الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 13 يوليو 2023

الطعن 189 لسنة 4 ق جلسة 28 / 3 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 91 ص 1037

جلسة 28 من مارس سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني وعلي إبراهيم بغدادي ومصطفى كامل إسماعيل وعبد المنعم سالم مشهور المستشارين.

------------------

(91)

القضية رقم 189 لسنة 4 القضائية

(أ) مدة خدمة سابقة 

- القانون رقم 62 لسنة 1955 - تقريره قواعد خاصة لمن يعين في المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية نقلاً من الحكومة أو العكس - اعتباره مدة الخدمة في كل من المجلس البلدي والحكومة وحدة لا تتجزأ - ضم مدة الخدمة السابقة في المجلس البلدي للموظف المنقول إلى الحكومة - ذلك يتطلب توافر شروط ضم المدد السابقة في خدمة الحكومة.
(ب) مدة خدمة سابقة 

- شرط اتحاد العمل السابق مع العمل الجديد في طبيعته - عدم توافره إذا كان العمل السابق مزاولة مهنة البرادة والعمل الجديد مزاولة تدريس مادتي الحساب والعلوم بمدارس التعليم الابتدائي.
(ج) إعانة غلاء المعيشة 

- تعيين موظف بالحكومة نقلاً عن المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية - لا يعتبر تعييناً مبتدأ - استحقاقه إعانة غلاء المعيشة دون اشتراط مضي ثلاثة أشهر على تعيينه بالحكومة.

-----------------
1 - إن القانون رقم 62 لسنة 1955 بتسوية حالة الموظفين والمستخدمين والعمال الذين ينقلون من المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية إلى الحكومة أو منها إلى المجلس - وقد تضمن في جملته أحكاماً على غرار ما سبقه إليها القانون رقم 534 لسنة 1953 الخاص بتسوية حالة الموظفين والمستخدمين والعمال المنقولين من المصالح الحكومية التي أصبحت تابعة لمجلس بلدي مدينة القاهرة - إنما قام على حكمة تشريعية هي الرغبة "في تمكين المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية من مباشرة اختصاصاته المتشبعة التي قد تقتضي الاستعانة بالموظفين ذوي الخبرة والمران السابق"، "وتيسير نقل موظفي ومستخدمي وعمال الحكومة إلى المجلس المذكور"؛ للاستفادة بالأكفاء منهم "لتطعيم الأداة التنفيذية به ليقوم بأعبائه التي تتزايد وفقاً لمقتضيات النهضة الحالية". وفي سبيل تحقيق هذه الغاية، ومع أن نقل الموظفين والمستخدمين والعمال من الحكومة المركزية إلى المجالس البلدية يعد بمثابة التعيين ابتداء؛ لأنه ينشئ علاقة جديدة بين هؤلاء وبين المجالس المذكور التي تتمتع بشخصيتها المعنوية وبميزانيتها المستقلة عن الحكومة، كما أكد ذلك القانون رقم 190 لسنة 1955 ومذكرته الإيضاحية - مع هذا فقد عمد الشارع للحكمة المتقدمة إلى تقرير قواعد خاصة بمن يعين من الموظفين والمستخدمين والعمال في المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية نقلاً من الحكومة، سواء فيما يتعلق بنقلهم بالحالة التي يكون عليها كل منهم في تاريخ تعيينه، أو باعتبار مدة خدمتهم في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحدة لا تتجزأ، أو بتسوية ما قد يستحقونه من معاش أو مكافأة عند تركهم الخدمة أو فصلهم منها؛ مستهدفاً بذلك المحافظة على الحقوق المكتسبة لهؤلاء الموظفين والمستخدمين والعمال، مع تسوية حالاتهم كما لو كان نقلهم نقلاً محلياً. واستكمالاً للغاية ذاتها أجرى هذه الأحكام أيضاً على الموظفين والمستخدمين والعمال الذين ينقلون من المجلس البلدي المذكور إلى الحكومة، وكذا على من سبق نقله منهم إلى الحكومة إذا طلب ذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون في 2 من فبراير سنة 1955. ومفاد ذلك أنه بعد إذ كانت مدة الخدمة في كل من المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية والحكومة مستقلة عن الأخرى في خصوص ما تقدم، أصبحت بمقتضى القانون رقم 62 لسنة 1955 وحدة لا تتجزأ؛ بحيث صارت الخدمة في المجلس البلدي المذكور تعتبر بمثابة الخدمة في الحكومة وبالعكس، سواء قبل نفاذ هذا القانون أو بعده. وغنى عن القول إنه يسري في حق موظف المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية المنقول إلى الحكومة جميع ما يسري على موظفي الحكومة من القواعد التنظيمية العامة والشروط التي تتطلبها تلك القواعد، فإذا ما تطلبت هذه القواعد شروطاً خاصة لضم المدد السابقة في خدمة الحكومة كان من البداهة وجوب توافر هذه الشروط عينها في حق موظف المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية المنقول إلى الحكومة إذا ما أراد ضم مدة خدمته السابقة في المجلس إلى مدة خدمته في الحكومة؛ إذ أن القانون المشار إليه لم يقصد أن يمنحه مزية خاصة على موظفي الحكومة، بل غاية الأمر أنه هدف إلى اعتبار مدتي الخدمة في كل من المجلس والحكومة بمثابة الوحدة الواحدة.
2 - لا جدال في أن العمل في مهنة براد بورش المجلس البلدي، وهي الحرفة التي كان يمارسها المدعي قبل تعيينه في وزارة التربية والتعليم، لا يتطلب من ناحية الاستعداد والتأهيل ما تتطلبه وظيفة مدرس الحساب والعلوم العامة بمدارس التعليم الابتدائي التي أصبح يمارسها في وظيفته اللاحقة بالحكومة؛ فبينما يلاحظ في طبيعة العمل الأول أنه آلى لا يفتقر العامل في أدائه إلى استعداد تربوي أو علمي منهجي، إذا بوظيفة التدريس تقتضي بطبيعتها فيمن يضطلع بها قسطاً من السيطرة على الناشئة وتوجههم وتبصيرهم بالأصول العلمية، فالعملان وإن تشاركا في النواحي العلمية إلا أنهما متباينان لا شك في طبيعتهما ومستواهما ونطاق اختصاص كل منهما؛ وعلى مقتضى هذا التحديد يكون شرط تجانس العمل السابق مع عمل وظيفة المدعي الجديدة في طبيعته مفقوداً.
3 - إن مقتضى اعتبار مدتي خدمة المدعي في كل من المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية ووزارة التربية والتعليم وحدة لا تتجزأ بالتطبيق لأحكام القانون رقم 62 لسنة 1955 هو ألا يكون ثمت وجه لاستقطاع إعانة غلاء المعيشة وحرمان المدعي منها لمدة ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ تعيينه في وزارة التربية والتعليم؛ على أساس اعتبار هذا التعيين مبتدأ ومنقطع الصلة بماضي خدمته بمجلس بلدي الإسكندرية؛ ومن ثم فإنه يستحق هذه الإعانة عن المدة المشار إليها بعد إذ سبق خصمها منه لمدة ثلاثة الأشهر الأولى من بدء تعيينه بمجلس بلدي الإسكندرية.


إجراءات الطعن

في 9 من فبراير سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 189 لسنة 4 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والإرشاد القومي بجلسة 11 من ديسمبر سنة 1957 في الدعوى رقم 3936 لسنة 2 القضائية المقامة من أحمد عبد الغفار سعيد ضد وزارة التربية والتعليم، القاضي "برفض الدعوى، مع إلزام المدعي رسومها المقررة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه - "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم باستحقاق المدعي لتسوية حالته بالتطبيق للمادة الثالثة من القانون رقم 62 لسنة 1955، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الحكومة بالمصروفات". وقد أعلن هذا الطعن إلى وزارة التربية والتعليم في 13 من فبراير سنة 1958، وإلى المطعون لصالحه في 10 من مارس سنة 1958، وبعد أن انقضت المواعيد القانونية المقررة دون أن يقدم أي من الطرفين مذكرة بملاحظاته عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة جلسة 31 من يناير سنة 1959. وفي 17 من يناير سنة 1959 أبلغ الطرفان بميعاد هذه الجلسة، وفيها سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة، ثم قررت إرجاء النطق بالحكم في الطعن إلى جلسة اليوم، مع الترخيص في تقديم مذكرات خلال عشرين يوماً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المدعي رفع إلى اللجنة القضائية لوزارة المعارف العمومية التظلم رقم 3936 لسنة 2 القضائية بعريضة أودعها سكرتيرية اللجنة في 4 من مارس سنة 1954، ذكر فيها أنه حصل على دبلوم الصنايع الثانوية في سنة 1948، وعين ببلدية الإسكندرية في 27 من ديسمبر سنة 1949، ومكث بها حتى 25 من يناير سنة 1952، والتحق بخدمة وزارة التربية والتعليم بوظيفة مدرس اعتباراً من 26 من يناير سنة 1952، عقب إخلاء طرفه من البلدية، إلا أنه تبين له بعد ذلك أن المنطقة التعليمية صرفت له مرتبه عن ثلاثة الأشهر الأولى من تسلمه العمل بدون إعانة غلاء المعيشة؛ معللة ذلك بأنه إنما عين بالوزارة تعييناً جديداً مع أن ديوان الموظفين قرر أن خدمة الموظفين في كل من الحكومة والمجالس البلدية تعتبر متصلة ووحدة لا تتجزأ. كما أن الوزارة لم تحسب له مدة خدمته ببلدية الإسكندرية؛ الأمر الذي ترتب عليه حرمانه من العلاوات الدورية وغيرها. وقد استندت في ذلك إلى أن قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 لا يجيز ضم مدد الخدمة السابقة في جهات شبه حكومية، مع أن هذا يخالف قرار ديوان الموظفين المتقدم ذكره. هذا إلى أنه عين على الدرجة التاسعة من 26 من يناير سنة 1952 بمرتب قدره أربعة جنيهات شهرياً. وفي 30 من نوفمبر سنة 1952 أصدرت المنطقة التعليمية قرارها بمنحه الدرجة الثامنة بمرتب قدره 500 م و8 ج من تاريخ تعيينه بالوزارة، ولما طلب صرف الفرق المستحق له عن المدة من 26 من يناير سنة 1952 حتى 30 من نوفمبر سنة 1952، أجابت المنطقة بأنه لا يستحق أية فروق؛ لأن أقدميته في الدرجة الثامنة أرجعت إلى تاريخ تعيينه بالوزارة، على ألا يترتب على ذلك أية زيادة في الماهية. ومن أجل هذا فإنه يطلب من اللجنة تصحيح هذه الأوضاع. وقد ردت وزارة التربية والتعليم على هذا التظلم بأن القواعد المالية لا تجيز حساب مدد اليومية التي قضيت في جهات غير حكومية، كما أن أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 مقصورة على المدد التي تقضى في الحكومة ولا تسري على الهيئات الشبيهة بالحكومة، حتى ولو كانت تطبق نظم الحكومة كديوان الأوقاف الخصوصية ومجالس المديريات والمجالس البلدية والمحلية والقروية. ولما كان المدعي من الحاصلين على دبلوم المدارس الصناعية في سنة 1948، فقد عين في الدرجة التاسعة بماهية قدرها أربعة جنيهات شهرياً اعتباراً من 26 من يناير سنة 1952، وقد تعهد في إقرار كتبه عند التعيين بأنه قبل التعيين في هذه الدرجة الخالية، ولما سويت حالته بمنحه الدرجة الثامنة في أول ديسمبر سنة 1952 بماهية قدرها 500 م و8 ج أرجعت أقدميته في هذه الدرجة إلى تاريخ تعيينه في 26 من يناير سنة 1952 بدون زيادة في الماهية، أما إعانة غلاء المعيشة فقد صرفت له اعتباراً من 26 من أبريل سنة 1952، أي بعد مضي ثلاثة أشهر من تاريخ تعيينه؛ حيث إنه عين بالوزارة تعييناً جديداً، ولم تضم له مدة خدمته السابقة ببلدية الإسكندرية من 27 من ديسمبر سنة 1949 إلى 25 من يناير سنة 1952، وهي المدة التي لم يستدل على التاريخ الصحيح لتعيينه فيها، والتي أوضح بكشف مدة خدمته السابقة أنها انتهت باستقالته في 24 من يناير سنة 1952، لا في 25 منه، كما جاء بطلب ضم مدة خدمته. أما مدة خدمته السابقة بشركة مصر للحرير الصناعي بكفر الدوار من 15 من يوليه سنة 1948 إلى 18 من يونيه سنة 1949 فلا يجوز ضمها لعدم استيفائها شرطين من الشروط الواردة بقرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947، وهما: أنه لم يتقدم بطلب ضمها في الميعاد القانوني، وأنها تقل عن ثلاث سنوات. وأما ما جاء بالقانون رقم 62 لسنة 1955 فإن أحكام هذا القانون تقضي بحساب مدة الخدمة السابقة بالمجلس البلدي لمن ينقلون إلى الحكومة بنفس الحالة التي كانوا عليها بالمجلس. ولما كان المدعي يقوم بعمل براد مؤقت باليومية بمجلس بلدي الإسكندرية، ثم استقال وعين تعييناً جديداً بالوزارة، فإن حالته التي عين بها في هذه الأخيرة على الدرجة الثامنة تخالف الحالة التي كان عليها بالمجلس؛ ومن ثم فلا تنطبق في حقه أحكام القانون المشار إليه. كما أنه لا يستحق أية زيادة في الماهية نتيجة لمنحه الدرجة الثامنة بأقدمية راجعة إلى تاريخ بدء تعيينه بالوزارة؛ وذلك بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950؛ حيث إنه معين قبل أول يوليه سنة 1952؛ إذ أن كل ما يترتب على تطبيق هذا القرار في حقه هو اكتساب الأقدمية فقط في الدرجة المقررة لمؤهله الدراسي دون أية فروق أو زيادة في الماهية. ثم عادت الوزارة فقررت بالنسبة إلى إعانة غلاء المعيشة التي استقطعت من راتب المدعي لمدة ثلاثة أشهر من 26 من يناير سنة 1952 إلى 26 من أبريل سنة 1952 أنها قد اتخذت إجراءات الصرف فعلاً، وأنه سيصرف إليه المستحق له منها حسب التعليمات وحسب حالته الاجتماعية وقت تعيينه. وقد قدم المدعي ثلاث مذكرات بملاحظاته ردد فيها ما جاء بتظلمه، وأضاف إليه أن كتاب وزارة المالية الدوري رقم 5 لسنة 1953 بشأن قواعد ضم مدة الخدمة السابقة أشار إلى أن مجلس الوزراء وافق بجلسته المنعقدة في 17 من ديسمبر سنة 1952 على الأحكام التي اقترحها ديوان الموظفين لحساب مدد الخدمة السابقة، ومن بينها تلك التي قضيت في المجالس البلدية والقروية، كما قرر أن مدد الخدمة السابقة في الحكومة تحسب كاملة، سواء كانت متصلة أو منفصلة؛ ومن ثم فإن خدمة الموظفين في كل من الحكومة والمجالس البلدية تعتبر متصلة ووحدة لا تتجزأ، ويتعين - والحالة هذه - ضم مدة خدمته التي قضاها بمجلس بلدي الإسكندرية اعتباراً من تاريخ تعيينه بالمجلس في 27 من ديسمبر سنة 1949، وما يترتب على هذا الضم من علاوات دورية وصرف فروق وآثار وحقوق أخرى، كما لا يجوز استقطاع إعانة غلاء المعيشة من راتبه عند التحاقه بخدمة وزارة التربية والتعليم؛ لسبق استقطاع هذه الإعانة لمدة ثلاثة أشهر عند تعيينه بالمجلس المذكور، مع صرف فرق المرتب المستحق له عن المدة من 26 من يناير سنة 1952، تاريخ التحاقه بالوزارة في الدرجة التاسعة بمرتب شهري قدره 4 جنيهات، إلى 30 من نوفمبر سنة 1952، تاريخ منحه الدرجة الثامنة الفنية بمرتب شهري قدره 500 م و8 ج بأقدمية في هذه الدرجة راجعة إلى تاريخ تعيينه بالوزارة. وخلص المدعي من هذا إلى طلب "الحكم: أولاً - "أ" بضم مدة خدمته بشركة الحرير الصناعي اعتباراً من 15 من يوليه سنة 1948 إلى 18 من يونيه سنة 1949. "ب" ضم مدة خدمته ببلدية الإسكندرية من 27 من ديسمبر سنة 1949 إلى 25 من يناير سنة 1952، وما يترتب على هذا الضم من فروق وعلاوات دورية وصرف الفروق وكافة الحقوق الأخرى. ثانياً - صرف علاوة الغلاء التي استقطعت من راتبه لمدة ثلاثة أشهر من 26 من يناير سنة 1952 إلى 26 من أبريل سنة 1952، عند بدء التحاقه بالمعارف. ثالثاً - صرف الفرق المستحق للطالب المترتب على تسوية حالته وقدره 45 جنيهاً، مع حفظ كافة حقوق الطالب الأخرى". وبجلسة 11 من ديسمبر سنة 1957 قضت المحكمة الإدارية لوزارات التربية والتعليم والشئون الاجتماعية والإرشاد القومي التي حلت محل اللجنة القضائية في هذه الدعوى التي ظلت مقيدة برقم 3936 لسنة 2 القضائية "برفض الدعوى، مع إلزام المدعي رسومها المقررة". وأقامت قضاءها على أن ما يسري في شأن ضم مدة خدمة المدعي السابقة في كل من شركة الحرير الصناعي وبلدية الإسكندرية هو قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947، وهو لا يسمح بضم هذه المدة؛ لأنها كانت باليومية ولم تكن على درجة، وأن القانون رقم 62 لسنة 1955 يشترط لتطبيقه بالنسبة إلى من سبق نقله من موظفي بلدية الإسكندرية إلى الحكومة أن يكون ذلك بمراعاة قواعد ضم مدد الخدمة السابقة التي مرجعها في شأن المدعي إلى قرار مجلس الوزراء آنف الذكر الذي لا يفيد من أحكامه؛ ومن ثم يكون طلبه الخاص بضم مدة خدمته ببلدية الإسكندرية على غير أساس سليم من القانون. ومتى تقرر هذا فإن طلبه الخاص بضم خدمته بشركة الحرير الصناعي، وهي مدة تقل عن ثلاث سنوات، يكون واجب الرفض؛ لتخلف شروط قرار مجلس الوزراء الصادر في 11 من مايو سنة 1947 في شأنها. أما فيما يتعلق بطلب فروق المرتب من تاريخ تعيين المدعي بوزارة التربية والتعليم حتى تاريخ منحه الدرجة الثامنة بأثر رجعي، فلما كان قد التحق بالخدمة في 9 من ديسمبر سنة 1944 فإن الجهة الإدارية التي كانت تترخص في تعيينه بالدرجة والمرتب اللذين تراهما؛ إذ هو لا يفيد من قواعد الإنصاف؛ ومن ثم يكون هذا الطلب غير مستند إلى أساس سليم من القانون. وقد طعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة في هذا الحكم بعريضة أودعها سكرتيرية هذه المحكمة في 9 من فبراير سنة 1958 طلب فيها "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه، وباستحقاق المدعي لتسوية حالته للمادة الثالثة من القانون رقم 62 لسنة 1955، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الحكومة بالمصروفات". واستند في أسباب طعنه إلى أنه لا جدال أن في المدعي لا تسري في حقه أحكام قرارات مجلس الوزراء الصادرة في 17 من ديسمبر سنة 1952 و15 من أكتوبر سنة 1950 و11 من مايو سنة 1947؛ لعم توافر شروطها في حالته على الوجه الذي استظهره الحكم المطعون فيه، إلا أن المذكور يفيد من أحكام القانون رقم 62 لسنة 1955 الذي وضع قواعد خاصة بنقل موظفي ومستخدمي وعمال الحكومة إلى مجلس بلدي الإسكندرية وتسوية مكافآتهم ومعاشاتهم، فقضى باعتبارهم منقولين بالحالة التي يكون عليها كل منهم في تاريخ تعيينه، وباعتبار مدة الخدمة في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحدة لا تتجزأ، وأجرى هذا الحكم أيضاً في شأن الموظفين والمستخدمين والعمال الذين ينقلون من المجلس المشار إليه إلى الحكومة، وكذا في شأن من سبق نقلهم، على أن يتقدموا بطلب الإفادة من هذا الحكم خلال ستة أشهر تبدأ من 3 من فبراير سنة 1955. وقد ورد الحكم المنصوص عليه في المادة الثالثة منه من الإطلاق والعموم بحيث يفيد منه كل من كانت له سابقة اشتغال بخدمة مجلس بلدي الإسكندرية، وتركه للالتحاق بخدمة الحكومة، بما لا مندوحة معه من تسوية حالته باعتباره منقولاً بالحالة التي كان عليها في المجلس، واعتبار مدة خدمته في كل من هذا المجلس والحكومة وحدة لا تتجزأ بغير ما حاجة إلى التحقق من مدى انطباق أحكام القواعد العامة لضم مدد الخدمة السابقة في شأنه؛ وعلى هذا فإن من حق المدعي الإفادة من حكم المادة الثالثة المذكورة؛ إذ صدر القانون رقم 62 لسنة 1955 وعمل به أثناء نظر الدعوى. وإذ جرى الحكم المطعون فيه على خلاف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، وقامت به حالة من حالات الطعن في الأحكام أمام المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه يبين من استظهار حالة المدعي من واقع ملف خدمته أنه حاصل على دبلوم المدارس الصناعية في صناعة البرادة في سنة 1948، وأنه اشتغل بمصانع شركة مصر للحرير الصناعي بكفر الدوار في وظيفة رسام في المدة من 15 من يوليه سنة 1948 إلى 18 من يونيه سنة 1949، والتحق بخدمة بلدية الإسكندرية بوظيفة براد مؤقت على اعتماد فرقة المطافئ بقسم الورش من 16 من ديسمبر سنة 1949 بأجر يومي قدره 240 م، ثم على اعتماد صيانة طلمبات المجاري اعتباراً من 25 من أكتوبر سنة 1950، وتدرج أجره اليومي حتى بلغ 300 م، واستقال من الخدمة ببرقية مؤرخة 5 من فبراير سنة 1952 اعتباراً من يوم 24 من يناير سنة 1952؛ لتعيينه في وزارة التربية والتعليم التي تسلم عمله بها في يوم السبت 26 من يناير سنة 1952 بوظيفة مدرس بمدارس التعليم الابتدائي في الدرجة التاسعة براتب شهري قدره 4 جنيهات، ومنح الدرجة الثامنة الفنية اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1952 بمرتب شهري قدره 500 م و8 ج، ثم ضمت له مدة خدمته من 26 من يناير سنة 1952 إلى 30 من نوفمبر سنة 1952، بالتطبيق لقرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 في حساب أقدميته في هذه الدرجة، فاعتبر تاريخ تعيينه الأول من 26 من يناير سنة 1952 في الدرجة الثامنة الفنية، على ألا يترتب على ذلك أية زيادة في الماهية، وسويت حالته بعد ذلك بالتطبيق لأحكام القانون رقم 371 لسنة 1953 الخاص بالمعادلات الدراسية بوضعه في الدرجة السابعة الشخصية من تاريخ دخوله الخدمة في 26 من يناير سنة 1952، ثم ألغيت هذه التسوية وأعيد إلى حالته قبلها وذلك بناء على القانون رقم 151 لسنة 1955، وأعيدت التسوية ثانية بناء على القانون رقم 78 لسنة 1956.
ومن حيث إن كلاً من حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه وطعن السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة قد أصاب الحق فيما انتهى إليه من عدم جواز ضم مدة اشتغال المدعي بوظيفة رسام من 15 من يوليه سنة 1948 إلى 18 من يونيه سنة 1949 بمصانع شركة مصر للحرير الصناعي بكفر الدوار؛ لعدم استيفاء هذه المدة الشروط القانونية المتطلبة لضم مدد الخدمة السابقة، سواء بالتطبيق لقرارات مجلس الوزراء الصادرة في 11 من مايو سنة 1947 و15 من أكتوبر سنة 1950 و17 من ديسمبر سنة 1952، أو لقرار رئيس الجمهورية الصادر في 20 من فبراير سنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة.
ومن حيث إنه عن مدة خدمة المدعي بمجلس بلدي الإسكندرية بوظيفة براد باليومية من 16 من ديسمبر سنة 1949 حتى 24 من يناير سنة 1952، فإن القانون رقم 62 لسنة 1955 بتسوية حالة الموظفين والمستخدمين والعمال الذين ينقلون من المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية إلى الحكومة أو منها إلى المجلس قد نص في مادته الأولى على ما يأتي: "موظفو الحكومة ومستخدموها وعمالها الذين يعينون في المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية ينقلون إليه بالحالة التي يكون عليها كل منهم في تاريخ تعيينه"، ونص في الفقرة الأولى من مادته الثانية على أن "تعتبر مدة خدمة الموظفين والمستخدمين والعمال المذكورين في المادة السابقة في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحدة لا تتجزأ، وتحسب في تسوية ما قد يستحقونه من معاش أو مكافأة عند تركهم الخدمة أو فصلهم منها..."، كما نص في مادته الثالثة على أن "تسري أحكام المادتين السابقتين على الموظفين والمستخدمين والعمال الذين ينقلون من المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية إلى الحكومة وكذا على من سبق نقله من موظفي ومستخدمي وعمال هذا المجلس إلى الحكومة إذا طلب ذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون". وقد جاء بالمذكرة الإيضاحية لهذا القانون "ورغبة في تمكين المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية من مباشرة اختصاصاته المتشبعة التي قد تقضي الاستعانة بالموظفين ذوي الخبرة والمران السابق ترى وزارة الشئون البلدية والقروية تيسير نقل موظفي ومستخدمي وعمال الحكومة إلى المجلس البلدي المذكور على أن توضع قواعد خاصة بنقلهم وتسوية مكافآتهم ومعاشهم، وقد أوضح قسم التشريع بمجلس الدولة أنه روعي في تحديد هذه القواعد اعتبار موظفي الحكومة ومستخدميها وعمالها الذين يعينون في مجلس بلدي الإسكندرية منقولين إليه بالحالة التي يكون عليها كل منهم في تاريخ تعيينه، واعتبار مدة الخدمة في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحدة لا تتجزأ وتحسب في تسوية ما قد يستحقونه من معاش أو مكافأة، وأن تتحمل كل من الحكومة والمجلس البلدي نصيباً في مقدار المعاش أو المكافأة. ونص على أن تسري هذه القواعد أيضاً على الموظفين والمستخدمين والعمال الذين ينقلون من المجلس البلدي المذكور إلى الحكومة، وكذا على من سبق نقله من موظفي ومستخدمي وعمال هذا المجلس إلى الحكومة إذا طلب ذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون"، ثم صدر القانون رقم 190 لسنة 1955 بتعديل القانون رقم 62 لسنة 1955 المتقدم ذكره، ونص في المادة الأولى منه على أن "تضاف إلى المادة (1) من القانون رقم 62 لسنة 1955 المشار إليه فقرة جديدة نصها الآتي: (يستثنى المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية فيما يتعلق بتعيين الموظفين الذين ينقلون إليه من الحكومة من القيد الذي أوردته الفقرة الأخيرة من المادة 23 من القانون رقم 210 لسنة 1951 المشار إليه)"، وورد في مذكرته الإيضاحية أنه "وإن كانت أحكام هذا القانون تحفظ لموظفي الحكومة ومستخدميها الذين ينقلون إلى المجلس البلدي جميع حقوقهم المكتسبة مع تسوية حالاتهم كما لو كان نقلاً محلياً، إلا أن هذا النقل لا زال بمثابة التعيين ابتداء؛ لأنه ينشئ علاقة جديدة بين الموظف والمجلس البلدي الذي له شخصيته المعنوية وميزانيته المستقلة عن الحكومة". وفي 20 من فبراير سنة 1958 صدر قرار رئيس الجمهورية في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة، وأورد في البند (1) من مادته الثانية القواعد والشروط التي تحسب على أساسها مدد العمل السابقة في الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة، ومقدار ما يجوز ضمه من هذه المدد، سواء كانت متصلة أو منفصلة وما إذا كانت قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد فيها تعيين الموظف فيها وفي الكادر ذاته، أو قضيت في كادر أدنى أو على اعتماد أو بالمكافأة الشهرية أو باليومية، وما يتطلب في هذه الحالة في العمل السابق، والجهة التي تملك تقدير ذلك، مع قصر الضم على المدد التي قضيت بعد الحصول على المؤهل العلمي الذي يعين على أساسه الموظف أو يعاد تعيينه بمقتضاه، كما أورد في باقي المواد ما استلزمه من شروط عامة أخرى لإمكان هذا الضم.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن القانون رقم 62 لسنة 1955، وقد تضمن في جملته أحكاماً على غرار ما سبقه إليها القانون رقم 534 لسنة 1953 الخاص بتسوية حالة الموظفين والمستخدمين والعمال المنقولين من المصالح الحكومية التي أصبحت تابعة لمجلس بلدي مدينة القاهرة إنما قام على حكمة تشريعية هي الرغبة "في تمكين المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية من مباشرة اختصاصاته المتشبعة التي قد تقتضي الاستعانة بالموظفين ذوي الخبرة والمران السابق" و"تيسير نقل موظفي ومستخدمي وعمال الحكومة إلى المجلس المذكور"؛ للاستفادة بالأكفاء منهم "لتطعيم الأداة التنفيذية به ليقوم بأعبائه التي تتزايد وفقاً لمقتضيات النهضة الحالية". وفي سبيل تحقيق هذه الغاية، ومع أن نقل الموظفين والمستخدمين والعمال من الحكومة المركزية إلى المجالس البلدية يعد بمثابة التعيين ابتداءً؛ لأنه ينشئ علاقة جديدة بين هؤلاء وبين المجالس المذكور التي تتمتع بشخصيتها المعنوية وبميزانيتها المستقلة عن الحكومة، كما أكد ذلك القانون رقم 190 لسنة 1955 ومذكرته الإيضاحية - مع هذا فقد عمد الشارع للحكمة المتقدمة إلى تقرير قواعد خاصة بمن يعين من الموظفين والمستخدمين والعمال في المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية نقلاً من الحكومة، سواء فيما يتعلق بنقلهم بالحالة التي يكون عليها كل منهم في تاريخ تعيينه، أو باعتبار مدة خدمتهم في كل من الحكومة والمجلس البلدي وحدة لا تتجزأ، أو بتسوية ما قد يستحقونه من معاش أو مكافأة عند تركهم الخدمة أو فصلهم منها؛ مستهدفاً بذلك المحافظة على الحقوق المكتسبة لهؤلاء الموظفين والمستخدمين والعمال، مع تسوية حالاتهم، كما لو كان نقلهم نقلاً محلياً. واستكمالاً للغاية ذاتها أجرى هذه الأحكام أيضاً على الموظفين والمستخدمين والعمال الذين ينقلون من المجلس البلدي المذكور إلى الحكومة، وكذا على من سبق نقله منهم إلى الحكومة إذا طلب ذلك خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون في 2 من فبراير سنة 1955.
ومن حيث إن مفاد ما سلف إيراده من نصوص أنه - بعد إذ كانت مدة الخدمة في كل من المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية والحكومة مستقلة عن الأخرى في خصوص ما تقدم - أصبحت بمقتضى القانون رقم 62 لسنة 1955 وحدة لا تتجزأ؛ بحيث صارت الخدمة في المجلس البلدي المذكور تعتبر بمثابة الخدمة في الحكومة وبالعكس، سواء قبل نفاذ هذا القانون أو بعده. وغني عن القول أنه يسري في حق موظف المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية المنقول إلى الحكومة جميع ما يسري على موظفي الحكومة من القواعد التنظيمية العامة والشروط التي تتطلبها تلك القواعد، فإذا ما تطلبت هذه القواعد شروطاً خاصة لضم المدد السابقة في خدمة الحكومة كان من البداهة وجوب توافر هذه الشروط عينها في حق موظف المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية المنقول إلى الحكومة إذا ما أراد ضم مدة خدمته السابقة في المجلس إلى مدة خدمته في الحكومة؛ إذ أن القانون المشار إليه لم يقصد أن يمنحه مزية خاصة على موظفي الحكومة، بل غاية الأمر أنه هدف إلى اعتبار مدتي الخدمة في كل من المجلس والحكومة بمثابة الوحدة الواحدة؛ وذلك للحكمة التشريعية التي كشف عنها في مذكرته الإيضاحية، حسبما سلف بيانه.
ومن حيث إن المدعي يطلب ضم مدة خدمته السابقة في المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية في مهنة براد باليومية بقسم الورش إلى مدة خدمته بوزارة التربية والتعليم في وظيفة مدرس لمادتي الحساب والعلوم العامة بمدارس التعليم الابتدائي المحول، وهذا غير جائز قانوناً طبقاً للقواعد التنظيمية الخاصة بحساب مدد الخدمة السابقة، إلا إذا اتحدت طبيعة العملين. ولا جدال في أن العمل في مهنة براد بورش المجلس البلدي، وهي الحرفة التي كان يمارسها المدعي قبل تعيينه في وزارة التربية والتعليم، لا يتطلب من ناحية الاستعداد والتأهيل ما تتطلبه وظيفة مدرس الحساب والعلوم العامة بمدارس التعليم الابتدائي التي أصبح يمارسها في وظيفته اللاحقة بالحكومة؛ فبينما يلاحظ في طبيعة العمل الأول أنه آلي لا يفتقر العامل في أدائه إلى استعداد تربوي أو علمي منهجي، إذا بوظيفة التدريس تقتضي بطبيعتها فيمن يضطلع بها قسطاً من السيطرة على الناشئة وتوجههم وتبصيرهم بالأصول العلمية، فالعملان وإن تشاركا في بعض النواحي العلمية إلا أنهما متباينان لا شك في طبيعتهما ومستواهما ونطاق اختصاص كل منهما. وعلى مقتضى هذا التحديد يكون شرط تجانس العمل السابق مع عمل وظيفة المدعي الجديدة في طبيعته مفقوداً؛ ومن ثم فإن حكم المحكمة الإدارية المطعون فيها يكون قد أصاب الحق في قضائه من حيث النتيجة التي انتهى إليها في خصوص هذا الطلب، ولكن للأسباب المبينة آنفاً.
ومن حيث إن مقتضى اعتبار مدتي خدمة المدعي في كل من المجلس البلدي لمدينة الإسكندرية ووزارة التربية والتعليم وحدة لا تتجزأ بالتطبيق لأحكام القانون رقم 62 لسنة 1955 هو ألا يكون ثمت وجه لاستقطاع إعانة غلاء المعيشة وحرمان المدعي منها لمدة ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ تعيينه في وزارة التربية والتعليم في 26 من يناير سنة 1952 على أساس اعتبار هذا التعيين مبتدأ ومنقطع الصلة بماضي خدمته بمجلس بلدي الإسكندرية؛ ومن ثم فإنه يستحق هذه الإعانة عن المدة المشار إليها بعد إذ سبق خصمها منه لمدة ثلاثة الأشهر الأولى من بدء تعيينه بمجلس بلدي الإسكندرية، وهو ما أقرت به منطقة كفر الشيخ التعليمية في مذكرتيها المؤرختين 23 من مارس و19 من أكتوبر سنة 1957.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بطلب المدعي الخاص بصرف الفروق المترتبة على تسوية حالته في الدرجة الثامنة الفنية بوزارة التربية والتعليم من التاريخ الذي أرجعت إليه أقدميته في هذه الدرجة، وهو تاريخ التحاقه بخدمة الوزارة في الدرجة التاسعة منذ 26 من يناير سنة 1952، فإنه لما كان تعيينه بالوزارة حاصلاً بعد 9 من ديسمبر سنة 1944، وهو التاريخ الذي امتد إليه تطبيق قواعد الإنصاف الصادر بها قرار مجلس الوزراء في 30 من يناير سنة 1944؛ الأمر الذي لا يرتب له أي حق في الإفادة من هذه القواعد، وكان تعديل أقدميته في الدرجة الثامنة الفنية التي منحها اعتباراً من أول ديسمبر سنة 1952 إنما تم بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 15 من أكتوبر سنة 1950 في شأن ضم مدد الخدمة السابقة بالحكومة التي يقضيها الموظفون والمستخدمون ذوو المؤهلات على اعتمادات في درجة أو على غير درجة أو في درجة أقل من الدرجة المقررة للمؤهل الدراسي أو باليومية أو في التطوع بأسلحة الجيش المختلفة، وذلك على أساس حساب مدة خدمته بالدرجة التاسعة من 26 من يناير سنة 1952 إلى 30 من نوفمبر سنة 1952 في أقدمية الدرجة الثامنة، وكان قرار مجلس الوزراء المشار إليه يقضي بألا يترتب على الضم الحاصل بمقتضاه أية زيادة في الماهية، كما أن قانون المعادلات الدراسية نص على عدم صرف فروق مالية عن الماضي، فإن المدعي - والحالة هذه - لا يكون على حق فيما يطلبه من فروق مالية عن التسوية أنفة الذكر، ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب فيما قضى به من رفض الطلب.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين القضاء بإلغاء حكم المحكمة الإدارية المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب استحقاق المدعي إعانة غلاء المعيشة عن ثلاثة الأشهر الأولى من تاريخ تعيينه بوزارة التربية والتعليم في 26 من يناير سنة 1952، وباستحقاقه للإعانة المذكورة عن هذه المدة على أساس مرتبه في الدرجة التاسعة وحالته الاجتماعية وقتذاك، مع إلزام الحكومة بالمصروفات الخاصة بهذا الطلب، وتأييد الحكم فيما عدا ذلك فيما قضى به من رفض باقي طلبات المدعي، وإلزامه بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم استحقاق المدعي إعانة غلاء المعيشة عن الفترة المبينة بأسباب هذا الحكم، واستحقاقه لها، وألزمت الحكومة بالمصروفات الخاصة بهذا الطلب، وبتأييد الحكم فيما عدا ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق