1952, وأن زملاءه أقاموا دعاوى بأحقيتهم في تلك الإعانة, فقضى بأحقيتهم لها بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941, وأنه يحق له صرف إعانة غلاء المعيشة بعد مضي ثلاثة أشهر من بدء التعيين أسوة بزملائه الآخرين. وانتهى المدعي إلى طلب الحكم بأحقيته في إعانة غلاء المعيشة بعد مضي ثلاثة أشهر من بدء تعيينه. وأجابت الجهة الإدارية على الدعوى بمذكرة تضمنت أن المدعي عين بصفة مؤقتة على اعتماد الطرق بأجر يومي قدره 300 م بعد أن أدى امتحاناً أمام لجنة, وأنه كان يخصم بأجره على اعتماد الطرق بوساطة مصلحة الأشغال العسكرية حتى 31 من أغسطس سنة 1951, واعتباراً من أول سبتمبر سنة 1952 صرف أجره بمعرفة سرية الطرق خصماً على اعتماد الطرق, وأنه يعمل بصفة مستمرة من تاريخ تعيينه حتى الآن. وأن المدعي صرف إعانة غلاء المعيشة محسوباً على أجره الحالي اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1952, وأن زملاء المدعي الذين يخصمون بأجورهم على ذات البند أقاموا دعاوى أمام هذه المحكمة طالبوا فيها بأحقيتهم في إعانة غلاء معيشة, فقضت بأحقيتهم في تلك الإعانة بعد ثلاثة أشهر من بدء التعيين بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941, وقد نفذت هذه الأحكام. وفي 21 من فبراير سنة 1957 قدمت الجهة الإدارية مذكرة تضمنت أن المدعي طالب في عامي 1951 و1952 بصرف إعانة غلاء معيشة له, وقد صرفت الإعانة له في أول سبتمبر سنة 1952. وبجلسة 26 من فبراير سنة 1957 قضت المحكمة الإدارية "برفض الدعوى, وألزمت المدعي بالمصروفات". وأسست قضاءها على ما نصت عليه الفقرة الثانية من البند الثالث من كتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 13/ 17 المؤرخ 6 من يناير سنة 1942 والصادر تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 27 من أبريل سنة 1957, وطلب الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء للمدعي بطلباته, وإلزام المدعى عليها بالمصروفات". واستند في أسباب طعنه إلى ما سبق أن تقدمت به هيئة مفوضي الدولة أمام المحكمة الإدارية التي أصدرت الحكم المطعون فيه من أن المدعي يعمل بصفة مستمرة لا تتخللها فترات انقطاع؛ وبذلك تكون قد قامت بالمطعون لصالحه شروط تطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 المنفذ بكتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 13/ 17 المؤرخ 6 من يناير سنة 1942. فالمسألة القانونية محل هذا الطعن تنحصر في تعريف "الخدمة المنتظمة" في حكم قواعد الغلاء, خاصة وأن المحكمة الإدارية التي أصدرت الحكم المطعون فيه سبق أن قضت في أقضية مماثلة بأحكام تتعارض تماماً مع حكمها الذي هو محل الطعن.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على ملف خدمة المطعون لصالحه أنه عين عاملاً بصفة مؤقتة على اعتماد الطرق بوساطة لجنة امتحان بمعرفة سرية الطرق اعتباراً من 12 من أكتوبر سنة 1950 بأجر يومي قدره 300 م, وكانت أجوره تصرف خصماً على اعتماد الطرق بوساطة مصلحة الأشغال العسكرية لغاية 31 من أغسطس سنة 1951, ثم حدث أنه اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1951 شطب اسم العامل المذكور ضمن عمال آخرين من سجلات الأشغال، وصار الصرف لهم بمعرفة سرية الطرق خصماً على اعتماد الطرق حتى الآن, وهم يعملون بصفة مستمرة من تاريخ تعيينهم. وقد شكلت لهذا العامل لجنة امتحان مع نفر من عمال آخرين واعتمدت نتيجة الامتحان من مدير سلاح المهندسين وأرسلت للوزارة في 17 من أغسطس سنة 1952 ووضع فيها المذكور بدرجة سائق جرار صانع دقيق, ولكن رأى هذا اللجنة لم ينفذ بعد. وقد صرف هذا العامل علاوة غلاء معيشة على أجره الحالي اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1952 واتهم في جريمة مخدرات بجهة القنطرة, وهو يعمل بمهنة سائق ميكانيكي ولم يباشر قيادة الجرارات إطلاقاً. وجاء في كتاب قائد سرية مهندسي إنشاء الطرق في يناير سنة 1958 أن هذا العامل أوري بأنه امتحن أمام اللجنة الفنية بسرية المعدات في مهنة سائق ميكانيكي, ووضع المذكور في درجة صانع غير دقيق بأجر يومي قدره 200 م مضافاً إليه ثلاث علاوات ليكون 260 م, وتظلم العامل المذكور, وأورى أنه لم يمتحن إطلاقاً على قيادات الجرارات أمام اللجنة الفنية, وطلب تصحيح وضعه في مهنة سائق ميكانيكي بدرجة صانع دقيق.
ومن حيث إنه في أول ديسمبر سنة 1941 قرر مجلس الوزراء منح إعانة غلاء المعيشة بنسب متفاوتة معينة في صدر هذا القرار للموظفين والمستخدمين والعمال, ثم صدر الكتاب الدوري رقم 234 - 13/ 17 في 6 من يناير سنة 1942 تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء المذكور بشأن إعانة غلاء المعيشة. وجاء في البند الثالث منه بيان الأحكام الخاصة بصرف هذه الإعانة, ونصت الفقرة الثانية من هذا البند على أنه "يشترط فيمن تصرف إليه هذه الإعانة أن يكون من العاملين بصفة منتظمة, وليس من المكلفين بخدمات وقتية أو عارضة. والمقصود بالخدمة المنتظمة أن يكون الموظف أو المستخدم أو العامل مستمراً في القيام بأداء واجبات منتظمة بصف النظر عن فئة المستخدمين التابع لها. ولا تصرف الإعانة إلا لمن له خدمة ثلاثة أشهر على الأقل". ومؤدى عبارات هذا الكتاب الدوري أن إعانة غلاء المعيشة هذه - بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 - لا تصرف للموظفين والمستخدمين والعمال المعينين بصفة غير منتظمة.
ومن حيث إنه لتفهم قصد الشارع من عبارة الموظفين المعينين بصفة غير منتظمة في مجال القواعد المنظمة لمنح إعانة غلاء المعيشة يتعين الرجوع إلى مذكرة اللجنة المالية في 26 من أكتوبر سنة 1952 التي اشتملت على اقتراح منح تلك الطائفة إعانة غلاء معيشة, والتي وافق عليها مجلس الوزراء في 29 من أكتوبر سنة 1952. ويبين من الاطلاع عليها أن القواعد الخاصة بإعانة غلاء المعيشة لا تصرف للموظفين والمستخدمين والعمال المعينين بصفة غير منتظمة, وهؤلاء هم الذين يعينون على اعتمادات مؤقتة ليست لها صفة الدوام. وأن مصلحة السكك الحديدية قد استطلعت رأي اللجنة المالية في منح عمالها المؤقتين إعانة غلاء معيشة, فوافقت وزارة المالية في سنة 1950 على منحهم الإعانة بشرط أن يكون قد مضى عليهم سنة واستمروا في الخدمة بدون انفصال, وذلك على أساس أنهم يكونون في حكم المعينين بصفة منتظمة. وأن وزارة الداخلية طلبت الموافقة على منح إعانة غلاء معيشة لموظف بها معين في عمل مؤقت بماهية شهرية, فوافقت وزارة المالية على منحه الإعانة بشرط أن يكون عمله سيستمر أكثر من عام. كما طلبت مصلحة الأموال المقررة الموافقة على منح كتبة الجرد والتقدير العام المعينين على الاعتماد المفتوح لهذا الغرض بميزانية 1949/ 1950 إعانة غلاء معيشة. واستطردت مذكرة اللجنة المالية لقرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 تقول: إن بعض اعتمادات الميزانية التي يجوز تعيين موظفين أو مستخدمين أو عمال عليها بالرغم من وصفها بأنها مؤقتة غير أنها قد تستمر إلى سنتين أو ثلاث أو أكثر حسب نوع العمل المخصص له الاعتماد. وأن ديوان الموظفين يرى بمذكرة له في 13 من سبتمبر سنة 1952 أن الأمر يحتاج إلى وضع قواعد ثابتة لتنظيم حالات الموظفين والمستخدمين والعمال الذين يعينون على اعتمادات مؤقتة من حيث استحقاقهم لإعانة غلاء معيشة, وأنه يقترح منحهم إعانة الغلاء بعد مضي سنة من تاريخ تعيينهم؛ على أساس ماهياتهم أو أجورهم في اليوم التالي لمضي سنة عليهم بالخدمة. ومن يكون منهم الآن في الخدمة ومضى عليه سنة بها ولا تصرف له هذه الإعانة تمنح إليه من تاريخ موافقة مجلس الوزراء؛ على أساس ماهيته أو أجره في ذلك التاريخ, وقد وافق مجلس الوزراء في 29 من أكتوبر سنة 1952 على رأي اللجنة المالية المبين في تلك المذكرة, فاستحدث بذلك قاعدة تنظيمية تضمنها الكتاب الدوري رقم 29 لسنة 1952 الصادر من ديوان الموظفين في 16 من ديسمبر سنة 1952 بشأن إعانة غلاء المعيشة للموظفين والمستخدمين والعمال المؤقتين، ونص هذا الكتاب على ما يأتي "يحيط ديوان الموظفين وزارات الحكومة ومصالحها بأن مجلس الوزراء وافق بجلسته المعقودة في 29 من أكتوبر سنة 1952 على منح الموظفين والمستخدمين والعمال المعينين بصفة غير منتظمة على اعتمادات مؤقتة بالميزانية إعانة غلاء معيشة بعد مضي سنة من تاريخ تعيينهم؛ على أساس ماهياتهم أو أجورهم في اليوم التالي لمضي سنة عليهم بالخدمة. ومن يكون منهم الآن في الخدمة ومضى عليه سنة بها ولا تصرف له هذه الإعانة تمنح إليه من تاريخ موافقة مجلس الوزراء؛ على أساس ماهيته أو أجره في ذلك التاريخ، بشرط ألا تكون الماهية أو الأجر الذي يتقاضاه الموظف أو المستخدم أو العامل يزيد عما هو مقرر لمؤهله أو ما هو مقرر طبقاً لواعد التعيين, وفي حالة ما إذا كان الموظف أو المستخدم أو العامل يحصل على ماهية أو أجر يزيد على الماهية أو الأجر القانونيين تخصم هذه الزيادة من إعانة الغلاء".
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم أن الموظفين والمستخدمين والعمال المعينين على اعتمادات مؤقتة في الميزانية والتي قد تستمر سنتين أو ثلاثاً أو أكثر بحسب نوع وطبيعة العمل المخصص له الاعتماد يعتبرون من الموظفين المعينين بصفة غير منتظمة في حكم قرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 وكتاب وزارة المالية الدوري رقم 234 - 13/ 17 في 6 من يناير سنة 1942, وما كانوا يستحقون تلك الإعانة لو لا أن صدر قرار مجلس الوزراء في 29 من أكتوبر سنة 1952 الذي أنشأ لهم هذا الحق. ولا يقدح في هذا النظر أن كتاب وزارة المالية قد نص على أن "المقصود بالخدمة المنتظمة أن يكون الموظف أو المستخدم أو العامل مستمراً على القيام بأداء واجبات منتظمة بصرف النظر عن فئة المستخدمين التابع لها", وأن وزارة المالية كانت قد وافقت قبل صدور قرار مجلس الوزراء في 29 من أكتوبر سنة 1952 على منح العمال المؤقتين في بعض الوزارات والمصالح إعانة غلاء معيشة بعد مضي سنة من تاريخ تعيينهم؛ ذلك أن المقصود بعبارة "بغض النظر عن فئة المستخدمين التابع لها" هو عدم الاعتداد بما إذا كان الموظف داخل الهيئة أم خارجها أم عاملاً باليومية, طالما أنه ليس معيناً على اعتماد مؤقت, وأن موافقة وزارة المالية على منح العمال المؤقتين إعانة غلاء معيشة قبل صدور قرار مجلس الوزراء في 29 من أكتوبر سنة 1952 كانت بمناسبة استيضاحات صدرت من تلك الوزارات والمصالح عن حالات فردية معينة. من أجل هذا يكون ما ارتأته وزارة المالية في هذا الشأن ليس صادراً بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 في حدود التفويض المخول لها, بل إنه في حقيقة أمره يكون بمثابة فتاوى صدرت في حالات فردية جاءت على خلاف المقصود من كتابها الدوري السالف الإشارة إليه.
ومن حيث إنه متى تقرر ذلك، وكان من المسلم به بين الطرفين والثابت من ملف خدمة المطعون لصالحه أنه عين على اعتماد الطرق بوزارة الحربية والبحرية, وهو اعتماد مؤقت ورد في الباب الثالث من الميزانية تحت بند 19 على ما يبين من مطالعة ميزانية الدولة عن السنة المالية 1951/ 1952, صفحة 830, أعمال جديدة لإنشاء طرق جديدة, وأكدت الجهة الإدارية وروده في هذا الباب في السنوات التالية, فإن المطعون لصالحه لا يمكن إلا أن يكون من العمال المعينين بصفة مؤقتة وغير منتظمة وعلى اعتماد أعمال جديدة في حكم قرار مجلس الوزراء الصادر في أول ديسمبر سنة 1941 في الفترة التي تبدأ بعد مضي ثلاثة أشهر من تاريخ تعيينه الذي تم في 12 من أكتوبر سنة 1950 إلى أول سبتمبر سنة 1952, وهي الفترة التي يطالب عنها بإعانة الغلاء؛ ومن ثم فإنه لا يستحق تلك الإعانة بالتطبيق لأحكام هذا القرار, وتكون الدعوى - والحالة هذه - غير قائمة على أساس سليم من القانون, ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه خليقاً بالتأييد.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق