جلسة 5 من مايو سنة 1979
برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: أحمد صلاح الدين زغو، محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل وحسن عثمان عمار.
----------------
(236)
الطعن رقم 931 لسنة 45 القضائية
(1) إيجار. "الإيجار المفروش".
تأجير الوحدات السكنية مفروشة لأغراض السياحة. ق 52 لسنة 1969 والقرارات المنفذة له. حق المستأجر والمالك. للأخير هذا الحق ولو أجر أكثر من شقة واحدة في عقاره.
(2) قانون. نظام عام.
القاعدة القانونية. تعلقها بالنظام العام. مناطه.
(3) إيجار. نظام عام.
التنظيم الخاص بتأجير الأماكن المفروشة. م 26 ق 52 لسنة 1969. والقرار المنفذ لها. تعلقها بالنظام العام. عدم جواز الاتفاق على مخالفته.
(4) قانون "سريانه من حيث الزمان". نظام عام. عقد.
سريان أحكام القانون الجديد. نطاقه. تعلقه بالنظام العام. أثره. سريانه بأثر فوري مباشر على ما ينشأ في ظله من أوضاع ولو كان تاريخ العقد الذي تستند إليه سابق على صدور القانون.
(5) إيجار. قانون "سريانه من حيث الزمان". عقد.
تأجير المكان مفروشاً في ظل القانون 52 لسنة 1969 والقرار الوزاري 486 لسنة 1970. سريان أحكام هذا القانون والقرار على واقعة التأجير ولو كان عقد الإيجار قد أبرم قبل صدور القانون المذكور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 4984 سنة 1973 مدني كلي شمال القاهرة ضد المطعون عليه للحكم بإخلاء الشقة المبينة بصحيفة الدعوى، وقال بياناً لذلك إنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 3/ 1961 استأجر منه المطعون عليه تلك الشقة لسكناه. إلا أنه أجرها مفروشة لبعض الأجانب دون إذن منه على خلاف شروط العقد، فأقام عليه دعواه. أحالت المحكمة إلى التحقيق، وبعد إجرائه قضت بالإخلاء. استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 338 سنة 92 ق القاهرة، وبتاريخ 24/ 6/ 1975 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي - برفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على أن للمستأجر - بغير إذن المالك - حق تأجير العين المؤجرة مفروشة طبقاً للفقرة الثالثة من المادة 26 من قانون رقم 52 لسنة 1969 والمادة الأولى من قرار وزير الإسكان والمرافق رقم 486 سنة 1970 الصادر تنفيذاً له، في حين أن المادة 26 سالفة الذكر قصرت حق تأجير الشقق المفروشة للأغراض السياحية على الملاك دون المستأجرين، ولو أراد المشرع تخويل هذا الحق للآخرين لنص على ذلك صراحة، على نحو ما نصت عليه المادة الثالثة من القرار الوزاري آنف الذكر التي أجازت ذلك بشأن... التأجير في المصايف والمشاتي.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 26 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على أنه "للمالك دون سواه أن يؤجر شقة مفروشة واحدة في كل عقار يملكه" وأنه "للمستأجر من مواطني الجمهورية العربية المتحدة في حال إقامته بالخارج بصفة مؤقتة أن يؤجر المكان المؤجر له مفروشاً أو غير مفروش......" وأنه "استثناء من ذلك يجوز لوزير الإسكان والمرافق بقرار يصدره بعد أخذ رأي الوزير المختص، وضع القواعد المنظمة لتأجير وحدات سكنية مفروشة لأغراض - السياحة وغيرها من الأغراض" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه وقد تضمن حكم الفقرة الأولى من هذه المادة قيدين على حق التأجير مفروشاً، هما حرمان المستأجر من هذا التأجير وحرمان المالك من تأجير أكثر من شقة واحدة في عقاره، فإن مؤدى الاستثناء من حكم هذه الفقرة والمنصوص عليه في الفقرة الثالثة من نفس المادة - هو التحلل من هذين القيدين معاً فيحق للمالك تأجير أكثر من شقة كما يحق للمستأجر تأجير شقته، وبذلك يكون مقتضى الحكم الوارد في الفقرة الثالثة من المادة 26 سالفة الذكر هو الإذن للملاك والمستأجرين على السواء بالتأجير مفروشاً للأغراض السياحية وما في حكمها في الحدود المبينة بقراري وزير الإسكان والمرافق رقمي 486، 487 لسنة 1970 الصادرين تنفيذاً لحكم ذلك القانون. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه لم يخالف هذا النظر فيما انتهى إليه من اعتبار قيام المطعون عليه تأجير الشقة مفروشة موافقاً لحكم القانون، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على سند من أن أحكام قرار وزير الإسكان والمرافق رقم 486 لسنة 1970 تتعلق بالنظام العام، فيجوز للمستأجر تأجير المكان للمؤجر مفروشاً في المناطق وبالشروط المحددة في القرار، حتى ولو كان ثمت شرط مانع في العقد، في حين أن هذا القرار لا يتصل بالنظام العام، لأن القواعد التي تتعلق به هي تلك التي تنظم تحديد الأجرة وتقرير الحق في الامتداد القانوني لصالح المستأجر هذا إلى عدم انطباق قرار وزير الإسكان رقم 486 لسنة 1970 على العقود السابقة، على صدوره استناداً لقاعدة عدم رجعية القوانين.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود فإنه لما كان من المقرر أنه إذا دلت عبارة النص التشريعي أو إشارته على اتجاه قصد المشرع من تقرير القاعدة القانونية الواردة به إلى تنظيم وضع بذاته على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه، التزاماً بمقتضيات الصالح العام، وترجيحاً لها على ما قد يكون لبعض الأفراد من مصالح خاصة مغايرة، فإن هذه القاعدة تعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام. لما كان ذلك، وكانت عبارة النص في المادة 26 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - بما اشتمل عليه من ألفاظ التقيد والتحديد - والغرض من وضعه حسبما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية بقولها "رغبة في تنظيم عملية تأجير الشقق المفروشة لما لتوافر عدد منها من أهمية خاصة فقد نص المشروع" على قصر حق التأجير على الملاك دون سواهم ورغبة في ضمان حق بعض المستأجرين الذين يتركون مساكنهم..... والاستفادة من تلك المساكن أثناء تغيبهم.... واستثناء من ذلك أجاز المشروع....... وضع القواعد المنظمة لتأجير وحدات سكنية مفروشة للأغراض السياحية وغيرها من الأغراض وذلك تحقيقاً للمرونة ولمواجهة كافة التطورات والأغراض الطلابية والعمالية"، يدل على أن المشرع رأى أن يتولى بنفسه تنظيم تأجير الأماكن المفروشة على النحو الذي رآه محققاً للصالح العام دون أن يترك للملاك أو للمستأجرين خياراً في تحديد الحالات أو الأغراض التي يجوز لهم فيها ذلك، وكانت المادة 14 من ذلك القانون قد رتبت عقوبة جنائية على مخالفة حكم المادة 26 آنفة الذكر، فإن القواعد المقررة بهذا النص تكون متعلقة بالنظام العام مما لا يجوز معه الاتفاق على ما يخالفها، ولما كان قرار وزير الإسكان والمرافق رقم 486 لسنة 1970 صدر تنفيذاً لحكم المادة 26 المشار إليها، فإنه يستمد منها قوته وتكون أحكامه بذلك متعلقة مثله بالنظام العام، مما يضحى معه النعي في شقه الأول غير سديد، والنعي في شقه الثاني على غير أساس، ذلك أنه وإن كان من الأصول الدستورية المقررة أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، وأنه لا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها مما مؤداه عدم جواز انسحاب أثر القانون الجديد على ما يكون قد وقع قبل العمل به من تصرفات أو تحقق من أوضاع، إذ يحكم هذه وتلك القانون الذي كان معمولاً به وقت وقوعها، إعمالاً لمبدأ عدم رجعية القوانين، إلا أن ذلك لا ينتقص من سريان أحكام القانون الجديد على ما يقع منذ العمل به من تصرفات أو يتحقق من أوضاع ولو كانت مستندة إلى علاقات سابقة عليه، إعمالاً لمبدأ الأثر المباشر للقانون، هذا ولئن كان من المقرر، استثناء من هذا المبدأ الأخير، تحقيقاً للاستقرار في العلاقات التعاقدية، وتأكيداً لمبدأ سلطان الإرادة في نطاق المشروعية، سريان أحكام القانون الذي أبرم العقد في ظله على ما يتولد عنه من آثار مستقبلة ولو أدركها قانون جديد، إلا أن ذلك مقيد بعدم تعلق قواعد هذا القانون الجديد بالنظام العام، أما حيث تتعلق به فإنها تسري بأثر فوري مباشر على ما يقع منذ العمل به من تصرفات أو ينشأ من أوضاع بغض النظر عن تاريخ العقد الذي تستند إليه. لما كان ما تقدم وكانت واقعة التأجير مفروشاً مثار النزاع قد وقعت في ظل القانون رقم 52 لسنة 1969 الذي تقدمت الإشارة إلى تعلق حكم المادة 26 منه والقرار الوزاري رقم 486 لسنة 1970 الصادر تنفيذاً لها بالنظام العام، بغض النظر عن أن عقد الإيجار الأصلي قد أبرم في 1/ 7/ 1961 قبل صدور ذلك القانون وكان الحكم المطعون فيه قد أنزل حكم القانون المذكور - على واقعة الدعوى فإنه لا يكون قد أعمل قانوناً جديداً على واقعة سابقة عليه إخلالاً بقاعدة عدم رجعية القوانين ويكون النعي عليه بهذا الشق على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق