الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 6 أغسطس 2023

الطعن 452 لسنة 4 ق جلسة 1 / 11 / 1958 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 1 ق 5 ص 42

جلسة أول نوفمبر سنة 1958

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة سيد علي الدمراوي وعلي إبراهيم بغدادي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

----------------

(5)

القضية رقم 452 لسنة 4 القضائية

معاش 

- موظفو السكة الحديد المؤقتون والخدمة الخارجون عن الهيئة - قرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 9/ 1947 بالتجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكك الحديدية والمكافأة بحسب قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1944 واستبعاد هذا الجزاء المتجاوز عنه من متجمد احتياطي المعاش الواجب على هؤلاء الموظفين أداؤه عند تثبيتهم - تقريره قاعدة تنظيمية عامة تسري على جميع موظفي المصلحة المثبتين, سواء من عين منهم بمقتضى قرار 21/ 6/ 1938 و16/ 6/ 1943 أو 20/ 1/ 1952 - أساس ذلك.

------------------
إن المذكرة المرفوعة إلى مجلس الوزراء والتي وافق عليها في 16/ 9/ 1947 قد أشارت غير مرة إلى حالة موظفي مصلحة السكك الحديدية من حيث نظام مكافآتهم طبقاً للائحة الخاصة بالمؤقتين منهم والخدمة الخارجين عن هيئة العمال وسخاء هذه اللائحة بالمقارنة بالمكافأة المستحقة بالتطبيق لقانون المعاشات الصادر سنة 1909, وأن أسباب هذا الفرق بين المكافأتين إنما يرجع إلى طبيعة العمل بمصلحة السكك الحديدية, فهو شاق مضمن وأن موظفي هذه المصلحة قد اكتسبوا حقاً في الفرق بين المكافأتين (المكافأة المقررة بمقتضى لائحة السكك الحديدية والمقررة بمقتضى قانون المعاشات سنة 1909), وأن هذا الفرق وإن كان الأصل فيه أن يبقى في خزينة مصلحة السكك الحديدية حتى يفصل الموظف فتصرف إليه, وذلك طبقاً للائحة المصلحة المذكورة الخاصة بالمكافآت, إلا أنه طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 يصير التجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكك الحديدية والمكافأة بحسب قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1944 والخاص بالإعانة الإضافية عن سنى الخدمة الزائدة على 24 سنة واستبعاد هذا الجزء المتجاوز عنه من متجمد الاحتياطي بحيث يخفف عبء أقساطه عن هؤلاء الموظفين على أن تتحمل مصلحة السكك الحديدية نصف المتجاوز عنه بالخصم من ميزانيتها. ومن ثم تكون القاعدة التنظيمية مطلقة غير مقصورة التطبيق على طائفة دون أخرى, وأن العلة في تقرير القاعدة الواردة بمذكرة اللجنة المالية هي سخاء مكافآت مصلحة السكك الحديدية بسبب مشاق أعمال موظفيها, وأنهم كسبوا هذا الحق فلا يجوز إهداره عند تثبيتهم والإخلال بمراكزهم السابقة على التثبيت, وهذه العلة متوافرة في موظفي المصلحة سواء من ثبت منهم بمقتضى قرار21 من يونيه سنة 1938 أو 16 من يونيه سنة 1943 أو 20 من يناير سنة 1952 بشأن جواز تثبيت الموظفين؛ إذ الخلاف في هذه القرارات إنما هو شروط التثبيت وحساب الماهية وحساب المدة السابقة على التثبيت, وهو خلاف غير ذي شأن أو موضوع بالنسبة لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 الذي صدر بعد هذه القرارات جميعاً وصدر مطلقاً عاماً غير مقيد. وانبنى على سبب واحد هو حق موظفي مصلحة السكك الحديدية في مكافأة أسخي من المكافأة المقررة لموظفي الحكومة المؤقتين والخارجين عن هيئة العمال بالتطبيق لقانون المعاشات الصادر سنة 1909. وهذا السبب قائم بالنسبة للموظفين المثبتين بقرار 21 من يونيه سنة 1938 أو ما تلاه من قرارات, وكلها سابقة على قرار مجلس الوزراء الصادر سنة 1947 المشار إليه. وأما ما ورد في مذكرة اللجنة المالية من الإشارة إلى قرار 21 من يونيه سنة 1938 فهو على سبيل الرواية وسرد الوقائع باعتباره أول قرار صدر بفتح باب التثبيت بعد وقفة طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من يناير سنة 1935, فهو أول مناسبة لإثارة المنازعات الخاصة بمتجمد الاحتياطي والفرق بين المكافأتين, فلا يعتد بهذه المناسبة لقصر تطبيق قرار سنة 1947 السابق الإشارة إليه على من ثبت بمقتضى قرار سنة 1938, ما دام الهدف الذي قصد إليه مجلس الوزراء هو التخفيف عن كاهل موظفي مصلحة السكك الحديدية لسخاء مكافآتهم, وهي حق لهم كانوا سيتقاضونه عند إحالتهم إلى المعاش طبقاً للائحتهم, وإنما عجل بالتجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأتين واستبعاده من متجمد الاحتياطي تخفيفاً عن كاهل هذه الطائفة من الموظفين بلا تمييز بين من ثبت منهم بقرار 21 من يونيه سنة 1938 أو قرار 16 من يونيه سنة 1943 أو قرار 20 من يناير سنة 1952؛ إذ الجميع يشتركون تماماً في علة إصدار القرار, وينتفعون منه بناء على عموم القاعدة التنظيمية التي حددت بمقتضى قرار مجلس الوزراء سنة 1947 المشار إليه مفسرة بما جاء في مذكرة اللجنة المالية. وأما الاستناد في قصر تطبيق قرار مجلس الوزراء المشار إليه على من ثبتوا طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من يونيه سنة 1938 إلى القول بأن اللجنة المالية - إذ طلبت بياناً بجملة الاحتياطي المستحق على المثبتين طبقاً لقرار سنة 1938, وجملة المكافآت التي يستحقونها على أساس قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من فبراير سنة 1944, وعلى أساس لائحة مكافآت السكك الحديدية, والفرق بين المكافأتين لتحديد جملة المبالغ اللازمة لتنفيذ القاعدة المقترحة - قد عنت هؤلاء دون غيرهم فهي مردودة؛ (أولاً) : بأنه لم يرد في المذكرة المرفوعة إلى مجلس الوزراء السابق الإشارة إليها ما يدل على أن اللجنة المالية طلبت بيان جملة الاحتياطي المستحق لموظفي ومستخدمي المصلحة المثبتين بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في سنة 1938, بل إن المذكرة في هذا الصدد أشارت إلى أن اللجنة المالية طلبت إلى مصلحة السكك الحديدية موافاتها بجملة الاحتياطي المستحق على هؤلاء المستخدمين وكذلك جملة المكافآت التي يستحقونها على أساس قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من فبراير سنة 1944 وعلى أساس نظام مصلحة السكك الحديدية.
وهؤلاء المستخدمون هم المثبتون من موظفي المصلحة والذين يعاملون بلائحة مكافآتها, وعلى ما سبق إيضاحه. (ثانياً): بأن هذا البيان إنما هو للاستئناس فقط؛ لأن المصلحة ما كانت لتدفع أو لتفتح اعتماداً لتغطية نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكك الحديدية والمكافأة بحسب قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء المشار إليه, بل إن الأمر لا يعدو مجرد التعجيل بصرف نصف فرق المكافأة من باب التيسير بدلاً من بقائه معلي لحسابهم لدى المصلحة لحين بلوغهم السن المقررة لترك الخدمة في الوقت الذي ينوء فيه كاهلهم بأقساط متجمد احتياطي المعاش.


إجراءات الطعن

في 26 من أبريل سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة طعناً في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات ومصلحة السكك الحديدية بجلسة 25 من فبراير سنة 1958 في الدعوى المرفوعة من السيد/ كامل صديق عمر ضد مصلحة السكك الحديدية, والذي قضى "بأحقية المدعي في التجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكك الحديدية والمكافأة بحسب قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944 واستبعاد هذا الجزء المتجاوز عنه من متجمد الاحتياطي المستحق عليه في المعاش طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947, وما يترتب على ذلك من آثار, وألزمت مصلحة السكك الحديدية المصروفات, وبأن تدفع للمدعي مبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم "بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, وإلزام رافعها بالمصروفات". وقد أعلن الطعن للمدعي في 16 من مايو سنة 1958, وللحكومة في 28 منه، وعين لنظر الدعوى جلسة 4 من أكتوبر سنة 1958, وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من الإيضاحات, ثم أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام دعواه بصحيفة أودعت في 16 من يوليه سنة 1957 طالباً الحكم بإلزام مصلحة السكك الحديدية بخصم نصف الفرق بين المكافأة المستحقة له طبقاً للائحة مكافآت السكك الحديدية وبين مقدار المكافأة طبقاً للائحة الحكومة من مبلغ الاحتياطي المستحق عليه في يوم تثبيته طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 9/ 1947. وأجابت مصلحة السكك الحديدية بأن حق الإفادة من أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 9/ 1947 قاصر على من ثبتوا طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 21/ 6/ 1938. وصدر الحكم المطعون فيه بجلسة 25 من فبراير سنة 1958 بأحقية المدعي في التجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكك الحديدية والمكافأة بحسب قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1944 واستبعاد هذا الجزء المتجاوز عنه من متجمد الاحتياطي المستحق عليه في المعاش طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 9/ 1947, وما يترتب على ذلك من آثار, وإلزام المدعى عليه بالمصروفات وأتعاب المحاماة. وقد استند الحكم إلى أن العبرة في القاعدة التنظيمية هو بمنطوقها وحكمها, وقد جاء المنطوق وحكم القاعدة التنظيمية الواردة في قرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 9/ 1947 مطلقاً عاماً مجرداً غير قاصر على طائفة دون أخرى, كما أن القصد من وضع هذه القاعدة هو تخفيف عبء أقساط احتياطي المعاش المتجمد المستحقة على الموظفين الذين يثبتون.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المذكرة التي قدمت من اللجنة المالية ووافق عليها مجلس الوزراء الصادر في 16/ 9/ 1947 لم تتناول سوى من ثبت وفق قرار مجلس الوزراء الصادر في 21/ 6/ 1938, ولم تشر إلى من جرى تثبيتهم طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 6/ 1943 أو غيرها من القرارات, مما يدل على أن القاعدة التي وضعتها اللجنة المالية قاصرة على من طبق عليه قرار مجلس الوزراء الصادر في 21/ 6/ 1938 دون من عداهم من الموظفين الذين تختلف شروط تثبيتهم عن شروط تثبيت الطائفة الأخرى, هذا فضلاً عن أن اللجنة المالية قبل أن تتقدم إلى مجلس الوزراء بهذه القاعدة التنظيمية طلبت من مصلحة السكك الحديدية أن توافيها بحملة الاحتياطي المستحق على الموظفين الذين يثبتون طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21/ 6/ 1938 وجملة المكافآت التي يستحقونها على أساس قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1944 وعلى أساس لائحة مكافآت مصلحة السكك الحديدية والفرق بين المكافأتين لتحديد جملة المبالغ اللازمة لتنفيذ القاعدة المقترحة؛ ومن ثم ينبغي أن يكون تطبيق القاعدة التنظيمية قاصراً على من حصرت تكاليف تثبيتهم من موظفي المصلحة, كما أن اللجنة المالية قد أكدت هذا النظر عند تفسيرها لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 9/ 1947, فرأت أن يقتصر تطبيقه على من يثبت وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21/ 6/ 1938 (كتاب المالية رقم ف 234 - 1/ 137 الصادر من وكيل وزارة المالية إلى مراقب عام الحسابات بمصلحة السكك الحديدية في 27/ 9/ 1947), وأن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 على المدعي, وهو لم يثبت طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من يونيه سنة 1938, فإنه يكون قد خالف القانون. وانتهى رئيس هيئة المفوضين إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً, وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه, والقضاء برفض الدعوى, وإلزام رافعها بالمصروفات.
ومن حيث إنه يبين من المساق المتقدم أن مثار النزاع هو ما إذا كان قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 بشأن التجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكك الحديدية والمكافأة بحسب قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944 قد جاء عاماً مطلقاً أم مقصور الأثر على من ثبتوا بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من يونيه سنة 1938.
ومن حيث إن القرار المشار إليه قد وافق على ما رأته اللجنة المالية بمذكرتها رقم 3/ 600 مواصلات ف 334 - 1/ 137 المرفوعة إلى مجلس الوزراء في 9 من سبتمبر سنة 1947, وقد جرت بالآتي "تقدم موظفو الحركة بمصلحة السكك الحديدية بشكوى عن طريق البرلمان ملخصها أن طبيعة العمل بمصلحة السكك الحديدية وظروفها الشاقة قضت بأن تسن لائحة لمكافآت موظفيها الخارجين عن هيئة العمال وتصل المكافأة التي تمنح بمقتضى هذه اللائحة إلى ماهية المستخدم في 42 شهراً إذا بلغت مدة خدمته 35 سنة فأكثر طبقاً لجدول تصاعدي, وبمقارنة نصوص هذه اللائحة بأحكام قانون المعاشات سنة 1909 الخاص بسائر مستخدمي الحكومة المؤقتين والخدمة الخارجين عن هيئة العمال نجد أن مستخدم مصلحة السكك الحديدية يمتاز على زميله المستخدم في الوزارات والمصالح الأخرى؛ إذ أن هذا الأخير يستولي على مكافأة تعادل ماهية نصف شهر عن كل سنة ولا تتعدى بحال من الأحوال ماهية 12 شهراً في حين أن مستخدم السكك الحديدية قد تصل مكافأته إلى ماهية 42 شهراً. وترجع أسباب هذه التفرقة في المعاملة إلى العمل الشاق الذي يقوم به موظفو مصلحة السكك الحديدية ليلاً ونهاراً ويتحملون في سبيله المخاطر. وفي 21 من يونيه سنة 1938 صدر قرار من مجلس الوزراء بقواعد تسير عليها الوزارات والمصالح في تثبيت الموظفين وإدخال مدد خدمتهم المؤقتة والخارجة عن هيئة العمال في حساب معاشهم, فأقبل موظفو مصلحة السكك الحديدية على التثبيت حفظاً لكيانهم ولكيان عائلاتهم من بعدهم واعتقاداً منهم - إن صواباً أو خطأ - أنهم لا يفقدون الامتياز الذي كسبوه بمقتضى اللائحة الخاصة بالمصلحة, وبعد التثبيت استحق على هؤلاء الموظفين متجمد الاحتياطي عن مدد خدمتهم التي حسبت لهم في المعاش بلغ مئات الجنيهات, فطلبت وزارة المالية منهم سداده إما دفعة واحدة وإما خصمه من ماهياتهم على أقساط مدى الحياة. ولما كانت هذه الأقساط من الضخامة بحيث لا تتحملها مرتباتهم المتواضعة علاوة على الاستقطاعات الأخرى من الاحتياطي وضريبة دمغة, فقد شكا هؤلاء الموظفون من ذلك الخصم بأن كيان ماهياتهم انهار واختل نظام معيشتهم وراحت عائلاتهم ضحية لهذا المشروع خصوصاً في الظروف الحاضرة والغلاء مستحكم, مع أن الحكومة ما قصدت بمشروع التثبيت إلا العطف على الموظفين وعائلاتهم. وتلاحظ وزارة المالية أن هناك فرقاً بين موظفي السكة الحديد مصالح الحكومة الأخرى في الاستفادة من هذا التثبيت؛ لأن موظف السكة الحديد إذا استمر خارج الهيئة يستولي عن مكافأة ممتازة عن زميله بمصلحة أخرى فإذا قبل هذا الأخير استقطاع هذا الاحتياطي المتجمد فإنه الرابح لأن المكافأة التي كان يحصل عليها بعد انتهاء مدة خدمة ضئيلة جداً, أما الموظف بالسكة الحديد فسيخسر مكافأة 42 شهراً علاوة على الاحتياطي, وهو مبلغ لا يستهان به. وفيما يلي مقارنة بين مقدار الخسارة التي تحيق بموظف السكك الحديدية إذا ما ثبت في وظيفته وأدخل جميع مدد خدمته في حساب المعاش: (1) موظف بالسكة الحديد عمره خمسون سنة بلغت مدة خدمته لغاية تاريخ تثبيته 25 سنة بمرتب عشرة جنيهات يستحق مكافأة 36 شهراً أي 360 ج. (2) موظف بالمصالح الأخرى عمره خمسون سنة بلغت مدة خدمته لغاية تاريخ تثبيته 32 سنة بمرتب عشرة جنيهات يستحق مكافأة 12 شهراً أي 120 ج. فإذا ما ثبت الاثنان في وظيفتهما بمقتضى قواعد واحدة, يكون موظف السكة الحديد مغبوناً في فروق قدرها 240 ج. ويقول موظفو هذه المصلحة في عريضتهم إنه ليس من العدل والإنصاف أن يطالب موظف السكة الحديد بمتجمد الاحتياطي مثل زميله الذي لا يتساوى معه في مقدار المكافأة المقررة أصلاً, وأنهم كانوا على يقين أن أولى الأمر القائمين بتسوية متجمد الاحتياطي سيراعون هذا الفرق الكبير لحساب موظفي السكة الحديد, ولكنهم فوجئوا بطلب الاحتياطي المتجمد بأكمله؛ مما يقصم الظهور ويقوض أركان حياتهم وحياة أولادهم, وأن المكافأة حق مكتسب لهم, فلا أقل من احتساب الفرق لهم لغاية تاريخ التثبيت من أصل المتجمد, ويسقط الباقي مدى الحياة إذا بقى عليهم شيء. وتلاحظ وزارة المالية أيضاً أن القاعدة تقضي بعدم حساب أية مدة في المعاش إلا إذا دفع الموظف عنها الاحتياطي, ولم يستثن من هذه القاعدة إلا مدد الخلو إذا كان الفصل من الخدمة لأسباب سياسية؛ وذلك لأن الموظف لم يتناول أجراً أو ماهية خلال فترة انقطاعه عن العمل، ولكن ما دام أن الموظف استولى على ماهيته فإنه يجب أن يستقطع منه الاحتياطي إذا أراد إدخال مدة خدمته في حساب المعاش, ولا يمكن استثناء موظفي المصلحة من هذه القاعدة. ويذكر هؤلاء الموظفون في عريضتهم أنه إذا كانت الحكومة قد رأت تمييز مستخدمة مصلحة السكة الحديد فيما يختص بالمكافأة للمشاق التي يتحملونها أثناء عملهم ليل نهار, فمن الصعب عليهم أن يروا فقدان هذا الامتياز منهم بمجرد قبولهم الدخول في سلك الموظفين الدائمين, والطلب في الواقع لا يرمي إلى إعفائهم من دفع الاحتياطي عن مدد خدمتهم المؤقتة والخارجة عن هيئة العمال التي حسبت لهم في المعاش, بل يرمي إلى حفظ حقهم في الامتياز الذي كسبوه من جراء تطبيق لائحة للمكافآت أسخي من القانون العام الذي ينطبق على سائر الموظفين في المصالح المختلفة, وهذا الامتياز مرجعه نوع العمل الذي يؤدونه, فهو شاق ومضن يعانون من أجله السهر في ساعات الليل, والعمل باستمرار وهم وقوف ساعات طويلة, ويتحملون بسببه متاعب الشتاء ببرده القاسي ومتاعب الصيف بحره الشديد, خصوصاً وأنه بعد دخولهم في سلك الموظفين الدائمين لم يغيروا هذا النوع من العمل بل هم مستمرون فيه, والامتياز الذي كسبوه ويطلبون حفظ حقهم فيه هو عبارة عن الفرق بين المكافأة إذا حسبت طبقاً للائحة مصلحة السكك الحديدية والمكافأة إذا حسبت طبقاً لقانون المعاشات و قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944 الخاص بالإعانة الحتمية عن المدة الزائدة على 24 سنة عن مدة الخدمة المؤقتة السابقة لتاريخ تثبيتهم, فبدلاً من صرف هذا الفرق إليهم فهم يطلبون خصمه من متجمد الاحتياطي المستحق عليهم من جراء حساب مدة خدمتهم في المعاش. هذا وقد أبدى بعض هؤلاء الموظفين رغبتهم في العدول عن التثبيت فيما لو رفض طلبهم, غير أنه لا يجوز قانوناً الرجوع في التثبيت بعد أن تكون الأوامر قد صدرت به واتخذت الإجراءات لتنفيذ هذه الأوامر من حيث استقطاع الاحتياطي للمعاش وإدخال المدد المؤقتة في حسابه وخصم الأقساط المستحقة عليهم, وذلك طبقاً لفتوى من قسم قضايا المالية, كما لا يجوز بحال من الأحوال رد قيمة الاحتياطي الذي سبق خصمه من الموظف مهما كان السبب, وذلك طبقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 37 لسنة 1929. هذا ولما كان المستخدم الخارج عن الهيئة يستولي على مكافأته عن مدة خدمته من مصلحة السكة الحديد رأساً خصماً من اعتماد مخصص لهذا الغرض في ميزانيتها, وفي حالة تثبيته في وظيفته يستولي على معاش من المالية خصماً من اعتماد المعاشات في نظير استيلاء الخزانة على قيمة الاحتياطي ومتجمده. فترى وزارة المالية في حالة الموافقة على الطلب المعروض أن تدفع المصلحة المذكورة الفرق بين المكافأتين لحساب الموظف للخزانة لخصمها من متجمد الاحتياطي المستحق عليه من جراء إدخال مدد خدمته المؤقتة في حساب المعاش, على أن يخصم الباقي عليه - إن وجد - على أقساط شهرية مدى الحياة أو دفعة واحدة حسب رغبته, وإذا زاد فرق المكافأتين عن المتجمد المطلوب رد إليه الزائد. وقد بحثت اللجنة المالية هذا الموضوع, فرأت قبل البت فيه أن يطلب إلى مصلحة السكك الحديدية موافاتها بجملة الاحتياطي المستحق على هؤلاء المستخدمين وكذلك جملة المكافآت التي يستحقونها على أساس قانون المعاشات و قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944 السالف الذكر وعلى أساس نظام مصلحة السكك الحديدية والفرق بينهما. وقد اتضح من البيانات الواردة من مصلحة السكك الحديدية أن مجموع الاحتياطي يبلغ 315.000 ج, والفرق بين المكافأتين نحو 290.450 ج, وعدد الموظفين الذين شملتهم هذه التسوية حوالي 1300 موظف؛ لذلك رأت اللجنة المالية الموافقة على التجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكة الحديد والمكافأة بحسب قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء المشار إليه, واستبعاد هذا الجزء المتجاوز عنه من متجمد الاحتياطي بحيث يخفف عبء أقساطه عن كاهل هؤلاء الموظفين, على أن تتحمل مصلحة السكك الحديدية نصف المتجاوز عنه بالخصم على ميزانيتها, وتتشرف اللجنة المالية برفع رأيها إلى مجلس الوزراء للتفضل بإقراره. وقد وافق مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 16 من سبتمبر سنة 1947 على رأي اللجنة المالية المبين في هذه المذكرة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المذكرة المرفوعة إلى مجلس الوزراء قد أشارت غير مرة إلى حالة موظفي مصلحة السكك الحديدية من حيث نظام مكافأتهم طبقاً للائحة الخاصة بالمؤقتين منهم والخدمة الخارجين عن هيئة العمال, وسخاء هذه اللائحة بالمقارنة بالمكافأة المستحقة بالتطبيق لقانون المعاشات الصادر سنة 1909 وأن أسباب هذا الفرق بين المكافأتين إنما يرجع إلى طبيعة العمل بمصلحة السكك الحديدية, فهو شاق مضن, وأن موظفي هذه المصلحة قد اكتسبوا حقاً في الفرق بين المكافأتين (المكافأة المقررة بمقتضى لائحة السكك الحديدية والمقررة بمقتضى قانون المعاشات الصادر سنة 1909), وأن هذا الفرق وإن كان الأصل فيه أن يبقى في خزينة مصلحة السكك الحديدية حتى يفصل الموظف فتصرف إليه, وذلك طبقاً للائحة المصلحة المذكورة الخاصة بالمكافآت, إلا أنه طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 يصير التجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكك الحديدية والمكافأة بحسب قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17/ 12/ 1944 الخاص بالإعانة الإضافية عن سنى الخدمة الزائدة على 24 سنة واستبعاد هذا الجزء المتجاوز عنه من متجمد الاحتياطي بحيث يخفف عبء أقساطه عن هؤلاء الموظفين على أن تتحمل مصلحة السكك الحديدية نصف المتجاوز عنه بالخصم على ميزانيتها؛ ومن ثم تكون القاعدة التنظيمية مطلقة غير مقصورة التطبيق على طائفة دون أخرى, وأن العلة في تقرير القاعدة الواردة بمذكرة اللجنة المالية هي سخاء مكافآت مصلحة السكك الحديدية بسب مشاق أعمال موظفيها, وأنهم كسبوا هذا الحق فلا يجوز إهداره عند تثبيتهم والإخلال بمراكزهم السابقة على التثبيت. وهذه العلة متوافرة في موظفي المصلحة من ثبت منهم بمقتضى قرار 21 من يونيه سنة 1938 أو 16 من يونيه سنة 1943 أو 20 من يناير سنة 1952 بشأن جواز تثبيت الموظفين؛ إذ الخلاف في هذه القرارات إنما هو في شروط التثبيت وحساب الماهية وحساب المدة السابقة على التثبيت, وهو خلاف غير ذي شأن أو موضوع بالنسبة لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947 الذي صدر بعد هذه القرارات جميعاً وصدر مطلقاً عاماً غير مقيد, وارتبط وانبنى على سبب واحد هو حق موظفي مصلحة السكك الحديدية في مكافأة أسخي من المكافأة المقررة لموظفي الحكومة المؤقتين والخارجين عن هيئة العمال بالتطبيق لقانون المعاشات الصادر سنة 1909, وهذا السبب قائم بالنسبة للموظفين المثبتين بقرار 21 من يونيه سنة 1938 أو ما تلاه من قرارات, وكلها سابقة على قرار مجلس الوزراء لسنة 1947 المشار إليه, وأما ما ورد في مذكرة اللجنة المالية من الإشارة إلى قرار 21 من يونيه سنة 1938 فهو على سبيل الرواية وسرد الوقائع, باعتباره أول قرار صدر بفتح باب التثبيت بعد وقفه طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من يناير سنة 1935, فهو أول مناسبة لإثارة المنازعات الخاصة بمتجمد الاحتياطي والفرق بين المكافأتين, فلا يعتد بهذه المناسبة لقصر تطبيق قرار سنة 1947 السابق الإشارة إليه على من ثبت بمقتضى قرار سنة 1938, ما دام الهدف الذي قصد إليه مجلس الوزراء هو التخفيف عن كاهل موظفي مصلحة السكة الحديد لسخاء مكافآتهم, وهي حق لهم كانوا سيتقاضونه عن إحالتهم إلى المعاش طبقاً للائحتهم, وإنما عجل بالتجاوز عن استرداد نصف الفرق بين المكافأتين واستبعاده من متجمد الاحتياطي تخفيفاً عن كاهل هذه الطائفة من الموظفين بلا تمييز بين من ثبت منهم بقرار 21 من يونيه سنة 1938 أو قرار 16 من يونيه سنة 1943 أو قرار 20 من يناير سنة 1952؛ إذ الجميع يشتركون تماماً في علة إصدار القرار وينتفعون منه بناء على عموم القاعدة التنظيمية التي صدرت بمقتضى قرار مجلس الوزراء سنة 1947 المشار إليه مفسرة بما جاء في مذكرة اللجنة المالية.
ومن حيث إن استناد الطعن في قصر تطبيق قرار مجلس الوزراء المشار إليه على من ثبتوا طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من يونيه سنة 1938 إلى القول بأن اللجنة المالية, إذ طلبت بياناً بجملة الاحتياطي المستحق على المثبتين طبقاً لقرار سنة 1938 وجملة المكافآت التي يستحقونها على أساس قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944 وعلى أساس لائحة مكافآت السكك الحديدية والفرق بين المكافأتين لتحديد جملة المبالغ اللازمة لتنفيذ القاعدة المقترحة, قد عنت هؤلاء دون غيرهم - هذا القول مردود: أولاً - بأنه لم يرد في المذكرة المرفوعة إلى مجلس الوزراء والسابق إيراد نصها ما يدل على أن اللجنة المالية طلبت بيان جملة الاحتياطي المستحق لموظفي ومستخدمي المصلحة المثبتين بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 1938, بل إن المذكرة في هذا الصدد أشارت إلى أن اللجنة المالية طلبت إلى مصلحة السكك الحديدية موافاتها بجملة الاحتياطي المستحق على هؤلاء المستخدمين وكذلك جملة المكافآت التي يستحقونها على أساس قانون المعاشات وقرار مجلس الوزارة الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1944 وعلى أساس نظام مصلحة السكك الحديدية. وهؤلاء المستخدمون هم المثبتون من موظفي المصلحة والذين يعاملون بلائحة مكافآتها على ما سبق إيضاحه. وثانياً - بأن هذا البيان إنما هو للاستئناس فقط؛ لأن المصلحة ما كانت لتدفع أو لتفتح اعتماداً لتغطية نصف الفرق بين المكافأة بحسب لائحة السكة الحديد والمكافأة بحسب قانون المعاشات وقرار مجلس الوزراء المشار إليه, بل إن الأمر لا يعدو مجرد التعجيل بصرف نصف فرق المكافأة من باب التيسير بدلاً من بقائه معلي لحسابهم لدى المصلحة لحين بلوغهم السن المقررة لترك الخدمة في الوقت الذي ينوء فيه كاهلهم بأقساط متجمد احتياطي المعاش.
ومن حيث إن المذكرة المرفوعة لمجلس الوزراء - والحالة هذه - ليس فيها تخصيص لفئة من المثبتين دون أخرى, فالكل في مركز قانوني واحد من ناحية تثبيتهم والتزامهم بالمتجمد وانتفاعهم بلائحة مكافآت مصلحة السكك الحديدية. بل إن قرار مجلس الوزراء قد تغيا التيسير على المثبتين من موظفي مصلحة السكك الحديدية وكلهم في مركز سواء, لا فرق في ذلك بين المثبتين بقرار سنة 1938 أو ما تلاه من قرارات, لتوافر العلة في حق الجميع ولتجرد القاعدة التنظيمية من التخصيص, وإنما يقوم الطعن على عبارة عارضة جاءت في المذكرة الإيضاحية في صدد العود إلى التثبيت بعد وقفه, فلا يجوز قصر تطبيق القرار على إحدى مناسباته, وإنما يمتد القرار إلى المثبتين من موظفي مصلحة السكك الحديدية, سواء بالتطبيق لقرار سنة 1938 أو ما تلاه؛ إذ الجميع في المركز قانوني متماثل, يفيدون من حكم قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من سبتمبر سنة 1947, وشروط إفادتهم منوطة بالقصد من إصدار القرار وعلته, وهو واجب التطبيق غير مقيد في ذلك بإحدى مناسبات إصداره, ما دامت المذكرة قد انتهت إلى قاعدة تنظيمية عامة مجردة مطلقة من قيد المناسبة التي أدت إلى إصدارها, وقد وافق مجلس الوزراء عليها بصيغتها هذه.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم وللأسباب الأخرى الواردة في الحكم المطعون فيه يكون الطعن على غير أساس من القانون متعيناً رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً, وبرفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق