الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 29 يونيو 2023

الطعن 459 لسنة 46 ق جلسة 29 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 226 ص 223

جلسة 29 من أبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد فاضل المرجوشي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد شيبة الحمد، إبراهيم هاشم، أحمد شوقي المليجي، وعبد السلام إبراهيم القرش.

---------------

(226)
الطعن رقم 459 لسنة 46 القضائية

حكم. "حجية الحكم". تأمينات اجتماعية.
حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني. نطاقه. قضاء المحكمة الجنائية ببراءة المحامي من الاتهام الموجه له بعدم التأمين على عماله لعدم خضوعه لأحكام قانون التأمينات. التزام المحكمة المدنية بحجية هذا الحكم. قضاؤها بعدم أحقية هيئة التأمينات في المطالبة باشتراكات التأمين على هؤلاء العمال. لا خطأ.

----------------
مؤدى نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم الصادر في الجنحة أنه قضى ببراءة المطعون ضده من تهمتي عدم التأمين على عماله وعدم إعداد سجل الأجور المقررة لهم في مكان العمل، وأقام قضاءه بذلك على أن ذوي المهن الحرة ومنهم المطعون ضده - محام - والذين يشتغلون لحسابهم من موظفين وعمال لا يخضعون لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 لعدم صدور القرار الجمهوري المنوه عنه بالمادة 2/ 3 من هذا القانون، وبالتالي لا يكون المطعون ضده ملزماً بالتأمين على عماله لدى الطاعنة، وكان لا خلاف بين الطرفين على أن اشتراكات التأمين موضوع الدعوى العمالية هي بذاتها التي قضى الحكم الجنائي بانتفاء تهمة عدم سدادها عن المطعون ضده، فإن الحكم الجنائي السالف الذكر يكون قد فصل بقضائه فصلاً لازماً في واقعة الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وهي واقعة عدم سداد اشتراكات التأمين - ويحوز في هذه الواقعة حجية الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية فتتقيد به هذه المحكمة ويمتنع عليها أن تخالفه. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في قضائه إلى أنه يمتنع على الطاعنة أن تطالب المطعون ضده باشتراكات التأمين عن عماله وهي الاشتراكات التي قضى الحكم الجنائي بعدم ثبوت تهمة عدم سدادها في حق المطعون ضده، التزاماً منه بحجية هذا الحكم، فإنه لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 368 لسنة 1968 مدني جزئي السنطة والتي صار قيدها بعد إحالتها إلى محكمة طنطا الابتدائية برقم 1702 سنة 1968 مدني كلي على الطاعنة - الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - طالباً الحكم بإلغاء النموذج رقم 6 إيرادات المقيد برقم 83 مسلسل وما ترتب عليه من آثار واعتباره كأن لم يكن، وقال بياناً لدعواه أن الهيئة الطاعنة أرسلت إليه النموذج رقم 6 إيرادات في 20/ 4/ 1968 بالمطالبة بسداد اشتراكات التأمين عن العاملين لديه في الفترة من 1/ 4/ 1959 إلى 31/ 3/ 1968 مضافاً إليها فوائد التأخير وغرامات التخلف عن السداد، فاعترض على هذه المطالبة استناداً إلى أنه لا يستخدم عمالاً خاضعين لقانون التأمينات الاجتماعية، وقد سبق صدور الحكم في الجنحة رقم 3657 سنة 1964 السنطة ببراءته من تهمة عدم سداد هذه الاشتراكات تأسيساً على أنه بوصفه محامياً لا يخضع لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964، وإذ لم تقبل الطاعنة اعتراضه، فقد إقام الدعوى بطلباته السالفة البيان. وبتاريخ 17/ 3/ 1974 قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا وقيد استئنافه برقم 146 سنة 24 ق. وبتاريخ 15/ 3/ 1976 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلغاء النموذج رقم 6 إيرادات المقيد برقم 83 مسلسل والموجه من الطاعنة إلى المطعون ضده بطلب سداد مبلغ 252 ج و239 م وباعتباره كأن لم يكن. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، عرض الطعن على غرفة المشورة فحددت لنظره جلسة 11/ 3/ 1979 وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى الطاعنة به على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم إذ قضى بأن الحكم الجنائي الصادر في الجنحة رقم 3657 سنة 1964 السنطة ببراءة المطعون ضده من تهمة عدم التأمين على عماله يقيد المحاكم المدنية في حين أن هذا الحكم تأسس على أن الفعل للسند للمطعون ضده وهو عدم الاشتراك في التأمين عن عمال مكتبه غير معاقب عليه لعدم انطباق قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 على المطعون ضده بوصفه محامياً، ولم ينف عنه واقعة عدم سداد اشتراكات التأمين المطالب بها، فلا تكون له قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية وفقاً لأحكام المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات، كما أن قانون التأمينات الاجتماعية المشار إليه لم يستثن من الخضوع لأحكامه سوى الفئات التي أوردها بالمادة الثانية منه وليس من بينها العاملون الذين تربطهم علاقة عمل بأصحاب المهن الحرة، فيكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن "يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها. ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة. ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون. "وتنص المادة 102 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية على أن لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي قضى فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً". وكان مؤدى ذلك أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له. لما كان ذلك، وكان الثابت من الحكم الصادر في الجنحة رقم 3657 سنة 1964 السنطة الصادر في 26/ 10/ 1964 إنه قضى ببراءة المطعون ضده من تهمتي عدم التأمين على عماله وعدم إعداد سجل الأجور المقررة لهم في مكان العمل، وأقام قضاءه بذلك على أن ذوي المهن الحرة ومنهم المطعون ضده - محام - والذين يشتغلون لحسابهم من موظفين وعمال لا يخضعون لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 لعدم صدور القرار الجمهوري المنوه عنه بالمادة 2/ 3 من هذا القانون، وبالتالي لا يكون المطعون ضده ملزماً بالتأمين على عماله لدى الطاعنة، وكان لا خلاف بين الطرفين على أن اشتراكات التأمين موضوع الدعوى الحالية هي بذاتها التي قضى الحكم الجنائي بانتفاء تهمة عدم سدادها عن المطعون ضده، فإن الحكم الجنائي السالف الذكر يكون قد فصل قضائه فصلاً لازماً في واقعة هي الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وهي واقعة عدم سداد اشتراكات التأمين، ويحوز في هذه الواقعة حجية الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية فتتقيد به هذه المحكمة ويمتنع عليها أن تخالفه. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى في قضائه إلى أنه يمتنع على الطاعنة أن تطالب المطعون ضده باشتراكات التأمين عن عماله في الفترة من 1/ 4/ 1959 إلى 31/ 3/ 1968 وهي الاشتراكات التي قضى الحكم الجنائي بعدم ثبوت تهمة عدم سدادها في حق المطعون ضده، التزاماً منه بحجية هذا الحكم، فإنه لا يكون قد خالف القانون، ويكون النعي عليه بسبب الطعن على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق