الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 30 يونيو 2023

الطعن 476 لسنة 44 ق جلسة 2 / 5 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 231 ص 245

جلسة 2 من مايو سنة 1979

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، وإبراهيم فراج، وصبحي رزق ومحمد أحمد حمدي.

---------------

(231)
الطعن رقم 476 لسنة 44 القضائية

(1، 2، 3) أعمال تجارية. إيجار "الإيجار من الباطن" ضرائب.
(1) تأجير الأماكن مفروشة. لا يعد بطبيعته عملاً تجارياً ولو كان المستأجر تاجراً. اعتباره كذلك. شرطه.
(2) تأجير أكثر من وحدة سكنية مفروشة. اعتباره عملاً تجارياً ق 52 لسنة 1969. الهدف منه. إخضاع النشاط للضريبة.
(3) الاتفاق في عقد الإيجار على أن الغرض من التأجير هو استغلال العين في الأغراض التجارية. لا يبيح للمستأجر تأجير العين مفروشة ولو كان تاجراً هدفه الربح.
(4، 5، 6) إيجار "الإيجار من الباطن".
(4) تأجير المستأجر العين المؤجرة مفروشة للغير في غير الأحوال الواردة حصراً في المادتين 26 و27 ق لسنة 1969 هو تأجير من الباطن. للمؤجر حق طلب إخلاء العين.
(5) استثناء الأماكن المؤجرة مفروشة من حكم المادة 23 ق 52 لسنة 1969 بشأن أسباب إخلاء العين المؤجرة. المقصود به. عدم سريان الامتداد القانوني عليها. سريان أسباب الإخلاء عليها متى توافرت شروطها.
(6) حق المؤجر في إخلاء المستأجر لقيامه بتأجير العين المؤجرة له من الباطن. نشوءه بمجرد وقوع المخالفة. عدم انقضائه بزوالها باسترداد المستأجر الأصلي للعين.

------------------
1 - عملية تأجير الشقق مفروشة لا تعتبر بطبيعتها عملاً تجارياً، طالما لم يقترن التأجير بتقديم ضروب من الخدمة الخاصة للمستأجر، بحيث تتغلب العناصر التجارية المتعددة على الجانب العقاري من العملية، وكانت الصفة التجارية لهذا التأجير لا تثبت حتى ولو كان المستأجر تاجراً، إلا إذا كان متعلقاً بحاجات تجارته وحاصلاً بمناسبة نشاطه التجاري، بحيث لولا هذا النشاط لما وقع العمل.
2- النص في الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على أنه "يعتبر تأجير أكثر من وحدة سكنية مفروشاً عملاً تجارياً" نص استثنائي من القواعد العامة التي تحكم طبيعة الأعمال التجارية، ينبغي عدم التوسع في تفسيره، ويلزم إعمال نطاقه في حدود الهدف الذي ابتغاه المشرع من وضعه، وهو إخضاع النشاط الوارد به للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية، يؤيد هذا النظر أن القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر خلا من مثل هذا النص، واستعاضت المادة 42 عنه بوجوب قيد عقد الإيجار المفروش لدى الوحدة المحلية المختصة، التي عليها إخطار مصلحة الضرائب شهرياً بما يتجمع لديها من بيانات في هذا الشأن، حرصاً من المشرع على حصول الدولة على الضرائب المستحقة، يظاهر هذا القول أن المشرع عمد بالقانون رقم 46 لسنة 1978 بشأن تحقيق العدالة الضريبية إلى تعديل الفقرة الرابعة من المادة 32 من القانون رقم 14 لسنة 1939 فأخضع التأجير مفروشاً للضريبة ولو انصب الإيجار على وحدة واحدة أو جزء منها.
3 - إذ كان الثابت من عقد الإيجار محل النزاع أنه منصوص فيه على أن الغرض من التأجير هو استغلال العين المؤجرة في الأغراض التجارية وكان التأجير مفروشاً لا يعتبر في الأصل عملاً تجارياً، وكانت الطاعنة - بافتراض أنها تاجرة - لم تدع أن التأجير مفروشاً كان مرتبطاً بحاجات تجارتها، فإنه لا يدخل في نطاق الأغراض التجارية المصرح بها في العقد. لا يغير من ذلك أن تكون الطاعنة قصدت إلى الربح لأن العبرة ليست بمجرد إجراء العمل المرتبط. وإنما بكونه قد تم بمناسبة النشاط التجاري.
4 - وإن كان المشرع نظم في المادتين 26 و27 من القانون رقم 52 لسنة 1969 قواعد تأجير المكان مفروشاً، مما مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - انتفاء التماثل بين حق المستأجر في تأجير شقته مفروشاً، وبين تأجير المكان من باطنه، اعتباراً بأن المستأجر يستمد حقه في الأولى من القانون وحده بغير حاجة إلى إذن المالك، بينما لا يملك التأجير من الباطن إلا بموافقته، إلا أنه لما كان المقرر في قضاء النقض أنه يقصد بالتأجير من الباطن في معنى المادة 23 من ذات القانون المعني المراد في الشريعة العامة بتأجير المستأجر حقه في الانتفاع بالعين المؤجرة لآخر لقاء جعل يتفق عليه بينهما، فإن المراد بهذه المواد الثلاث مجتمعة إذا أجر المستأجر المكان المؤجر إليه مفروشاً وفي غير الأحوال المصرح بها على سبيل الحصر في المادتين 26، 27 والقرارات الوزارية المنفذة لهما، فإنه يجوز للمؤجر إنهاء عقده وطلب إخلائه باعتباره مؤجراً من باطنه مخالفاً شروط الحظر، أخذاً بأن تأجير المستأجر للعين المؤجرة له للغير مفروشة لا يعدو أن يكون تأجيراً من الباطن خصه المشرع بأحكام مميزة لمواجهة اعتبارات معينة.
5 - الإشارة في صدر المادة 23 - بشأن سبل إخلاء العين المؤجرة - من القانون 52 لسنة 1969 إلى استثناء الأماكن المؤجرة مفروشة لا يرمي إلا إلى إخراجها من حكم الامتداد القانوني دون الأسباب المسوغة للإخلاء إذا توافرت شرائطها.
6 - حق المؤجر في الإخلاء - لتأجير المستأجر العين المؤجرة له من باطنه - ينشأ بمجرد وقوع المخالفة ولا ينقض بإزالتها، فيبقى له هذا الحق ولو استرد المستأجر الأصلي العين المؤجرة، فلا على الحكم إن هو التفت عن طلب المعاينة تبعاً لأنها لا تفيد إلا في زوال المخالفة بعد وقوعها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 1496 لسنة 1971 مدني أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة وباقي المطعون عليهم بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المعقود بينه وبين الطاعنة وذلك في مواجهة المطعون عليهما الثاني والثالث وإخلائهم من العين الموضحة بالصحيفة. وقال بياناً لدعواه إن الطاعنة استأجرت بعقد مؤرخ 1/ 1/ 1969 من المالك السابق للعقار شقة بالمنزل رقم 1 شارع بيروت بمصر الجديدة بقصد استعمالها للأعمال التجارية (معرض وصالة عرض) وحظر العقد استعمال المكان المؤجر بطريقة منافية لشروطه أو التنازل عن الإيجار أو التأجير من الباطن إلا بتصريح كتابي من المالك، وإذ حول له العقد بعد شرائه العقار تبين له أن الطاعنة أجرت العين من باطنها سكناً مفروشاً للمطعون عليهما الثاني والثالث بغير موافقته مخالفة شرط الحظر، فقد أقام دعواه. وبتاريخ 12/ 4/ 1972 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه الأول أن الطاعنة أجرت شقة النزاع من باطنها للمطعون عليهما الثاني والثالث بدون تصريح كتابي منه، وبعد سماع شهود الطرفين عادت وحكمت بتاريخ 18/ 4/ 1973 برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 3567 من 90 ق القاهرة لإلغائه والحكم بطلباته. وبتاريخ 18/ 3/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف بفسخ عقد الإيجار وتسليم العين المؤجرة خالية ممن يشغلها. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثمانية أسباب، تنعى الطاعنة بالسببين الخامس والسادس منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم ذهب إلى أنها خالفت الشرط الصريح الوارد بعقد الإيجار والذي يحظر عليها التأجير من الباطن بغير تصريح كتابي، على سند من أن التأجير مفروشاً لا يندرج ضمن الأغراض التجارية المقصودة من التعاقد، وأن الإشارة في الفقرة الرابعة من المادة 26 من القانون رقم 52 لسنة 1969 يقصد بها وضع حد للاستغلال وإخضاع من يؤجر أكثر من وحدة سكنية مفروشاً لضريبة الأرباح التجارية والصناعية، في حين أن ما أثبت بالعقد من تصريح بالاستغلال للأغراض التجارية نظير زيادة قدرها 45% يعد فاسخاً لشرط الحظر، وينطوي بذاته على تصريح كتابي باستغلال العين في كل ما يدخل في الأعمال التجارية ومن بينما التأجير مفروشاً. هذا إلى أن المادة 26/ 4 آنفة الذكر إذ تفيد تأجير أكثر من وحدة واحدة سكنية مفروشة عملاً تجارياً حتى بالنسبة لغير التاجر، فإن تأجير وحدة واحدة بالنسبة للتاجر يعتبر عملاً تجارياً من باب أولى - ولا تعتبر الطاعنة من ثم مخلة بالتزاماتها طبقاً لشروط العقد، وهو ما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كانت عملية تأجير الشقق مفروشة لا تعتبر بطبيعتها عملاً تجارياً، طالما لم يقترن التأجير بتقديم ضروب من الخدمة الخاصة للمستأجر، بحيث تتغلب العناصر التجارية المتعددة على الجوانب العملية وكانت الصفة التجارية لهذا التأجير لا تثبت حتى ولو كان المستأجر تاجراً إلا إذا كان متعلقاً بحاجات تجارته، وحاصلاً بمناسبة نشاطه التجاري، بحيث لولا هذا النشاط لما وقع العمل. لما كان ذلك وكان النص في الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 52 لسنة 1969 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على أنه "يعتبر تأجير أكثر من وحدة سكنية مفروشاً عملاً تجارياً" نص استثنائي من القواعد العامة التي تحكم طبيعة الأعمال التجارية، فينبغي عدم التوسع في تفسيره، ويلزم إعمال نطاقه في حدود - الهدف الذي ابتغاه المشرع من وضعه، وهو إخضاع النشاط الوارد به للضريبة على الأرباح التجارية والصناعية. يؤيد هذا النظر أن القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر خلا من مثل هذا النص، واستعاضت المادة 42 عنه بوجوب قيد عقد الإيجار المفروش لدى الوحدة المحلية المختصة، التي عليها إخطار مصلحة الضرائب شهرياً بما يتجمع لديها من بيانات في هذا الشأن، حرصاً من المشرع على حصول الدولة على الضرائب المستحقة يظاهر هذا القول أن المشرع عمد بالقانون رقم 46 لسنة 1978 بشأن تحقيق العدالة الضريبية إلى تعديل الفقرة الرابعة من المادة 32 من القانون رقم 14 لسنة 1939 فأخضع التأجير مفروشاً للضريبة ولو انصب الإيجار على وحدة واحدة أو جزء منها. لما كان ما تقدم وكان الثابت من عقد الإيجار محل النزاع أنه منصوص فيه على أن الغرض من التأجير هو استغلال العين المؤجرة في الأغراض التجارية، وكان التأجير مفروشاً لا يعتبر في الأصل عملاً تجارياً على ما سلف بيانه، وكانت الطاعنة - بافتراض أنها تاجرة - لم تدع أن التأجير مفروشاً كان مرتبط بحاجات تجارتها، فإنه لا يدخل في نطاق الأغراض التجارية المصرح بها في العقد. لا يغير من ذلك أن تكون الطاعنة قصدت إلى الربح لأن العبرة ليست بمجرد إجراء العمل المرتبط، وإنما يكون قد تم بمناسبة النشاط التجاري، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم قضى بفسخ عقد الإيجار والتسليم على سند من المادة 23/ ب من القانون رقم 52 لسنة 1969، أخذاً بأنها أجرت العين من باطنها بغير تصريح كتابي مخالفة شرط الحظر، في حين أن صدر هذه المادة استثنى الأماكن المؤجرة مفروشة من تطبيق حكمها، والواقعة المطروحة تأجير شقة مفروشة. هذا إلى أن الحكم خلط بين حالتين متباينتين تخضع كل منهما لحكم متميز، فبينما يخضع تأجير العين من الباطن لأحكام المادة 23 السالفة، أو بالواقعة المعروضة وهي التأجير المفروش تنطبق عليها أحكام المادة 26 منه، ولا تستدعي تصريحاً كتابياً من المالك، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي غير سديد ذلك أنه وإن كان المشرع نظم في المادتين 26، 27 من القانون رقم 52 لسنة 1969 قواعد تأجير المكان مفروشاً، مما مفاده - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - انتفاء التماثل بين حق المستأجر في تأجير شقته مفروشاً، وبين تأجير المكان من باطنه، اعتباراً بأن المستأجر يستمد حقه في الأولى من القانون وحده بغير حاجة إلى إذن المالك، بينما لا يملك التأجير من الباطن إلا بموافقته، إلا أنه لما كان المقرر في قضاء النقض أنه يقصد بالتأجير من الباطن في معنى المادة 23/ ب من ذات القانون المعني المراد في الشريعة العامة بتأجير المستأجر حقه في الانتفاع بالعين المؤجرة لآخر لقاء جعل يتفق عليه بينهما. فإن المراد بهذه المواد الثلاث مجتمعة إذا أجر المستأجر المكان المؤجر إليه مفروشاً وفي غير الأحوال المصرح بها على سبيل الحصر في المادتين 26/ 27 والقرارات الوزارية المنفذة لهما، فإنه يجوز للمؤجر إنهاء عقده وطلب إخلائه باعتباره مؤجراً من باطنه مخالفاً شروط الحظر، أخذاً بأن تأجير المستأجر للعين المؤجرة له للغير مفروشة لا يعدو أن يكون تأجيراً من الباطن خصه المشرع بأحكام متميزة لمواجهة اعتبارات معينة. لما كان ذلك وكانت الإشارة في صدر المادة 23 إلى استثناء الأماكن المؤجرة مفروشة لا يرمي إلا إلى إخراجها من حكم الامتداد القانوني دون الأسباب المسوغة للإخلاء إذا توافرت شرائطها. لما كان ما تقدم وكانت العين موضوع النزاع مؤجرة أصلاً غير مفروشة إلى الطاعنة، وكان الحكم انتهى إلى أنها أجرت هذه الشقة موضوع النزاع من باطنها وفي غير أحوال انطباق المادة 26 من القانون رقم 52 لسنة 1969، فإن إعمال حكم المادة 23 منه لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة - إن الحكم عول على أقوال شاهدي المطعون عليه الأول أمام محكمة أول درجة من أنها أجرت شقة النزاع مفروشة من باطنها إلى الغير، وأن شهادتهما تأيدت بإعلان المطعون عليهما الثاني والثالث بصحيفة افتتاح الدعوى في ذات الشقة مخاطباً معهما شخصياً، مع أن الواقعة محل الإثبات طبقاً لحكم الإحالة إلى التحقيق هو التأجير من الباطن للمطعون عليهما الأخيرين بالذات لا إلى الغير، بما ينطوي على تجاوز للواقعة التي صدر الحكم لإثباتها، ويكون التأجير لهذين المطعون عليهما غير وارد. هذا إلى أن الحكم أغفل الرد على دفاع الطاعنة من أن المطعون عليه الأول تعمد جلب المطعون عليهما الأخيرين إلى الشقة لإعلانهما منها رغم أنهما شخصين وهميين لا وجود لهما، وهو ما يعيبه بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان الاطمئنان إلى أقوال الشهود والترجيح بينها هو من إطلاقات محكمة الموضوع بما لا معقب لأحد عليها فيه، وكان الحكم المطعون فيه إذ عول على أقوال شاهدي المطعون عليه الأول من أنهما قررا أن الطاعنة أجرت الشقة موضوع التداعي من باطنها مفروشة إلى الغير قد أعقب ذلك مباشرة بأن هذه الأقوال مؤيدة بإعلان المطعون عليهما الثاني والثالث في عين النزاع وتسلمهما الإعلان بشخصهما، بما يفيد أنه إنما يعنيهما بالغير، وأن قناعته اتجهت إلى وجودهما فعلاً بالشقة مطرحاً ادعاء الطاعنة بأن ثمة تعمد لجلبهما إليها قد صادف محله، لما كان ذلك وكانت الطاعنة لم تقدم صورة رسمية من محضر التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة للتدليل على مجاوزة الحكم لنطاق حكم الإحالة إلى التحقيق، والتحقق من أن أقوال الشاهدين قد انصرفت إلى غير المطعون عليهما الأخيرين بالذات، فإن النعي على الحكم بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الطعن بالسببين السابع والثامن على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بإجراء معاينة لشقة النزاع أخذاً بالأحوط لإثبات أن - تأجيراً من الباطن لم يحصل، وأنه بفرض صحته يكون صحيحاً وفق قرار وزير الإسكان بجواز تأجير الشقق مفروشة في المناطق السياحية والتي تدخل منطقة مصر الجديدة بينها، غير أن الحكم التفت عن الرد على ما تمسكت به بما يشوبه بالإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب.
وحيث إن النعي مردود في شقه الأول بأنه لما كان الحكم قد اعتد - وعلى ما سلف بيانه - بأن الطاعنة أجرت العين من الباطن بالمخالفة لشرط الحظر، وكان حق المؤجر في الإخلاء ينشأ بمجرد وقوع المخالفة ولا ينقضي بإزالتها، فيبقى له هذا الحق ولو استرد المستأجر الأصلي العين المؤجرة، فلا على الحكم إن هو التفت عن طلب المعاينة تبعاً لأنها لا تفيد إلا زوال المخالفة بعد وقوعها، والنعي غير مقبول في شقه الثاني بأن ما أوردته المذكرة في هذا الصدد جاء مرسلاً ولم تبين الطاعنة به وجه تمسكها بالأحوال التي تجيز تأجير الشقق مفروشة في المناطق السياحية، ومدى تحقق الصفة اللازمة في المستأجرين من الطاعنة بما يجعل دفاعها مجهلاً ولا يستأهل رداً.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق