جلسة 5 من مايو سنة 1979
برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: د. إبراهيم علي صالح؛ محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل وحسن عثمان حسن عمار.
----------------
(235)
الطعن رقم 696 لسنة 45 القضائية
إيجار. بطلان. عقد.
الاتفاق على أجرة تجاوز الحد الأقصى للأجرة القانونية للمكان المؤجر. باطل بطلاناً مطلقاً. ألا يغير من ذلك أن يكون الاتفاق قد تم أثناء سريان العقد وانتفاع المستأجر بالعين.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1911 سنة 1972 مدني كلي سوهاج طعناً على قرار لجنة تقدير الإيجارات بجرجا الصادر بتاريخ 18/ 7/ 1972 بتحديد أجرة الدكاكين المؤجرة إلى المطعون عليهم الأربعة الأول بما يتراوح بين 18 ج و18 ج و400 م سنوياً، وذلك بتعديل الأجرة إلى 42 جنيهاً سنوياً. ندبت المحكمة خبيراً وقدم تقريراً خلص فيه إلى تقدير الأجرة بما يتراوح بين 11 ج و410 م و17 ج و410 م سنوياً. قدم الطاعن إلى المحكمة عقد صلح مبرماً بينه وبين المطعون عليهم الأربعة الأول بتاريخ 26/ 9/ 1973 تضمن اتفاقهم على تحديد أجرة كل من الدكاكين بمبلغ 30 ج سنوياً. قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه واعتبار الأجرة بما يتراوح بين 15 ج و600 م و15 ج سنوياً. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 188 لسنة 49 ق أسيوط. وبتاريخ 16/ 4/ 1975 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبتأييد قرار لجنة التقدير المتظلم منه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع من الحكم حين صدوره، وإذ كان الثابت من الأوراق أن المطعون عليه الخامس بصفته قد اختصم في الدعوى دون أن توجه طلبات إليه، وأنه وقف من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يحكم عليه بشيء وكان الطاعن قد أسس طعنه على أسباب تتعلق بالمطعون عليهم الأربعة الأول وحدهم فإن اختصام المطعون عليه الخامس في الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للآخرين.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم لم يعتد بعقد الصلح المبرم بين الطاعن والمطعون عليهم استناداً إلى أن القواعد المنظمة لتحديد الأجرة بقانون إيجار الأماكن هو من النظام العام، ورتب على ذلك عدم جواز الاتفاق على أجرة تزيد على الأجرة القانونية التي قدرتها لجنة تقدير الإيجارات، في حين أن الاتفاق بين الطاعن والمطعون عليهم لاحق لتمتعهم بحماية القانون وإحاطتهم بقرار اللجنة مما تنتفي معه مظنة استغلال الطاعن لهم أو شبهة إكراههم. هذا إلى أن الاتفاق لا يعدو كونه تراخياً على حقوق مالية يجيز القانون التصالح عليها ولو كانت متعلقة بالنظام العام وترتب آثارها إلى المتعاقدين فحسب، وقد التفت الحكم المطعون فيه عن الرد على هذا الدفاع الجوهري.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن تحديد أجرة الأماكن هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - طبقاً للقوانين المحددة للإيجارات من مسائل النظام العام، ولا يجوز الاتفاق على ما يخالفها وأن الاتفاق على أنه تجاوز الحد الأقصى للأجرة القانونية يقع باطلاً بطلاناً مطلقاً ويستوي أن يكون الاتفاق على هذه الزيادة قد ورد في عقد الإيجار أو أثناء سريانه وانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أن الأجرة الواردة بالاتفاق المبرم بين الطاعن والمطعون عليهم تجاوز الحد الأقصى للأجرة القانونية وانتهى الحكم - في صحيح القانون - إلى بطلان هذا الاتفاق لمخالفته النظام العام، فلا يكون ثمت محل لمناقشة وجود أو عدم وجود إكراه يشوب هذا الاتفاق وبذلك يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذين السببين في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه بطلانه للتناقض في أسبابه، وفي بيان ذلك يقول أنه أقام قضاءه على بطلان الاتفاق على أجرة تزيد على الحد الذي قدرته اللجنة ثم عاد وقرر بجواز الاتفاق هذا إذا كان قد تم بعد استقرار المستأجر في العين المؤجرة وبعد تحققه من مقدار الأجرة الواجبة قانوناً باعتبار أن شبهة الضغط من المالك أو الاتفاق لإرادته تكون منتفية وهو من الحكم تناقض يبطله ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير منتج ذلك لأنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - وقد أقيم الحكم المطعون فيه على بطلان الاتفاق الذي تتحاج به الطاعن فإنه لا يكون ثمت محل لمناقشة وجود أو عدم وجود إكراه يشوب هذا الاتفاق على ما سلف بيانه في الرد على السببين السابقين، ومن ثم فإن ما قاله الحكم بشأن الإكراه - وأياً كان وجه الرأي فيه - لا يعدو أن يكون من قبيل التزيد الذي يستقيم الحكم بدونه ويضحى التمسك بهذا السبب غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق