جلسة 10 من مايو سنة 1979
برئاسة السيد المستشار عبد العال السيد نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمدي الخولي، د. عبد الرحمن عياد، إبراهيم فوده وعبد الحميد المنفلوطي.
---------------
(240)
الطعن رقم 871 لسنة 43 القضائية
(1، 2، 3) مسئولية. كفالة. تعويض. تقادم. دعوى.
(1) مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة. ماهيتها. اعتبار المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون لا العقد. للمتبوع حق الرجوع على التابع مما أوفاه من تعويض للمضرور.
(2) رجوع المتبوع على التابع بدعوى الحلول بما أوفاه من تعويض للمضرور. م 799 مدني. للأخير التمسك بسقوط حق المضرور بالتقادم الثلاثي. دعوى المضرور قبل المتبوع. لا تقطع للتقادم بالنسبة للتابع.
(3) رجوع المتبوع على التابع بالدعوى الشخصية بما أوفاه من تعويض للمضرور. م 324 مدني. شرطه. رجوع المتبوع على التابع بدعوى الكفيل قبل المدين. م 800 مدني. غير جائز. علة ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن - وزير الداخلية - أقام ضد المطعون عليه الدعوى رقم 3777 سنة 1971 مدني كلي جنوب القاهرة للحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ ثلاثة آلاف جنيه. وقال بياناً للدعوى أن المطعون عليه تسبب بخطئه وقت أن كان يعمل ضابطاً بهيئة الشرطة في وفاة المرحوم......... الرقيب بمباحث شرطة........ بتاريخ 10/ 11/ 1961 بأن عهد إليه بالقبض على أحد الأشقياء دون اتخاذ التدابير اللازمة لعملية القبض وإعداد القوة لمواجهة المقاومة المحتملة ودون أن ينتقل بنفسه إلى مكان الضبط للإشراف عليه وتوجيه القائمين به، وقد استصدرت زوجة الرقيب المجني عليه حكماً في الدعوى رقم 6093 سنة 1964 مدني كلي القاهرة قضى بإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع لها عن نفسها وبصفتها وصية على أولاد المجني عليه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه وأصبح هذا الحكم نهائياً وقام الطاعن بأداء هذا المبلغ، وإذ كان قد ألزم بصفته متبوعاً يسأل عن خطأ تابعه المطعون عليه فقد أقام الدعوى الحالية للرجوع عليه بما دفعه. دفع المطعون عليه بسقوط الدعوى بالتقادم عملاً بالمادة 173/ 1 من القانون المدني. وفي 9/ 3/ 1972 حكمت المحكمة برفض الدعوى تأسيساً على صحة الدفع. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه - والقضاء له بطلباته وقيد الاستئناف برقم 1511 سنة 89 ق وفي 16/ 6/ 1973 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى الطاعن به على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على أن دعوى الرجوع تتقادم بثلاث سنوات، في حين أن دعوى التعويض بهذه المدة هي الدعوى الناشئة عن العمل غير المشروع الذي يتمثل في الإخلال بالواجب العام بعدم الإضرار بالغير، أما الإخلال بواجب الوظيفة والذي يتمثل في عدم اتخاذ المطعون عليه التدابير اللازمة لعملية القبض وفي عدم إعداد القوة للمواجهة المحتملة مما أدى إلى مقتل الرقيب........ فيستوجب المسئولية المدنية طبقاً للقواعد العامة وليس استناداً إلى العمل غير المشروع، وبالتالي تكون مدة التقادم خمس عشرة سنة من تاريخ الحادث.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور، وتقوم على فكرة الضمان القانوني، فيعتبر المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد، ومن ثم فإذا أوفى المتبوع التعويض كان له أن يرجع به كله على تابعه محدث الضرر كما يرجع الكفيل المتضامن على المدين الذي كفله لأنه المسئول عنه وليس مسئولاً معه، وهذه القاعدة هي التي قنها المشرع في المادة 175 من القانون المدني التي تقضي بأن للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التي يكون فيها هذا الغير مسئولاً عن تعويض الضرر، ولم يقصد المشرع بتلك المادة أن يستحدث للمتبوع دعوى شخصية جديدة يرجع بها على تابعه، وإنما يكون له عند وفائه بالتعويض للدائن المضرور أن يرجع على التابع بإحدى دعويين، الأولى دعوى الحلول المنصوص عليها في المادة 799 من القانون المدني والتي ليست إلا تحقيقاً للقاعدة العامة في الحلول القانوني المنصوص عليها في المادة 326 من القانون المذكور والتي تقضي بأن الموفى يحل محل الدائن الذي استوفى حقه إذا كان الموفى ملزماًَ بوفاء الدين عن المدين. وإذ كان للمدين في حالة الرجوع عليه بهذه الدعوى أن يتمسك في مواجهة الكفيل بالدفوع التي كان له أن يتمسك بها في مواجهة الدائن، فإن من حق التابع أن يتمسك قبل المتبوع الذي أوفى التعويض عنه للمضرور بانقضاء حق هذا الدائن المضرور قبله بالتقادم الثلاثي المقرر في المادة 172 من القانون المدني بدعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع على أساس أنه انقضى على علم المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه أكثر من ثلاث سنوات دون أن يرفع المضرور عليه الدعوى بطلب التعويض على أساس أن رفعه الدعوى على المتبوع (الطاعنة) لا يقطع التقادم بالنسبة إليه، والتقادم هذا لا يرد على حق المتبوع في الرجوع على التابع، وإنما على حق الدائن الأصلي الذي انتقل إلى المتبوع بحلوله محل الدائن "المضرور" فيه والذي يطالب به المتبوع تابعه، ذلك بأن المتبوع حين يوفي التعويض للدائن المضرور فإنه يحل محل هذا الدائن في نفس حقه وينتقل إليه هذا الحق بما يرد عليه من دفوع. والدعوى الثانية التي يستطيع المتبوع الرجوع بها على تابعه هي الدعوى الشخصية المنصوص عليها في المادة 324 مدني التي تقضي بأنه إذا قام الغير بوفاء الدين كان له حق الرجوع على المدين بقدر ما دفعه. وهذه الدعوى سواء كان أساسها الإثراء بلا سبب أو انقضائه فإن المتبوع لا يستطيع الرجوع بها إذا كان قد أوفى التعويض للدائن المضرور بعد أن كان حق الدائن فيه قد سقط بالنسبة للتابع لأن هذا لم يفد شيئاً من هذا الوفاء. وليس للمتبوع أن يرجع على تابعه بالتعويض الذي ادعاه بالدعوى الشخصية التي قررها القانون في المادة 800 من القانون المدني للكفيل قبل المدين، وذلك لما هو مقرر من عدم جواز رجوع الكفيل بهذه الدعوى إذا كانت الكفالة لمصلحة الدائن وحده، وضمان المتبوع لأعمال تابعه هو ضمان قرره القانون لمصلحة الدائن المضرور وحده. لما كان ذلك وكان الطاعن قد أقام دعواه ضده المطعون عليه بالرجوع عليه بما أداه من تعويض باعتباره مسئولاً عنه عملاً بالمادة 175 من القانون المدني، وكانت هذه الدعوى قد أقيمت في....... بعد أن كان قد انقضى أكثر من ثلاث سنوات على علم المضرور بحدوث الضرر والشخص المسئول عنه، فإن حق المضرور قبل المطعون عليه يكون قد سقط بالتقادم، ولا أثر لرفع المضرور دعواها قبل الطاعن من قطع هذا التقادم. وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر منتهياً إلى أن رجوع الطاعن بدعوى الحلول يصطدم بالدفع الذي أبداه المطعون عليه بسقوط حق الدائن المضرور في مطالبته بالتعويض بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 172 من القانون المدني، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي بما تضمنه سبب الطعن على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق