الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 9 أغسطس 2023

الطعن 52 لسنة 4 ق جلسة 24 / 1 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 54 ص 659

جلسة 24 من يناير سنة 1959

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي وكيل مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني ومحيي الدين حسن وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

-----------------

(54)

القضية رقم 52 لسنة 4 القضائية

اختصاص 

- القرار الصادر من الهيئة المشكل منها مجلس التأديب بنقل واعظ إلى وظيفة كتابية بالتطبيق للمادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - قرار نقل نوعي يختص القضاء الإداري بالفصل في الطعن فيه - رقابة القضاء الإداري تكون بالتثبت من تشكيل الهيئة وفق نصوص القانون وقيام السبب الذي قام عليه القرار دون التدخل في تقدير الإدارة.

-----------------
إن نقل المدعي من وظيفة واعظ إلى وظيفة كتابية ليس نقلاً مكانياً حتى تتسلب المحكمة من اختصاصها, بل إنه قرار نقل نوعى قصد به إبعاد الموظف عن وظيفته في الكادر الفني العالي إلى وظيفة أدنى مرتبة في الكادر الكتابي. ولئن كانت المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أن "الموظف الذي يقدم عنه تقريران متتاليان بدرجة ضعيف يحال إلى اللجنة التي يشكل منها مجلس التأديب لفحص حالته, فإذا تبين لها أنه قادر على تحسين حالته وجهت إليه تنبيها بذلك, وإلا قررت نقله إلى وظيفة أخرى يستطيع الاضطلاع بأعبائها", إلا أن رقابة محكمة القضاء الإداري تتمثل في التثبت من تشكيل الهيئة وفق نصوص القانون وفي قيام السبب الذي قام عليه القرار بغير تدخل في تقدير الإدارة وفي اقتناعها بما استقرت عليه عقيدتها, ما دام ذلك كله قد خلا من إساءة استعمال السلطة.


إجراءات الطعن

في 14 من ديسمبر سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة صحيفة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (الهيئة الثانية) بجلسة 13 من نوفمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 69 لسنة 11 القضائية المرفوعة من السيد/ محمد وهبة الشربيني ضد الجامع الأزهر, والقاضي "بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى, وإلزام المدعي بالمصرفات". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "القضاء بقبول هذا الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى, وإعادتها إليها للفصل فيها". وقد أعلن هذا الطعن إلى الجامع الأزهر في 21 من ديسمبر سنة 1957, وإلى المدعي في 26 منه, وعين لنظره جلسة 13 من ديسمبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات, ثم أرجئ إصدار الحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل, حسبما يبين من الأوراق، في أن المدعي قد حصل في عام 1944 على شهادة العالمية مع إجازة الدعوة والإرشاد؛ ثم التحق بالخدمة في 20 من مايو سنة 1948 في وظيفة إمام. وبتاريخ 25 من أكتوبر سنة 1953 ندب للعمل واعظاً في القوات المسلحة. وإذ قدر بدرجة ضعيف في كل من سنتي 1954 و1955 فقد أحالته مشيخة الأزهر إلى الهيئة المشكل منها مجلس التأديب لفحص حالته كمقتضى نص المادة 32 من قانون التوظف. وبتاريخ 13 من سبتمبر سنة 1956 أصدرت الهيئة قرارها بتوجيهه للأعمال الكتابية. وفي 11 من أكتوبر سنة 1956 أقام المدعي دعواه بإلغاء هذا القرار بحجة مخالفته للقانون؛ ذلك أن إدارة الجيش هي التي كان لها وحدها أن تطبق في حقه أحكام المادة 32 سالفة الذكر لأنه كان يعمل لديها في السنتين اللتين وصف فيهما بالضعف, ولم يعمل بالأزهر إلا بضعة أشهر من سنة 1956 لا تمكنه من الحكم على عمله, فضلاً عن أن هذه المادة لا تخول جهة الإدارة سلطة تأديبية من شأنها إهدار مؤهلاته بوضعه مع غير المؤهلين. وقد رد الجامع الأزهر بأن الهيئة المشكل منها مجلس التأديب لم تصدر قرارها المطعون إلا بعد أن تبين لها أن المدعي غير قادر على تحسين حالته. فقد اعترف في التحقيق الذي أجرى معه أنه لا يصلح للخطابة, وبالتالي لا يمكن أن يكون إماماً أو واعظاً. وفي 13 من نوفمبر سنة 1957 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها بعدم اختصاصها بنظر الدعوى, تأسيساً على أن إجراء نقل المدعي إلى السلك الكتابي لا يعتبر جزاء عن جرم ارتكبه, ما دامت نيته سليمة, وكان ضعفه لا يعدو أن يكون صفة عالقة بشخصه لا يستطيع لها دفعاً ولا يقوى على علاجها, بل النقل في هذه الحالة يعتبر من قبيل الإجراءات التنظيمية البحتة التي تترخص فيها جهة الإدارة بما لها من سلطة تقديرية, ما دام رائدها الصالح العام وبغيتها منفعة المرفق الإداري. وأنه لما كان ذلك فإن القرار المطعون فيه يخرج بطبيعته عن الأمور التي تخضع لرقابة هذه المحكمة. وقد طعن رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم طالباً القضاء بقبول هذا الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى, وإعادتها إليها للفصل فيها. واستند في طعنه إلى الأسباب المفصلة في صحيفة الطعن.
ومن حيث إن النقطة القانونية مثار النزاع هي ما إذا كان القرار المطعون فيه مما يخرج بطبيعته عن رقابة القضاء الإداري, كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه, أم أنه يخضع لرقابة هذا القضاء.
ومن حيث إنه ظاهر أن نقل المدعي في الحالة المعروضة ليس نقلاً مكانياً حتى تتسلب المحكمة من اختصاصها, بل إنه قرار نقل نوعي قصد به إبعاد الموظف عن وظيفته في الكادر الفني العالي إلى وظيفة أدنى مرتبة في الكادر الكتابي.
ومن حيث إنه ولئن كانت المادة 32 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة تنص على أن "الموظف الذي يقدم عنه تقريران متتاليان بدرجة ضعيف يحال إلى اللجنة التي يشكل منها مجلس التأديب لفحص حالته, فإذا تبين لها أنه قادر على تحسين حالته وجهت إليه تنبيها بذلك, وإلا قررت نقله إلى وظيفة أخرى يستطيع الاضطلاع بأعبائها", إلا أن رقابة محكمة القضاء الإداري تتمثل في التثبت من تشكيل الهيئة وفق نصوص القانون, وفي قيام السبب الذي قام عليه القرار, بغير تدخل في تقدير الإدارة وفي اقتناعها بما استقرت عليه عقيدتها, ما دام ذلك كله قد خلا من إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه, وقد تسلب من اختصاص القضاء الإداري في هذه المنازعة, فإنه يكون قد خالف القانون, ويتعين القضاء بإلغائه, وباختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى, وبإعادتها إلى محكمة الفضاء الإداري للفصل فيها".

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه, وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى, وبإعادتها إلى محكمة القضاء الإداري للفصل فيها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق