الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 7 يونيو 2023

الطعن 142 لسنة 28 ق جلسة 2 / 5 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 93 ص 653

جلسة 2 من مايو سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار.

----------------

(93)
الطعن رقم 142 لسنة 28 القضائية

(أ) إعلان "إعلان أوراق المحضرين" "إعلان الشركات التجارية". بطلان.
المقصود بمركز الشركة الذي يجب تسليم صورة الإعلان فيه على ما نصت عليه المادة 10 من قانون المرافعات المختلط والتي تقابل المادة 8 من قانون المرافعات الأهلي الملغي هو المركز الرئيسي للشركة. بطلان الإعلان إذا لم يتم في المركز الرئيسي. تخويل القانون المدعي الحق في رفع دعواه أمام محكمة غير محكمة موطن المدعى عليه لا يعفيه من واجب إعلان المدعى عليه في موطنه الذي أوجب القانون إعلانه فيه.
(ب) عقد. "انعقاده". "الإيجاب والقبول". محكمة الموضوع. "سلطتها في تكييف العقد".
اشتراط مطابقة القبول للإيجاب لانعقاد العقد. اقتران القبول بما يعدل في الإيجاب لا يجعله في حكم القبول الذي يتم بعد التعاقد. اعتباره بمثابة إيجاب جديد. استخلاص محكمة الموضوع لأسباب سائغة أن الخلاف بين الإيجاب والقبول يتناول مسألة جوهرية في التعاقد وليس وليد خطأ مادي وقع فيه القابل ورتبت على ذلك عدم مطابقة القبول للإيجاب وبالتالي عدم انعقاده العقد أصلاً - لا مخالفة في ذلك للقانون.

---------------
1 - تنص المادة 10 من قانون المرافعات المختلط والتي تقابل المادة 8 من قانون المرافعات الأهلي الملغي على أن الأوراق المقتضى إعلانها فيما يتعلق بالشركات التجارية تسلم صورة الإعلان في مركز الشركة - إن كان لها مركز - إلى شخص مأمور إدارتها أو رئيس مجلس إدارتها أو مديرها أو من ينوب عنهم، وإن لم يكن لها مركز فتسلم إلى أحد الشركاء المتضامنين، ورتبت المادة 24 مرافعات مختلط البطلان جزاء على عدم إتباع ذلك. ومفاد ذلك أن المقصود بمركز الشركة الذي يجب تسلم صورة الإعلان فيه هو المركز الرئيسي، إذ لا يتأتى وجود أحد ممن أوجب المشرع تسليم الصورة لهم شخصياً إلا في هذا المركز - ولا يغير من هذا النظر ما نصت عليه المادة 35 مرافعات مختلط التي تقابل المادة 34 مرافعات أهلي - من جواز اختصام شركات التأمين والنقل وما شابهها أمام المحكمة التابع لها مركز الشركة أو المحكمة التابع لها أحد فروع الشركة، ذلك أن نص خاص بالاختصاص المحلي ولم يرد له نظير في الأحكام الخاصة بالإعلان. كما أن تخويل المدعي الحق في رفع دعواه أمام محكمة غير محكمة موطن المدعى عليه لا يعفيه من واجب إعلان المدعى عليه في موطنه الذي أوجب القانون إعلانه فيه.
2 - يشترط قانوناً لانعقاد العقد مطابقة القبول للإيجاب، فإذا اقترن القبول بما يعدل في الإيجاب فلا يكون في حكم القبول الذي يتم بعد التعاقد، وإنما يعتبر بمثابة إيجاب جديد لا ينعقد به العقد إلا إذا صادفه قبول من الطرف الآخر. فإذا كانت محكمة الموضوع قد استخلصت في حدود سلطتها التقديرية وللأسباب السائغة التي أوردتها أن الخلاف بين الإيجاب والقبول يتناول مسألة جوهرية في التعاقد الذي كان يراد إبرامه وأنه ليس وليد خطأ مادي وقع فيه الطرف القابل ورتبت على عدم مطابقة القبول للإيجاب أن العقد لم ينعقد أصلاً بين الطرفين، فإنها لا تكون قد خالفت القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الجمعية الطاعنة أقامت في 3 من يونيه سنة 1948 أمام محكمة المنصورة المختلطة الدعوى رقم 181 سنة 73 ق ضد الشركة المطعون عليها طالبة الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 900 جنيه والفوائد القانونية اعتباراً من 17 أبريل سنة 1948 وقالت المدعية في بيان دعواها إنه بموجب خطاب مؤرخ 18 مارس سنة 1948 عرضت عليها الشركة المدعية عليها استئجار قطعة أرض فضاء مملوكة للمدعية وكائنة ببندر المنصورة وذلك لمدة خمس سنوات تبدأ من أول إبريل سنة 1948 وبإيجار سنوي قدره تسعمائة جنيه يدفع مقدماً في بدء كل سنة وأنها أي المدعية أرسلت إلى الشركة خطاباً مؤرخاً 22 مارس سنة 1948 أبلغتها فيه بقبولها لهذا العرض وطالبتها بإرسال أجرة السنة الأولى ولما تأخرت الشركة في إرسال هذا المبلغ بادرت الجمعية الطاعنة بإرسال خطاب آخر إليها في 29 أبريل سنة 1948 تخطرها فيه بوضع العين المؤجرة تحت تصرفها ابتداء من أول أبريل سنة 1948 وتستحثها بسرعة إرسال إيجار السنة الأولى وإذا لم تفعل فقد قامت الطاعنة بإنذارها على يد محضر في 17 أبريل سنة 1948 مسجلة عليها إخلالها بالقيام بهذا الالتزام ولما لم يجد هذا الإنذار أقامت عليها الدعوى مطالبة إياها بأجرة السنة الأولى التي استحقت قبل رفع الدعوى - دفعت الشركة المطعون عليها الدعوى بأن الإجارة لم تنعقد بينها وبين الطاعنة وذلك لأن قبول الأخيرة الذي تضمنه خطابها المؤرخ 22 مارس سنة 1948 اقترن بما يعدل في العرض الذي كانت قد عرضته عليها المطعون عليها بخطابها المؤرخ 18 مارس سنة 1948 تعديلاً أساسياً إذ أن العرض المذكور تضمن أن تكون القطعة التي اتفق على تركها للجمعية من الأرض المراد استئجارها لتقيم عليها مبنى خاصاً لها بالزاوية البحرية الغربية لهذه الأرض في حين أن خطاب الجمعية الطاعنة المتضمن قبولها قد شرط أن تكون القطعة المتروكة لها على الحدين القبلي والغربي مما يؤدي إلى حرمان المطعون عليها من أن تكون لها واجهة على شارع الشناوي الرئيسي الذي يحد الأرض من الجهة القبلية - وأضافت الشركة المطعون على في دفاعها على سبيل الاحتياط أنه بفرض أن العقد قد انعقد بينها وبين الطاعنة فإن هذا العقد قد فسخ بسبب إخلال الأخيرة بالتزاماتها المترتبة على هذا العقد إخلالاً ترتب عليه تعطيل انتفاع المطعون عليها بالعين المؤجرة على الوجه الذي كانت تبتغيه من الإجارة - وبتاريخ 8 مارس سنة 1949 أصدرت محكمة المنصورة المختلطة حكماً قبل الفصل في الموضوع تضمن في أسبابه قضاء قطعياً بانعقاد العقد وقضى في منطوقه بانتقال المحكمة بحضور الطرفين وبحضور خبير ندبته المحكمة - إلى العين محل النزاع لتحقيق ما ادعته المدعى عليها من وقوع مخالفات من المدعية تؤدي إلى فسخ العقد - وبعد إلغاء المحاكم المختلطة أحيلت الدعوى إلى محكمة المنصورة الابتدائية حيث قيدت بجدولها برقم 166 سنة 1949 كلي وتمسكت المطعون عليها من جديد أمام تلك المحكمة بدفاعها الخاص بعدم انعقاد العقد - وعدلت المدعية طلباتها مضيفة إلى المبلغ الذي رفعت به الدعوى أصلاً إلى مبلغ 1800 جنيه قيمة أجرة السنتين التاليتين التي استحقت بعد رفع الدعوى وبتاريخ 26 ديسمبر سنة 1950 أصدرت المحكمة حكماً بندب خبير لأداء المأمورية المبينة بالحكم الصادر من المحكمة المختلطة في 8 مارس سنة 1949 ولتحقيق وقائع أخرى رأت المحكمة تكليفه بتحقيقها وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة الابتدائية في 16 يونيه سنة 1953 - أولاً: بإلزام الشركة المدعى عليها (المطعون عليها) بأن تدفع للمدعية (الطاعنة) مبلغ 900 جنيه قيمة الأجرة المستحقة عن المدة من أول أبريل سنة 1948 إلى آخر مارس سنة 1949 والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 3 يونيه سنة 1948 إلى 14 أكتوبر سنة 1949 وبواقع 4% من 15 أكتوبر سنة 1949 حتى السداد - ثانياً: بفسخ عقد الإيجار المبرم بين الطرفين اعتباراً من أول إبريل سنة 1949 وبإلزام الشركة المدعى عليها بالمصاريف المناسبة والمقاصة في أتعاب المحاماة - وردت المحكمة في حكمها هذا على ما تمسكت به الشركة المدعى عليها من أن العقد لم ينعقد لعدم تطابق القبول للإيجاب في الخطابين المتبادلين بينهما - ردت بقولها "إنه وقد فصل الحكم التمهيدي السابق صدوره من المحكمة المختلطة بصفة قطعية في أسبابه المرتبطة بالمنطوق في هذا الدفاع وقضى بقيام العقد فإن المحكمة لا تستطيع التعرض لما قضى به الحكم في هذا الخصوص أو الخروج عليه - وقد استأنف الطرفان هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد استئناف الطاعنة برقم 295 سنة 6 ق وطلبت فيه القضاء لها بما لم يحكم لها به ابتدائياً من طلباتها وقيد الاستئناف المرفوع من المطعون عليها برقم 320 سنة 6 ق وتناول هذا الاستئناف أيضاً استئناف الحكم الصادر في 8 مارس سنة 1949 وذلك فيما قضى به في أسبابه من قيام العلاقة الايجارية بين الطرفين - وقد دفعت الطاعنة أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الاستئناف المرفوع عن الحكم المذكور شكلاً لرفعه بعد الميعاد القانوني وأسست هذا الدفع على أن هذا الحكم صدر في ظل قانون المرافعات المختلط الذي كان يجيز استئناف الأحكام التمهيدية استقلالاً وأنها قامت بإعلان ذلك الحكم في 5 مايو سنة 1949 إلى الشركة المطعون عليها في فرعها بالمنصورة ولم تستأنفه هذه الشركة إلا باستئنافها الحالي في 8 ديسمبر سنة 1954 مع الحكم الصادر في الموضوع - وردت المطعون عليها على هذا الدفع بأن إعلانها بحكم 8 مارس سنة 1949 المقول بأنه حصل في 5 مايو سنة 1949 قد وقع باطلاً لحصوله في فرعها بالمنصورة بالمخالفة لنص المادة 10/ 3 من قانون المرافعات المختلط الذي يوجب تسليم صورة الإعلان إليها في مركزها الرئيسي بالقاهرة وأنه متى كان الأمر كذلك فإن هذا الإعلان الباطل لا يترتب عليه بدء سريان ميعاد الاستئناف في الحكم سالف الذكر - وبتاريخ 9 فبراير سنة 1958 حكمت محكمة استئناف المنصورة برفض الدفع بعدم قبول استئناف شركة سكك حديد وجه بحري (المطعون عليها) للحكم التمهيدي الصادر في 8 مارس سنة 1949 وبقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوعهما: أولاً - برفض الاستئناف رقم 295 سنة 6 ق المرفوع من الجمعية الخيرية اليونانية (الطاعنة) وإلزامها بمصروفاتها. ثانياً - في الاستئناف رقم 320 سنة 6 ق المرفوع من شركة سكك حديد وجه بحري بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الجمعية وإلزامها بمصروفاتها وبمبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير تاريخه أول مايو سنة 1958 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 7 يونيه سنة 1961 وفيها صممت النيابة على المذكرة التي قدمتها وطلبت فيها نقض الحكم في خصوص السبب الأول من أسباب الطعن وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبعد استيفاء الإجراءات اللاحقة للإحالة حدد لنظره جلسة 18 أبريل سنة 1963 وفيها صمم كل من الطرفين على ما ورد في مذكرته وتمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة في أولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت أمام محكمة الاستئناف بعدم قبول الاستئناف المرفوع من المطعون عليها عن الحكم الصادر في 8 مارس سنة 1948 تأسيساً على أنها أعلنت هذا الحكم في 5 مايو سنة 1949 إلى الشركة المطعون عليها إعلاناً صحيحاً في مقرها بالمنصورة ولم يرفع الاستئناف عنه إلا في 8 ديسمبر سنة 1954 بعد فوات الميعاد القانوني وقد رفض الحكم المطعون فيه هذا الدفع بحجة أن المادة 10/ 4 من قانون المرافعات المختلط كانت توجب تسليم صورة الإعلان في مركز الشركة في القاهرة وأن الإعلان الحاصل في فرعها بالمنصورة قد وقع باطلاً ولا يبدأ به سريان ميعاد الاستئناف - وتقول الطاعنة إن هذا الذي ذهب إليه الحكم المطعون فيه مخالف للقانون ذلك أن المشرع لم يعرض في المادة العاشرة المذكورة لحالة الشركة التي يكون لها - فضلاً عن مركزها - نشاط في فرع أو أكثر بجهات متعددة كما هو الحال بالنسبة لشركات التأمين والنقل وقد استقر القضاء المختلط والفرنسي على اعتبار إعلان الشركة في أحد فروعها إعلاناً صحيحاً شأنه شأن الإعلان الحاصل في مركز الشركة وهذا القضاء تأصيل للقاعدة - القانونية التي توجب الإعلان في الموطن القانوني وليس ثمة ما يمنع من أن يكون للشخص الطبيعي أو المعنوي أكثر من موطن قانوني يصح إعلانه فيه ويؤيد هذا الرأي ما قررته المادة 35 من قانون المرافعات المختلط في فقرتها الثالثة من جواز اختصام شركات النقل والتأمين أمام المحكمة التي تقع فروع الشركة بدائرتها الأمر الذي يدل على أن المشرع اعتبر فرع الشركة موطناً قانونياً لها يجوز اختصامها أمام محكمته ومن ثم فإن فرع الشركة المطعون عليها بالمنصورة الذي تم إعلانها فيه بالحكم التمهيدي الصادر في 8 مارس سنة 1949 يعتبر موطناً قانونياً لها خصوصاً وأن هذا الفرع هو مركز نشاطها كله وفيه تتجمع خطوطها وتدار حركتها وبالتالي يكون الإعلان الحاصل في هذا الفرع قد تم صحيحاً ويبدأ ميعاد الاستئناف من تاريخ حصوله خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه.
وحيث إن المادة العاشرة من قانون المرافعات المختلط التي تقابل المادة الثامنة من قانون المرافعات الأهلي الملغي كانت تنص على أن الأوراق المقتضى إعلانها يجرى تسليمها على الوجه الآتي... رابعاً - ما يتعلق بالشركات التجارية تسلم الصورة في مركز الشركة siege social إن كان لها مركز - إلى شخص à la personne مأمور إدارتها أو رئيس مجلس إدارتها أو مديرها أو من ينوب عنهم وإن لم يكن لها مركز فتسلم إلى أحد الشركاء المتضامنين ورتبت المادة 24 من قانون المرافعات المختلط البطلان جزاء على عدم إتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة العاشرة - ولما كان المشرع باشتراطه تسليم صورة الإعلان في مركز الشركة إلى شخص مأمور إدارتها أو رئيس مجلس إدارتها أو مديرها أو من ينوب عنهم قد دل على أن المقصود بمركز الشركة الذي يجب تسليم صورة الإعلان فيه هو المركز الرئيسي إذ لا يتأتي وجود أحد ممن أوجب تسليم الصورة لهم شخصياً إلا في هذا المركز ومن ثم فإن الإعلان الذي يوجه إلى الشركة في أحد فروعها يقع باطلاً ولا يصح التحدي في هذا المقام بما ذهب إليه بعض الفقهاء وأحكام المحاكم في فرنسا من إجازة توجيه الإعلان إلى الشركة في أحد فروعها الرئيسية إذا كان الإعلان متعلقاً بعمل تم في إدارة هذا الفرع ذلك أن المادة 69 من قانون المرافعات الفرنسي التي تقابل المادة 10 من قانون المرافعات المختلط وإن أوجبت بالنسبة للشركات التجارية التي لها مركز - تسليم صورة الإعلان في هذا المركز en leur maison social إلا أنها وقفت عند هذا الحد ولم تتطلب تسليم هذه الصورة لأحد ممن أوجبت المادة العاشرة من قانون المرافعات المختلط تسليم الصورة إليهم شخصياً وممن لا يتواجدون عادة إلا في مركز إدارة الشركة - كذلك فإنه لا محل للتحدي بما كانت تنص عليه المادة 35 من قانون المرافعات المختلط من جواز اختصام شركات التأمين والنقل وما شابهها أمام المحكمة التابع لها مركز الشركة أو المحكمة التابع لها أحد فروع الشركة ذلك أن هذا النص الذي كان يقابل المادة 34 من القانون الأهلي الملغي خاص بالاختصاص المحلي للمحاكم ولم يرد له نظير في الأحكام الخاصة بالإعلان - وعلة إيراد هذا الجواز ليست - كما تقول الطاعنة إن المشرع اعتبر الفرع موطناً قانونياً للشركة بل إن العلة هي مجرد التيسير على المدعين ورفع المشقة التي يلاقونها في الانتقال إلى المحكمة التي يقع بدائرتها مركز الشركة إذا كانت بعيدة عنهم - كما أن تخويل المدعي الحق في رفع دعواه أمام محكمة غير محكمة موطن المدعى عليه لا يعفيه من واجب إعلان المدعى عليه في موطنه الذي أوجب القانون إعلانه فيه - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون مخالفاً للقانون إذ اعتبر الإعلان الذي وجهته الطاعنة إلى المطعون عليها في فرعها بالمنصورة إعلاناً باطلاً لا يبدأ به ميعاد الاستئناف في الحكم المعلن.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد ذلك أنه اعتبر أن التعاقد على الإيجار لم يتم قانوناً بسبب عدم تلاقي إرادتها مع إرادة المطعون عليها بالإيجاب والقبول واستند الحكم في ذلك إلى أن عرض الشركة المطعون عليها الاستئجار كان ينصب على الأرض الفضاء بعد ترك جزء منها للجمعية الطاعنة لتقيم عليها مبنى خاصاً لها بعرض ستة أمتار على الحدين البحري والغربي بينما تضمن قبول الطاعنة لهذا العرض أن تكون القطعة التي تترك لها على الحدين القبلي والغربي ورتب الحكم على ذلك أن هذا الخلاف بين الإيجاب والقبول هو خلاف جوهري يمنع من تلاقى الإرادتين هذا في حين أن ما ورد في خطاب الشركة المطعون عليها المتضمن عرضها الاستئجار خاصاً بالحد البحري إنما هو مجرد خطأ مادي وأنها كانت تقصد في الواقع القبلي بدليل ما ورد في هذا الخطاب في شأن الفتحات والمسافات التي اشترطت تركها والتي لا يتأتى تنفيذها إلا إذا كان المقصود هو الحد القبلي وقد حرصت الطاعنة في ردها على خطاب المطعون ضدها على تصحيح هذا الخطأ المادي المتعلق في بتسمية الحد البحري أما الحد الغربي فإن الطرفين متفقان على جواز إقامة مباني الطاعنة عليه - ولما كان الاتفاق بينهما قد تم على أن تقيم الطاعنة مبناها على الحدين القبلي والغربي فإن الحكم المطعون فيه إذ أقام قضاءه بعدم انعقاد العقد على عدم تلاقي إرادتيهما يكون قد أخطأ في الإسناد وفي تفسير عبارات الخطابين المتبادلين بينهما - كما أخطأ في استخلاص نيتهما من هذين الخطابين.
وتنعى الطاعنة في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون فيما ذهب إليه من القول بأن الخلاف على مقدار المساحة المخصصة للأرض المراد تأجيرها بما فيها الزاوية القبلية الغربية يعتبر خلافاً على مسألة جوهرية من شأنه أن يمنع من تلاقي الإرادتين ويرجع هذا الخطأ إلى الخلط بين مرحلة انعقاد العقد بتلاقي الإرادتين ومرحلة تنفيذه إذ أنه فضلاً عن أن المطعون عليها قد حددت في خطابها المساحة التي تطلب استئجارها بطريقة تقريبية فإن ظهور عجز في هذه المساحة أو وقوع مخالفة في المباني التي أقامتها الطاعنة لا يمنعان من قيام العقد ومن اعتباره قابلاً للتنفيذ وكل ما يترتب على ذلك - إن صح - هو تصحيح أوضاع المباني وتقدير تعويض عن العجز.
وحيث إن النعي بهذين السببين مردود بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم انعقاد عقد الإيجار بين الطرفين على قوله "وحيث إن هذه المحكمة ترى أن الخلاف بين إيجاب الشركة وقبول الجمعية في الكتابين المؤرخين 18 و22 مارس سنة 1948 بشأن الواجهة القبلية للأرض المراد تأجيرها ورغبة كل منهما في الاستئثار بها وبصدد المساحة المخصصة لإقامة مباني الجمعية (الطاعنة) بما فيها الزاوية القبلية الغربية التي طلبت الجمعية بعدئذ زيادة رقعتها وما يستتبع ذلك من نقص الأرض الفضاء الباقية لانتفاع الشركة لم يكن ذلك في الحقيقة مجرد خطأ مادي ولا خلاف على أمور ثانوية كما تذهب إلى ذلك الجمعية في دفاعها ولكنه خلاف على مسألة جوهرية تعلق عليها الشركة (المطعون عليها) أهمية كبرى من ناحية كيفية استغلالها للعين المراد تأجيرها بإعدادها محطة لسيارات الركاب يهمها قطعاً بروز واجهتها على طريق عام رئيسي تشتد فيه حركة المرور ويسهل تبعاً على عملائها الاستدلال عليها وبغير هذه الواجهة يتعذر على الشركة استغلال الأرض ويفشل المشروع الذي أقدمت على استئجار هذه الأرض من أجله - فهذا الخلاف الجوهري إنما يمنع في الحقيقة من تلاقي الإرادتين واقتران الإيجاب بالقبول ولا يتم به أدنى اتفاق بين الشركة الموجبة والجمعية القابلة ويصبح عقد الإجارة المزعوم معدوماً لا أثر له وينعدم بانعدامه سند الدعوى" ولما كان يبين من مطالعة الخطابين المؤرخين 18 و22 مارس سنة 1948 المقدمين بملف الطعن - أن الخطاب الأول المتضمن إيجاب الشركة المطعون عليها يفيد أن القطعة التي قبلت تركها للجمعية الطاعنة لتقيم عليها مبناها تقع في الزاوية البحرية الغربية للأرض المراد استئجارها في حين أن خطاب الطاعنة المؤرخ 22 مارس سنة 1948 والمتضمن قبولها يفيد اشتراطها أن تكون القطعة المتروكة لها بالزاوية القبلية الغربية لهذه الأرض حتى تكون لها واجهة على شارع الشناوي العمومي الذي يحد الأرض من الجهة القبلية - لما كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف قد استخلصت في حدود سلطتها التقديرية وللأسباب السائغة التي أوردتها أن هذا الخلاف بين الإيجاب والقبول يتناول مسألة جوهرية في التعاقد الذي كان يراد إبرامه وأنه - على خلاف ما تزعم الطاعنة - لم يكن هذا الخلاف وليد خطأ مادي وقعت فيه المطعون عليها عند ويرها خطابها سالف الذكر - وكان تفسير المحكمة للخطابين المتبادلين بين الطرفين ليس في خروج عن المدلول الظاهر لعبارتهما لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في الإسناد وفي تفسير هذين المحررين يكون على غير أساس ولما كان يشترط قانوناً لانعقاد العقد مطابقة القبول للإيجاب فإذا اقترن القبول بما يعدل في الإيجاب فلا يكون له حكم القبول الذي يتم به التعاقد وإنما يعتبر بمثابة إيجاب جديد فلا ينعقد العقد به إلا إذا صادفه قبول من الطرف الآخر وهو ما لم يحصل النزاع الحالي - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ رتب على عدم مطابقة القبول للإيجاب أن العقد لم ينعقد أصلاً بين الطرفين فإنه لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق