الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 29 يونيو 2023

الطعن 104 لسنة 44 ق جلسة 21 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 214 ص 157

جلسة 21 من أبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: أحمد صلاح الدين زغو، محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطي وحسن عثمان عمار.

----------------

(214)
الطعن رقم 104 لسنة 44 القضائية

(1) دعوى "الخصوم في الدعوى". نقض.
الاختصام إلى القضاء. أمر متعلق بوظيفة السلطة القضائية. قبول الطعن بالنقض "شرطه. أن يكون بين خصوم حقيقيين في النزاع.
(2) خبرة. محكمة الموضوع. بطلان.
ندب المحكمة خبيراً لاستكمال عناصر النزاع دون استبعاد تقارير الخبراء السابق تقديمها. إقامة قضائها على أحد هذه التقارير دون تقرير الخبير الأخير. لا بطلان.

-----------------
1 - لا قضاء إلا في خصومة بشأن حق متنازع فيه، والاحتكام إلى القضاء أمر متعلق بالوظيفة العامة للسلطة القضائية وتنظمه القواعد القانونية العامة، من أجل ذلك جرى قضاء هذه المحكمة على أن الطعن لديها لا يكون مقبولاً إلا إذا كان بين خصوم حقيقيين في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه، بأن تنازعوا الحق المدعي به بينهم. وظلوا كذلك حتى صدور ذلك الحكم. لما كان ذلك، وكان البين من أوراق الطعن أن أحداً من الخصوم لم يطلب إلى محكمة الموضوع الحكم على المطعون عليه الأول بشيء ما، وكان موقفه من الخصومة سلبياً، ولم يقض الحكم المطعون فيه بشيء عليه، فإنه لا يكون من ثم من الخصوم الحقيقيين في الدعوى الصادر بها ذلك الحكم، ويكون اختصامه في هذا الطعن في غير محله، أعاد معه على هذه المحكمة الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة إليه.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع مطلق الحرية في تقدير ما يدلي به الخبراء من آراء، وأن الحكم بندب خبير ثان في الدعوى دون استبعاد تقرير الخبير الأول لا يعدو أن يكون إجراء تتخذه المحكمة لاستكمال عناصر النزاع فلا يحول ذلك دون رجوعها إلى تقرير الخبير الأول والأخذ به عند الفصل في موضوع الدعوى ومقارنته بما في الأوراق من تقارير وأدلة أخرى، ولما كان الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى بندب خبير ثان في الدعوى لم يستبعد تقرير الخبير الأول وإنما أشار في أسبابه إلى أن التقريرين المتقدمين من الخبير المنتدب والخبير الاستشاري غير كافيين لتكوين عقيدة المحكمة، فإنه إذا عاد هذا الحكم - الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه - وعول في قضائه على تقرير الخبير الأول بعد أن اقتنع بصحته في ضوء اطلاعه على تقرير الخبير المرجح لا يكون قد تناقض مع نفسه ويضحى النعي عليه البطلان في غير محله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 1253 لسنة 1971 مدني كلي المنصورة ضد المطعون عليهم طعنا على قرار تقدير الإيجارات الصادر بتحديد الأجرة الشهرية للمبنى المملوك لهما والمبين بصحيفة الدعوى وقال بياناً لها أنهما أقاما المبنى موضوع الدعوى من خمس محلات تجارية ومدخل وحجرة بواب وشقة أعدت إعداداً خاصاً ليشغلها بنك مصر وقدرت لجنة تقدير الإيجارات أجرته الشهرية بمبلغ 16 جنيهاً و420 مليم موزعاً على وحداته على النحو المبين بالقرار وإذ جاء هذا التقدير مخالفاً للواقع وللأصول الفنية فقد أقاما الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم الطاعنان تقريراً من خبير استشاري وطلبا ندب خبير مرجح واستجابت المحكمة بطلبهما وبعد أن قدم هذا الخبير تقريره قضت بتعديل قرار لجنة تقدير الإيجارات المطعون فيه بجعل إيجار المبنى 20 جنيهاً و274 مليم موزعاً على وحداته على النحو المبين بالحكم. استأنف الطاعنان الحكم بالاستئناف رقم 133 لسنة 24 ق المنصورة وقدم المطعون عليهما السادس والسابع تقريراً من خبير استشاري وبتاريخ 26/ 11/ 1973 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إنه لما كان لا قضاء إلا في خصومة بشأن حق متنازع فيه وكان الاحتكام إلى القضاء أمراً متعلقاً بالوظيفة العامة للسلطة القضائية وتنظمه القواعد القانونية العامة ومن أجل ذلك جرى القضاء هذه المحكمة على أن الطعن لديها لا يكون مقبولاً إلا إذ كان بين خصوم حقيقيين في النزاع الذي فصل فيه الحكم المطعون فيه بأن تنازعوا الحق المدعي به بينهم وظلوا كذلك حتى صدور ذلك الحكم، لما كان ذلك وكان البين من أوراق الطعن أن أحد من الخصوم لم يطلب إلى محكمة الموضوع الحكم على المطعون عليه الأول بشيء ما وكان موقفه من الخصومة سلبياً ولم يقض الحكم المطعون فيه بشيء عليه، فإنه لا يكون من ثم من الخصوم الحقيقيين في الدعوى الصادر فيها ذلك الحكم ويكون اختصامه في هذا الطعن في غير محله مما يتعين معه على هذه المحكمة الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة إليه.
وحيث إن الطعن بالنسبة إلى باقي المطعون عليهم استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعنان بالسبب الأول والوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه البطلان والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم جاء متناقضاً إذ بينما أوردت محكمة أول درجة في حكمها الصادر بندب الخبير المرجح أن تقرير الخبير الأول غير كاف لتكوين عقيدتها عادت فاعتمدت على هذا التقرير عند فصلها في موضوع الدعوى وأقامت قضاءها عليه ورغم تمسكهما في مذكرتهما أمام محكمة الاستئناف بالنعي على الحكم الابتدائي بهذا التناقض إلا أن الحكم المطعون فيه اعتمد أسباب ذلك الحكم ولم يرد على دفاعهما.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود - بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - من أن لمحكمة الموضوع مطلق الحرية في تقدير ما يدلي به الخبراء من أراء وأن الحكم بندب خبير ثان في الدعوى دون استبعاد تقرير الخبير الأول لا يعدو أن يكون إجراء تتخذه المحكمة لاستكمال عناصر النزاع فلا يحول ذلك دون رجوعها إلى تقرير الخبير الأول والأخذ به عند الفصل في موضوع الدعوى باعتبار أنه وإن لم تره المحكمة في البداية كافياً وحده لتكوين عقيدتها فإنه أصبح كذلك بعد استكمال عناصر الدعوى ومقارنته بما في الأوراق من تقارير وأدلة أخرى، ولما كان الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى بندب خبير ثان في الدعوى لم يستبعد تقرير الخبير الأول وإنما أشار في أسبابه إلى أن التقريرين المقدمين من الخبير المنتدب والخبير الاستشاري غير كافيين لتكوين عقيدة المحكمة فإنه إذا عاد هذا الحكم - الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه - وعول في قضائه على تقرير الخبير الأول - بعد أن اقتنع بصحته في ضوء اطلاعه على تقرير الخبير المرجح - لا يكون قد تناقض مع نفسه ويضحى النعي عليه بالبطلان في غير محله، والنعي في شقه الثاني مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أنه بحسب محكمة الموضوع أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على ما يحتاج من الأدلة لحمل حكمها ولا عليها بعد ذلك إن هي لم تتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وترد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب، لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان إن استئنافهما بني على أربعة أسباب الأول خطأ محكمة الدرجة الأولى في الأخذ بتقرير الخبير الأول رغم المطاعن الذي وجهاها إليه والتي ندبت المحكمة لتحقيقها خبير مرجحاً كان يتعين معه الأخذ بتقرير الخبير المرجح والثاني أن الحكم الابتدائي لم يرد على ما نعياه على تقدير الأجرة من ضرورة تحميل الدور الأرضي بنسبة 62.5% من ثمن الأرض وتكاليف الأساس وضرورة زيادة قيمة التوصيلات الخارجية كما أن تقارير الخبراء لم تراع زيادة صقع الأرض. الذي تضاعف مرات وما تكلفه الأساس والمباني من مبالغ ضخمة والثالث أنه كان يجب مضاعفة أجرة الشقة المؤجرة لبنك مصر لما تكلفته من مصاريف خاصة والرابع خطأ الحكم الابتدائي لعدم رده على ما طلباه من جعل أجرة المبنى مبلغ 36 جنيه 710 مليم شهرياً وعدم مناقشة التقريرين الاستشاري والمرجح مع خطأ التقرير الذي اعتمده الحكم في المقاسات وعدم مطابقته للأصول الفنية - غير أن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذه الأسباب إلا بعبارات مجهلة وغير مؤيدة مما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود بما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - من أن تقدير عمل أهل الخبرة والموازنة بين آرائهم فيما يختلفون عليه هو مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب لأن تقاريرهم لا تعدو أن تكون من عناصر الإثبات التي تخضع لتقديرها ولما كان الحكم المطعون فيه أورد بشأن تقرير الخبير المنتدب قوله "أن الخبير المنتدب باشر المأمورية المتوسطة به وقدم عنها تقريره المؤرخ 22/ 1/ 1971 الذي انتهى فيه إلى أن مساحة الأرض المخصصة لمنفعة البناء 204.25 متر وبخلاف قدره 5% من المتر المربع وأن ثمن المتر المربع من هذه الأرض وقت إقامة البناء هو سبعة جنيهات لا غير كما جاء بتقرير اللجنة وذلك بالنظر إلى موقع العقار والميدان الفسيح كما قدر التوصيلات الخارجية للمبنى بمبلغ 250 جنيه بدلاً من 180 جنيه واتفق على تقدير اللجنة في قيمة الأساسات وفي أنه نظراً للصقع التجاري للدور الأرضي فإن....... هذا الدور توازي 50% من المبنى ومن ثم فقد انتهى الخبير إلى أن الإيجار السنوي للعقار هو 343.290 جنيه ويكون إيجاره الشهري 20 جنيه و274 م موزعاً على وحدات المبنى على الوجه المبين تفصيلاً في ذيل التقرير، ثم رد على أسباب الاستئناف بقوله (أولاً) أنه من المقرر قانوناً أن المحكمة عند بناء عقيدتها في الدعوى غير مقيدة برأي أي خبير من خبراء الدعوى فهي الخبير الأول فيها وذلك تطبيقاً لأحكام المادة 156 من قانون الإثبات ولها بطبيعة الحال أن تأخذ برأي أي من الخبراء المقدمين في الدعوى بنياً على أسس افتراضية لا يمكن التحقق منها أو اعتمادها ولم يبين بأي منهما الأسباب التي من أجلها اختلفا عن سائر التقارير السابقة عليهما مما شاب هذين التقريرين المغالاة........ مما يجعل المحكمة تعرض ما جاء بهما (ثالثاً) أن تقرير المهندس المرجع جاء وسطاً بين تقدير اللجنة وتقرير الخبير الأول المنتدب ويبين منه مجرد محاولة للتوفيق بينهما الأمر الذي جعل هذه المحكمة لا تعتمد النتيجة التي وصل إليها (رابعاً) أن تقرير المهندس المنتدب...... والمؤرخ 22/ 1/ 1971 بني على أسس فنية وقانونية سليمة ووافقته أغلب التقارير في تقديراته لثمن المتر المبيع من الأرض المخصصة للبناء وهو سبعة جنيهات وكذا المساحة المخصصة للبناء مما ترى معه المحكمة الأخذ بما انتهى إليه هذا التقرير خامساً أوجه الطعن المقدمة من المستأنفين أوجه افتراضية ولم تتأيد بأي تقرير من التقارير الأربعة المقدمة في الدعوى خصوصاً ثمن المتر المربع من الأرض فقد بالغا مبالغة كبيرة في تقدير ثمنه إذ قدره مبلغ 12.500 جنيه للمتر الواحد وهو ثمن لم يقل به أحد حتى خبيرها الاستشاري كما أن تقديرهما للتوصيلات الخارجية زاد عن تقدير أي خبير في هذه الدعوى. سادساً التقرير الاستشاري للمستأنفين مبالغ في تقديره لثمن الأرض والتوصيلات الخارجية بغير مبرر كما شط في تقدير تكاليف البناء إذ قدر ثمن المتر الواحد 12 جنيه هو يزيد كثيراً عما قدره كل الخبراء في الدعوى وكذا تقدير اللجنة كما أن هذا التقرير اختلف مع سائر التقارير في واقعة مادية هي مساحة الأساسات التي أقيم عليها المبنى جعلها 116 متراً مما يشكك في تقديراته......"، لما كان ذلك وكان هذا الذي ساقه الحكم المطعون فيه كافياً للرد على ما أثاره الطاعنان من أوجه دفاع فإن النعي عليه بالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
ولما تقدم فإنه يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق