الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 30 يونيو 2023

الطعن 249 لسنة 2023 تمييز دبي تجاري جلسة 7 / 6 / 2023

بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 07-06-2023 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 249 ، 251 لسنة2023 طعن تجاري
طاعن:
خلدون رشيد سعيد  الطبري
مطعون ضده:
دريك آند سكل إنترناشيونال (شركة مساهمة عامة)
دريك اند سكل انترناشيونال ـ ذ.م.م  ـ ابوظبي
بنك الفجيرة الوطني
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2022/2027 استئناف تجاري
بتاريخ 12-01-2023
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بجلسة المرافعة السيد القاضي المقرر طارق يعقوب الخياط وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن بالطعن رقم 249 لسنة 2023 (خلدون رشيد سعيد الطبري) أقام الدعوى رقم 5 لسنة 2022 مصارف كلي أمام محكمة دبي الابتدائية، قبل المطعون ضدهم الأولى (دريك آند سكل إنترناشيونال-شركة مساهمة عامة) والثانية (دريك اند سكل انترناشيونال ذ.م.م ـابوظبي) والثالث (بنك الفجيرة الوطني) طلب في ختامها أولًا:- ندب خبير متخصص، تكون مهمته الاطلاع على أوراق الدعوى ومستنداتها، لبيان الأضرار المادية والمعنوية والأدبية التي لحقت بالطاعن نتيجة لأفعال المطعون ضدهم وعلى وجه الخصوص المخالفات والتجاوزات التي ارتكبها المطعون ضده الثالث ومن ضمنها ختم الشيك دون التحقق من التوقيع الممهور عليه، وكذلك كافة الرسوم القانونية للتقاضي وأتعاب المحاماة عن هذه القضايا داخل الدولة وخارجها وأية نفقات أخرى على النحو الوارد في براءة الذمة الصادرة عن مجلس إدارة المطعون ضدها الأولى وجميع الأضرار التي ترتبت نتيجة لمطالبة المطعون ضده الثالث بقيمة الشيك رقم (2) الموصوف سالفاً والقضايا التي أقامها بمواجهة الطاعن والأضرار التي ترتبت على ذلك، ثانيًا:- إلزام المطعون ضدهم بالتكافل والتضامن بدفع مبلغ 500,000 درهم كتعويض جابر للضرر والفائدة القانونية بواقع 12% من تاريخ إقامة الدعوى وحتى السداد التام، تأسيساً على أنه كان يشغل منصب الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس الإدارة لدى المطعون ضدها الأولى وإنه أثناء توليه لمنصبه تحصلت المطعون ضدها الثانية بتاريخ 2016/2/24 على قرض من المطعون ضده الثالث بقيمة (60,000,000) ستون مليون درهم، بضمان المطعون ضدها الأولى حيث قام الطاعن بالتوقيع على شيك الضمان رقم (2) المسحوب على حساب المطعون ضدها الأولى لدى المطعون ضده الثالث لصالح الأخيرة بمبلغ ستون مليون درهم بصفته المخول بالتوقيع، وتم تسليم الشيك دون تاريخ، وإنه بعد استقالته من منصبيه كرئيس تنفيذي بتاريخ 14 أغسطس 2016، وكنائب لرئيس مجلس الإدارة بتاريخ 15 إبريل 2017، قامت المطعون ضدها الأولى بتوجيه رسالة رسمية إلى المطعون ضده الثالث مؤرخة في 2016/12/6 طلبت من خلالها إلغاء اعتماد توقيع الطاعن على الحساب رقم 012000834945 (المسحوب عليه شيك ضمان القرض)، وقد تسلم المطعون ضده الثالث هذه الرسالة وقام بختمها بالاستلام، وعندما تعثرت المطعون ضدها الثانية بسداد أقساط القرض، قام المطعون ضده الثالث بتوجيه رسالة إلى المطعون ضدها الثانية مؤرخة في 2019/4/1 طلب خلالها بسداد المتأخرات من القرض والبالغ قيمتها (30,000,000) ثلاثون مليون درهم، وعلى ضوء إخفاق المطعون ضدها الثانية بسداد المتبقي من قيمة القرض قام المطعون ضده الثالث بعرض الشيك رقم (2) على البنك المسحوب عليه بعد أن قام بوضع تاريخ 2019/8/1 عليه، وقد أعيد الشيك بدون صرف لعدم كفاية الرصيد مخالفاً بذلك كافة الأعراف المصرفية، وقد تفاجأ الطاعن بقيام المطعون ضده الثالث بإقامة الشكوى الجزائية رقم 14252/2019 لدى محكمة صلح جزاء عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية بالشيك موضوع الدعوى مع الادعاء بالحق المدني قبل الطاعن والمطعون ضدها الأولى كما طلب بالحجز التحفظي على كافة أموال الطاعن، حيث صدر القرار بإلقاء الحجز التحفظي على كافة ممتلكاته دون وجه حق وهو ما ألحق به أشد الضرر مادياً وأدبياً ومعنوياً، فأقام النزاع رقم 348/2021 نزاع تعيين خبرة تجاري أمام مركز التسوية الودية للمنازعات وقد انتهت لجنة الخبراء المنتدبة إلى عدم أحقية المطعون ضده الثالث بالمطالبة بقيمة الشيك، مما حدا به إلى إقامة دعواه الراهنة، دفع المطعون ضده الثالث بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم رفع الدعوى بالطريق الذي حدده القانون، وبتاريخ 2022/8/10 حكمت المحكمة بمثابة الحضوري بالنسبة للمطعون ضدهما الأولى والثانية وحضورياً بالنسبة للمطعون ضده الثالث، بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي للطاعن مبلغ وقدره 1,500,000 درهم تعويضاً مادياً وادبياً، والفائدة القانونية بواقع 5% من تاريخ صيرورة هذا القضاء وحتى السداد التام ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 2027/2022 تجاري، كما استأنفت المطعون ضدها الأولى على ذات الحكم بالاستئناف رقم 2255/2022 تجاري، فضمت المحكمة الاستئنافين وبتاريخ 2023/1/12 قضت في موضوع الاستئنافين بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بالتمييز رقم 249 لسنة 2023 تجاري بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى في 2023/2/7 طلب فيها نقضه، وقدم محامي المطعون ضدها الأولى مذكرة بدفاعها خلال الميعاد طلبت فيها رفض الطعن، وقدم وكيل المطعون ضده الثالث مذكرة خلال الميعاد طلب فيها رفض الطعن، كما طعنت المطعون ضدها الأولى بالتمييز رقيم 251 لسنة 2023 تجاري بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى في 2023/2/5 طلبت فيها نقضه وقدم محامي المطعون ضده مذكرة بدفاعه في الميعاد طلب فيها رفض الطعن، وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما، وبها ضمت الطعن الثاني للطعن الأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد.

وحيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.

وحيث إن الطعن رقيم 251 لسنة 2023 تجاري أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهم على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والاخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول بأن الحكم المطعون فيه التفت عن الرد على الدفع المبدى منها بجلسة 2023/1/27 بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، حال أن المطعون ضده قد أسس دعوى التعويض الراهنة على إقامة البنك الشكوى الجزائية رقم 14252/2019 لدى محكمة صلح جزاء عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية بموضوع إصدار شيك بدون رصيد مع الادعاء بالحق الشخصي (المدني) ، بما ينعقد معه الاختصاص لمحكمة عمان / المملكة الأردنية الهاشمية لكونها محكمة المكان التي وقع في دائرتها الفعل الذي أضر بالمطعون ضده والذى يطالب بالتعويض عما سببه من أضرار ? حسب زعمه والذي لا تقر بصحته - بما ينحصر معه الاختصاص بنظر موضوع الدعوى الماثلة عن محاكم الدولة وفقا لنص المادة 20 من قانون المعاملات المدنية، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يورد ذلك الدفع إيرادًا أو ردًا رغم أنه دفع جوهري من شأنه تغيير وجه الرأي بالدعوى مما يعيبه ويوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة (31) من قانون الإجراءات المدنية الصادر بمرسوم بقانون اتحادي رقم (11) لسنة 1992 الذي يسري على واقعة الدعوى على أنه " 1- يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه ما لم ينص القانون على خلاف ذلك، فإن لم يكن للمدعى عليه موطن في الدولة يكون الاختصاص للمحكمة التي يقع بدائرتها محل إقامته أو محل عمله، 2- ويجوز رفع الدعوى إلى المحكمة التي وقع في دائرتها الضرر وذلك في دعاوى التعويض بسبب وقوع ضرر على النفس أو المال، 3- ويكون الاختصاص في المواد التجارية للمحكمة التي يقع بدائرتها موطن المدعى عليه أو للمحكمة التي تم الاتفاق أو نفذ كله أو بعضه في دائرتها أو للمحكمة التي يجب تنفيذ الاتفاق في دائرتها، 4- وإذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع بدائرتها موطن أحدهم" التي يقع بدائرتها موطن أحدهم" مفاده وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المشرع جعل الاختصاص في المواد التجارية للمحكمة التي يقع بدائرتها موطن المدعى عليه أو للمحكمة التي تم الاتفاق أو نفذ كله أو بعضه في دائرتها أو للمحكمة التي يجب تنفيذ الاتفاق في دائرتها، وهي قسائم متساوية وضعها المشروع حسب رغبة المدعي يتخير منها ما يشاء دون إلزام عليه باتباع الترتيب الوارد بالنص وبالالتجاء إلى محكمة معينة منها دون أخرى، كما إذا تعدد المدعى عليهم كان الاختصاص للمحكمة التي يقع بدائرتها موطن أحدهم، مما مؤداه وعلى ما جرى به قضاء هذا المحكمة أن تبسط محاكم دبي ولايتها كاملة على المنازعات التي ناط بها القانون الاختصاص بالفصل فيها ولا تنحسر عنها هذه الولاية ما دام قد قام بها سبب من أسباب الاختصاص، لما كان ذلك وكان الثابت بأوراق الدعوى أن موطن الطاعنة بإمارة دبي وفقا لرخصتها الصادرة عن دائرة التنمية الاقتصادية بدبي الأمر الذي ينعقد معه الاختصاص بنظر الدعوى لمحاكم إمارة دبي، مما يكون معه النعي بما ورد بهذا السبب قائما على غير أساس.

كما إن الطاعنة تنعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع وذلك فيما انتهى إليه من قضاء، بالرغم من أن المطعون ضده يتحمل المسؤولية في الاخفاق في سداد التسهيلات المصرفية المستحقة في تاريخ 31/1/2016 مبلغ 28,878,23626 درهم والفائدة المستحقة 596,816.88 درهم ، لكونها تمت أثناء توليه منصب الرئيس ونائب رئيس مجلس الإدارة للشركة الطاعنة، و بالتالي يتحمل المسؤولية في عدم قيامه بتوفير رصيد كافي لسداد قيمة الشيك بتاريخ استحقاق قيمة الأقساط المستحقة على الشركة، بما لا يحق له المطالبة عن تعويض عن تصرف شارك هو في حدوثه أثناء توليه مناصبه بالشركة وكان لدية كافة السلطة والصلاحية لتدارك ذلك لكنه لم يفعل، كما وأنه لم يثبت قيام المطعون ضده ) في تاريخ استحقاق قيمة الشيك في 31/01/2016 ) بتوفير رصيد كافي لسداد قيمته والتي تمثل قيمة الأقساط المستحقة على الشركة بذات التاريخ مما يكون معه مسئولًا عن قيمة ذلك الشيك، وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك الفهم مما يعيبه ويستوجب نقضه.

وحيث إن النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية والضرر الناجم عنه ومقدار التعويض الجابر له ومدى مساهمة المضرور في إحداثه متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنة بالمبلغ المقضي به سندا لتوافر عناصر المسؤولية التقصيرية عن فعلها بعدم سحب شيك الضمان رقم 2 من بنك الفجيرة الوطني بعد انتهاء علاقة العمل بينها والمطعون ضده قبل تقديم الشيك للصرف من البنك سالف الذكر مما ألحق بالأخير أضرار مادية وأدبية، ومن ثم يكون النعي عليه بما ورد بوجه النعي غير مقبول.

وحيث أن الطاعنة تنعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور بالتسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والاخلال بحق الدفاع، لعدم وقف الدعوى تعليقا لحين الفصل في دعوى الجزاء بمحكمة عمان / المملكة الأردنية الهاشمية بحكم نهائي بات، كون أن الدعوى الماثلة تستند إلى الدعوى الجزائية سالفة البيان بما يجب معه وقف الدعوى الماثلة تعليقا لحين الانتهاء من الدعوى الجزائية المذكورة بحكم نهائي بات، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الطلب الجوهري ولم يقم بتحقيقه وأقساط تلك الوقائع الجوهرية حقها بالبحث و التدقيق والتفت عنها ? إيراداً أو رداً - بما يعيبه ويوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يعيب الحكم المطعون فيه عدم الرد على دفاع للخصم لا يستند إلى أساس قانوني سليم وأن النص في المادة 28 من قانون الاجراءات الجزائية يدل على أن معيار وقف الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى الجزائية - تفاديا لصدور حكم في الدعوى المدنية مناقضا للحكم الذي سوف يصدر في الدعوى الجزائية - هو أن توجد بين الدعويين مسألة مشتركة لا تستطيع المحكمة المدنية أن تحسمها دون أن تقول المحكمة الجزائية كلمتها في شأن ارتكاب الجريمة ونسبتها إلى فاعلها، وأن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد المنصوص عليها في المادة (401) من قانون العقوبات لا تستلزم لقيامها التعرض لبحث سبب تحرير الشيك إذ لا أثر له على طبيعته وتوافر أركان الجريمة قبل الساحب ويترتب على ذلك أن قضاء المحكمة الجزائية بإدانة المتهم في هذه الحالة لا يقيد المحكمة المدنية عند بحث سبب إصدار الشيك فيما إذا كان على سبيل الوفاء أو لأي سبب آخر، لما كان ذلك وكانت دعوى الجزاء رقم 14252/2019 المقامة أمام محكمة عمان -المملكة الأردنية الهاشمية- بتهمة جريمة إعطاء شيك بسوء نية لا توجد بينها وبين الدعوى الراهنة المؤسسة على بحث عناصر الضرر مناط القضاء بالتعويض مسألة مشتركة لا تستطيع معها المحكمة المدنية أن تحسمها دون أن تقول المحكمة الجزائية كلمتها في شأنها، الأمر الذي يكون فيه دفاع الطاعنة في هذا الخصوص لا يستند إلى أساس قانوني سليم وبالتالي فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه في عدم الرد عليه وإذ كان ذلك كذلك فإن النعي عليه في هذا الشأن يكون على غير أساس متعينًا رفضه.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

وحيث إن الطعن رقيم 249 لسنة 2023 تجاري أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منهما على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه أخطأ برفضه لاستئناف الطاعن تأسيساً على عدم ثبوت توفر أركان المسؤولية التقصيرية في مواجهة المطعون ضده الثالث (البنك) رغم ثبوت الخطأ في جانبه عندما قام بختم الشيك المعروض عليه "بعدم وجود رصيد كافي" دون التحقق من صحة توقيع المخول بالتوقيع على الحساب ومطابقته على نماذج توقيع صاحب الحساب المحفوظ لدى البنك، سيما وأن الأخير على علم يقيني بأن الطاعن لم يعد مخولاً بالتوقيع عن المطعون ضدها الأولى منذ تاريخ 2016/12/6 حسب الثابت بالرسالة التي قامت المطعون ضدها الأولى بإرسالها إلى المطعون ضده الثالث، كما التفت الحكم المطعون فيه عن ما انتهى إليه الخبراء المنتدبين إلى مخالفة المطعون ضده الثالث للأعراف المصرفية والاجراءات المتبعة في صرف الشيكات وكذلك عدم أحقيته في المطالبة بقيمة الشيك، بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المسئولية سواء كانت عقدية أو تقصيرية لا تقوم إلا بتوافر أركانها الثلاثة من خطأ ثابت في جانب المسئول إلى ضرر واقع في حق المضرور وعلاقة سببية تربط بينهما بحيث يثبت أن هذا الضرر قد نشأ عن ذلك الخطأ ونتيجة لحدوثه، وأن استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية والضرر وعلاقة السببية بينهما هو من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة مستمدة مما له أصل ثابت في الأوراق، كما من المقرر بذات المحكمة أن الشيك بحسب الأصل هو أداة وفاء وأنه يستند إلى سبب قائم ومشروع للالتزام بدفع قيمته إلى المستفيد فالشيك ينطوي بذاته على سبب تحريره وإن لم يصرح بالسبب فيه، إذ الأصل أن سبب الشيك هو الوفاء بدين يستحق لمن حرر لصالحه أو لمن آل إليه، إلا أنه يجوز لمن يدعي خلاف هذا الأصل إقامة الدليل على ما يدعيه بإثبات عدم وجود سبب مشروع للشيك، أو إخلال المستفيد بالتزاماته الناشئة عن العلاقة الأصلية التي من أجلها حرر الشيك أو لغير ذلك من الأسباب، أو بإثبات التخالص من الدين بالوفاء بالتزامه الأصلي، ومن المقرر ? وعلى ما جاء بقضاء هذه المحكمة ? أنه يحق للمصرف الدائن أن يحتفظ بالشيكات المرتدة دون صرف طالما لم يجد في حساب عميله ما يغطي قيمتها لكي يتسنى له مطالبة الساحب بقيمتها إلى جانب عميله المدين دون أن يكون سبق قيد قيمتها في حساب العميل قيداً عكسياً، ومن المقرر كذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها تقديماً صحيحاً متى أقامت قضاءها على ما له أصله الثابت بالأوراق كما أن لها سلطة تقدير عمل أهل الخبرة باعتباره من أدلة الدعوى والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه التزم ما تقدم من قواعد وأقام قضاءه بعدم مسؤولية البنك المطعون ضده الثالث على ما أورده في أسبابه من أنه ((وكان البين من خلال الاطلاع على تقرير الخبرة المنتدب في نزاع تعيين خبرة تجاري رقم 348/2021 م الذي تطمئن إليه المحكمة وتجعل من أسبابه مكملاً لأسبابها بأن الشيك قدم للصرف بعد ترك المدعي للعمل لدى الشركة المدعى عليها الأولى. ولما كان ذلك وكانت المحكمة طالعت الرسالة الصادرة من المدعى عليها الأولى للبنك المدعى عليه الثالث والذي تبلغ فيها البنك المدعى عليه الثالث بتغير توقيع المدعي فقط وخلت الرسالة مما يفيد انتهاء علاقة العمل نهائياً بين المدعي والمدعى عليها الأولى، مما تكون معه الأخيرة هي الملزمة بالتعويض كون أن البنك ليس على اطلاع على علاقة العمل بين المدعي والمدعى عليها الأولى وكذلك الحال بالنسبة إلى المدعى عليها الثانية. وإذا كان ذلك وكانت أوراق الدعوى خلت مما يفيد علم المدعى عليهما الثانية والثالثة باستقالة المدعي ومن ثم فإن المحكمة ترفض الدعوى بمواجهتهما. أما عن المدعى عليها الأولى ولما كانت المدعى عليها الأولى هي المعنية بإخطار البنك بتغير شيك الضمان المقدم لها كون أن المدعي ترك العمل لديها وأن هي تنكبت عن ذلك، ومن ثم فإنها تكون مسؤولة عن تعويض المدعي عن الأضرار التي لحقت به)) وأَضاف الحكم المطعون فيه دعما لقضاء أول درجة على ما أورده في أسبابه من أنه ((وكان الثابت بالأوراق والذي لا خلاف عليه بين الأطراف أن البنك المستأنف ضده قد منح المدعى عليها الثانية قرضا مصرفيا بضمانة الشيك الذي حرره المستأنف بحكم صفته الوظيفية - رئيس تنفيذي للضامن المستأنف ضدها الأولى - وأن الشيك قد ارتد من المسحوب عليه لعدم كفاية الرصيد، ولما كانت المستأنف ضدها الأولى لم تقم بتقديم ضمانا جديدا للبنك المقرض - المستأنف ضده - ولم تقم بسحب شيك الضمان الموقع عليه من المستأنف فإن تحريك البنك للاجراءات الجزائية في مواجهة المستأنف ضدها والمستأنف سندا على شـيك الضمان المحرر لصالحه من المذكورين يكون قد لزم صحيح القانون، وبما ينتفي معه خطأ البنك فيما قام به من إجراءات جزائية للمطالبة بمستحقاته بموجب الشيك ومن ثم التقرير برفض الدعوى لعدم ثبوت توفر أركان المسئولية التقصيرية في مواجهة البنك يكون قد لزم التقدير السليم للأدلة ومتعين تأييده)) وإذا كان هذا الذي أوردته محكمة الموضوع وفي حدود سلطتها الموضوعية سائغاً بما له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون وكافياً لحمل قضائها، ويتضمن الرد المسقط لما أثاره الطاعن بسببي الطعن المطروحين وكان لا يجدي الطاعن تحديه بأن البنك المطعون ضده الثالث كان يعلم عند ختمه للشيك بعدم وجود رصيد أن توقيع الطاعن على الشيك غير مطابق للتوقيع المثبت لدية بالنظام، حال أن المسؤولية عن الشيك تقوم حال طرحة للتداول، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف يكون قائما على غير أساس.

وحيث أن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والاخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه قضى برفض تعديل قيمة التعويض استناداً على أن المحكمة المطعون في حكمها ترى أن مقدار التعويض المقضي به يتناسب مع الضرر المادي والأدبي الذي لحق بالطاعن، رغم ثبوت أن الضرر المادي المباشر -حسب الثابت بالأوراق- قد بلغ 1,819,589 درهم وهو يزيد عن مقدار التعويض المقضي به، خلافاً للضرر الأدبي الذي أصاب اعتبار الطاعن وشرفه وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بما يوجب نقضه.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير قيمة التعويض عن الأضرار التي لحقت بالمضرور هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع دون رقابة عليها في ذلك من محكمة التمييز طالما أنها أبانت عناصر الضرر التي لحقت به ومدى أحقية المضرور في التعويض عنها حسبما تستخلصه من الأدلة المطروحة عليها في الدعوى، ولها السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتمحيص سائر الأدلة والمستندات المطروحة عليها وصولاً إلى ما تراه متفقاً مع وجه الحق في الدعوى والأخذ بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه وحسبها في ذلك أن تبين الحقيقة التي ارتاحت إليها وأخذت بها وأوردت دليلها من واقع ما استخلصته من الأوراق ولها في هذا الخصوص أن تعول على تقرير الخبير باعتباره من عناصر الاثبات في الدعوى الذى يخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به متى اقتنعت بسلامة الأسس التي أقيم عليها وصحة النتائج التي توصل الخبير إليها ورأت فيها ما يستقيم به وجه الحق في الدعوى وهى غير ملزمة من بعد بأن ترد بأسباب خاصة على ما أبداه الخصوم من مطاعن على التقرير لأن في أخذها به محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تر في دفاع الخصم ما ينال من سلامة النتائج التي انتهى الخبير إليها ولا ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير، لما كان ذلك وكان الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد قدر التعويض المستحق عن الضرر المادي والأدبي على ما أورده في مدوناته من أنه ((وكانت المحكمة .. أثبتت عنصر الخطأ بمواجهة المدعى عليها الأولى/ المطعون ضدها الأولى، فضلاً على أن الخبير انتهى في تقريره إلى تعويض المدعي/ الطاعن للضرر المادي المتمثل في المبالغ المسددة في الدعوى الجزائية، حيث أن المدعي قدم بدعواه ما يفيد تعرضه إلى أضرار مادية أخرى، بالإضافة إلى التعويض الأدبي المتمثل في حبسه وتقييد حريته مما لا شك فيه أنه أصابه بضرر أدبي ، ومن ثم فإن المحكمة تقدر التعويض عن الأضرار المادية والأدبية بمبلغ 1,500,000 درهم تعويضاً مادياً وأدبياً وتلزم بها المدعى عليها الأولى)) وكان ما خلص إليه الحكم سائغا وله أصل ثابت بالأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها وكاف لحمل قضائه ومن ثم فإن النعي عليه بما سلف لا يعدو أن يكون جدلا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز ومن ثم غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: في الطعنين رقمي (249) و (251) لسنة 2023 تجاري برفضهما وألزمت كل طاعن بمصاريف طعنه والمقاصة في مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين في الطعنين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق