القضية رقم 201 لسنة 20 ق " دستورية " جلسة 6 / 1 / 2001
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 6 يناير سنة 2001 الموافق 11 شوال
سنة 1421 هـ .
برئاسة السيد المستشار / محمد ولي الدين جلال رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / حمدي محمد على وعبد الرحمن نصير والدكتور
عبد المجيد فياض وماهر البحيري ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور
وحضور السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس هيئة
المفوضين
وحضور السيد/ حمدي أنور صابر أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 201 لسنة 20
قضائية " دستورية "
المقامة من
السيد / فتحي يوسف ميخائيل
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية
2 - السيد النائب العام
3 - السيد رئيس مجلس الوزراء
4 - السيد رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب
5- السيدة / ........
" الإجراءات "
بتاريخ السابع والعشرين من شهر أكتوبر سنة 1998، أودع المدعى صحيفة
هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة (85) من لائحة
الأقباط الأرثوذكس الصادرة عام 1938.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة فوضت فيها الرأي للمحكمة .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع - حسبما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل
في أن المدعى عليها الخامسة كانت قد أقامت الدعوى رقم 59 لسنة 1997 أمام محكمة بنى
سويف الجزئية للأحوال الشخصية ، ضد المدعى ، طالبة الحكم بتسليمها المنقولات
الموجودة في مسكن الزوجية والمبينة بالصحيفة ، أو قيمتها. وذلك على سند من أنها
كانت زوجة له ثم طلقت منه وغادرت منزل الزوجية تاركة منقولاتها بعد أن رفض تسليمها
إياها. وبجلسة 27/6/1998 قضت تلك المحكمة بإلزام المدعى عليه بتسليمها منقولاتها الزوجية
، فطعن على ذلك بالاستئناف رقم 301 لسنة 1998 أمام محكمة بنى سويف الابتدائية ،
ودفع في صحيفته بعدم دستورية المادة (85) من لائحة الأقباط الأرثوذكس الصادرة عام
1938. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد
أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرّع وقد أحال في شأن
الأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين إلى شرائعهم مستلزماً تطبيقها دون غيرها في
كل ما يتصل بها ؛ فإنه يكون قد ارتقى بالقواعد التي تتضمنها هذه الشرائع إلى مرتبة
القواعد القانونية من حيث عموميتها وتجريدها؛ وتمتعها بخاصية الإلزام لينضبط بها
المخاطبون بأحكامها ؛ ويندرج تحتها في نطاق الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس،
لائحتهم التي أقرها المجلس الملي العام في 9 مايو 1938وعمل بها اعتباراً من 8
يوليه 1938، إذ تعتبر القواعد التي احتوتها هذه اللائحة - على ما نصت عليه الفقرة
الثانية من المادة الثالثة من القانون رقم (1) لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض
أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية التي حلت محل الفقرة الثانية من
المادة السادسة من القانون رقم 462 لسنة 1955 - شريعتهم التي تنظم أصلاً مسائل
أحوالهم الشخصية ، بما مؤداه: خضوعها للرقابة الدستورية التي تتولاها هذه المحكمة
.
وحيث إن المدعى ينعى على النص الطعين مناقضته لمبادئ الشريعة
الإسلامية ، وكذلك إقامته تفرقة بين المصريين تبعاً لديانتهم في مسألة لا تمس أصل
العقيدة ، بما يخالف المادتين (2، 40) من الدستور
وحيث إن النص في المادة الثانية من الدستور؛ بعد تعديلها في 22 مايو
سنة 1980، على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، يدل - وفقاً لما
اطرد عليه قضاء هذه المحكمة - على أن الدستور، اعتباراً من تاريخ العمل بهذا
التعديل، قد أتى بقيد على السلطة التشريعية مؤداه: تقييدها - فيما تقره من نصوص
قانونية - بمراعاة الأصول الكلية للشريعة الإسلامية ، إذ هي جوهر بنيانها
وركيزتها، وقد اعتبرها الدستور أصلاً ينبغي أن ترد إليه هذه النصوص، فلا تتنافر مع
مبادئها المقطوع بثبوتها ودلالتها، وإن لم يكن لازماً استمداد تلك النصوص مباشرة
منها بل يكفيها ألا تعارضها، ودون ما إخلال بالقيود الأخرى التي فرضها الدستور على
السلطة التشريعية في ممارستها لاختصاصاتها الدستورية . ومن ثم لا تمتد الرقابة على
الشرعية الدستورية التي تباشرها هذه المحكمة في مجال تطبيقها للمادة الثانية من
الدستور، لغير النصوص القانونية الصادرة بعد تعديلها؛ ولا كذلك نص المادة (85)
المطعون عليها، فقد أقرها المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس وعمل بها قبل
تعديل المادة الثانية من الدستور، فلا تتناولها الرقابة القضائية على الدستورية من
هذا الوجه.
وحيث إن تجهيز منزل الزوجية قد تناوله الفصل الثاني من الباب الثالث
من لائحة الأقباط الأرثوذكس فنص في المادة (80) على أن " لا تجبر المرأة على
تجهيز منزل الزوجية من مهرها ولا من غيره" وفى المادة (84) على أن
"الجهاز ملك المرأة وحدها فلا حق للزوج في شيء منه، وإنما له الانتفاع بما
يوضع منه في بيته وإذا اغتصب شيئاً منه حال قيام الزوجية أو بعدها فلها مطالبته به
أو بقيمته إن هلك أو استهلك عنده " ثم نصت المادة (85) -المطعون فيها- على
أنه "إذا اختلف الزوجان حال قيام الزواج أو بعد الفسخ في متاع موضوع في البيت
الذى يسكنان فيه فما يصلح للنساء عادة فهو للمرأة إلى إن يقيم الزوج البينة على
أنه له وما يصلح للرجال أو يكون صالحاً لهما فهو للزوج مالم تقم المرأة البينة على
أنه لها" ومفاد هذه النصوص جميعها أن الجهاز - وهو ما يؤثث به مسكن الزوجية
عند بدء الزواج سواء من مهر الزوجة أو من ما لها أو من مال أبيها تبرعاً - يكون
ملكاً لها وحدها ولا حق للزوج في شيء منه إلا انتفاعاً بل ويتحمل تبعة هلاكه وفيما
عدا الجهاز الذى تثبت ملكيته للزوجة على النحو المتقدم، فإنه إذا اختلف الزوجان -
سواء حال قيام الزوجية أو عند فسخها - حول ملكية شيء من المتاع الموجود بمنزل
الزوجية ، فقد أقام النص الطعين قرينة مؤداها: أن ما يصلح للنساء عادة ، فالقول
فيه قولها ما لم يثبت الزوج أنه له، أما ما يصلح للرجال أو كان يصلح لهما معاً،
فقد افترض المشرع أنه للزوج ما لم تثبت الزوجة أنه لها.
وحيث إن القواعد الموضوعية المنظمة للأحوال الشخصية للمسلمين، قد خلت
من نصوص تتعلق بأحكام الجهاز كتلك الواردة بلائحة الأقباط الأرثوذكس، ولم يرد بها
سوى ما يتعلق بالاختصاص القضائي -نوعياً كان أم محلياً- وكانت الفقرة الأولى من
المادة الثالثة من القانون رقم (1) لسنة 2000 بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع
وإجراءات التقاضى في مسائل الأحوال الشخصية - التي حلت محل المادة (280) من لائحة
ترتيب المحاكم الشرعية الصادرة بالمرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 - تقضي بأن يعمل
فيما لم يرد بشأنه نص خاص بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبى حنيفة ؛ وكان الراجح
في هذا المذهب، أن الجهاز ليس بواجب على المرأة ، فلا تجبر عليه، وإذا ما جهزت
نفسها من مهرها أو من مالها أو مال أبيها، كان هذا الجهاز ملكاً لها وحدها وليس
للزوج إلا حق الانتفاع به وإذا اختلف الزوجان حال قيام الزوجية أو بعد الفرقة حول
ملكية ما يوجد في بيت الزوجية من متاع، فالأصل أن من أقام البينة على ما يدعيه قُضي
له بما ادعاه، وإلا فإن ما لا يصلح إلا للنساء فالقول فيه قول الزوجة بيمينها؛ وما
لا يصلح إلا للرجال فالقول فيه قول الزوج بيمينه، أما ما يصلح لهما جميعاً فهو
للزوج لأن الظاهر يشهد له، فكل ما يحويه المسكن في حوزته وتحت سلطانه، ويده فيه
متصرفة ، أما يد المرأة فحافظة ، واليد المتصرفة هي يد الملك، فكان دليل الملكية
ظاهراً، أما اليد الحافظة ، فلا تدل على الملك، لما كان ذلك وكانت هذه الأحكام لا
تختلف في مضمونها عما يقابلها في لائحة الأقباط الأرثوذكس، فإن النص الطعين لا يكون
قد أقام تفرقة بين أبناء الوطن الواحد؛ ومن ثم يكون النعي عليه غير قائم على أساس
مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى
المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .