الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 28 يونيو 2023

الطعن 721 لسنة 48 ق جلسة 11 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 204 ص 101

جلسة 11 من أبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود ثابت نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد الباجوري، محمد طه سنجر، إبراهيم فراج ومحمد أحمد حمدي.

---------------

(204)
الطعن رقم 721 لسنة 48 القضائية

(1، 2) قضاة "عدم الصلاحية". حكم. بطلان.
إفتاء القاضي أو ترافعه أو سبق نظره الدعوى كقاض أو خبير أو محكم. أسباب لعدم صلاحيته لنظر الدعوى. إصداره حكماً فيها. أثره. بطلان الحكم.
(2) إبداء القاضي رأياً في القضية المطروحة عليه. سبب لعدم صلاحيته لنظرها. وجوب تفسير القضية المطروحة بمعناها الواسع. شموله كل خصومة سبق ترديدها بين الخصوم أنفسهم وأثيرت فيها ذات الحجج والأسانيد. شرطه. عدم اكتساب هذا الرأي قوة الأمر المقضي.

----------------
1 - النص في المادة 146 من قانون المرافعات على أنه "يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم في الأحوال الآتية....... (5) إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى...... أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً" وفي الفقرة الأولى من المادة 147 منه على أنه "يقع باطلاً عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال المتقدمة الذكر ولو تم باتفاق الخصوم" يدل على أن علة عدم صلاحية القاضي للفصل في الدعوى التي سبق له نظرها قاضياً هي الخشية من أن يلتزم برأيه الذي يشف عنه عمله المتقدم، واستناداً إلى أن أساس وجوب امتناع القاضي عن نظر الدعوى - وعلى ما جلته المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات الملغي تعليقاً على المادة 313 المقابلة - هو قيامه بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً، أخذاً بأن إظهار الرأي قد يدعو إلى إلزامه مما يتنافى مع حرية العدول عنه.
2 - لئن كان ظاهر سياق المادة 146 من قانون المرافعات يفيد أن إبداء الرأي - الذي يؤدي إلى عدم صلاحية القاضي لنظر الدعوى - يلزم أن يكون في ذات القضية المطروحة، إلا أنه ينبغي أن يفسر ذلك بالمعنى الواسع، فيؤخذ به متى كانت الخصومة الحالية مرددة بين ذات الخصوم، ويستدعي الفصل فيها الإدلاء بالرأي في نفس الحجج والأسانيد التي أثيرت في الخصومة الأخرى، بحيث تعتبر الخصومة الحالية استمراراً لها وعوداً إليها، فإذا كان القاضي قد عرض لهذه الحجج لدى فصله في الدعوى السابقة، وأدلى برأي فيها لم تتوافر له مقومات القضاء الحائز لقوة الأمر المقضي، فإنه يكون غير صالح لنظر الخصومة التالية وممنوعاً من سماعها، إذ في هذه الحالة بالذات تبدو خشية تشبثه برأيه الذي أبداه، فيشل تقديره ويتأثر به قضاؤه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليها عن نفسها وبصفتها حارسة قضائية ووصياً على ابنها القاصر أقامت الدعوى رقم 21 سنة 1975 مدني أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ضد الطاعن بطلب الحكم أصلياً بإخلائه من المحل المبين بصحيفة الدعوى تسليمه إليها بجميع مقوماته وموجوداته وملحقاته واحتياطياً بفسخ عقد الإيجار الصادر إليه عن العين وأضافت بالجلسة طلب الحكم بإلزامه دفع مبلغ 1000 جنيهاً على سبيل التعويض وقالت بياناً لها أنه بموجب عقد مؤرخ 16/ 10/ 1961 استأجر الطاعن من مورثها محلاً لتجارة الأحذية كائن بالعقار رقم....... بالقاهرة مملوك للمورث مناصفة مع آخر بكافة موجوداته وما به من بضاعة بأجرة شهرية قدرها مائة جنيه لمدة سنة تجددت ضمناً لمدة غير معينة حسب ميعاد دفع الأجرة أثناء حياة المؤجر في مواجهتها بعد وفاته وتعيينها حارسة قضائية وتجنباً للمتاعب التي أثارها اضطرت إلى بيع المحل له بعقد مؤرخ 30/ 10/ 1968 شاملاً نصيبها ونصيب ابنها القاصر ونصيب الشريك مقابل مبلغ 2500 جنيهاً لم يدفع وإذا قضي ببطلان هذا العقد نهائياً بالحكم الصادر في الدعوى رقم 1512 لسنة 1969 القاهرة الابتدائية والتي قيدت فيما بعد برقم 73 لسنة 1971 جنوب القاهرة الابتدائية واستئنافياً رقم 1378 لسنة 89 ق القاهرة ولم يعد له سند في حيازة المحل سوى عقد الإيجار سالف الإشارة بعد أن عاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل البيع ثم انقضى الإيجار بانتهاء مدته بالإضافة إلى تقول الطاعن عن سداد الأجرة فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 8/ 4/ 1976 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 2234 لسنة 93 ق القاهرة بطلب الحكم بطلباتها وبتاريخ 20/ 2/ 1972 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبفسخ عقد الإيجار بالجدك المؤرخ 16/ 10/ 1961 وتسليم العين المؤجرة وملحقاتها للمطعون عليها وبتعويض قدره 1000 جنيهاً. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه بطلانه وفي بيان ذلك يقول أن عضو اليمين بالهيئة التي أصدرت الحكم كان من بين أعضاء الهيئة التي نظرت في الدعوى رقم 73 لسنة 1972 مدني جنوب القاهرة الابتدائية قد كان أحد رؤساء المحاكم بها وإصدار الحكم فيها بتاريخ 4/ 3/ 1972 قاضياً ببطلان عقد البيع الصادر من المطعون عليها إلى الطاعن في 30/ 10/ 1968 تأسيساً على أن البيع لم يدفع فيه ثمن وأنه بيع نصيب القاصر وقع باطلاً لعدم حصول الوصية على إذن محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال بالتصرف، وإذ صدر الحكم المطعون فيه على سند مما ورد بأسبابه من أن المحكمة أعملت حقها في تكييف الدعوى بأنها فسخ ضمني لعقد البيع بالنسبة لنصيبها ولحصة الشريك الآخر لعدم سداد - الثمن، ورتب على ذلك عدم الاعتداد بالبيع، ومن ثم إخلاء الطاعن لعدم سداد الأجرة باعتبار عقد الإيجار لا زال قائماً، مما مفاده أن الحكم المطعون فيه صدر من هيئة غير صالحة لنظر الدعوى، لسبق إبداء عضو اليمين رأياً في النزاع يدور في أساسه ومبناه حول ثبوت تخلف الطاعن عن سداد ثمن البيع، وتأسس عليه طلب المطعون عليها فسخ عقد البيع وعدم الاعتداد به بما يجعل الحكم باطلاً بالتطبيق للمادتين 146، 147 من قانون المرافعات.
وحيث إن النعي في محله، ذلك أن النص في المادة 146 من قانون المرافعات على أنه يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم في الأحوال الآتية.... (5) إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى...... أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو مبدأ أو حكماً "وفي الفقرة الأولى من المادة 147 منه على أنه يقع باطلاً عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال المتقدمة الذكر ولو تم باتفاق الخصوم"... يدل على أن علة عدم صلاحية القاضي للفصل في الدعوى التي سبق له نظرها قاضياً هي الخشية من أن يلتزم برأيه الذي يشف عنه عمله المتقدم، واستناداً إلى أن أساس وجوب امتناع القاضي عن نظر الدعوى - وعلى ذلك جلته المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات الملغي تعليقاً على المادة 313 المقابلة - هو قيامه بعمل يجعل له رأياً في الدعوى أو معلومات شخصية تتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً، أخذاً بأن إظهار الرأي قد يدعو إلى التزامه، مما يتنافى مع حرية العدول عنه. ولئن كان ظاهر سياق المادة يفيد أن إبداء الرأي يلزم أن يكون في ذات القضية المطروحة، إلا أنه ينبغي أن يفسر ذلك بالمعنى الواسع، فيؤخذ به متى كانت الخصومة الحالية مرددة بين ذات الخصوم، ويستدعي الفصل فيها الإدلاء بالرأي في نفس الحجج والأسانيد التي أثيرت في الخصومة الأخرى، بحيث تعتبر الخصومة الحالية استمراراً لها وعوداً إليها، فإذا كان القاضي قد عرض لهذه الحجج لدى فصله في الدعوى السابقة، وأدلى برأي فيها لم تتوفر له مقومات القضاء الحائز لقوة الأمر المقضي، فإنه يكون غير صالح لنظر الخصومة التالية وممنوعاً من سماعها إذ في هذه الحالة بالذات تبدو خشية تشبثه برأيه الذي أبداه، فيشل تقديره ويتأثر به قضاؤه. ولما كان البين من الحكم الصادر في الدعوى رقم 73 لسنة 1971 جنوب القاهرة الابتدائية أنه انتهى إلى بطلان عقد البيع المؤرخ في 30/ 10/ 1968 لأسباب من بينها أن البيع برمته لم يدفع فيه ثمن بالنسبة لنصيب القاصر والمطعون عليها والشريك الآخر، وقد عدل هذا الحكم في الاستئناف رقم 1378 لسنة 89 ق القاهرة إلى بطلان العقد المشار إليه بالنسبة لنصيب القاصر فقط، تأسيساً على أن الوصية تصرفت فيه دون استئذان محكمة الأحوال الشخصية، وحمل هذا الحكم على هذا الأساس فقط دون أي أساس آخر يتصل بواقعة دفع الثمن، وكان الحكم المطعون فيه قد كيف الدعوى المماثلة بأنها تتضمن طلباً ضمنياً من المطعون عليها هو فسخ عقد البيع سالف البيان لعدم دفع الثمن، وصولاً منها إلى عدم الاعتداد به وإحياء لعقد إيجار المحل المبيع، فإن النزاع في الدعوى الحالية يكون مقاماً ومؤسساً على واقعة عدم دفع الثمن المبيع التي عرض لها الحكم رقم 73 لسنة 1974 جنوب القاهرة والتي لم تكتب أسبابه في خصوصها قضاء حاز قوة الأمر المقضي، فإنه يمتنع على من اشترك في إصداره نظر ذات النزاع في الدعوى الحالية، لا يغير من ذلك أن الحكم المطعون فيه أخفى حجية على واقعة عدم دفع الثمن خلافاً للواقع. لما كان ذلك، وكان المستشار عضو اليمين قد اشترك في الحكمين فإن الحكم المطعون فيه بتصديه للفصل في هذا النزاع يكون باطلاً عملاً بالمادة 147 من قانون المرافعات بما يستوجب نقضه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بباقي الأسباب على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بفسخ عقد البيع المؤرخ 30/ 10/ 1968 على سند من أن الحكم الصادر في الدعوى 73 لسنة 1971 مدني جنوب القاهرة واستئنافها رقم 1379 لسنة 93 ق القاهرة، قد تضمن في أسبابه قضاء حاز قوة الأمر المقضي بإخلال الطاعن بالتزام دفع ثمن المبيع، في حين أن منطوق هذا الحكم اقتصر على القضاء ببطلان البيع بالنسبة لما تضمنه من بيع نصيب القاصر تأسيساً على أن الوصية لم تستصدر إذناً بذلك من محكمة الأحوال الشخصية، وما أورده الحكم في أسبابه من إشارة إلى أن ثمناً لم يدفع، لم يكن هو الأساس الذي بني عليه منطوق الحكم السابق بالبطلان، حق يحوز قوة الأمر المقضي، مما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي صحيح، ذلك أن الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة لا يحوز حجية الأمر المقضي فيما جاوز المسألة المقضي فيها، وتلك الحجية لا ترد إلا على منطوقه وما كان متصلاً به من الأسباب اتصالاً حتمياً بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها، أما ما يعرض له الحكم في أسبابه من أمور لا تتعلق بالطلب المرفوعة به الدعوى ولا تتصل بمنطوق الحكم فإنها تكون عديمة الأثر زائدة على حاجة الدعوى ولا تحوز كالمنطوق حجية تمنع المحكمة من معاودة مناقشة تلك الأمور في دعوى تالية. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم الصادر في الاستئناف رقم 1378 لسنة 93 ق القاهرة، أن الدعوى أقيمت ابتغاء بطلب بطلان عقد البيع المشار إليه بسبب النعي وقضي فيها ببطلانه فيما يختص بنصيب القاصر تأسيساً على أن الوصية تصرفت فيه بالبيع دون استصدار إذن من محكمة الأحوال الشخصية، لا لعدم قيام الطاعن بسداد ثمن البيع، فإن ما ورد في أسبابه في شأن عدم قيام الطاعن بتقديم دليل كتابي على الوفاء بالثمن ورفض طلبه بإحالة الدعوى إلى التحقيق لمخالفة هذا الطلب لقاعدة وجوب الإثبات بالكتابة في التصرفات التي تجاوز قيمتها عشرين جنيهاً، يكون عديم الأثر وزائداً عن حاجة الدعوى ولا صلة بمنطوق الحكم فلا يحوز الحجية.
لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وأقام قضاءه بفسخ عقد البيع تأسيساً على أن الأسباب سالفة البيان قد حازت قوة الأمر المقضي في خصوص نكول الطاعن عن سداد ثمن البيع رغم إنها لا صلة لها بمنطوقه، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون، بما يستوجب نقضه لهذا السبب أيضاً دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن على أن يكون من النقض الإحالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق