الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 8 أغسطس 2023

الطعن 322 لسنة 3 ق جلسة 29 / 11 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 19 ص 237

جلسة 29 من نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.

---------------

(19)

القضية رقم 322 لسنة 3 القضائية

(أ) اختصاص 

- صدور القانون رقم 497 لسنة 1955 متضمناً نقل درجات من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري بمصلحة الطيران المدني - صدور قرار بنقل موظفين من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري بالمصلحة المذكورة ومنطوياً في الوقت ذاته على ترقيتهما - حقيقة القرار المطعون فيه هو رفع الموظفين من كادر أدنى إلى كادر أعلى - هذا الرفع هو بمثابة التعيين في الكادر الأعلى وينطوي على ترقية في هذا الكادر - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الطعن فى هذا القرار بغض النظر عن الألفاظ التي قد يوصف بها هذا القرار.
(ب) اختصاص 

- صدور حكم من محكمة إدارية بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة إدارية أخرى للاختصاص - الطعن في هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا تأسيساً على أن المنازعة تتعلق بالطعن في قرار يمس مراكز موظفين من الفئة العالية - صدور قرار بعد الطعن في الحكم من المحكمة الإدارية المحالة إليها الدعوى بإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص - هذه الإحالة لا تمنع من الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وباختصاص محكمة القضاء الإداري بالفصل في المنازعة - أساس ذلك.

-----------------
1 - إذا كان الثابت أنه - بعد أن صدر القانون رقم 497 لسنة 1955 بتنسيق وظائف مصلحة الطيران المدني متضمناً في مادته الثانية نقل ست درجات (4 خامسة و2 سادسة) من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري, وبعد تبادل اتصالات بين المصلحة المذكورة وديوان الموظفين واجتماع لجنة شئون الموظفين لإبداء مقترحاتها بشأن تنفيذ هذا التنسيق - صدر القرار المطعون فيه من السيد وزير الحربية متضمناً نقل كل من المطعون عليهما من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري ومنطوياً في الوقت ذاته على ترقيتهما إلى الدرجة الخامسة الإدارية, وحيال ذلك أقام المدعي دعواه طالباً إلغاء القرار الإداري المشار إليه, وناعياً عليه أنه انطوى على تخطيه في النقل إلى الكادر الإداري وفي الترقية إلى الدرجة الخامسة الإدارية, مع أنه أحق من ذينك الموظفين بالنقل والترقية بحكم أسبقيته في أقدمية الدرجة السادسة الكتابية - إذا كان الثابت هو ما تقدم, فإن حقيقة القرار المطعون فيه هو رفع الموظفين من كادر أدنى هو الكادر الكتابي إلى كادر أعلى هو الكادر الإداري تبعاً لرفع وظيفتين كتابيتين إلى هذا الكادر الأخير. وليس ثمت شك في أن رفع الموظف من كادر أدنى إلى كادر أعلى في مثل هذه الحالة هو بمثابة التعيين في هذا الكادر الأخير, فضلاً عما ينطوي عليه في الوقت ذاته من ترقية من كادر أدني إلى كادر أعلى وما يتلوها من ترقيات في هذا الكادر الأخير؛ ومن ثم فإن مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري يكون مختصاً بنظر مثل هذا النزاع بصرف النظر عن الألفاظ التي قد يوصف بها مثل هذا القرار؛ إذ العبرة بالمعاني لا بالألفاظ.
2 - متى ثبت أن طلب إلغاء القرار من شأنه المساس بمركز أحد الموظفين من الفئة العالية فإن الاختصاص بالفصل فيه ينعقد لمحكمة القضاء الإداري. فإذا كانت المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية - التي أحيلت إلها الدعوى طبقاً للحكم المطعون فيه - قد أحالت الدعوى المذكورة إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص, فإن هذه الإحالة - ولئن صححت الأوضاع تصحيحاً لاحقاً - إلا أنها لم تمح الخطأ الذي عاب الحكم المطعون فيه الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات؛ إذ ما كان ينبغي أن تقع الإحالة إلى محكمة القضاء الإداري إلا بموجب هذا الحكم من بادئ الأمر. وعلى مقتضى ما تقدم تكون محكمة القضاء الإداري هي المختصة وحدها بنظر المنازعة الحالية, ويكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى بإحالة النزاع إلى المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية - غير قائم على أساس سليم, ويتعين من ثم القضاء بإلغائه, وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر المنازعة, وإحالة الدعوى إليها للفصل في موضوعها.


إجراءات الطعن

في 23 من فبراير سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 322 لسنة 3 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بجلسة 25 من ديسمبر سنة 1956 في الدعوى رقم 764 لسنة 3 القضائية المقامة من السيد/ صادق مهدلي سيف النصر ضد وزارة الطيران المدني, القاضي "بعدم اختصاصها بنظر الدعوى, وإحالتها إلى المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء بعدم اختصاص المحكمة الإدارية بنظر الدعوى, وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري المختصة للفصل فيها". وقد أعلن هذا الطعن إلى الجهة الإدارية في 7 من مايو سنة 1957, وإلى المطعون عليه في 29 منه, وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 11 من أكتوبر سنة 1958. وفي 2 من يوليه سنة 1958 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة, ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة, حسبما يبين من أوراق الطعن, تتحصل في أن السيد/ صادق مهدلي سيف النصر أقام الدعوى رقم 764 لسنة 3 القضائية أمام المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة في 16 من يوليه سنة 1956 طلب فيها الحكم بإلغاء القرار رقم 141 لسنة 1956 الصادر من وزير الحربية في 31 من يناير سنة 1956 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى الدرجة الخامسة بالكادر الإداري, مع إلزام الوزارة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال بياناً لدعواه إن القرار المطعون فيه المتقدم الذكر قد شابه عيب إساءة استعمال السلطة؛ لأنه على الرغم مما اقترحته لجنة شئون الموظفين بمصلحة الطيران المدني على وزارة الحربية من نقل الموظفين المقيدين على الدرجات الكتابية إلى الدرجات الإدارية المماثلة على أساس الأقدمية المطلقة, وذلك تنفيذاً للقانون رقم 497 لسنة 1955 بتنسيق بعض درجات مصلحة الطيران المدني, وعلى الرغم من موافقة وزارة المالية على هذا المبدأ, فإن القرار المطعون فيه المشار إليه قد تخطاه في النقل إلى الكادر الإداري بمصلحة الطيران المدني بموظفين كانا يليانه في ترتيب الأقدمية في الدرجة السادسة الكتابية هما السيدان محمد محمد شلبي وعلي أحمد الأنصاري, كما تخطاه بترقيتهما إلى الدرجة الخامسة الإدارية دونه, مع أنه أحق من كل منهما بالنقل إلى الدرجة السادسة الإدارية وبالترقية إلى الدرجة الخامسة الإدارية؛ لكونه أقدم منهما في خدمة الحكومة وفي أقديمة الدرجة السادسة وفي شغل وظيفة "مفتش إداري" بهذه الدرجة. وبجلسة 25 من ديسمبر سنة 1956 حكمت المحكمة الإدارية "بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، وإحالتها إلى المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية". وأسست قضاءها على صدور قرار من السيد رئيس الجمهورية يقضي في مادته الأولى بفصل مصلحة الطيران المدني التي يتبعها المدعي من وزارة المواصلات وإلحاقها بوزارة الحربية, كما أقامته على أن الاختصاص فيما بين المحاكم الإدارية عامة متعلق بالنظام العام, لا يتوقف القضاء به على أن يتمسك به أحد المتداعيين.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي يختصم في دعواه قراراً أدرياً صدر بترقية موظفين في الكادر العالي, فمقتضاه حتماً المساس بمراكز موظفين من الفئة العالية, الأمر الذي يجعل الاختصاص بالنظر في طلب الإلغاء معقوداً لمحكمة القضاء الإداري وحدها طبقاً لقانون مجلس الدولة. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مخالفاً؛ فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله, ويتعين الطعن فيه.
ومن حيث إنه قد تبين لهذه المحكمة من الاطلاع على الأوراق وعلى القرار المطعون فيه خاصة أنه قد صدر القانون رقم 497 لسنة 1955 بتنسيق وظائف مصلحة الطيران المدني متضمناً في مادته الثانية نقل ست درجات (4 خامسة و2 سادسة) من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري, وبعد تبادل اتصالات بين المصلحة المذكورة وديوان الموظفين واجتماع لجنة شئون الموظفين لإبداء مقترحاتها بشأن تنفيذ هذا التنسيق صدر القرار المطعون فيه رقم 141 لسنة 1956 من السيد وزير الحربية في 31 من يناير سنة 1956 متضمناً نقل كل من السيدين محمد محمد يوسف شلبي وعلي أحمد الأنصاري من الكادر الكتابي إلى الكادر الإداري, ومنطوياً في الوقت ذاته على ترقيتهما إلى الدرجة الخامسة الإدارية. وحيال ذلك أقام المدعي دعواه في 16 من يوليه سنة 1956 طالباً إلغاء القرار الإداري المشار إليه, وناعياً عليه أنه انطوى على تخطيه في النقل إلى الكادر الإداري وفي الترقية إلى الدرجة الخامسة الإدارية, مع أنه أحق من ذينك الموظفين بالنقل والترقية بحكم أسبقيته في أقدمية الدرجة السادسة الكتابية.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن حقيقة القرار المطعون فيه هو رفع لموظفين من كادر أدنى هو الكادر الكتابي إلى كادر أعلى هو الكادر الإداري تبعاً لرفع وظيفتين كتابيتين إلى هذا الكادر الأخير. ويستند المدعي في دعواه إلى أنه هو الأحق بأن يوضع في الكادر الأعلى بحكم أقدميته في الكادر الأدنى في الوظيفتين المرفوعتين, كما يستند كذلك إلى أنه أحق بالترقية إلى الدرجة الخامسة الإدارية بحكم أقدميته في الدرجة السادسة الإدارية لو أنه نقل إليها في هذا الكادر بحكم أقدميته في الدرجة السادسة الكتابية كما يقول. وليس ثمت شك في أن رفع الموظف من كادر أدنى إلى كادر أعلى في مثل هذه الحالة هو بمثابة التعيين في هذا الكادر الأخير, فضلاً عما ينطوي عليه في الوقت ذاته من ترقية من كادر أدنى إلى كادر أعلى وما يتلوها من ترقيات في هذا الكادر الأخير؛ ومن ثم فيكون مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري مختصاً بنظر مثل هذا النزاع بصرف النظر عن الألفاظ التي قد يوصف بها مثل هذا القرار؛ إذ العبرة بالمعاني لا بالألفاظ.
ومن حيث إن المادتين 13 و14 من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن تنظيم مجلس الدولة قد رسمتا توزيع الاختصاص النوعي فيما بين محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية, فجعلتا المناط في تحديد هذا الاختصاص هو مستوى الموظف الذي يستهدف المساس بوضعه طلب الإلغاء, ويؤثر في مركزه مآلاً عند قبوله, فإذا كانت طلبات الإلغاء المتعلقة بالقرارات المنصوص عليها في البنود "ثالثاً" و"رابعاً" و"خامساً" من المادة الثامنة من القانون المذكور من شأنها المساس بوضع أحد من الموظفين الداخليين في الهيئة من الفئة العالية أو من الضباط اختصت محكمة القضاء الإداري بالفصل فيها, أما إذا كانت مؤثرة في مراكز موظفين من فئات أخرى غير الفئة العالية كموظفي الفئة المتوسطة كتابية كانت أو فنية, وكالعمال الحكوميين وسائر الموظفين العموميين, انعقد الاختصاص للمحكمة الإدارية وحدها, وإرساء لهذا المبدأ ناط البند الأول من المادة 13 من القانون رقم 165 لسنة 1955 بالمحكمة الإدارية ولاية "الفصل في طلبات إلغاء القرارات المنصوص عليها في البنود "ثالثاً" و"رابعاً" و"خامساً" من المادة 8 عدا ما يتعلق منها بالموظفين الداخلين في الهيئة من الفئة العالية أو بالضباط وفي طلبات التعويض المترتبة عليها", بينما أسبغت المادة 14 من القانون المتقدم الذكر على محكمة القضاء الإداري ولاية الفصل بصفة نهائية في الطلبات والمنازعات المنصوص عليها في المواد 8 و9 و10 و11 عدا ما تختص به المحاكم الإدارية. والعلة في ذلك هي أن توزيع الاختصاص - على النحو السابق - فيما بين محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية قد بني على أساس أهمية النزاع, بمراعاة التدرج القضائي بين هاتين الحكمتين, كما أفصحت عن ذلك المذكرة الإيضاحية المرافقة للقانون رقم 165 لسنة 1955.
ومن حيث إن الوظائف الإدارية - كمثل وظيفتي المرقيين بالقرار المطعون فيه - تندرج قطعاً تحت الفئة العالية التي تنقسم إليها الوظائف الداخلة في الهيئة نزولاً على حكم المادة الثانية من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة. فإذا تبين من الأوراق أن طلب إلغاء القرار المذكور من شأنه المساس بمركز أحد من هذين الموظفين, وهما من الفئة العالية بحكم انتماء وظيفتيهما للكادر الإداري بمصلحة الطيران المدني, فقد انعقد الاختصاص بالفصل فيه لمحكمة القضاء الإداري بلا أدنى شبهة.
ومن حيث إنه لا أهمية لما يستفاد من الأوراق من أن المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية التي أحيلت إليها الدعوى طبقاً للحكم الطعون فيه قد أحالت في 7 من مايو سنة 1957 الدعوى المذكورة إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص؛ لأن هذه الإحالة ولئن صححت الأوضاع تصحيحاً لاحقاً إلا أنها لم تمح الخطأ الذي عاب الحكم المطعون فيه الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات؛ إذ ما كان ينبغي أن تقع الإحالة إلى محكمة القضاء الإداري إلا بموجب هذا الحكم من بادئ الأمر.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم تكون محكمة القضاء الإداري هي المختصة وحدها بنظر المنازعة الحالية, ويكون الحكم المطعون فيه - إذ قضى بإحالة النزاع إلى المحكمة الإدارية لوزارتي الأشغال والحربية - غير قائم على أساس سليم, ويتعين من ثم القضاء بإلغائه, وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر المنازعة، وبإحالة الدعوى إليها للفصل في موضوعها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبإلغاء الحكم المطعون فيه, وباختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى, وبإحالتها إليها للفصل فيها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق