الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 16 يناير 2022

الطعن 302 لسنة 28 ق جلسة 24 / 10 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 135 ص 967

جلسة 24 من أكتوبر سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

-------------

(135)
الطعن رقم 302 لسنة 28 القضائية

(أ) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين المسلمين". "هدايا الخطبة".
هدايا الخطبة ليست من مسائل الأحوال الشخصية. هي من قبيل الهبات ويسري عليها ما يسري على الهبات من أحكام. يطبق في حق الخاطب في استرداد تلك الهدايا أحكام الرجوع الواردة في المادة 500 مدني وما بعدها.
(ب) هبة. "الرجوع فيها". أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين المسلمين". "هدايا الخطبة". "استردادها".
شرط الرجوع في الهبة في حالة عدم قبول الموهوب له العذر المقبول وعدم وجود مانع من موانع الرجوع (م 500 مدني). إعمال محكمة الموضوع هذه المادة والقضاء بعدم أحقية الخاطب في استرداد مبلغ الشبكة لانتفاء العذر المقبول الذي يبرر الرجوع لا مخالفة في ذلك للقانون.
(ج) عقد. "أركان العقد". "السبب".
السبب ركن من أركان العقد. ينظر في توفره أو عدمه إلى وقت انعقاده. متى انعقد العقد صحيحاً بتوفر سببه فإنه لا يمكن القول بتخلف هذا السبب بعده وجوده.
(د) حكم. "تسبيبه". "ما لا يعيب الحكم في نطاق التدليل". "ما تزيد فيه".
نفي المحكمة الاستئنافية في حدود سلطتها التقديرية قيام المانع الأدبي. استلزامها الدليل الكتابي في إثبات دفع مبلغ المهر. هذا حسبها لرفض الدعوى ما دام يقدم ذلك الدليل. مناقشاتها أقوال الشهود التي استند إليها الحكم الابتدائي الذي ألغته. ذلك من قبيل التزيد ويستقيم الحكم بدونه.

-----------------
1 - الخطبة وإن كانت تمهيداً للزواج وهو من مسائل الأحوال الشخصية، إلا أن الهدايا التي يقدمها أحد الخاطبين الآخر - ومنها الشبكة - إبان فترة الخطبة لا تعتبر من هذه المسائل لأنها ليست ركنا من أركان الزواج ولا شرطاً من شروطه إذ يتم الزواج صحيحاً بدونها ولا يتوقف عليها ومن ثم يكون النزاع بشأن تلك الهدايا بعيداً عن المساس بعقد الزواج وما هو متعلق به ويخرج بذلك عن نطاق الأحوال الشخصية. وتعتبر هذه الهدايا من قبيل الهبات ويسري عليها ما يسري على الهبة من أحكام في القانون المدني، وقد أورد هذا القانون أحكام الهبة باعتبارها عقداً مالياً كسائر العقود واستمد أحكامها الموضوعية من الشريعة الإسلامية. ومن ثم فالمعول عليه في حق الخاطب في استرداد تلك الهدايا هو أحكام الرجوع في الهبة الواردة في المادة 500 وما بعدها من القانون المدني (1).
2 - يشترط للرجوع في الهبة على ما نصت عليه المادة 500 من القانون المدني في حالة عدم قبول الموهوب له أن يستند الواهب في الرجوع إلى عذر يقبله القاضي وألا يوجد مانع من موانع الرجوع، فإذا كانت محكمة الموضوع قد أعملت هذه المادة وانتهت على عدم أحقية الطاعن في استرداد مبلغ الشبكة لما رأته في حدود سلطتها التقديرية وللأسباب السائغة التي أوردتها من انتفاء العذر المقبول الذي يبرر رجوع الطاعن في هبته فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون.
3 - السبب ركن من أركان العقد فينظر في توفره وعدم توفره إلى وقت انعقاد العقد فإن انعقد صحيحاً بتوفر سببه فإنه لا يمكن أن يقال بعد ذلك بتخلف هذا السبب بعد وجوده. فإذا كانت الخطبة هي السبب في هذا النوع من الهبات - الشبكة - وذلك باعتبارها الباعث الدافع للتبرع فإن فسخها لا يمكن أن يؤدي إلى انعدام هذا السبب بعد أن تحقق.
4 - متى كانت محكمة الاستئناف قد نفت في حدود سلطتها التقديرية قيام المانع الأدبي الذي يحول دون الحصول على دليل كتابي واستلزمت في إثبات دفع مبلغ المهر هذا الدليل الكتابي، فقد كان هذا حسبها لتأسيس قضائها برفض الدعوى بالنسبة لهذا المبلغ ما دام أن الطاعن لم يقدم ذلك الدليل ولم يكن على المحكمة بعد ذلك أن تناقش أقوال الشهود التي استند إليها الحكم الابتدائي الذي قضت بإلغائه، ويعتبر كل ما ورد في الحكم المطعون فيه في شأن هذه الأقوال زائد على حاجة الدعوى لم يكن يقتضيه الفصل فيها ويستقيم الحكم بدونه (2).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 3007 سنة 1956 مدني كلى القاهرة ضد المطعون ضدها طالباً إلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ ستمائة جنيه والمصاريف والأتعاب وقال شرحاً لدعواه إنه تقدم في شهر يونيه سنة 1955 لخطبة المطعون ضدها الثانية ابنه المطعون ضده الأول وقدم لها 200 ج "شبكة" سلمها لوالدها كما سلمه أيضاً 400 ج كمقدم صداق ولعدم إتمام الزواج لسبب لا دخل لإرادته فيه طالب برد مبلغي الشبكة والمهر وقدرهما 600 ج إلا أن المطعون ضدهما أنكرا استلام هذين المبلغين فاضطر في شهر سبتمبر سنة 1955 لتقديم شكوى ضدهما قيدت برقم 2163 إداري المعادي ثم رفع هذه الدعوى، وبتاريخ 27/ 2/ 1957 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى بالنسبة لمبلغ المائتي جنيه قيمة الشبكة وقبل الفصل في موضوع باقي الطلبات بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي (الطاعن) بكافة الطرق القانونية بما فيها البينة أنه دفع للمدعى عليه الأول (المطعون ضده الأول) مبلغ 400 ج مقدم صداق كريمته المدعى عليها الثانية (المطعون ضدها الثانية) على أن يكون للمدعى عليهما النفي بذات الطرق، وبعد سماع شهود الطرفين قضت المحكمة بتاريخ 29/ 5/ 1957 بإلزام المطعون ضده الأول بأن يدفع للطاعن مبلغ 400 ج والمصروفات ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة - واستأنف الطاعن الحكم الصادر في 27/ 2/ 1957 فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة لمبلغ المائتي جنيه قيمة الشبكة وقيد استئنافه برقم 955 سنة 74 ق استئناف القاهرة كما استأنف المطعون ضده الأول الحكم الصادر في 29/ 5/ 1957 فيما قضى به من إلزامه بمبلغ 400 ج قيمة مقدم الصداق وقيد استئناف برقم 960 سنة 74 ق استئناف القاهرة. وقد ضمت محكمة الاستئناف الاستئنافين وحكمت فيهما بتاريخ 7/ 6/ 1958: أولاً - في الاستئناف المرفوع من المطعون ضده الأول (رقم 960 سنة 74 ق) بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى قبله. ثانياً - في الاستئناف المرفوع من الطاعن (رقم 955 سنة 74 ق) برفضه وتأييد الحكم المستأنف وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها من طلب نقض الحكم.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن القانون الواجب التطبيق في خصوص استرداد الشبكة هو الشريعة الإسلامية وبحسب أرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة وكذلك العرف لا قواعد القانون المدني الواردة في باب الهبة إذ المسلم أن الخطبة من صميم مسائل الأحوال الشخصية ويتعين على القاضي أن يطبق عليها وما يتعلق بها قواعد الشريعة الإسلامية عملاً بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والتي لم يلغها القانون رقم 462 لسنة 1955 الذي ألغى المحاكم الشرعية والمجالس الملية، والأصل في مذهب أبى حنيفة وأصحابه جواز الرجوع في الهبة ما لم يقم مانع من موانع الرجوع فيها ولا يشترط في مذهب أبى حنيفة وجود عذر خاص يقبله القاضي في حالة رجوع الواهب في هبته وأن ما ورد في الأعمال التحضيرية لمشروع القانون المدني من مناقشات فيما يتعلق بحكم رد الهبات والهدايا التي تقدم في الخطبة من أحد الخطيبين للآخر يؤكد أن هذه المسألة متعلقة بالأحوال الشخصية فلا يصح إقحامها في القانون المدني، وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ أعمل في هذا الخصوص قواعد القانون المدني التي تشترط للرجوع في الهبة أن يكون لدى الواهب عذر مقبول قد أخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن كانت الخطبة تمهيداً للزواج وهو من مسائل الأحوال الشخصية إلا أن الهدايا التي يقدمها أحد الخاطبين للآخر - ومنها الشبكة - إبان فترة الخطبة لا تعتبر من هذه المسائل لأنها ليست ركناً من أركان الزواج ولا شرطاً من شروطه إذ يتم الزواج صحيحاً بدونها ولا يتوقف عليها ومن ثم يكون النزاع بشان تلك الهدايا بعيداً عن المساس بعقد الزواج وما هو متعلق به ويخرج بذلك عن نطاق الأحوال الشخصية وتعتبر هذه الهدايا من قبيل الهبات ويسرى عليها ما يسري على الهبة من أحكام في القانون المدني، وقد أورد هذا القانون أحكام الهبة باعتبارها عقداً مالياً كسائر العقود واستمد أحكامها الموضوعية من الشريعة الإسلامية، ولقد كان المشروع التمهيدي يشتمل على مادة خاصة بالهبات والهدايا التي تقدم عند الخطبة من أحد الخاطبين للآخر أو من أجنبي عنهما لهما وكان حكم هذه المادة يلزم الموهوب إليه يرد هذه الهدايا للمواهب إذا فسخت الخطبة وطلب الواهب الرد ما دام الشيء الموهوب قائماً ويمكن رده بالذات وجاء في المذكرة التفسيرية أن هذه المادة تعتبر تطبيقاً لنظرية السبب وعللت حكمها بأن سبب الهبة يزول بفسخ الخطبة وقد حذف هذا النص في لجنة مجلس الشيوخ اكتفاءاً بالقواعد العامة وبأحكام العرف في هذا الشأن ولم تأخذ اللجنة بما قاله أحد الأعضاء من أن علة الحذف هي تعلق الحكم الوارد في المادة بالأحوال الشخصية والتعليل الذي قال به واضعو المذكورة التفسيرية لتبرير الرجوع في هذا النوع من الهبات لا تقره هذه المحكمة ذلك أن السبب ركن من أركان العقد فينظر في توفره وعدم توفره إلى وقت انعقاد العقد فإذا انعقد العقد صحيحاً بتوفر سببه فإنه لا يمكن أن يقال بعد ذلك بتخلف هذا السبب بعد وجوده فإذا كانت الخطبة هي السبب في هذا النوع من الهبات وذلك باعتبارها الباعث الدافع للتبرع فإن فسخها لا يمكن أن يؤدي إلى انعدام هذا السبب بعد أن تحقيق هذا إلى أنه كان فسخ الخطبة يزيل سبب الهبة كما يقول واضعو المذكرة التفسيرية للمشروع فإن ذلك كان يجب أن يؤدي إلى اعتبار الهبة باطلة من وقت نشوئها تطبيقاً لنص المادة 136 من القانون المدني فيلتزم الموهوب له بأن يرد الشيء الموهوب بذاته فإذا استحال الرد كما في حالة استهلاك الموهوب استبدل به تعويض عادل وذلك بالتطبيق للمادة 142 من ذلك القانون وهذه النتيجة تخالف ما كانت تقضي به المادة المقترحة من اشترطها للرد أن يكون الشيء الموهوب قائماً ويمكن رده بالذات - والذي تراه هذه المحكمة في شأن حق الخاطب الواهب في استرداد تلك الهدايا هو تطبيق أحكام الرجوع في الهبة الواردة في القانون المدني في المادة 500 وما بعدها، ولم كانت المادة المذكورة تشترط للرجوع في الهبة في حالة عدم قبول الموهوب له أن يستند الواهب في الرجوع إلى عذر يقبله القاضي وألا يوجد مانع من موانع الرجوع، ولما كانت محكمة الموضوع قد أعملت حكم هذه المادة وانتهت إلى عدم أحقية الطاعن في استرداد مبلغ الشبكة لما رأته في حدود سلطتها التقديرية وللأسباب السائغة التي أوردتها من انتفاء العذر المقبول الذي يبرر رجوع الطاعن في هبته ولما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه أنه قد شابه تخاذل في الأسباب وتناقض وفساد في التدليل كما خالف الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم بعد أن سلم بواقعة خطبة الطاعن للمطعون ضدها الثانية عاد ونفى وجود هذه العلاقة ثم إنه بعد أن نفى وجود المانع الأدبي بين الطاعن والمطعون ضده الأول ووصف الحكم الابتدائي الذي أباح الإثبات بالبينة في هذا الخصوص بأنه انحرف عن القانون وأن الاستناد إلى التحقيقات التي أجرتها المحكمة جاء باطلاً عاد وناقض نفسه فناقش أقوال شهود الطاعن ووصفها بالاضطراب والتناقض مما لا يصح معه الاطمئنان إليها، ولم يناقش أقوال شهود المطعون ضده الأول رغم ما فيها من تناقض هذا إلى أن ما قرره الحكم من وجود تناقض أو اضطراب في أقوال شهود الطاعن يخالف الثابت في محضر التحقيق المقدم بملف الطعن.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بأن الحكم المطعون فيه لم يناقض نفسه فيما قرره بشأن واقعة الخطبة إذ هو قد سلم بحصول هذه الواقعة في جميع أسبابه وليس فيما نقله الطاعن في تقرير طعنه من هذه الأسباب للتدليل على التناقض المدعى به ما يفيد أن الحكم عدل عما قرره أولاً من حصول الخطبة وما ورد في هذه الأسباب من "أن حالة الطاعن على ما يؤخذ من الأوراق وأقواله حالة رجل تحدث مع آخر في شأن خطبة ابنته تمهيداً للزواج بها" هذا القول لا ينفى أن الخطبة تمت فعلاً. والنعي مردود في شقة الثاني بأن محكمة الاستئناف وقد نفت في حدود سلطتها التقديرية قيام المانع الأدبي الذي يحول دون الحصول على دليل كتابي واستلزمت في إثبات دفع مبلغ المهر هذا الدليل الكتابي فقد كان هذا حسبها لتأسيس قضائها برفض الدعوى بالنسبة لهذا المبلغ ما دام أن الطاعن لم يقدم ذلك الدليل ولم يكن على المحكمة بعد ذلك أن تناقش أقوال الشهود التي استند إليها الحكم الابتدائي الذي قضت بإلغائه، ويعتبر كل ما ورد في الحكم المطعون فيه في شأن هذه الأقوال زائداً على حاجة الدعوى لم يكن يقتضيه الفصل فيها ويستقيم الحكم بدونه، ومن ثم فإنه بفرض تحقيق أوجه القصور المدعى بها فيما استطرد فيه الحكم تزيدا فإن ذلك لا يعيبه.
وحيث إنه لم تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1) راجع نقض 24/ 6/ 1961 الطعن 5 س 30 ق السنة 12 ص 339.
 (2) راجع نقض 24/ 12/ 1953 الطعن 100 س 21 ق السنة الخامسة ص 314.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق