جلسة 17 من يناير سنة 1959
برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.
---------------
(47)
القضية رقم 1477 لسنة 2 القضائية
دعوى
- قرارات مجلس الوزراء في 18 من أبريل و30 من مايو و11 من يوليه سنة 1948 باستمرار صرف الأجور والمرتبات وإعانة غلاء المعيشة التي كانت تصرف لموظفي وعمال خط فلسطين قبل ضم هذا الخط لمصلحة السكك الحديدية - قراراً مجلس الوزراء في 19 من فبراير و2 من أبريل سنة 1950 في شأن إعانة غلاء المعيشة لم يعدلا أو ينسخا هذه القرارات - إلغاء القانون رقم 79 لسنة 1956 قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 18 من أبريل و30 من مايو و11 من يوليه سنة 1948 اعتباراً من أول مارس سنة 1950 - نصه في المادة الثانية على اعتبار الدعاوى المنظورة أمام القضاء الإداري المتعلقة بتطبيق هذه القرارات ابتداء من تاريخ إلغائها في أول مارس سنة 1950 منتهية بقوة القانون - مقتضى ذلك أن يحكم في الدعوى المتعلقة بتطبيق قرارات مجلس الوزراء المشار إليها عن مدة لاحقة لأول مارس سنة 1950 باعتبارها منتهية بقوة القانون - الحكم الصادر برفض هذه الدعوى ينطوي على خطأ في تطبيق القانون وتأويله.
بيد أن مجلس الوزراء أصدر قرارين في شأن إعانة الغلاء على الوجه الآتي:
أولاً: القرار الصادر في 19 من فبراير سنة 1950, وهو يقضي بتقرير فئات جديدة لإعانة الغلاء بالنسبة إلى جميع موظفي ومستخدمي وعمال الحكومة بصورة عامة, على أن تسري هذه الفئات من أول مارس سنة 1950.
ثانياً: القرار الصادر في 2 من أبريل سنة 1950, وهو يقضي بأن تكون الإعانة الإضافية لموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة بمنطقة القناة وجهات سينا والبحر الأحمر والصحراء الشرقية بزيادة إضافية قدرها 50% من الفئات التي سبق أن قررها المجلس والتي أشير إليها في (أولاً).
إجراءات الطعن
في 16 من مايو سنة 1956 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 1477 لسنة 2 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "أ") بجلسة 19 من مارس سنة 1956 في الدعوى رقم 6236 لسنة 8 القضائية المقامة من وزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية ضد السيد/ منصور أنطانيوس, القاضي "برفض الدعوى, وألزمت الحكومة المصروفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء باعتبار دعوى الطعن في قرار اللجنة القضائية منتهية بقوة القانون, وباعتبار قرار اللجنة القضائية كأن لم يكن". وقد أعلن هذا الطعن إلى الجهة الإدارية في 12 من يوليه سنة 1956, وإلى المطعون عليه في ذات التاريخ المذكور, وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 14 من يونيه سنة 1958، وفي 31 من مايو سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة, وفيها أجل نظر الطعن إلى جلسة 29 من نوفمبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه رفع إلى اللجنة القضائية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية التظلم رقم 1388 لسنة 2 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 28 من نوفمبر سنة 1953 ذكر فيها أنه سبق أن صدر قرار مجلس الوزراء في 11 من يوليه سنة 1948 بتطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 20 من مايو سنة 1948 على جميع الموظفين والعمال المنتدبين من مصلحة السكك الحديدية للعمل بخط القنطرة - رفح؛ بمنحهم المرتبات والأجور المعادلة لمرتبات وأجور موظفي وعمال ذلك الخط الأصليين المحولين من إدارة سكة حديد فلسطين. وقال المدعي إن ذلك القرار قد نفذ فعلاً حتى أوقف العمل به مؤقتاً اعتباراً من أول يونيه سنة 1950, وذلك بكتاب أصدره المراقب العام للإيرادات والمصروفات في 3 من يونيه سنة 1953 برقم 10/ 4/ 38 بناء على تعليمات شفوية من السيد مدير عام مصلحة السكك الحديدية, وجهها لحين صدور تعليمات أخرى في الموضوع. وأضاف المدعي أن السيد المدير العام قد خرج عن حدود سلطته بإصداره قراراً بوقف العمل بقرار اتخذه مجلس الوزراء, وكان ينبغي أن لا ينسخه إلا قرار مثله يصدر من مجلس الوزراء. وانتهى من تظلمه إلى طلب القضاء له بإعمال قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1948, ومنحه من ثم المرتب المعادل لما كان يتقاضاه في إدارة سكة حديد فلسطين, وصرف ما استحقه من فروق عن الماضي ابتداء من تاريخ وقف العمل بالقرار المشار إليه في أول يونيه سنة 1950, حتى يعاد إليه وضعه المالي الذي حرم منه بغير حق. ودفعت الحكومة الدعوى بأن المدعي كان يشغل وظيفة براد قاطرات الإسماعيلية, ونقل نقلاً نهائياً إلى "قسم وابورات القنطرة شرق" اعتباراً من 29 من ديسمبر سنة 1948. وأما فيما يتعلق بطلباته فلا حق له فيها؛ لأن مجلس الوزراء قد قرر بجلسته المنعقدة في 19 من فبراير سنة 1950 تعديل نسب إعانة غلاء المعيشة التي يتقاضاها جميع موظفي الحكومة وعمالها ابتداء من أول مارس سنة 1950؛ وعليه أصدرت مراقبة عموم الحسابات كتابها رقم 36/ 10/ 197 بتاريخ 11 من أبريل سنة 1950, طلبت فيه مراعاة تطبيق قرار مجلس الوزراء سالف الذكر على موظفي ومستخدمي وعمال فلسطين, الأصليين منهم والمنتدبين, باعتبارهم موظفين تابعين للحكومة المصرية, مع منحهم الزيادة في إعانة الغلاء المقرر للموظفين والمستخدمين والعمال الذين يعملون بمنطقة القناة وسينا والبحر الأحمر والصحراء الشرقية, وقد طبق هذا القرار على الجميع في حينه. ثم قالت المصلحة إنه في 3 من يونيه سنة 1950 أصدرت مراقبة الحسابات كتاباً دورياً رقم 10/ 4/ 38 أفادت به أنه بناء على تعليمات السيد مدير عام مصلحة السكك الحديدية يجب وقف جميع الامتيازات التي كانت تمنح لموظفي المصلحة بخط (القنطرة - رفح), على أن يقتصر على منحهم مرتباتهم الأصلية مضافاً إليها إعانة غلاء المعيشة طبقاً للفئات المقررة لموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة المصرية, طبقاً لقرار مجلس الوزراء في 19 من فبراير سنة 1950. وطلبت المراقبة تنفيذ هذه التعليمات اعتباراً من أول يونيه سنة 1950 إلى أن يصدر المدير العام تعليمات أخرى في هذا الشأن. وعليه أعيدت مرتبات المنتدبين بهذا الخط إلى ما كانت عليه, مع الاستمرار في منحهم الزيادة المقررة في إعانة الغلاء الخاصة بمن يعملون في منطقة القناة. وبجلسة 11 من يناير سنة 1954 قررت اللجنة القضائية "استحقاق المتظلم للمرتب وإعانة غلاء المعيشة المعادل لأمثاله في خط (القنطرة - رفح) في المدة التي يشتغل فيها في الخط المذكور, وذلك بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1948, مع ما يترتب على ذلك من آثار". وأقامت قضاءها على أنه قد تبين من الاطلاع على قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 18 من أبريل و30 من مايو و11 من يوليه سنة 1948 في شأن الموظفين والعمال الذين يعملون بخط سكة حديد فلسطين أنها تقضي بمعاملة هؤلاء - من حيث إعانة غلاء المعيشة - بالمعاملة التي كان يُخَصُّ بها موظفو وعمال هذا الخط قبل نقله إلى الحكومة المصرية, وعلى أن المصلحة سارت على تلك القاعدة حتى صدر قرار مديرها العام بوقف العمل بتلك القرارات. كما أقامته على أنه "لم يصدر من مجلس الوزراء ما يخول المدير العام للمصلحة سلطة إصدار قرارات بشأن موظفي وعمال خط فلسطين, وكذلك لم صدر منه ما ينسخ أو يلغي ما سبق أن قرره من معاملة هؤلاء بالمعاملة التي كانت سارية عليهم قبل نقل الخط إلى الحكومة المصرية, فمن ذلك يكون قرار المدير العام سالف الذكر قد جاء مخالفاً لقرارات مجلس الوزراء, وباعتباره سلطة أدنى لا يحق له قانوناً أن يتصرف تصرفاً في شأنه أن يناقض أحكام وتصرفات سلطة أعلى منه, وهي سلطة مجلس الوزراء؛ الأمر الذي من أجله ترى اللجنة أن قرار المدير العام في هذا الشأن قد جاء باطلاً لاعتدائه على اختصاص مجلس الوزراء بتجاوزه حدود اختصاصه؛ ومن ثم لا يعتد به ولا ينتج أي أثر قانوني, ولا يسري على المتظلم وأمثاله في هذا الشأن. وأنه متى تبين ذلك يكون التظلم قائماً على أساس سليم من القانون, متعيناً قبوله". وقد طعنت وزارة المواصلات في قرار اللجنة القضائية المتقدم الذكر أمام محكمة القضاء الإداري بالدعوى رقم 8236 لسنة 8 القضائية التي أودعت صحيفتها سكرتيرية المحكمة في 5 من أبريل سنة 1954 طالبة الحكم "بإلغاء قرار اللجنة القضائية الصادر في التظلم المبين في صلب العريضة, مع إلزام المتظلم بالمصروفات والأتعاب". وأسست طعنها على أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1948, حين قضى باستمرار صرف ذات المرتبات والأجور وإعانة الغلاء التي كانت مقررة لموظفي وعمال خط القنطرة شرق من تاريخ تسلم الخط قد حرص على تبيان أن هذا التنظيم موقوت بسبب حرب فلسطين, وعلى أن هذه الأجور علتها الظروف التي كانت تجتازها البلاد بسبب تلك الحرب إلى أن تنجلي الحالة, وعليه يتعين أن يزول هذا التنظيم بزوال هذه الظروف. كما أسسته على أن مجلس الوزراء أصدر قراراً في 19 من فبراير سنة 1950 بتعديل فئات غلاء المعيشة لجميع الموظفين والمستخدمين وعمال اليومية ابتداء من أول مارس سنة 1950. ثم صدر بعد ذلك قرار مجلس الوزراء في 2 من أبريل سنة 1950, قاضياً بسريان قراره الصادر في 19 من فبراير سنة 1950 على موظفي وعمال القناة ومحافظة سينا والبحر الأحمر والصحراء الشرقية؛ ومن ثم فهو ينطبق على موظفي وعمال خط القنطرة شرق. ثم أوضحت أن قراري مجلس الوزراء في 19 من فبراير و2 من أبريل سنة 1950 قد نسخا حكم قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من يوليه سنة 1948؛ ومن ثم يكون قرار اللجنة القضائية المستند إلى هذا القرار على غير أساس صحيح. وبجلسة 19 من مارس سنة 1956 قضت محكمة القضاء الإداري "برفض الدعوى, وألزمت الحكومة المصروفات". وأقامت قضاءها على أنه "يبين من استقراء قرارات مجلس الوزراء أن المجلس قد استبقى لنفسه سلطة تنظيم علاقة موظفي وعمال خط سكة حديد فلسطين (القنطرة - رفح) بالحكومة المصرية, وقرر بأن يبقى هؤلاء الموظفون على حالاتهم التي كانوا عليها قبل استيلاء الحكومة المصرية على الخط إلى أن تسوى حالتهم وتنجلي ظروف حرب فلسطين, وأن مدى بقاء هؤلاء الموظفين على حالتهم التي كانوا عليها عند استيلاء الحكومة على الخط إنما تتوقف على تسوية حالتهم وجلاء ظروف حرب فلسطين, وعلى ذلك فلا يجوز تعديل مرتبات هؤلاء الموظفين أو تخفيض علاوة الغلاء لهم قبل نفاذ هذه الشروط", وعلى أن "قرار مجلس الوزراء الصادر في 18 من أبريل سنة 1948, قد أوجب بقاء هؤلاء الموظفين على حالتهم التي كانوا عليها عند الاستيلاء على الخط حتى تسوى حالتهم, على أن تتقدم مصلحة السكك الحديدية بالتزاماتها في هذا الشأن في أقرب فرصة, وأن المصلحة لم تنته من هذه التسويات إلا في عام 1953؛ وبذلك تكون المصلحة قد تراخت في تنفيذ قرار مجلس الوزراء, فلا يجوز لها أن تقوم بتخفيض إعانة غلاء المعيشة قبل إجراء هذه التسويات, بل يجب عليها أن تتحمل نتيجة تأخيرها في تقديم تلك التسويات لمجلس الوزراء؛ إذ الواضح من قرار مجلس الوزراء آنف الذكر أنه يستوجب استمرار معاملة هؤلاء الموظفين على الوجه الذي كانوا يعاملون به حتى انتهاء التسويات؛ ذلك أنه بتسوية حالتهم سيستفيدون من مزايا وضعهم على الدرجات من حيث العلاوات والترقيات والإجازات والمكافآت.. إلخ. وقد تم تسوية حالات هؤلاء في أول يناير سنة 1954؛ وبذلك انتهت آثار قرار مجلس الوزراء آنف الذكر من أول يناير سنة 1954. ولما كان هذا الحكم ينطبق على المدعى عليه، طبقاً لقرار مجلس الوزراء في 11 من يوليه سنة 1948؛ لذلك يكون المدعى عليه على حق في مساواته بالموظفين الأصليين حتى أول يناير سنة 1954. ولا وجه لما تذهب إليه المدعية (وزارة المواصلات) من أن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 19 من فبراير سنة 1950 و2 من أبريل سنة 1950 قد نسخا القرارات السابقة؛ إذ الواضح من هذين القرارين أن مجلس الوزراء قد رأى زيادة غلاء المعيشة لموظفي الحكومة؛ وذلك لارتفاع أسعار المعيشة وخاصة في منطقة القنال وسينا، فمن غير المستساغ عقلاً أن تخفض علاوة الغلاء المستحقة للمدعي وعمال خط فلسطين نتيجة صدور هذين القرارين، في حين تزاد علاوة الغلاء لجميع موظفي وعمال الحكومة". كما أساست قضاءها على أن "هؤلاء الموظفين قد تقرر معاملتهم في شأن علاوة غلاء المعيشة بمقتضى قواعد تنظيمية خاصة بهم، ولا تمتد لغيرهم، تضمنتها قرارات مجلس الوزراء في 18 من أبريل و30 من مايو و11 من يوليه سنة 1948، في حين أن قراري مجلس الوزراء الصادرين في 19 من فبراير سنة 1950، و2 من أبريل سنة 1950 قرارات عامة تسري على موظفي الحكومة عموماً, ولا يجوز لقرار عام أن يجب قراراً خاصاً إلا بنص صريح؛ إذ الخاص يقيد العام ولا عكس", وعلى أن "قرار المدير العام لمصلحة السكك الحديدية الذي يقضي بسريان القواعد الخاصة بغلاء المعيشة لجميع موظفي وعمال الحكومة على المدعي وزملائه قد جاء مخالفاً للقانون؛ إذ لا تملك سلطة أدنى أن تحد أو تعدل قراراً صادراً من سلطة أعلى؛ الأمر الذي يبنى عليه إهدار هذا القرار وعدم التعويل عليه".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أنه قد "صدر القانون رقم 79 في 14 من مارس سنة 1956 ناصاً في مادته الثالثة على العمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية, أي في 15 من مارس سنة 1956, ومصرحاً في مادته الأولى على إلغاء قرارات مجلس الوزارة في 18 من أبريل سنة 1948 و30 من مايو سنة 1948 و11 من يوليه سنة 1948 بتقرير معاملة خاصة لموظفي وعمال خط (القنطرة - رفح) وامتداده داخل فلسطين من حيث المرتبات والأجور وإعانة الغلاء اعتباراً من أول مارس سنة 1950, مع عدم الإخلال بأحكام محكمة القضاء الإداري والقرارات النهائية للجان القضائية والأحكام النهائية للمحاكم الإدارية"، كما نص في مادته الثانية على اعتبار الدعاوى المنظورة أمام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية والمحاكم الإدارية عن المدة ابتداء من تاريخ إلغاء تلك القرارات في أول مارس سنة 1950 واستناداً إليها منتهية بقوة القانون. واعتبر كأن لم تكن القرارات والأحكام غير النهائية الصادرة في التظلمات والدعاوى التي من هذا القبيل من اللجان القضائية والمحاكم الإدارية, وترد الرسوم المحصلة على الدعاوى سالفة الذكر" كما يستند إلى أنه "لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في 19 من مارس سنة 1956, أي بعد العمل بالقانون المذكور, وكانت الدعوى متعلقة بتطبيق قرارات مجلس الوزراء الملغاة اعتباراً من أول مارس سنة 1950, وكانت المدة المطالب في خلالها بتطبيق أحكام تلك القرارات لاحقة لهذا التاريخ, فيتعين إعمالاً لنص المادة الثانية اعتبار الدعوى منتهية. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذه المذهب, فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون".
ومن حيث إنه بمناسبة تسلم مصلحة السكك الحديدية خط فلسطين
(القنطرة شرق - رفح) صدرت ثلاثة قرارات من مجلس الوزراء في 18 من أبريل و30 من مايو و11 من يوليه سنة 1948، تقضي باستمرار صرف الأجور والمرتبات وإعانة غلاء المعيشة لموظفي وعمال ذلك الخط, الأصليين منهم والمنتدبين, حسب الفئات المقررة به أصلاً، والتي كانت تصرف لهم قبل ضم هذا الخط للمصلحة, وكانت إعانة الغلاء تبلغ 185% من الإعانة الأصلية. بيد أن مجلس الوزراء أصدر قرارين في شأن إعانة الغلاء على الوجه الآتي:-
أولاً: القرار الصادر في 19 من فبراير سنة 1950, وهو يقضي بتقرير فئات جديدة لإعانة الغلاء بالنسبة إلى جميع موظفي ومستخدمي وعمال الحكومة بصورة عامة, على أن تسري هذه الفئات من أول مارس سنة 1950.
ثانياً: القرار الصادر في 2 من أبريل سنة 1950, وهو يقضي بأن تكون الإعانة الإضافية لموظفي ومستخدمي وعمال الحكومة بمنطقة القناة وجهات سينا والصحراء الشرقية بزيادة إضافية قدرها 50% من الفئات التي سبق أن قررها المجلس والتي أشير إليها في (أولاً ).
وبصدور هذين القرارين اعتبرت مصلحة السكك الحديدية أن الوضع الخاص بموظفي وعمال الخط (القنطرة - رفح) من حيث تقاضيهم إعانة غلاء مزيدة تبلغ في بعض الأحيان 185% من الأجر الأصلي أصبح منتهياً؛ استناداً إلى أنهم لا يختلفون عن باقي مستخدمي الحكومة وعمالها الذين يعملون في الجهات النائية السابق بيانها، كجهات سينا والصحراء الشرقية.. إلخ؛ ولذلك رأت مصلحة السكك الحديدية معاملة هذه الطائفة من الموظفين والعمال على أساس صرف مرتباتهم وأجورهم الأصلية مضافاً إليها إعانة الغلاء بفئتها اعتباراً من أول مارس سنة 1950, مع أنها لم تستصدر قراراً من مجلس الوزراء في هذا التاريخ بإلغاء قرارات سنة 1948, وسريان قراري مجلس الوزراء الصادرين في 19 من فبراير سنة 1950 و2 من أبريل سنة 1950, مما دعا بعض الموظفين والعمال إلى تقديم ظلامات إلى اللجان القضائية وإقامة دعاوى أمام الحاكم الإدارية ومحكمة القضاء الإداري, وصدرت لصالحهم قرارات وأحكام.
ومن حيث إنه متى لوحظ أن العمل بقرارات مجلس الوزراء الصادرة في 18 من أبريل سنة 1948 و30 من مايو سنة 1948 و11 من يوليه سنة 1948 يكلف خزانة الدولة أموالاً طائلة, وروعي أن موظفي ومستخدمي وعمال هذا الخط (القنطرة - رفح), الأصليين والمنتدبين, يبلغون زهاء تسعمائة وستين موظفاً وعاملاً, وأن جميعهم كان بسبيل الحصول على أحكام بأحقيتهم في إعانة غلاء فلسطين المزيدة (185%), وأن المصلحة اضطرت كارهة إلى تنفيذ بعض الأحكام النهائية, علم أن المشرع كان على حق في إصدار القانون رقم 79 لسنة 1956 بإلغاء قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 18 من أبريل سنة 1948 و30 من مايو سنة 1948 و11 من يوليه سنة 1948, بتقرير معاملة خاصة لموظفي وعمال خط (القنطرة شرق - رفح) وامتداده؛ إيماناً منه بأن هذه القرارات لم يمسسها تعديل أو نسخ بقراري مجلس الوزراء الصادرين في 19 من فبراير سنة 1950 و2 من أبريل سنة 1950, وحرصاً منه على إلغائها بأثر رجعي ينسحب إلى أول مارس سنة1950؛ لزوال الظروف التي كان من لوازمها الحتمية تقرير هذه الميزات لأفراد تلك الطائفة من الموظفين والعمال, واعتباراً بأن ترك ذلك التدبير التشريعي الحاسم يفضي إلى تقبل تنفيذ ما يستجد من أحكام القضاء الإداري النهائية الصادرة لصالح أفراد تلك الطائفة، ومنهم المطعون عليه، وفي ذلك تحميل للخزانة العامة بما لا طاقة لها باحتماله من أعباء.
ومن حيث إن القانون رقم 79 لسنة 1956 قد تضمن في مادته الأولى النص على أنه "مع عدم الإخلال بالأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة والقرارات النهائية الصادرة من اللجان القضائية والأحكام النهائية الصادرة من المحاكم الإدارية تعتبر ملغاة من أول مارس سنة 1950، قرارات مجلس الوزارة المشار إليها والصادرة في 18 من أبريل سنة 1948 و30 من مايو سنة 1948 و11 من يوليه سنة 1948 بتقرير معاملة خاصة لموظفي وعمال خط (القنطرة شرق - رفح) وامتداده داخل فلسطين من حيث المرتبات والأجور وإعانة الغلاء". وحتى لا يشغل القضاء الإداري بالنظر في دعاوى متعلقة بتطبيق قرارات مجلس الوزراء التي ألغيت بأثر رجعي نص القانون المتقدم الذكر في مادته الثانية على أن "تعتبر منتهية بقوة القانون الدعاوى المنظورة أمام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية المتعلقة بتطبيق قرارات مجلس الوزراء المشار إليها في المادة السابقة عن المدة ابتداء من تاريخ إلغائها في أول مارس سنة 1950, وتعتبر كأن لم تكن القرارات والأحكام غير النهائية الصادرة في التظلمات والدعاوى التي من هذا القبيل من اللجان القضائية والمحاكم الإدارية, وترد الرسوم المحصلة على الدعاوى سالفة الذكر".
ومن حيث إن أحكام القانون رقم 79 لسنة 1956 سالفة الذكر كان يتحتم إعمالها وتطبيقها على الدعوى رقم 6236 لسنة 8 القضائية الصادر فيها الحكم المطعون فيه؛ لأنها كانت منظورة أمام محكمة القضاء الإداري (الهيئة الرابعة "أ") عند العمل بالقانون المذكور في 15 من مارس سنة 1956 (تاريخ نشره في الجريدة الرسمية). ومتى ثبت من واقع الأوراق أن موضوعها - حسبما يتضح من طلبات المطعون عليه - متعلق بتطبيق قرارات مجلس الوزراء المشار إليها في المادة الأولى من القانون المذكور, عن مدة لاحقة لأول مارس سنة 1950, تاريخ إلغاء تلك القرارات, فإنه كان يتعين على المحكمة المذكورة اعتبار الدعوى رقم 6236 لسنة 8 القضائية منتهية بقوة القانون, واعتبار قرار اللجنة القضائية المطعون فيه أمامها كأن لم يكن؛ نزولاً على حكم المادة الثانية من القانون رقم 79 لسنة 1956.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه الصادر في الدعوى المشار إليها (رقم 6236 لسنة 8 القضائية) إذ قضى برفض الدعوى, يكون قد جانب الصواب, وأخطأ في تطبيق القانون وتأويله؛ ويتعين من ثم القضاء بإلغائه, وباعتبار الدعوى المذكورة منتهية بقوة القانون, وقرار اللجنة القضائية الصادر في 11 من يناير سنة 1954 في شأن تظلم المدعي كأن لم يكن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وباعتبار الدعوى منتهية بقوة القانون, وألزمت الحكومة بالمصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق