الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 10 يوليو 2023

الطعن 95 لسنة 5 ق جلسة 14 / 2 / 1959 إدارية عليا مكتب فني 4 ج 2 ق 68 ص 810

جلسة 14 من فبراير سنة 1959

برياسة السيد/ السيد علي السيد رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة السيد إبراهيم الديواني والإمام الإمام الخريبي وعلي إبراهيم البغدادي ومصطفى كامل إسماعيل المستشارين.

---------------

(68)

القضية رقم 95 لسنة 5 القضائية

معاش 

- المادة 31 من القانون رقم 117 لسنة 1958 - نصها على الجزاءات التأديبية التي توقعها المحاكم التأديبية ومن بينها العزل من الوظيفة مع حفظ الحق في المعاش أو المكافأة أو مع الحرمان من كل أو بعض المعاش أو المكافأة - نص المادة 56 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 على سقوط الحق في المعاش أو المكافأة في حالة الإدانة في الجرائم المنصوص عليها فيها - تضمن المادة 31 المشار إليها حكماً عاماً مقتضاه تخويل المحاكم التأديبية سلطة تقديرية في تقرير سقوط الحق في المعاش أو المكافأة عند العزل - تخصيص المادة 56 المشار إليها هذا الحكم العام وجعلها سقوط الحق في المعاش أو المكافأة حتمياً في حالة إدانة الموظف في إحدى الجرائم المنصوص عليها فيها - حجة ذك.

---------------
لئن كانت المادة 31 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية - إذ عددت الجزاءات التأديبية - ذكرت تحت (9): "العزل من الوظيفة مع حفظ الحق في المعاش أو المكافأة أو مع الحرمان من كل أو بعض المعاش أو المكافأة"، إلا أن المادة 56 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية تنص على أن "كل موظف أو مستخدم أو صاحب معاش صدر عليه حكم في جريمة غدر أو اختلاس أموال الحكومة أو رشوة أو تزوير في أوراق رسمية تسقط حقوقه في المعاش أو المكافأة ولو بعد قيد المعاش أو تسوية المكافأة، وفي هذه الحالة إذا كان يوجد أشخاص يستحقون معاشاً أو مكافأة عند وفاة الموظف أو المستخدم أو صاحب المعاش يمنحون نصف جزء المعاش أو المكافأة الذي كانوا يستحقونه فيما لو توفى عائلهم". وظاهر من المقابلة بين النصين أن الأول وإن ترك التقدير بوجه عام للمحاكم التأديبية في تقرير سقوط الحق في المعاش أو المكافأة عند العزل، إلا أن النص الثاني خصص هذا الحكم وجعل سقوط الحق في المعاش أو المكافأة أمراً محتوماً بقوة القانون عند صدور حكم على الموظف أو المستخدم أو صاحب المعاش في جريمة غدر أو اختلاس أموال الحكومة أو رشوة أو تزوير في أوراق رسمية، وهذا حكم خاص استثناء من الأصل الأول، والخاص يقيد العام. والحكمة التشريعية لهذا الحكم الخاص - إذ اقتضت التشديد على الموظف - واضحة؛ لاقترافه جرائم مضرة بأموال الدولة والمصلحة العامة؛ يقطع في ذلك كله أن المادة 31 من القانون رقم 117 لسنة 1958 سالف الذكر لم تأت بجديد، بل هي ترديد للمادة 84 من القانون رقم 210 لسنة 1951، وهي بدورها ترديد للجزاءات التي كان منصوصاً عليها في القوانين السابقة الخاصة بتأديب الموظفين؛ كما أن المادة 56 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 هي الأخرى ترديد للمادة 60 من القانون رقم 5 لسنة 1909 الخاص بالمعاشات الملكية. ويستفاد من ذلك كله أن لهذا الحكم الخاص مجاله، وقد كان معمولاً به فيما مضى مع قيام النص الآخر الذي يردد الأصل العام من حيث ترك التقدير للهيئة التأديبية، مجلساً كان أو محكمة، في تقرير سقوط أو عدم سقوط المعاش أو المكافأة كله أو بعضه.


إجراءات الطعن

في 16 من ديسمبر سنة 1958 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة عريضة طعن في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الداخلية بجلسة 16 من نوفمبر سنة 1958 في الدعوى رقم 2 لسنة 1 ق المرفوعة من النيابة الإدارية ضد السيد/ أمين حسب الله الصاوي، والقاضي "بحفظ حق أمين حسب الله الصاوي، الذي كان موظفاً بالدرجة الثامنة بمحافظة مصر وعزل من الخدمة من تاريخ الحكم عليه بعقوبة الجناية، في كل المعاش أو المكافأة". وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه - "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بحرمان أمين حسب الله الصاوي الموظف السابق بوزارة الداخلية من المعاش أو المكافأة". وقد أعلن هذا الطعن إلى النيابة الإدارية، وإلى المطعون عليه في 25 من ديسمبر سنة 1958، وعين لنظر الطعن جلسة 3 من يناير سنة 1959، حيث حضر المطعون عليه وأبدى دفاعه، ثم أرجئ إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة الداخلية أصدرت في 28 من فبراير سنة 1956 قراراً بإحالة السيد/ أمين حسب الله الصاوي الموظف من الدرجة الثامنة والكاتب بمحافظة القاهرة إلى مجلس التأديب العادي لموظفي ومستخدمي وزارة الداخلية للمحاكمة عن التهم الآتية: (أولاً) لأنه بوصفه موظفاً عمومياً - كاتباً بقلم تعيين عساكر الرديف بحكمدارية بوليس محافظة القاهرة - قبل رشوة للإخلال بواجبات وظيفته؛ بأن أخذ مبلغ ثمانية جنيهات من محمد أحمد صالح، وأربعة جنيهات من محمد وهبة أحمد الفراز، وقبل وعداً بأخذ ثلاثة جنيهات من هاشم محمود عبد العال حمودة، وأخذ ثلاثة جنيهات من إبراهيم السيد إبراهيم سعد الدين، وخمسة جنيهات من فرحات مبروك سالم، وجنيهاً واحداً من عبد المعطي بكر محمد غزالة، كما قبل منه وعداً بإعطائه أربعة جنيهات بعد تمام تعيينه؛ وذلك من قبيل الرشوة؛ لإثبات لياقتهم طبياً للخدمة على خلاف الحقيقة. (ثانياً) بوصفه موظفاً عمومياً اختلس الشهادات الصحيحة بنتيجة الكشف الطبي على ثلاثة عشر مواطناً متهمين معه في الجناية رقم 341 الدرب الأحمر سنة 1956، وهذه الشهادات كانت قد سلمت إليه بسبب وظيفته. (ثالثاً) أنه بصفته سالفة الذكر ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويراً في محررات رسمية هي الشهادات الخاصة بنتيجة الكشف الطبي على المتهمين سالفي الذكر؛ وذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات مزورة؛ بأن تحصل على هذه الشهادات وقام بملء بياناتها على أنها صادرة من قومسيون طبي محافظة القاهرة، وأثبت بها لياقتهم للخدمة طبياً، ووقع عليها بإمضاءات مزورة نسب صدورها إلى أطباء القومسيون سعد معوض وبلانش موسى حنا وأحمد فريد وشكري حبيب وزكريا الباز والحسيني محمد. (رابعاً) استعمل الشهادات المزورة سالفة الذكر؛ بأن قدمها لزميليه بقلم التعيين حسين أحمد محمود وعبد القادر مصطفى العشري لإرفاقها بأوراق المتهمين المذكورين مع علمه بتزويرها، وقد تمت هذه الجرائم في خلال المدة من أول أغسطس سنة 1955 إلى 24 من نوفمبر سنة 1955 باتفاقه مع المتهمين المذكورين مخالفاً بذلك مقتضى واجبات الوظيفة. وقد رأى مجلس التأديب إرجاء الفصل في الموضوع حتى يفصل في الدعوى الجنائية التي أقامتها النيابة العامة ضد المتهم. وبجلسة 17 من مارس سنة 1958 أصدرت محكمة الجنايات حكمها بمعاقبة أمين حسب الله الصاوي بالسجن خمس سنوات وبتغريمه ألفي جنيه وبعزله من وظيفته. وبصدور القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية أحيل الموضوع إلى المحكمة التأديبية. وبجلسة 16 من نوفمبر سنة 1958 قضت المحكمة التأديبية لوزارة الداخلية "بحفظ حق أمين حسب الله الصاوي الذي كان موظفاً بالدرجة الثامنة بمحافظة مصر وعزل من الخدمة من تاريخ الحكم عليه بعقوبة الجناية في كل المعاش أو المكافأة"، وأقامت قضائها على أن "المادة 31 من القانون رقم 117 لسنة 1958 قد عقدت للمحكمة التأديبية الاختصاص بالنظر في حفظ حق الموظف المعزول في المعاش أو المكافأة أو الحرمان من كل أو بعض المعاش أو المكافأة، وأن المتهم أمين حسب الله الصاوي - وقد كان موظفاً يشغل الدرجة الثامنة ويتطلع إلى المستقبل - قد نال جزاءه العدل بما حكم عليه به من محكمة الجنايات من سجن وغرامة وعزل، وكونه غداً موصوماً مدموغاً غير صالح للالتحاق بأي عمل حكومي، ينتظره مستقبل مظلم حالك، فإن المحكمة ترى في هذا الجزاء الكفاية، وتقرر لذلك حفظ حقه في كل المعاش أو المكافأة". فطعن السيد رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم؛ مؤسساً طعنه على أن المادة 56 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 نصت على أن "كل موظف أو مستخدم أو صاحب معاش صدر عليه حكم في جريمة غدر أو اختلاس أموال الحكومة أو رشوة أو تزوير في أوراق رسمية تسقط حقوقه في المعاش أو المكافأة ولو بعد قيد المعاش أو تسوية المكافأة". والمطعون عليه وقد قضى بإدانته من محكمة الجنايات في جرائم الرشوة واختلاس الأموال الحكومية والتزوير في أوراق رسمية، فإنه يحرم من المعاش أو المكافأة بقوة القانون. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب يكون قد خالف القانون.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن مثار المنازعة هو ما إذا كان الحكم على الموظف في جريمة غدر أو اختلاس أموال الحكومة أو رشوة أو تزوير في أوراق رسمية يسقط حقوقه في المعاش أو المكافأة حتماً وبقوة القانون، أم أن ذلك أمر متروك لتقدير المحكمة التأديبية، إن رأت قضت بالسقوط أو عدمه، سواء بالنسبة لكل المعاش أو المكافأة أو لجزء منه.
ومن حيث إنه ولئن كانت المادة 31 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية - إذ عددت الجزاءات التأديبية - ذكرت تحت (9): "العزل من الوظيفة مع حفظ الحق في المعاش أو المكافأة أو مع الحرمان من كل أو بعض المعاش أو المكافأة"، إلا أن المادة 56 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية تنص على أن "كل موظف أو مستخدم أو صاحب معاش صدر عليه حكم في جريمة غدر أو اختلاس أموال الحكومة أو رشوة أو تزوير في أوراق رسمية تسقط حقوقه في المعاش أو المكافأة ولو بعد قيد المعاش أو تسوية المكافأة"، وفي هذه الحالة إذا كان يوجد أشخاص يستحقون معاشاً أو مكافأة عند وفاة الموظف أو المستخدم أو صاحب المعاش يمنحون نصف جزء المعاش أو المكافأة الذي كانوا يستحقونه فيما لو توفى عائلهم". وظاهر من المقابلة بين النصين أن الأول وإن ترك التقدير بوجه عام للمحاكم التأديبية في تقرير سقوط الحق في المعاش أو المكافأة عند العزل، إلا أن النص الثاني خصص هذا الحكم وجعل سقوط الحق في المعاش أو المكافأة أمراً محتوماً بقوة القانون عند صدور حكم على الموظف أو المستخدم أو صاحب المعاش في جريمة غدر أو اختلاس أموال الحكومة أو رشوة أو تزوير في أوراق رسمية، وهذا حكم خاص استثناء من الأصل الأول، والخاص يقيد العام. والحكمة التشريعية لهذا الحكم الخاص - إذ اقتضت التشديد على الموظف - واضحة؛ لاقترافه جرائم مضرة بأموال الدولة والمصلحة العامة؛ يقطع في ذلك كله أن المادة 31 من القانون رقم 117 لسنة 1958 سالف الذكر لم تأت بجديد، بل هي ترديد للمادة 84 من القانون رقم 210 لسنة 1951، وهي بدورها ترديد للجزاءات التي كان منصوصاً عليها في القوانين السابقة الخاصة بتأديب الموظفين، كما أن المادة 56 من المرسوم بقانون رقم 27 لسنة 1929 هي الأخرى ترديد للمادة 60 من القانون رقم 5 لسنة 1909 الخاص بالمعاشات الملكية. ويستفاد من ذلك كله أن لهذا الحكم الخاص مجاله، وقد كان معمولاً به فيما مضى مع قيام النص الآخر الذي يردد الأصل العام من حيث ترك التقدير للهيئة التأديبية - مجلساً كان أو محكمة - في تقرير سقوط أو عدم سقوط المعاش أو المكافأة كله أو بعضه أو عدم سقوطه؛ ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، فيتعين إلغاؤه، والقضاء بسقوط حق المدعى عليه في المعاش أو المكافأة بحسب الأحوال.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبسقوط حق المدعى عليه في المعاش أو المكافأة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق