الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 7 يونيو 2023

الطعن 178 لسنة 36 ق جلسة 20 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 76 ص 495

جلسة 20 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، ومحمد أسعد محمود.

---------------

(76)
الطعن رقم 178 لسنة 36 القضائية

(أ، ب) موظفون. "إخلال الموظف بالتزامات الوظيفة". مسئولية. التزام. "مصادر الالتزام".
(أ) علاقة الموظف بالدولة. ماهيتها. وجوب أداء الموظف عمله بعناية الرجل الحريص. التزام الموظف بذلك مصدره القانون ولو لم ينص عليه صراحة. مساءلة الموظف عن الإخلال بهذا الالتزام. تقنين المشرع ذلك في القانون رقم 210 لسنة 1951.
(ب) إخلال الموظف بالالتزامات التي تفرضها عليه وظيفته إذا أضر بالدولة. أثره. مساءلته طبقاً للقواعد العامة.
(ج) تقادم. "تقادم مسقط". مسئولية. التزام.
عدم سريان التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 مدني على الالتزامات التي مصدرها القانون. سريان التقادم العادي المنصوص عليه في المادة 374 مدني على هذه الالتزامات.

---------------
1 - علاقة الموظف بالدولة هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - علاقة قانونية تحكمها القوانين واللوائح المعمول بها بشأن الوظيفة، وثمة قواعد أساسية عامة تحكم واجبات الموظف، وتقوم على وجوب أدائه العمل المنوط به بدقة وعناية الرجل الحريص المتبصر. وهذه القواعد الأساسية قد ترد في القوانين مع ضوابطها. وقد يخلو منها القانون دون أن يؤثر ذلك في وجوب التزام الموظف بها. ويعتبر مصدر التزام لموظف بتلك القواعد هو القانون مباشرة، فيسأل الموظف عن إخلاله بهذا الالتزام، وقد قنن المشرع هذه القواعد في القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة فحدد في الفصل السادس منه واجبات الموظفين والأعمال المحرمة عليهم.
2 - إخلال الموظف بالالتزامات التي تفرضها عليه وظيفته - إذا أضر بالدولة - يستوجب مسئوليته المدنية طبقاً للقواعد العامة وبغير حاجة أيضاً إلى نص خاص يقرر هذه المسئولية.
3 - التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني هو تقادم استثنائي خاص بدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع. فلا يسري على الالتزامات التي تنشأ مباشرة من القانون. وإنما يسري في شأن تقادم هذه الالتزامات التقادم العادي المنصوص عليه في المادة 374 من القانون المدني ما لم يوجد نص خاص يقضي بتقادم آخر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن مصلحة الضرائب - الطاعنة - أقامت في 26 من فبراير سنة 1959 الدعوى رقم 4387 سنة 1959 مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد المطعون عليهما بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بدفع مبلغ 376 ج و193 م، وقالت شرحاً لدعواها إن المطعون عليه الأول وقت أن كان مأموراً للضرائب بمراقبة ضرائب العطارين اعتمد الإقرار المقدم من أحد الممولين عن السنة الضريبية 42/ 43 بما تضمنه من خسارة ناتجة عن استغلال مطحن كائن بدائرة اختصاص مراقبة ضرائب مينا البصل دون أن يقوم بفحص دفاتر ومستندات ذلك المطحن للتحقق من صحة حساباته ودون أن يعني بالرجوع إلى المراقبة المختصة في شأن ذلك الوجه من أوجه نشاط الممول، ووافقه المطعون عليه الثاني باعتباره رئيسه المباشر على ذلك الإجراء. وإذ صدر في 17 من إبريل سنة 1952 حكم في الدعوى رقم 639 لسنة 1950 تجاري كلي الإسكندرية يقضي بأن اعتماد ذلك الإقرار يعتبر بمثابة قبول نهائي من مصلحة الضرائب مانع لها من معاودة التقدير والمحاسبة الأمر الذي فوت عليها تحصيل الضريبة المستحقة على ذلك الممول عن عملية استغلال المطحن في السنة المشار إليها فقد أقامت دعواها بطلباتها سالفة البيان، دفع المطعون عليهما بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي المقرر بالمادة 172 من القانون المدني، وردت الطاعنة على هذا الدفع بأن الأساس القانوني الذي تبني عليه مطالبتها هو مسئولية المطعون عليهما كموظفين تربطهما بالحكومة علاقة تنظيمية وأن الحق في المطالبة بالتعويض مصدره القانون فلا يستحق إلا بانقضاء خمسة عشر عاماً. ومحكمة أول درجة حكمت في 20 فبراير سنة 1962 بقبول الدفع وبرفض الدعوى. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 414 لسنة 18 ق الإسكندرية. ومحكمة الاستئناف حكمت في 19 فبراير سنة 1963 بالتأييد. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد قوامه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه بني قضاءه بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي وفق المادة 172 من القانون المدني على سند من القول بأنه وإن كانت علاقة الموظف بالإدارة علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح إلا أن مصدر إلزام الموظف بالتعويض المترتب على خطئه في أداء أعمال وظيفته ليس قانون التوظف في ذاته وإنما أحكام المسئولية في القانون المدني وهو ما أسست عليه الطاعنة دعواها، في حين أن مقتضى وجود العلاقة التنظيمية المشار إليها هو نشوء مجموعة من الالتزامات والحقوق المتبادلة لشاغل الوظيفة بحيث يصبح القانون وحده هو مصدر الالتزامات التي تحكم كافة الآثار القانونية في صلة الموظف بالحكومة طبقاً لما نصت عليه المادة 198 من القانون المدني وبالتالي فلا تعتبر واقعة الخطأ الجسيم المنسوبة للمطعون عليهما مصدر الالتزام وإنما القانون هو المصدر الوحيد والمباشر، مما كان يتعين معه الحكم المطعون فيه تطبيق أحكام التقادم العادية دون نص المادة 172 من القانون المدني الذي يقتصر نطاقه على الحقوق الناشئة عن العمل غير المشروع وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الثابت من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن المطعون عليهما كان كلاهما يشغل وظيفة مأمور ضرائب ويختص أولهما بفحص إقرارات الممولين والتحقق من سلامة بياناتها على حين يراجع الثاني ذلك الفحص ويكون من حقه إقراره أو تعديله، ولما كانت علاقة الموظف بالدولة هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - علاقة قانونية تحكمها القوانين واللوائح المعمول بها بشأن الوظيفة، وكانت واجبات الموظف تحكمها قواعد أساسية عامة تقوم على وجوب أداء العمل المنوط به بدقة وعناية الرجل الحريص المتبصر، وهذه القواعد الأساسية قد ترد في القوانين مع ضوابطها وقد يخلو منها القانون دون أن يؤثر ذلك في وجوب التزام الموظف بها، ويعتبر مصدر التزام الموظف بتلك القواعد هو القانون مباشرة فيسأل الموظف عن إخلاله بهذا الالتزام، وقد قنن المشرع هذه القواعد في القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة فحدد في الفصل السادس منه واجبات الموظفين والأعمال المحرمة عليهم، ولئن كان هذا القانون لا ينطبق على واقعة الدعوى لوقوعها قبل تاريخ العمل به إلا أن ما نص عليه هذا القانون في المادة 73 منه من وجوب قيام الموظف بالعمل المنوط به وأن يؤديه بدقة وأمانة لا يعتبر إنشاء لواجب لم يكن الموظف مكلفاً به قبل صدور ذلك القانون بل تقرير لهذا الواجب الذي تفرضه الوظيفة ذاتها بغير حاجة إلى نص عليه، كما أن إخلال الموظف بالالتزامات التي تفرضها عليه وظيفته - إذا أضر بالدولة - يستوجب مسئوليته المدنية طبقاً للقواعد العامة وبغير حاجة أيضاً إلى نص خاص يقرر هذه المسئولية. لما كان ذلك، وكانت المصلحة الطاعنة قد تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن أساس مسئولية المطعون ضدهما هو إخلالها بالالتزامات التي تفرضها عليهما وظيفتهما وهي التزامات ناشئة عن القانون مباشرة، وكان التقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني هو تقادم استثنائي خاص بدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع، فلا يسري على الالتزامات التي تنشأ مباشرة من القانون، وإنما يسري في شأن تقادم هذه الالتزامات التقادم العادي المنصوص عليه في المادة 374 من القانون المدني ما لم يوجد نص خاص يقضي بتقادم آخر، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني مع أن الطاعنة انتهت في تأسيس دعواها إلى أن المطعون ضدهما قد أخلا بالالتزامات التي تفرضها عليهما وظيفتهما والتي منشؤها القانون مباشرة مما يقتضي ألا تسقط دعوى المسئولية على هذا الأساس إلا بانقضاء خمس عشرة سنة، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. ولا يجديه ما قرره من أن الطاعنة أسست دعواها على أحكام المسئولية التقصيرية لأنها عدلت من ذلك الأساس على ما سلف تفصيله ومن ثم يتعين نقض الحكم المطعون فيه. وإذ كان خطأ الحكم على النحو السالف بيانه قد حجبه عن بحث الإهمال المسند إلى المطعون ضدهما وما إذا كان يعتبر إخلالاً بواجب الحرص والتبصر الذي تفرضه عليهما وظيفتهما مما يستوجب مسئوليتهما المدنية أو لا يعتبر، فإنه يتعين إعادة القضية إلى محكمة الاستئناف لتقول كلمتها في ذلك.


(1) نقض 12/ 6/ 1969 مجموعة المكتب الفني. السنة 20 ص 914.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق