جلسة 24 من ديسمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / أسامة توفيق عبد الهادي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مجدي عبد الحليم ، يوسف قايد ومحمد أيمن نواب رئيس المحكمة ومحمد أبو المكارم .
----------------
(114)
الطعن رقم 6496 لسنة 82 القضائية
(1) سجون . تفتيش " التفتيش بغير إذن " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لضابط السجن تفتيش أي شخص يشتبه في حيازته أشياء ممنوعة داخل السجن . أساس ذلك ؟
القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها . موضوعي . حد ذلك ؟
تدليل الحكم سائغاً على توافر حالة التلبس . كفايته للرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتفائها . النعي في هذا الشأن جدل موضوعي . غير جائز إثارته أمام محكمة النقض .
(2) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟
للمحكمة التعويل في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة . متى انتهت لصحة إجراءاته .
(3) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
تناقض أقوال الشاهد . لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الإدانة منها بما لا تناقض فيه .
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد . مفاده ؟
(4) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً . علة ذلك ؟
مثال .
(5) دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفائها في حق الطاعن وانتفاء صلته بالمضبوطات وتلفيق وكيدية الاتهام . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(6) دفوع " الدفع ببطلان الإقرار " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . إثبات " إقرار " .
النعي ببطلان إقرار الطاعن . غير مجد . ما دام الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد منه .
إقرار الطاعن لضابط الواقعة بمحضر الضبط . مجرد قول . لمحكمة الموضوع تقديره .
(7) وصف التهمة . مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . غرامة . نقض " المصلحة في الطعن " .
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم . لها تعديله دون لفت نظر الدفاع . حد ذلك ؟
تغيير الوصف القانوني للواقعة من إحراز مخدرين بغير قصد إلى إحرازهما بقصد التعاطي دون إضافة أفعال أو عناصر لم تكن موجهة للمتهم . لا إخلال بحق الدفاع .
الغرامة المقررة لجريمة التعاطي أقل قدراً من المقررة للإحراز بغير قصد وإن تساوت العقوبة المقيدة للحرية في كلتيهما . مؤداه : تغيير الوصف للتعاطي . أصلح للطاعن .
استخدام المادة 17 عقوبات في جريمة التعاطي . جائز على إطلاقه دون الخضوع للاستثناء الوارد بالمادة 36 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل . أثره : انتفاء المصلحة في تعييب الحكم بصدد التدليل على قصد التعاطي .
(8) مواد مخدرة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الارتباط " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
تقدير قيام الارتباط بين الجرائم . موضوعي .
انتهاء الحكم إلى عدم قيام الارتباط بين جريمتي إحراز جوهر الحشيش وعقار الترامادول المخدرين وتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل منها . خطأ في تطبيق القانون . يوجب نقضه وتصحيحه
بإلغاء عقوبة التهمة الثانية . أساس وعلة ذلك ؟
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات ومن تقرير التحليل وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولم يجادل الطاعن في أنها ترتد إلى أصول ثابتة في الأوراق . لما كان ذلك ، وكانت المادة 41 من القرار بقانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون تنص على أنه : " لضابط السجن حق تفتيش أي شخص يشتبه في حيازته أشياء ممنوعة داخل السجن سواء كان من المسجونين أو العاملين بالسجن أو غيرهم " ، مما مفاده أن تفتيش الطاعن كان استعمالاً لحق خوله القانون لمجرد الاشتباه أو الشك في حيازة الطاعن لأشياء ممنوعة وهو ما لم يخطئ الحكم في استخلاصه ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة ومن بطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
2- لما كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ، ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من القبض على الطاعن وتفتيشه لقيام حالة التلبس بالجريمة في حقه - على نحو ما سلف - فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقواله وما أسفر عنه تفتيش الطاعن المذكور من إحرازه للمخدر ضمن ما عولت عليه في إدانته ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم .
3- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، وأن التناقض في أقوال الشاهد - على فرض حصوله –لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هوالحال في الدعوى المطروحة - ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بقالة أن الضابط اختلق حالة التلبس لا يكون له محل .
4- من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً ورداً ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض في أقوال ضابط الواقعة بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
5- من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفائها في حق الطاعن وانتفاء صلته بالمضبوطات وتلفيق وكيدية الاتهام كل ذلك إنما هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً طالما أن الرد عليها يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في هذه الدعوى - ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على تلك الدفوع أو أن تكون قد اطرحتها بالرد عليها إجمالاً ، ويكون معه ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
6- لما كان الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعن على نحو مستقل بل استند إلى ما أقر به لضابط الواقعة بشأن إحرازه للمخدر المضبوط في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، فهو في هذه الحالة إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة لها أن تأخذ به أو تطرحه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً .
7- من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم ، بل هي مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية التي اتخذتها النيابة العامة هي بذاتها الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة دون أن تضيف إليها شيئاً ، ولما كان ذلك ، وكانت التهمة الموجهة إلى المتهم في ورقة الاتهام هي إحراز جوهر وعقار مخدرين بغير قصد من القصود المسماة ، وكانت المحكمة قد استظهرت أن الإحراز كان بقصد التعاطي فغيرت الوصف القانوني للواقعة دون إضافة شيء من الأفعال أو العناصر التي لم تكن موجهة إلى المتهم فإنها لا تكون قد أخلت بحقه في الدفاع ، هذا فضلاً عن أن تغيير الوصف كان في صالح الطاعن باعتبار أن العقوبة المقيدة للحرية وإن تساوت في كلتيهما إلا أن الغرامة المقررة لجريمة التعاطي أقل قدراً من تلك المقررة لجريمة الإحراز بغير قصد من القصود ، هذا فضلاً عن أن جريمة التعاطي يجوز استخدام المادة 17 عقوبات على إطلاقها ولا تخضع إلى الاستثناء المنصوص عليه في المادة 36 من القانون رقم ۱۸۲ لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة ۱۹۸۹ - وهو ما تمتع به الطاعن - ومن ثم يكون هذا الوجه على غير أساس ، ولا مصلحة للطاعن أيضاً في تعييب الحكم بصدد التدليل على قصد التعاطي عن الجريمة المسندة إليه ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص والطعن برمته غير مقبول ويتعين رفضه .
8- من المقرر أنه وإن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ، إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى على النحو الذي حصله الحكم لا تتفق قانوناً مع ما انتهى إليه من عدم قيام الارتباط بين الجريمتين وتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل منها فإن ذلك يكون من قبيل الأخطاء القانونية التي تستوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي إحراز جوهر الحشيش المخدر وإحراز عقار الترامادول المخدر بقصد التعاطي اللتين دانه بهما رغم أن الجريمتين اللتين دين بهما قد نشأتا عن فعل واحد هو إحراز المخدر وإن تعددت أنواعه ، بما كان يتعين معه وفق صحيح القانون تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة ۳۲ من قانون العقوبات والحكم عليه بالعقوبة المقررة لجريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون باعتبارها الجريمة الأشد دون العقوبة المقررة لجريمة إحراز عقار الترامادول بقصد التعاطي ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن كل تهمة من التهمتين المسندتين إليه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضي بها عن التهمة الثانية والاكتفاء بالعقوبة المقضي بها عن التهمة الأولى باعتبارها الجريمة الأشد عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه بأسباب الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1- أحرز بغير قصدي التعاطي أو الاتجار جوهراً مخدراً ( حشيش ) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . 2- أحرز بغير قصدي التعاطي أو الاتجار عقاراً مخدراً ( ترامادول ) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . 3- أدخل إلى سجن .... المخدرين سالفي الذكر على خلاف القوانين واللوائح المنظمة للسجون .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 37/1 ، 42/1 ، 45/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم 1 الملحق والفقرة 6 من البند " د " من الجدول الثالث المرفق ، مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وبتغريمه عشرة آلاف جنيه عن التهمة الأولى وبتغريمه ألفي جنيه عن التهمة الثانية وبمصادرة المخدر المضبوط ، باعتبار أن إحراز المواد المخدرة بقصد التعاطي وعقب استبعاد تهمة إدخال مخدر إلى سجن .... على خلاف القوانين واللوائح المنظمة للسجون .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحراز جوهر الحشيش وعقار الترامادول المخدرين بقصد التعاطي قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه اطرح بما لا يسوغ دفعه ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس لشواهد عددها ، وعول في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة رغم أنها مستمدة من هذا القبض الباطل ، فضلاً عن تناقضها وعدم معقولية تصويره للواقعة واختلاقه لحالة التلبس ملتفتاً عن دفاعه في هذا الشأن وعن دفعه بانتفاء صلته بالمضبوطات وكيدية الاتهام وتلفيقه ، وبطلان الإقرار المنسوب إليه بمحضر الضبط ، وعدلت المحكمة وصف الاتهام من إحراز المخدر بغير قصد من القصود المسماة قانوناً إلى إحراز بقصد التعاطي دون أن تنبه الطاعن أو المدافع عنه لهذا التعديل ، وأخيراً لم يدلل الحكم المطعون فيه تدليلاً سائغاً على توافر هذا القصد في حقه ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات ومن تقرير التحليل وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولم يجادل الطاعن في أنها ترتد إلى أصول ثابتة في الأوراق . لما كان ذلك ، وكانت المادة 41 من القرار بقانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون تنص على أنه : " لضابط السجن حق تفتيش أي شخص يشتبه في حيازته أشياء ممنوعة داخل السجن سواء كان من المسجونين أو العاملين بالسجن أو غيرهم " ، مما مفاده أن تفتيش الطاعن كان استعمالاً لحق خوله القانون لمجرد الاشتباه أو الشك في حيازة الطاعن لأشياء ممنوعة وهو ما لم يخطئ الحكم في استخلاصه ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة ومن بطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ، ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من القبض على الطاعن وتفتيشه لقيام حالة التلبس بالجريمة في حقه - على نحو ما سلف - فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقواله وما أسفر عنه تفتيش الطاعن المذكور من إحرازه للمخدر ضمن ما عولت عليه في إدانته ، ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، وأن التناقض في أقوال الشاهد - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بقالــة أن الضابط اختلق حالة التلبس لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً ورداً ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض في أقوال ضابط الواقعة بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفائها في حق الطاعن وانتفاء صلته بالمضبوطات وتلفيق وكيدية الاتهام كل ذلك إنما هو دفاع موضوعي لا يستوجب في الأصل من المحكمة رداً خاصاً أو صريحاً طالما أن الرد عليها يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم - كما هو الحال في هذه الدعوى - ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي لم ترد في حكمها على تلك الدفوع أو أن تكون قد اطرحتها بالرد عليها إجمالاً ، ويكون معه ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعن على نحو مستقل بل استند إلى ما أقر به لضابط الواقعة بشأن إحرازه للمخدر المضبوط في غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، فهو في هذه الحالة إنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة لها أن تأخذ به أو تطرحه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم ، بل هي مكلفة بأن تمحص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك ما دام أن الواقعة المادية التي اتخذتها النيابة العامة هي بذاتها الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت عليها المرافعة دون أن تضيف إليها شيئاً ، ولما كان ذلك ، وكانت التهمة الموجهة إلى المتهم في ورقة الاتهام هي إحراز جوهر وعقار مخدرين بغير قصد من القصود المسماة ، وكانت المحكمة قد استظهرت أن الإحراز كان بقصد التعاطي فغيرت الوصف القانوني للواقعة دون إضافة شيء من الأفعال أو العناصر التي لم تكن موجهة إلى المتهم فإنها لا تكون قد أخلت بحقه في الدفاع ، هذا فضلاً عن أن تغيير الوصف كان في صالح الطاعن باعتبار أن العقوبة المقيدة للحرية وإن تساوت في كلتيهما إلا أن الغرامة المقررة لجريمة التعاطي أقل قدراً من تلك المقررة لجريمة الإحراز بغير قصد من القصود ، هذا فضلاً عن أن جريمة التعاطي يجوز استخدام المادة 17 عقوبات على إطلاقها ولا تخضع إلى الاستثناء المنصوص عليه في المادة 36 من القانون رقم ۱۸۲ لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة ۱۹۸۹ - وهو ما تمتع به الطاعن - ومن ثم يكون هذا الوجه على غير أساس ، ولا مصلحة للطاعن أيضاً في تعييب الحكم بصدد التدليل على قصد التعاطي عن الجريمة المسندة إليه ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص والطعن برمته غير مقبول ويتعين رفضه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه وإن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ، إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى على النحو الذي حصله الحكم لا تتفق قانوناً مع ما انتهى إليه من عدم قيام الارتباط بين الجريمتين وتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل منها فإن ذلك يكون من قبيل الأخطاء القانونية التي تستوجب تدخل محكمة النقض لإنزال حكم القانون على وجهه الصحيح ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي إحراز جوهر الحشيش المخدر وإحراز عقار الترامادول المخدر بقصد التعاطي اللتين دانه بهما رغم أن الجريمتين اللتين دين بهما قد نشأتا عن فعل واحد هو إحراز المخدر وإن تعددت أنواعه ، بما كان يتعين معه وفق صحيح القانون تطبيق نص الفقرة الأولى من المادة ۳۲ من قانون العقوبات والحكم عليه بالعقوبة المقررة لجريمة إحراز جوهر الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون باعتبارها الجريمة الأشد دون العقوبة المقررة لجريمة إحراز عقار الترامادول بقصد التعاطي ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن كل تهمة من التهمتين المسندتين إليه فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضي بها عن التهمة الثانية والاكتفاء بالعقوبة المقضي بها عن التهمة الأولى باعتبارها الجريمة الأشد عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه بأسباب الطعن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق