الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 9 يوليو 2023

الطعن 962 لسنة 3 ق جلسة 14 / 2 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 64 ص 774

جلسة 14من فبراير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي ومحيي الدين حسن وعلي حسن بغدادي المستشارين.

-------------------

(64)

القضية رقم 962 لسنة 3 قضائية

تعيين 

- النقل من إدارات الحكومة المركزية ومصالحها إلى المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية يعتبر تعييناً جديداً إلا فيما حدده القانونان رقما 62 سنة 1955 و190 لسنة 1955 على سبيل الاستثناء - عدم خضوع الموظف المنقول من الحكومة إلى المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية للقيد الوارد في الفقرة الثانية من المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 - أساس ذلك.

------------------
إن الأصل في النقل من إدارات الحكومة المركزية ومصالحها إلى المجالس البلدية أو بالعكس يعتبر أنه بمثابة التعيين؛ إذ يبين من مراجعة نصوص القانونين رقمي 62 لسنة 1955 و190 لسنة 1955 - في ضوء مذكرتيهما الإيضاحيتين - أن المادة الأولى من القانون الأول تنص على أن: "موظفو الحكومة ومستخدموها وعمالها الذين يعينون في المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية ينقلون بالحالة التي يكون عليها كل منهم في تاريخ تعيينه"، ونص في مادته الثانية على أن "تعتبر خدمة الموظفين والمستخدمين والعمال المذكورين في المادة السابقة في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحده لا تتجزأ، وتحسب في تسوية ما قد يستحقونه من معاش أو مكافأة عند تركهم الخدمة أو الفصل منها.....". وقد جاء في المذكرة الإيضاحية بياناً للحكمة التشريعية التي دعت إلى إصداره ما يلي: "ورغبة في تمكين المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية من مباشرة اختصاصاته المتشعبة التي قد تقتضي الاستعانة بالموظفين ذوي الخبرة والمران السابق ترى وزارة الشئون البلدية والقروية تيسير نقل موظفي ومستخدمي وعمال الحكومة إلى المجلس البلدي المذكور، على أن توضع قواعد خاصة لنقلهم وتسوية مكافآتهم ومعاشاتهم. وقد أوضح قسم التشريع بمجلس الدولة أنه روعي في تحديد هذه القواعد اعتبار موظفي الحكومة ومستخدميها وعمالها الذين يعينون في مجلس بلدي الإسكندرية منقولين إليه بالحالة التي يكون عليها كل منهم في تاريخ تعيينه، واعتبار مدة الخدمة في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحدة لا تتجزأ وتحسب في تسوية ما قد يستحقونه من معاش أو مكافآت".
ومفاد ذلك أن الأصل هو اعتبار النقل تعييناً، وأن الاستثناء هو ما حدده القانون المذكور في الخصوص التي عينه، وفيما عدا ذلك فيعتبر النقل تعييناً منشئاً لعلاقة جديدة؛ وآية ذلك أنه لما أريد استثناء المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية فيما يتعلق بتعيين الموظفين الذين ينقلون إليه من القيد الذي أوردته الفقرة الأخيرة من المادة 23 من القانون رقم 210 لسنة 1951، صدر القانون رقم 190 لسنة 1955 بإضافة فقرة جديدة بهذا المعنى إن المادة 1 من القانون رقم 62 لسنة 1955، وجاء في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 190 لسنة 1955 ما يلي "وإن كانت أحكام هذا القانون (62 لسنة 1955) تحفظ لموظفي الحكومة ومستخدميها الذين ينقلون إلى المجلس البلدي جميع حقوقهم المكتسبة مع تسوية حالاتهم كما لو كان نقلاً محلياً، إلا أن هذا النقل لا زال بمثابة التعيين ابتداء؛ لأنه ينشئ علاقة جديدة بين الموظف والمجلس البلدي الذي له شخصيته المعنوية وميزانيته المستقلة عن الحكومة. ونظراً إلى أن المادة 23 من القانون رقم 210 سنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، الذي تسري أحكامه على موظفي المجلس البلدي تقضي بعدم جواز التعيين في غير أدنى درجات الكادر إلا في حدود 10% من الدرجات، ولما كانت حاجة البلدية لموظفي الحكومة تستلزم نقل من هم في درجات أعلى من بداية درجات الكادر فإن القيد الذي أوردته المادة 23 المذكورة سيقف عقبة في سبيل تحقيق الغاية من استصدار القانون رقم 62 لسنة 1955 سالف الذكر. وقد رؤى - استكمالاً لتحقيق الغرض المقصود - أن تستثنى بلدية الإسكندرية بالنسبة لحالات تعيين موظفي الحكومة بها من نسبة الـ 10% الواردة بالمادة 23 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليها". وظاهر من ذلك كله أن النقل من الحكومة إلى المجلس ما زال يعتبر تعييناً إلا فيما حدده القانونان المشار إليهما اللذان وردا على سبيل الاستثناء؛ ومن ثم فلا يخضع الموظف المنقول من الحكومة إلى المجلس للقيد الوارد في الفقرة الثانية من المادة 47 من القانون سالف الذكر؛ لأنه لا يسري إلا على النقل دون التعيين.


إجراءات الطعن

في 26 من أغسطس سنة 1957 أودع السيد رئيس هيئة المفوضين طعناً قيد بجدول المحكمة برقم 962 لسنة 3 قضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بالإسكندرية بجلسة 2 من يوليه سنة 1957 في الدعوى رقم 761 لسنة 3 قضائية المقامة من السيد/ محمد فهمي أحمد ضد بلدية الإسكندرية، الذي قضى بإلغاء قرار الهيئة الإدارية الصادر في 17 من أبريل سنة 1956، وقرار مدير البلدية تنفيذاً له رقم 47 لسنة 1956، فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الرابعة بالكادر الفني المتوسط بالبلدية، وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى، مع إلزام المدعي بالمصروفات. وقد أعلن الطعن إلى الحكومة في 17 من أكتوبر سنة 1957، وإلى المطعون ضده في 2 من نوفمبر سنة 1957، وعينت لنظر الطعن جلسة 8 من نوفمبر سنة 1958، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات، ثم أرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 861 لسنة 3 قضائية ضد بلدية الإسكندرية بعريضة أودعها سكرتيرية المحكمة الإدارية بالإسكندرية في 13 من سبتمبر سنة 1956 طالباً الحكم بإلغاء الأمر الإداري الصادر من مدير عام بلدية الإسكندرية برقم 47 لسنة 1956 فيما تضمنه من ترقية السيد/ محمد سامح أحمد حمدي إلى الدرجة الرابعة بالكادر الفني المتوسط تخطياً له، واستحقاقه للترقية إلى تلك الدرجة من تاريخ نفاذ الأمر المذكور، وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق، وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه إنه ألحق بخدمة بلدية الإسكندرية في 12 من مارس سنة 1956 بناء على طلبها، وبمقتضى القرار رقم 1008 لسنة 1955 الصادر من وزارة الأشغال، وفي 17 من مايو سنة 1956 أصدر مدير بلدية الإسكندرية الأمر الإداري رقم 47 لسنة 1956 بترقية السيد/ محمد سامح حمدي إلى الدرجة الرابعة الفنية بالكادر المتوسط على أساس الأقدمية، وأن المدعي أحق منه بالترقية؛ لأنه أقدم في التخرج والدرجة وإن اتحد معه في الدرجة الخامسة الشخصية التي ترجع إلى 7 من مارس سنة 1953، ويسبقه في الدرجة السادسة المقررة لمؤهلهما الدراسي طبقاً لقانون المعادلات الدراسية من تاريخ دخولهما الخدمة في ظل القانون رقم 62 لسنة 1955، المعدل بالقانون رقم 190 لسنة 1955 الخاص بتسوية حالة الموظفين والمستخدمين والعمال الذين نقلوا من المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية إلى الحكومة أو منها إلى المجلس البلدي.
ومن حيث إن الجهة الإدارية ردت على الدعوى بقولها إن المدعي عين بمصلحة المساحة مستخدماً خارج الهيئة في 30 من أبريل سنة 1925، ثم عين في وظيفة مساح مؤقت بالدرجة الثامنة على اعتماد من 22 من مارس سنة 1926، وأصبح مستديماً من أول ديسمبر سنة 1930، ورقي إلى الدرجة السابعة الشخصية بوظيفة مساعد مهندس من أول يوليه سنة 1930، ورقي إلى الدرجة السادسة من أول أبريل سنة 1953، وسويت حالته تطبيقاً لأحكام المعادلات، ومنح الدرجة الخامسة الشخصية من 7 من مارس سنة 1953، ثم نقل في 12 من مارس سنة 1956، إلى الإدارات الهندسية بالبلدية بحالته وبماهيته التي كان يتقاضاها بمصلحة المساحة وقدرها 27 ج في وظيفة بالدرجة الخامسة الشخصية بالكادر الفني المتوسط، وقد وافقت لجنة شئون الموظفين بجلسة 8 من أبريل سنة 1956 على ترقية السيد/ محمد سامح أحمد حمدي إلى الدرجة الرابعة بالأقدمية باعتباره الأول، والسيد فايق فتوح بالاختيار. ووافقت وزارة الشئون البلدية والقروية في أول مايو سنة 1956، ثم صدر الأمر الإداري رقم 47 لسنة 1956، ولما كان المدعي يسبق المرقى في الأقدمية فقد عرض الأمر على لجنة شئون الموظفين بجلسة 16 من يونيه سنة 1956، فوافقت على سحب ترقية السيد/ محمد سامح أحمد وترقية المدعي إلى الدرجة الرابعة بالأقدمية باعتباره الأول، وصدر قرار الإدارة بذلك، إلا أن الهيئة الإدارية للمجلس البلدي لم توافق، ورأت ترقية السيد/ محمد سامح، ووافق وزير الشئون البلدية على ذلك في 29 من يوليه سنة 1956، وصدر القرار في 27 من أغسطس سنة 1956 بإعادة العمل بالقرار رقم 47 لسنة 1956، وقدم المفوض تقريراً في 26 من مايو سنة 1957 يطلب الحكم برفض الدعوى، مستنداً إلى أن نقل المدعي من مصلحة المساحة إلى البلدية يعتبر نقلاً بالمعنى المفهوم في المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951، ويسري عليه الحظر الوارد بها من عدم ترقية المنقول بالأقدمية قبل مضي سنة على نقله؛ ومن ثم يكون القرار سليماً.
ومن حيث إن المحكمة الإدارية بجلسة 2 من يوليه سنة 1957 قضت بإلغاء قرار الهيئة الإدارية الصادر في 17 من أبريل سنة 1956 وقرار مدير البلدية تنفيذاً له رقم 47 لسنة 1956، فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الرابعة بالكادر الفني المتوسط بالبلدية، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الحكومة المصروفات والأتعاب. واستندت في قضائها إلى أن من المسلم به أن للحكومة شخصية معنوية مستقلة عن شخصية كل من المجالس البلدية، كما أن لكل من تلك المجالس شخصيتها القائمة بذاتها وميزانيتها المستقلة عن الحكومة؛ ومن ثم فإن تعيين أي موظف حكومي بالمجلس البلدي يعتبر منشئاً لعلاقة جديدة بين هذا الموظف وبين المجلس البلدي؛ وبذلك فإن قواعد التعيين هي التي تطبق في هذه الحالة وليست قواعد النقل، وقد أورد هذا المعنى القانون رقم 190 لسنة 1955 بتعديل القانون رقم 62 لسنة 1955، بتسوية حالة الموظفين والمستخدمين والعمال الذين ينقلون من المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية إلى الحكومة أو منها إلى المجلس؛ حيث ورد في مذكرته الإيضاحية أنه وإن كانت أحكام هذا القانون تحفظ لموظفي الحكومة ومستخدميها الذين ينقلون إلى المجلس البلدي جميع حقوقهم المكتسبة مع تسوية حالاتهم كما لو كانت نقلاً محلياً، إلا أن هذا النقل لا زال بمثابة التعيين ابتداء؛ لأنه ينشئ علاقة جديدة بين الموظف والمجلس البلدي الذي له شخصيته المعنوية وميزانيته المستقلة عن الحكومة لذلك فإن القيد الذي أوردته المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 على ترقية الموظف المنقول لا ينطبق على الموظفين المنقولين من الحكومة إلى مجلس بلدي الإسكندرية؛ إذ أن هذا النقل - على نحو ما تقدم - يعتبر تعييناً جديداً، فضلاً عن أن نص المادة المذكورة وقد تضمن قيداً من الأصل العام في جواز النظر في ترقية الموظف المنقول من وزارة أو مصلحة إلى وزارة أو مصلحة أخرى قبل مضي سنة ما دامت قد قامت به شروط الترقية، فإنه يجب إعمال هذا النص في نطاق ضيق، دون التوسع فيه ولا إعمال القياس عليه. وإنه وإن كان تعيين الموظف الحكومي بمجلس بلدي الإسكندرية يكسبه نفس حقوق الموظف المنقول من وزارة إلى أخرى أو من مصلحة إلى أخرى من حيث حساب مدد الخدمة السابقة والمرتب... الخ، فإن ذلك لا يؤدي إلى إعمال القيد الذي أوردته المادة 47 المتقدمة عليه؛ لأن هذا لنص إنما يحكم النقل لا التعيين. وقد طعنت هيئة المفوضين في هذا الحكم مستندة إلى "أن الثابت من الواقع أن المدعي نقل إلى بلدية الإسكندرية في 12/ 3/ 1956، وقد صدر القرار المطعون فيه بالترقية إلى الدرجة الرابعة بالكادر الفني المتوسط في 17/ 5/ 1956، أي قبل انقضاء سنة على الأقل من تاريخ نقله. وبذلك ما كان يجوز النظر في ترقيته بالتطبيق لحكم المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 عند إجراء حركة الترقية التي صدر بها القرار المطعون فيه. غير أن الحكم المطعون فيه لم يأخذ بهذا النظر، بمقولة إن نقل المدعي من الحكومة إلى البلدية ليس نقلاً عادياً، وإنما هو تعيين جديد ينشئ علاقة قانونية جديدة بين المدعي والبلدية، وبذلك لا يدخل في نطاق حكم المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951؛ وذلك لأن لكل من الحكومة والبلدية شخصية وميزانية مستقلة، هذا مع العلم بأن النقل بين الوزارات والمصالح يعتبر تعييناً للموظف في الجهة التي نقل إليها، ومع ذلك فإن القيد الوارد في المادة السالفة الذكر لم يسن إلا لهذه الحالة، والحكم المطعون فيه لم يبرأ من التناقض؛ لأنه وقد أخذ بوجهة النظر التي آثر الأخذ بها اعتبر المدعي منقولاً نقلاً عادياً حين استند إلى أقدميته في الدرجة الخامسة التي منحها وهو موظف بمصلحة المساحة. فقد صدر القانون رقم 62 لسنة 1955 والقانون رقم 190 لسنة 1955 بتسوية حالة الموظفين والمستخدمين والعمال الذين ينقلون من الحكومة إلى بلدية الإسكندرية ومن البلدية إلى الحكومة، وذلك بالاحتفاظ لهم بشتى مراكزهم القانونية. وإذاً فإن هذا النقل يأخذ حكم النقل المعنى في المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951، ويتعين أن يجرى عليه حكمها، وبخاصة أن الحكمة في ورود هذا القيد على الترقية قائمة بالنسبة للمدعي، وبالتالي يكون القرار المطعون فيه صادراً على وفق القانون.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن مثار النزاع ينحصر فيما إذا كان النقل من إدارات الحكومة المركزية ومصالحها إلى المجالس البلدية أو بالعكس يعتبر نقلاً عادياً خاضعاً للقيد الوارد في الفقرة الثانية من المادة 47 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، بحيث لا تجوز ترقية الموظف المنقول إلا بعد مضي سنة على الأقل من تاريخ نقله، ما لم تكن الترقية في النسبة الاختيارية أو في درجات المصالح المنشأة حديثاً، أم أنه يعتبر بمثابة التعيين الجديد فلا يخضع لهذا القيد.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه في الخصوص المشار إليه للأسباب التي استند إليها فتأخذ بها هذه المحكمة؛ يقطع – في أن الأصل في هذا النقل أنه بمثابة التعيين - مراجعة نصوص القانونين رقمي 62 لسنة 1955 و190 لسنة 1955 - في ضوء مذكرتيهما الإيضاحيتين، فنص المادة الأولى من القانون الأول "موظفو الحكومة ومستخدموها وعمالها الذين يعينون في المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية ينقلون بالحالة التي يكون عليها كل منهم في تاريخ تعيينه"، ونص مادته الثانية "تعتبر مدة خدمة الموظفين والمستخدمين والعمال المذكورين في المادة السابقة في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحده لا تتجزأ، وتحسب في تسوية ما قد يستحقونه من معاش أو مكافأة عند تركهم الخدمة أو الفصل منها....."، وقد جاء في المذكرة الإيضاحية بياناً للحكمة التشريعية التي دعت إلى إصداره ما يلي "ورغبة في تمكين المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية من مباشرة اختصاصاته المتشعبة التي تقتضي الاستعانة بالموظفين ذوي الخبرة والمران السابق، ترى وزارة الشئون البلدية والقروية تيسير نقل موظفي ومستخدمي وعمال الحكومة إلى المجلس البلدي المذكور، على أن توضع قواعد خاصة لنقلهم وتسوية مكافآتهم ومعاشاتهم. وقد أوضح قسم التشريع بمجلس الدولة أنه روعي في تحديد هذه القواعد اعتبار موظفي الحكومة ومستخدميها وعمالها الذين يعينون في مجلس بلدي الإسكندرية منقولين إليه بالحالة التي يكون عليها كل منهم في تاريخ تعيينه، واعتبار مدة الخدمة في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحدة لا تتجزأ وتحسب في تسوية ما قد يستحقونه من معاش أو مكافآت".
ومفاد ذلك أن الأصل هو اعتبار النقل تعييناً، وأن الاستثناء هو ما حدده القانون المذكور في الخصوص التي عينه وفيما عدا ذلك فيعتبر النقل تعييناً منشئاً لعلاقة جديدة، وآية ذلك أنه لما أريد استثناء المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية فيما يتعلق بتعيين الموظفين الذين ينقلون إليه من القيد الذي أوردته الفقرة الأخيرة من المادة 23 من القانون رقم 210 لسنة 1951، صدر القانون رقم 190 لسنة 1955 بإضافة فقرة جديدة بهذا المعنى إلى المادة 1 من القانون رقم 62 لسنة 1955، وجاء في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 190 لسنة 1955 ما يلي "وإن كانت أحكام هذا القانون (62 لسنة 1955) تحفظ لموظفي الحكومة ومستخدميها الذين ينقلون إلى المجلس البلدي جميع حقوقهم المكتسبة مع تسوية حالاتهم كما لو كان نقلاً محلياً، إلا أن هذا النقل لا زال بمثابة التعيين ابتداء؛ لأنه ينشئ علاقة جديدة بين الموظف والمجلس البلدي الذي له شخصيته المعنوية وميزانيته المستقلة عن الحكومة. ونظراً إلى أن المادة 23 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، الذي تسري أحكامه على موظفي المجلس البلدي تقضي بعدم جواز التعيين في غير أدنى درجات الكادر إلا في حدود 10% من الدرجات. ولما كانت حاجة البلدية لموظفي الحكومة تستلزم نقل من هم في درجات أعلى من بداية درجات الكادر، فإن القيد الذي أوردته المادة 23 المذكورة سيقف عقبة في سبيل تحقيق الغاية من استصدار القانون رقم 62 لسنة 1955 سالف الذكر. وقد رؤى استكمالاً لتحقيق الغرض المقصود أن تستثنى بلدية الإسكندرية - بالنسبة لحالات تعيين موظفي الحكومة بها - من نسبة الـ 10% الواردة بالمادة 23 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه". وظاهر من ذلك كله أن النقل من الحكومة إلى المجلس ما زال معتبراً تعييناً إلا فيما حدده القانونان المشار إليهما اللذان وردا على سبيل الاستثناء؛ ومن ثم فلا يخضع الموظف المنقول من الحكومة إلى المجلس للقيد الوارد في الفقرة الثانية من المادة 47 من القانون سالف الذكر؛ لأنه لا يسري على النقل دون التعيين.
ومن حيث إنه لا نزاع في أن المدعي يسبق المطعون عليه في ترتيب أقدمية الدرجة الخامسة في الكادر الفني المتوسط، فكان أولى بالترقية منه في دوره بحكم أقدميته، ولا يحول دون ذلك قيد المادة 47 سالفة الذكر؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق فيما انتهى إليه في قضائه، فيتعين رفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق