جلسة 4 من أبريل سنة 1959
برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد علي الدمراوي والسيد إبراهيم الديواني ومحيي الدين حسن والدكتور ضياء الدين صالح المستشارين.
----------------
(99)
القضية رقم 678 لسنة 4 القضائية
إعانة اجتماعية
- قرارا مجلس الوزراء الصادران في 30/ 1 و16/ 8/ 1944 - تقريرهما استحقاق موظفي الدرجة التاسعة للإعانة الاجتماعية بالشروط الواردة فيهما - تقرير وزارة المالية بكتابها المؤرخ 18/ 1/ 1945 صرف الإعانة لموظفي الدرجات الخصوصية الموازنة للدرجة التاسعة من باب القياس - باطل - أساس ذلك.
إجراءات الطعن
في 25 من يونيه سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن قيد بجدولها تحت رقم 678 لسنة 4 ق في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات بجلسة 29 من أبريل سنة 1958 في الدعوى رقم 262 لسنة 4 ق المقامة من عبد المؤمن محمد محمد العناني ضد مصلحة السكك الحديدية، والذي يقضى "بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته السابقة بوزارة الصحة إلى مدة خدمته الحالية، وما يترتب على ذلك من آثار، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، وألزمته ثلثي المصروفات، وألزمت السكك الحديدية بأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل الأتعاب". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بأحقية المدعي في الإعانة الاجتماعية التي أوقف صرفها له من شهر فبراير سنة 1956". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون لصالحه في 12 من يوليه سنة 1958، وإلى مصلحة السكك الحديدية في 12 من أغسطس سنة 1958، وعين لنظره أمام هذه المحكمة جلسة 21 من فبراير سنة 1959. وقد انقضت المواعيد القانونية دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته. وفي 20 من يناير سنة 1959 أعلن الطرفان بميعاد الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون لصالحه أقام الدعوى رقم 262 لسنة 4 ق المحكمة الإدارية لوزارة المواصلات والهيئة العامة السكك للحديدية بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 9 من مارس سنة 1957، طالباً الحكم: (1) بتسوية حالته بمنحه الدرجة المقررة لمؤهله الدراسي من بدء التعيين؛ تطبيقاً لقواعد الإنصاف. (2) ضم مدة خدمته السابقة إلى مدة خدمته الحالية ومنحه الدرجة المقررة بعد ضم المدة. (3) صرف الإعانة الاجتماعية التي أوقف صرفها له من شهر فبراير سنة 1956. وقال شرحاً لدعواه إن قرار مجلس الوزراء المتضمن قواعد الإنصاف والصادرة في يناير سنة 1944 قضى بمنح حملة الشهادة الابتدائية أو ما يعادلها المعينين في وظائف خارجة عن الهيئة الدرجة التاسعة بمرتب قدرة خمسة جنيهات من بدء التعيين، ولما كان حاصلاً على شهادة تحضيرية المعلمين الأولية عام 1933، وهى شهادة معادلة للشهادة الابتدائية، والتحق بخدمة مصلحة السكة الحديد في نوفمبر سنة 1943 باليومية، فقد سويت حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف، فمنحته المصلحة المرتب المقرر لمؤهله الدراسي دون أن تنقله من اليومية إلى الدرجة التاسعة. وفي مارس سنة 1951 رقي إلى الدرجة الخصوصية (36 - 72 ج) المخصصة لوظيفة أمين مساعد مخزن، وهذه الدرجة أنشئت في مصلحة السكك الحديدية فقط، دون اعتراف القوانين والقرارات الوزارية بها وبالمخالفة لقواعد الإنصاف، فضلاً عن أن وضعه بها قد أضربه كثيراً. وأضاف المدعي أن له مدة خدمة سابقة من يوليه سنة 1940 إلى يوليه سنة 1942 بمستشفى حميات سوهاج التابعة لوزارة الصحة؛ حيث كان يعمل خادماً، بينما يعمل بمصلحة السكك الحديدية عتالاً. وقد ردت جهة الإدارة على دعواه بأن المدعي التحق بخدمة مصلحة السكة الحديدية في وظيفة عتال ظهورات بأجر يومي قدره 70 م من 11 من ديسمبر سنة 1943، ثم أخطر المصلحة بأنه من حملة شهادة إتمام الدراسة التحضيرية لمدارس المعلمين الأولية عام 1933، فسوت المصلحة حالته بالتطبيق لقواعد الإنصاف ومنحته الأجر الموازى للمرتب المقرر لمؤهله الدراسي من تاريخ تعيينه، ثم رقي إلى الدرجة الخصوصية في 27 من فبراير سنة 1951، وأرجعت أقدميته فيها إلى تاريخ تعيينه طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 19550. أما فيما يطلبه المدعي من ضم مدة خدمته السابقة بوزارة الصحة إلى مدة خدمته الحالية بمصلحة السكك الحديدية فإنه لا يجوز ضمها؛ لاختلاف طبيعة الوظيفة التي كان يشغلها بمستشفى سوهاج، وهى وظيفة خادم، عن طبيعة الوظيفة التي يشغلها بالمصلحة، وهى وظيفة مساعد أمين مخزن، وفضلاً عن ذلك فإن القواعد الجديدة التي قررها مجلس الوزراء في 11 من مايو سنة 1947 بشأن ضم مدد الخدمة السابقة لا تسري على الخدمة الخارجين عن الهيئة أو عمال اليومية. وقالت المصلحة عن الطلب الثالث إنها أوقفت حقاً صرف الإعانة الاجتماعية للمدعي من شهر فبراير سنة 1956 بناء على كتاب مراقبة الإيرادات والمصروفات، والذي يقضى بأن المستخدمين الشاغلين للدرجات الخصوصية أو الدرجات الخارجة عن الهيئة التي انخفض متوسط ربطها عن الدرجة التاسعة، أصبح من المتعذر تطبيق قرار المرافقة على منحهم الإعانة الاجتماعية؛ لأنها ليست مرتباً دائماً، وإنما هي مرتب مؤقت بطبيعته؛ بحيث يمكن إلغاؤه في أي وقت. وإذا رأت المصلحة ضرورة استبقاء هذه الإعانة لهم فعليها أن تتقدم إلى مجلس الوزراء لاستصدار قرار بمنحها لهم بأثر رجعي من أول يوليه سنة 1952. وقد أخطرت الإدارة العامة للحصول على موافقة السلطة المختصة على استمرار صرف الإعانة لكل من أوقف صرفها له. وبجلسة 29 من أبريل سنة 1958 حكمت المحكمة الإدارية "بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته السابقة بوزارة الصحة إلى مدة خدمته الحالية، وما يترتب على ذلك من آثار، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، وألزمته ثلثي المصروفات، وألزمت الهيئة بأن تدفع للمدعي مبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأسست قضاءها في هذا الشق الذي قضت به وحده لمدعي من دون طلباته على أن شهادة إتمام الدراسة التحضيرية للمعلمين قد عودلت بشهادة إتمام الدراسة الابتدائية في الكشف رقم 3 الملحق بقواعد الإنصاف، كما عودلت بها في المرسوم الصادر في 20 من نوفمبر سنة 1952 بتعيين الشهادات المعادلة لشهادة الدراسة الثانوية وشهادة الدراسة الابتدائية للتعيين في الوظائف الكتابية. ولما كانت قواعد ضم مدد الخدمة السابقة قد استهدفت تسوية حالة الموظفين المؤهلين بشروط معينة في فترة محددة، فإنه يستوي في شرط التأهيل أن يكون الموظف حاصلاً على أي شهادة معتمدة قانوناً. ولما كانت شهادة إتمام الدراسة التحضيرية للمعلمين الأولية هي شهادة معتمدة، وقد اعتبرت معادلة للشهادة الابتدائية في قواعد الإنصاف وفي المرسوم الصادر في 20 من نوفمبر سنة 1952, فإنه ليس هناك من سند قانوني للتفرقة بين الحاصلين على شهادة إتمام الدراسة التحضيرية للمعلمين وبين الحاصلين على الشهادة الابتدائية في مجال تطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 14 من مايو سنة 1952 بالموافقة على حساب مدد الخدمة السابقة في الأقدمية لشاغلي الدرجات الخصوصية بالمصلحة الحاصلين على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية أسوة بمستخدمي الدرجة التاسعة، طالما أنهم يشتركون جميعاً في أنهم على درجات خصوصية، وأن العلة في طلب مساواتهم بموظفي الدرجة التاسعة هي أنهم مؤهلون؛ وأن متوسط ربط الدرجة الخصوصية أكبر من متوسط الدرجة التاسعة، ولا يعتبر ذلك توسعاً في تأويل أو تطبيق قرار مجلس الوزراء بطريق القياس؛ لأن قواعد ضم مدد الخدمة لم تشترط شهادة بعينها، بل اشترطت التأهيل بمؤهل معتمد، ومن ثم يكون هذا الطلب وحده هو الذي يقوم على أساس سليم من القانون، ويتعين القضاء به للمدعي.
ومن حيث إن الطعن يهدف إلى إلغاء الحكم المطعون فيه، ويقتصر على طلب القضاء بأحقية المدعي في الإعانة الاجتماعية التي أوقف صرفها له من شهر فبراير سنة 1956؛ ويستند الطعن في ذلك إلى أن مناط استحقاق الإعانة الاجتماعية هو أن يكون الموظف متزوجاً ومن الدرجة التاسعة فما فوقها ويقل مرتبه عن عشرين جنيهاً شهرياً. وقد رأت وزارة المالية في كتابها رقم ف 224/ 1/ 203 المؤرخ نوفمبر سنة 1944 تطبيق هذه الإعانة على موظفي الدرجات الخصوصية التي توازي في مربوطها الدرجة التاسعة أو تزيد. وتبعاً لهذه القاعدة منح المدعي إعانة اجتماعية؛ إذ كانت درجته معادلة للدرجة التاسعة قبل زيادة ربط تلك الدرجة وفقاً لقانون موظفي الدولة، كما ينبغي أن يكون تفسير الدرجة التاسعة التي وردت في القواعد المنظمة لمنح الإعانة الاجتماعية على أساس وصف تلك الدرجة الذي كان لها وقت صدور هذه القواعد. ولما كان المدعي قد منح تلك العلاوة الاجتماعية وأصبحت جزءاً من مرتبه، فلا يسري التنظيم الجديد بأثر رجعي بحيث يهدر المركز القانوني الذاتي الذي يكون قد تحقق لصالح الموظف نتيجة لتطبيق التظلم القديم، قانوناً كان أو لائحة، على حالته، إلا بنص خاص في قانون، وليس في أداة أدنى منه كلائحة.
ومن حيث إنه عن الطلب الأول للمدعي، وهو الطلب الخاص بتسوية حالته بمنحه الدرجة المقررة لمؤهله الدراسي من بدء تعيينه في 11 من ديسمبر سنة 1943 بمصلحة السكك الحديدية بوظيفة عتال ظهورات بأجر يومي قدره 70 م بالتطبيق لقواعد الإنصاف الصادرة في 30 من يناير سنة 1944 وما تلاها من قواعد أخرى، فإنه طلب - كما قضى به الحكم المطعون فيه بحق - لا سند له من القانون؛ ذلك أن قواعد الإنصاف المشار إليها لم تتضمن أي نص يلزم جهة الإدارة بمنح من كان في مثل وضع المدعي الدرجة التاسعة من بدء تعيينه، وكل ما نصت عليه - في شأن المعينين باليومية - هو أن الحاصلين منهم على مؤهلات دراسية "تزاد أجورهم على أساس أنهم دخلوا الخدمة بأجور توازي الماهية المقررة لشهاداتهم، ثم منحوا زيادة في الأجر توازي العلاوات التي منحها المعينون في درجات وفقاً للقواعد المبينة في البنود السابقة" (البند 14). والذي يبين من الأوراق أن المصلحة قد سوت حالة المدعي بالتطبيق لأحكام هذا البند ولما جاء بالكشف رقم 3 الملحق بهذه القواعد من أن الشهادة التحضيرية للمعلمين من سنة 1933 إلى سنة 1936 تعادل الشهادة الابتدائية، فمنحته أجراً يوازي المرتب المقرر لشهادة إتمام الدراسة التحضيرية للمعلمين الحاصل عليها المدعي سنة 1933 (مستند رقم 228 من ملف خدمته). والمدعي غير حاصل على مؤهلات دراسية أخرى سوى الشهادة المشار إليها، وعينته المصلحة على درجة خصوصية؛ "إذ رقته المصلحة إليها في 27 من فبراير سنة 1951، وأرجعت أقدميته فيها إلى تاريخ تعيينه طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950"؛ ولذلك فإنه لا يفيد من أحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية لعدم النص على هذا المؤهل الدراسي الحاصل عليه المدعي في الجدول المرفق لهذا القانون، فضلاً عن أن هذا القانون لا يسري إلا على الموظفين المعينين على وظائف دائمة داخل الهيئة أو على اعتمادات مقسمة إلى درجات، دون الموظفين المعينين على وظائف مؤقتة والمستخدمين الخارجين عن الهيئة أو عمال اليومية.
ومن حيث إنه عن الطلب الثاني، وهو المتعلق بضم مدة خدمته السابقة بوزارة الصحة حيث كان يعمل خادماً بمستشفى سوهاج الأميري إلى مدة خدمته الحالية حيث يعمل مساعداً لأمين المخزن بمصلحة السكك الحديدية، فإن مجلس الوزراء قد وافق بجلستيه المنعقدتين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 على حساب مدد الخدمة السابقة كاملة في أقدمية الدرجة بالنسبة لحملة المؤهلات الدراسية، سواء أكانت تلك المدد قد قضيت على اعتماد في درجة أو على غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي، على أن تسري هذه القاعدة على حملة المؤهلات الدراسية الذين وضعوا في الدرجات المقررة لمؤهلاتهم قبل 9 من ديسمبر سنة 1944، وكذلك الذين وضعوا أو يوضعون على الدرجات بعد هذا التاريخ، بشروط نصت عليها تلك القرارات الصادرة من مجلس الوزراء. فشرط إفادة الموظف من أي من هذه القرارات - بالشروط الواردة بها - أن يكون حاصلاً على مؤهل دراسي وموجوداً عند الضم على درجة من درجات الداخلين في الهيئة. وقد رددت القرارات جميعاً هذين الشرطين الأساسيين؛ وبذلك يخرج من مجال تطبيق هذه القرارات غير ذوي المؤهلات ومن لم يكن منهم عند الضم في درجة داخل الهيئة.
ومن حيث إنه ولئن الأصل في ضم مدد الخدمة السابقة أن يكون الموظف عند الضم، على ما سلف بيانه، في درجة من الدرجات الداخلة في الهيئة، إلا أنه استثناء من هذا الأصل تقدم مدير عام السكك الحديدية إلى مجلس الإدارة بالمذكرة رقم 25 في 23 من أبريل سنة 1952 أشار فيها إلى أن "مجلس الوزراء وافق بقراريه الصادرين في 20 من أغسطس و15 من أكتوبر سنة 1950 على حساب مدد الخدمة السابقة كاملة في أقدمية الدرجة بالنسبة لحملة المؤهلات الدراسية، سواء كانت تلك المدد قضيت على اعتماد في درجة أو على غير درجة أو باليومية أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي. ونظراً لأنه يوجد بالمصلحة موظفون حاصلون على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية ويشغلون درجات خصوصية، منها على سبيل المثال الدرجة (60/ 84 ج) المخصصة لوظائف مساعدي الكمسارية ومساعدي المخزن بإدارة الحركة والبضائع، والدرجة (36/ 72 ج) المخصصة لوظائف مساعدي أمناء المخازن بإدارة عموم المخازن، فمن العدل أن يطبق على حالة هؤلاء الموظفين القرار الخاص بحساب مدد الخدمة السابقة في الأقدمية أسوة بمستخدمي الدرجة التاسعة، مع ملاحظة أن متوسط الدرجة الخصوصية أكبر من متوسط الدرجة التاسعة. وبأخذ رأي وزارة المالية في هذا الشأن أفادت بأن أحكام الكتاب الدوري المؤرخ 25 من أكتوبر سنة 1950 لا تنطبق على شاغلي هذه الدرجات من حاملي الشهادة الابتدائية؛ وذلك لأنه لا يشترط في شغل هذه الدرجات حصول المرشحين على مؤهلات دراسية، وترى أن الموافقة على هذه المعاملة تحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء. ورفعاً للغبن الذي وقع على هذه الطائفة من المستخدمين وتوحيداً للمعاملة نتشرف بعرض الأمر على مجلس الإدارة رجاء التفضل بالموافقة على حساب مدد الخدمة السابقة في الأقدمية لشاغلي الدرجات الخصوصية بالمصلحة الحاصلين على شهادة إتمام الدراسة الابتدائية أسوة بمستخدمي الدرجة التاسعة؛ وذلك تمهيداً للحصول على تصديق مجلس الوزراء". وقد وافق مجلس إدارة السكك الحديدية بجلسته المنعقدة في 29 من أبريل سنة 1952 على هذه المذكرة، كما وافق عليها مجلس الوزراء بجلسته المنعقدة في 14 من مايو سنة 1952، وهذا القرار يسري على حالة المدعي؛ لذات الأسباب التي جاءت في صلب الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إنه عن الطلب الثالث للمدعي، وهو الخاص باستمرار صرف العلاوة الاجتماعية التي أوقف صرفها إليه من فبراير سنة 1956، فإنه يبين من القواعد الخاصة بهذه الإعانة والتي قررها مجلس الوزراء بجلستيه المنعقدين في 30 من يناير و16 من أغسطس سنة 1944 أن استحقاق هذه الإعانة منوط بأن يكون الشخص متزوجاً، وأن يكون موظفاً داخلاً في الهيئة، وأن يقل مرتبه عن عشرين جنيهاً شهرياً. فهذه العلاوة لا تمنح للمستخدمين الخارجين عن الهيئة أو عمال اليومية بالغة ما بلغت رواتبهم أو أجورهم. ومع ذلك فقد بعثت مصلحة السكك الحديدية إلى وزارة المالية كتاباً رقم 29/ 10/ 208 مؤرخاً يناير سنة 1945 طلبت فيه الموافقة على منح الإعانة الاجتماعية لبعض المستخدمين الشاغلين لوظائف خارج الهيئة والتي توازي الدرجة التاسعة في مربوطها أو تزيد عليها، فوافقتها وزارة المالية على هذا الطلب بكتابها رقم 18/ 1/ 94 المؤرخ 18 من يناير سنة 1945. وبناء على هذا الكتاب قامت المصلحة بصرف الإعانة الاجتماعية للمدعي وأمثاله الذين يشغلون درجات خارجة عن الهيئة توازي الدرجة التاسعة في مربوطها أو تزيد عليها، ثم أفتى ديوان الموظفين بكتابه رقم 181/ 12/ 16 المؤرخ يناير سنة 1953 بأن المستخدمين الشاغلين للدرجات الخصوصية أو الدرجات الخارجة عن الهيئة، والتي انخفض متوسط ربطها عن ربط الدرجة التاسعة المقرر في القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن موظفي الدولة، قد أصبح من المتعذر تطبيق قرار الموافقة السابق عليهم بمنحهم الإعانة الاجتماعية؛ ذلك أن الإعانة ليست مرتباً دائماً، بل هي مرتب مؤقت بطبيعته يمكن إلغاؤه في أي وقت. فإذا رأت مصلحة السكك الحديدية ضرورة استبقاء هذه الإعانة للطوائف الممنوحة لهم فإنه يتعين عليها أن تتقدم إلى مجلس الوزراء لاستصدار قرار جديد بمنحها إليهم بأثر رجعي من أول يوليه سنة 1952 لتغطية الحالات السابقة، ثم أوفقت المصلحة صرف هذه العلاوة للمدعي ولأمثاله من شهر فبراير سنة 1956، بناء على كتاب مراقبة الإيرادات والمصروفات الذي أشار بوقف صرفها لشاغلي الدرجات الخصوصية والدرجات الخارجة عن الهيئة التي انخفض متوسط ربطها عن ربط الدرجة التاسعة المقرر في القانون رقم 210 لسنة 1951، والمعمول به من أول يوليه سنة 1952.
ومن حيث إن السلطة العامة - إذ وضعت قاعدة تنظيمية - فإنه يكون من حقها أن تلغيها أو تعدلها حسبما يقتضيه الصالح العام، كما أنها تملك تفسيرها لإجلاء ما بها من غموض أو إزالة ما فيها من تناقض. ولكن لا يجوز لسلطة أدنى في مدارج التشريع أن تلغي أو تعدل قاعدة صادرة من سلطة أعلى أو أن تضيف إليها أحكاماً جديدة، كما أنها لا تملك تفسيرها إلا بتفويض خاص بالتفسير من السلطة التي أصدرتها، فإن هي فعلت شيئاً من ذلك كان عملها باطلاً لخروجه من مدار اختصاصها. وإعمالاً لهذه الأصول تكون وزارة المالية - إذ قررت في كتابها رقم 18/ 1/ 94 المؤرخ 18 من يناير سنة 1945 الموافقة على صرف الإعانة الاجتماعية، للمستخدمين الذين يشغلون درجات خصوصية خارجة عن الهيئة توازي الدرجة التاسعة في مربوطها أو تزيد عليه - قد وقع قرارها باطلاً، سواء اعتبر أنه معدل لقرارات مجلس الوزراء الصادرة في شأن الإعانة الاجتماعية، أو مفسر لقواعدها؛ ذلك لأن وزارة المالية سلطة أدنى في التشريع من مجلس الوزراء، ولا يجوز لهذه السلطة الأدنى أن تعدل قاعدة وضعتها تلك السلطة الأعلى، ولا أن تفسرها؛ لعدم تفويضها بذلك بنص صريح منها. هذا فضلاً عن أنه لا يجوز تطبيق القاعدة التنظيمية بطريق القياس في الحالات التي يترتب عليها تحميل الخزانة العامة بأعباء مالية؛ ومن ثم فلا يجوز قياس الدرجات الخارجة عن الهيئة على الدرجات التاسعة الداخلة في الهيئة لإنزال حكم الثانية على الأولى إلا بنص صريح من السلطة المختصة قانوناً، حسبما سلف البيان.
ومن حيث إن المدعي كان على الدرجة الخصوصية (36/ 72 ج)، ولم يكن على درجة من الدرجات الداخلة في الهيئة، فإنه لا يستحق - والحالة هذه - الإعانة الاجتماعية المقررة للمتزوجين من موظفي الدرجة التاسعة، وهو ما سبق أن قضت به هذه المحكمة بجلسة 11 من يناير سنة 1958، ويكون إيقاف صرفها في محله، ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب الحق في قضائه برفض طلب صرف الإعانة الاجتماعية للمدعي، ويكون الطعن في هذا الشق من أسباب الحكم قد قام على غير أساس سليم من القانون، متعيناً رفضه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق