الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 29 يناير 2022

القضية 2 لسنة 14 ق جلسة 20/ 3 / 1993 دستورية عليا مكتب فني 5 ج 2 منازعة تنفيذ ق 13 ص 512

جلسة 20 مارس سنة 1993

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة، وحضور السادة المستشارين/ الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وسامى فرج يوسف ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور - أعضاء،

وحضور السيد المستشار/ محمد خيرى طه عبد المطلب - رئيس هيئة المفوضين،

وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد - أمين السر.

--------

قاعدة رقم (13)

القضية رقم 2 لسنة 14 قضائية "منازعة تنفيذ"

(1) المحكمة الدستورية العليا "حدود ولايتها في مجال الفصل في التنازع على الاختصاص".
لا تعتبر المحكمة الدستورية العليا جهة طعن في الأحكام الصادرة من أية جهة قضائية أو هيئة ذات اختصاص قضائي.
(2) دعوى إغفال الفصل في بعض الطلبات الموضوعية "ماهيتها".
جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن مناط تطبيق المادة 193 من قانون المرافعات هو أن تكون المحكمة قد أغفلت عن سهو أو غلط الفصل في طلب موضوعي بما يجعل الطلب باقيا معلقا أمامها. ومن ثم يكون مرد إغفال الفصل في طلب موضوعي مقدم إلى المحكمة هو ألا يصدر عنها قضاء في شأنه ولو كان ضمنيا.
(3) المحكمة الدستورية العليا "استنفادها لولايتها في دعوى التنازع على الاختصاص - أثره".
متى كانت المحكمة الدستورية العليا قد فصلت فصلا قاطعا في الأساس الذي بنيت عليه دعوى التنازع، وتضمن حكمها ردا على هذه الدعوى برمتها، فإن قالة إغفال الفصل في بعض جوانبها لا يكون لها محل. ولا تعدو إثارة النزاع من جديد في شأنها أن تكون منازعة في الدعامة التي قام عليها قضاء المحكمة الدستورية العليا ينحل إلى طعن فيه بالمخالفة لقاعدة نهائية الأحكام الصادرة عنها وعدم قابليتها للطعن.

--------------
1 - من المقرر أن المحكمة الدستورية العليا بما لها من هيمنة على الدعوى - هي التي تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح متقصية في سبيل ذلك طلبات المدعى فيها مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها، وكان المدعى - على ما جاء بصحيفة دعواه ومذكرة دفاعه - قد توخى من منازعته - محل الدعوى رقم 15 لسنة 8 قضائية "تنازع" - التي رفعها إلى المحكمة الدستورية العليا استباق قضاء محكمة النقض في الطعن رقم 2214 لسنة 56 قضائية الذي خاصم بموجبه الحكم الاستئنافي المطعون فيه القاضي بعدم الاختصاص الولائي بنظر دعوى المخاصمة التي كان قد أقامها ضد مستشار بالمحكمة الإدارية العليا وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري، وكذا النعي على قضاء المحكمة المحال إليها أن حكمها بعدم الاختصاص النوعي بنظر دعوى المخاصمة تلك لم يقترن بإحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا بالمخالفة لنص المادة 110 من قانون المرافعات. وكان النعي على الحكمين المطعون عليهما خطأهما في تطبيق القانون، يخرج عن ولاية المحكمة الدستورية العليا التي لا يمتد بحثها - في دعوى التنازع على الاختصاص - إيجابيا كان هذا التنازع أم سلبيا إلى تنقية الأحكام المطعون عليها مما قد يشوبها من أخطاء قانونية تقويما لاعوجاجها بالنظر إلى أنها لا تعد جهة طعن تتولى تصحيحها، فإن الفصل في هذه المناعي لا يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا النصوص عليها في البند ثانيا من المادة 25 من قانونها.
2 - جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن مناط تطبيق المادة 193 من قانون المرافعات - هو أن تكون المحكمة قد أغفلت عن سهو أو غلط الفصل في طلب موضوعي بما يجعل الطلب باقيا معلقا أمامها وأن مرد إغفال الفصل في طلب موضوعي مقدم إلى المحكمة هو ألا يصدر عنها قضاء في شأنه ولو كان ضمنيا. وإذ كان قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 15 لسنة 8 قضائية "تنازع" قد خلص إلى أن "مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص السلبى وفقا لنص البند (ثانيا) من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي وأن تتخلى كلتاهما عن نظرها، وأن قواعد الاختصاص الولائي أو المتعلقة بالوظيفة هي التي تحدد جهة القضاء الواجب رفع النزاع إليها، بينما تحدد قواعد الاختصاص النوعي كيفية توزيع الاختصاص الوظيفي بين محاكم الجهة القضائية الواحدة، وذلك بتحديد نصيب كل نوع منها في الاختصاص المنوط بالجهة التي تتبعها، وأن مؤدى ما تقدم أن يكون تطبيق قواعد الاختصاص الولائي سابقا على تطبيق قواعد الاختصاص النوعي إذ لا محل لأن تخوض المحكمة في بحث اختصاصها النوعي بنظر الدعوى ما لم يكن الفصل فيها داخلا أصلا في ولاية الجهة التي تتبعها. وأنه متى كان التخلي عن نظر دعوى الموضوع الواحد وفقا لأحكام البند "ثانيا" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا، يفترض أن ترفع هذه الدعوى أمام محكمتين تابعتين لجهتين قضائيتين مختلفتين، وأن يكون قضاء كل منهما بعدم اختصاصها بنظرها قائما على أساس انتفاء ولاية الجهة التي تتبعها، وكان عدم الاختصاص النوعي لا يعد إنكارا لهذه الولاية باعتبار أن قواعد هذا الاختصاص هي التي تقوم بتوزيعه بين مختلف أنواع المحاكم داخل الجهة القضائية الواحدة، وكانت محكمة القضاء الإداري قد أقامت قضاءها بعدم اختصاصها نوعيا بنظر دعوى المخاصمة المرفوعة ضد المدعى عليه - وهي الدعوى رقم 5171 لسنة 40 قضائية - على أساس أن المحكمة الإدارية العليا هي التي تختص دون غيرها بالفصل في دعوى المخاصمة المقامة ضد أحد مستشاريها، وهو ما يتفق وصحيح حكم القانون، فإن التنازع المدعى به في الدعوى الماثلة لا يكون قائما بين جهتين قضائيتين في تطبيق أحكام البند "ثانيا" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا. ولا يستنهض بالتالي ولايتها للفصل فيه الأمر الذي يجب معه الحكم بعدم قبول الدعوى"، متى كان ما تقدم، وكان ما قررته المحكمة الدستورية العليا على نحو سالف البيان، يدل على أنها فصلت فصلا قاطعا في الأساس الذي بنيت عليه دعوى التنازع، وردت على هذه الدعوى برمتها بما يؤكد تخلف شروط قبولها في شأن الموضوع محل الخصومة القضائية المرددة بين جهتي القضاء العادي والإداري بعد أن اتفقت كلمتهما معا على اختصاص المحكمة الإدارية العليا وظيفيا بنظر تلك الدعوى والحكم فيها، فإن مناط التنازع الذي يقيم ولاية هذه المحكمة يكون منتفيا، ودون أن يعتبر ذلك إنكاراً لحق كل مواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي على ما تقضى به المادة 68 من الدستور، أو إهداراً للقواعد التي تولى المشرع بموجبها توزيع الاختصاص بين الهيئات القضائية المختلفة، بتفويض من المادة 167 من الدستور التي تعهد إلى المشرع بتعيين الهيئات القضائية وتحديد اختصاصاتها وتنظيم طريقة تشكيلها من المادة 167 منه.
3 - متى كانت المحكمة الدستورية العليا قد استنفدت ولايتها في نظر دعوى التنازع بحالتها التي عرضت بها عليها، وكان ما توخاه المدعى بصفتيه من إعادة طرح ذات المنازعة عليها، وبين الأخصام أنفسهم، وللسبب عينه، لا يعدو أن يكون منازعة من جانبه في الدعامة القانونية التي قام عليها قضاؤها في الدعوى السابقة، فإن منعاه ينحل إلى طعن فيه بالمخالفة للمادة 48 من قانون المحكمة الدستورية العليا التي تنص على أن أحكامها وقراراتها نهائية، وغير قابلة للطعن.


الإجراءات

بتاريخ 4 من مايو سنة 1992 أودع المدعى عن نفسه وبصفته وكيلا عن السيد ........ صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة بطلب الحكم باختصاص القضاء العادي ولائيا دون قضاء مجلس الدولة بنظر دعوى المخاصمة المقامة منه بصفتيه ضد المدعى عليه وإحالة الدعوى إلى محكمة استئناف القاهرة للفصل في موضوعها.
قدم المدعى مذكرة أصر فيها على طلباته وأرفق بها صورة طبق الأصل من صحيفة الطعن بالنقض رقم 2214 لسنة 56 قضائية.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عن نفسه وبصفته وكيلا عن الفريق متقاعد سعد محمد الحسيني الشاذلي كان قد أقام الدعوى رقم 15 لسنة قضائية "تنازع" أمام المحكمة الدستورية العليا ضد المدعى عليه طالبا الحكم بتعيين جهة القضاء المختصة بنظر دعوى المخاصمة التي أقامها عن نفسه وبصفته ضد المدعى عليه بعد أن قضت فيها محكمة استئناف القاهرة بعدم الاختصاص الولائي، ومحكمة القضاء الإداري بعدم الاختصاص النوعي. وبجلسة الأول من فبراير سنة 1992 قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم قبول دعوى التنازع المشار إليها. ثم أعقبها المدعى - بصفتيه المتقدمتين - بالدعوى الماثلة طالبا إعادة عرض تلك الدعوى على هذه المحكمة للفصل فيما أغفلت الفصل فيه من طلباته لأحكام المادة 193 مرافعات توصلا من بعد إلى الحكم له بذات طلباته في الدعوى السابقة، قولا منه بأن الأسباب التي استندت إليها صحيفة تلك الدعوى تؤيد وتؤكد ادعاءه بأن محكمة استئناف القاهرة التابعة لجهة القضاء العادي قد تخلت عن اختصاصها بنظر دعواه، حين تمسك قضاء مجلس الدولة بالفصل فيها عاقدا الاختصاص بنظرها لمحكمته الإدارية العليا، وأنه إذ لجأ إلى المحكمة الدستورية العليا صاحبة الاختصاص بالفصل في التنازع الذي عرضه عليها بصورته هذه، فقد انصب قضاؤها على منازعة غير المنازعة التي احتكم إليها في شأنها، مما يخوله حق العودة إليها تطبيقا لأحكام المادتين 68، 167 من الدستور، والمادتين 25، 31 من قانون المحكمة الدستورية العليا، والمواد 193، 494، 495 من قانون المرافعات والمواد 10، 13، 14، 15، 23 من قانون مجلس الدولة فضلا عن المادة الثالثة من قانون إصداره، ثم عاد المدعى في مذكرة دفاعه فقرر أن دعوى المخاصمة رفعت عن موضوع واحد وبطلب واحد وترددت المنازعة فيها بين ذات الأخصام، وتخلت جهة القضاء العادي عن نظرها، كما تخلت عن نظرها أيضا محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة مخالفة بذلك حكم المادتين 109، 110 من قانون المرافعات، وكذا المادة 101 من قانون الإثبات فيما قضت به من حجية الأحكام ونسبية أثرها وكل أولئك يمنحه الحق في عرض دعوى التنازع على المحكمة الدستورية العليا طبقا لنص المادة 25 (ثانيا) من قانونها الذي لم يربط تخلى المحكمتين عن نظر الدعوى الواحدة بأى رباط من جنس أو نوع أو سبب من اختصاص ولائي أو نوعي أو محلي.
وحيث إنه من المقرر أن المحكمة بما لها من هيمنة على الدعوى هي التي تعطيها وصفها الحق وتكييفها القانوني الصحيح متقصية في سبيل ذلك طلبات المدعى فيها مستظهرة حقيقة مراميها وأبعادها، وكان المدعى - على ما جاء بصحيفة دعواه ومذكرة دفاعه - قد توخى من منازعته محل الدعوى رقم 15 لسنة 8 قضائية تنازع، استباق قضاء محكمة النقض في الطعن رقم 2214 لسنة 56 قضائية الذي خاصم بموجبه الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة القاضي بعدم الاختصاص الولائي بنظر دعوى المخاصمة المقامة منه بصفتيه ضد المدعى عليه وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري، وكذا النعي على قضاء المحكمة المحال إليها عدم إقرانها الإحالة إلى المحكمة الإدارية العليا بحكمها بعدم الاختصاص النوعي بنظر دعوى المخاصمة ذاتها بالمخالفة لنص المادة 110 من قانون المرافعات. وكلا الأمرين لا يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا المنصوص عليها في المادة 25 (ثانيا) من قانونها، لما هو مقرر من أن هذه المحكمة لا تعتبر جهة طعن في الأحكام الصادرة من أية جهة قضائية أو هيئة ذات اختصاص قضائي.
وحيث إن المدعى بصفته يتوسل إلى غايته تلك بقالة إغفال هذه المحكمة الفصل في منازعته، ويدعوها إلى نظرها والحكم فيها من جديد ارتكانا إلى نص المادة 193 من قانون المرافعات الذي يجرى على أنه "إذا أغفلت المحكمة الحكم في بعض الطلبات الموضوعية جاز لصاحب الشأن أن يعلن خصمه بصحيفة للحضور أمامها لنظر هذا الطلب والحكم فيه"، وبسطا لذلك يقرر أن محكمة الاستئناف قد فاتها أن نصوص قانون مجلس الدولة قد خلت مما يعقد لمحاكم ذلك المجلس ولاية نظر دعاوى مخاصمة أعضائه، وبما يوجب إعمال أحكام قانون المرافعات التي تنيط الاختصاص بنظر تلك الدعاوى لمحاكم الاستئناف كل بحسب اختصاصها المكاني، وأن محكمة القضاء الإداري لم تتربص الفصل في الطعن بالنقض المقام منه على حكم عدم الاختصاص الولائي الصادر من محكمة الاستئناف. فضلا عن مخالفة الحكم الإداري لنص المادة 110 من قانون المرافعات الذي يوجب الإحالة إلى المحكمة الإدارية العليا بوصفها محكمة الموضوع المختصة نوعيا بنظر دعوى مخاصمة أحد أعضائها، وأنه إذ ستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيما يدعيه من تنازع بين جهتي القضاء العادي والإداري، فإن قضاءها بعدم قبول الدعوى لا يعتبر فصلا في موضوع منازعته.
وحيث إن النعي مردود بأن مناط تطبيق المادة 193 من قانون المرافعات هو أن تكون المحكمة قد أغفلت عن سهو أو غلط الفصل في طلب موضوعي بما يجعل الطلب باقيا معلقا أمامها. متى كان ذلك، وكان من المقرر قانونا أن مرد إغفال الفصل في طلب موضوعي مقدم إلى المحكمة هو ألا يصدر عنها قضاء في شأنه ولو كان ضمني، وكان قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 15 لسنة 8 قضائية تنازع قد خلص إلى أن: "مناط قبول طلب الفصل في تنازع الاختصاص السلبى وفقا لنص البند "ثانيا" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 هو أن تطرح الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي، وأن تتخلى كلتاهما عن نظرها. لما كان ذلك، وكانت قواعد الاختصاص الولائي أو المتعلقة بالوظيفة هي التي تحدد جهة القضاء الواجب رفع النزاع أمامها، بينما تحدد قواعد الاختصاص النوعي كيفية توزيع الاختصاص الوظيفي بين محاكم الجهة القضائية الواحدة، وذلك بتحديد نصيب كل نوع منها في الاختصاص المنوط بالجهة التي تتبعها، فإن مقتضى ذلك ولازمه أن يكون تطبيق قواعد الاختصاص الولائي سابقا على تطبيق قواعد الاختصاص النوعي، إذ لا محل لأن تخوض المحكمة في بحث اختصاصها النوعي بنظر الدعوى ما لم يكن الفصل فيها داخلا أصلا في ولاية الجهة التي تتبعها. لما كان ذلك، وكان التخلي عن نظر دعوى الموضوع الواحد وفقا لأحكام البند "ثانيا" من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا يفترض أن ترفع هذه الدعوى أمام محكمتين تابعتين لجهتين قضائيتين مختلفتين، وأن يكون قضاء كل منهما بعدم اختصاصها بنظرها قائما على أساس انتفاء ولاية الجهة التي تتبعها، وكان عدم الاختصاص النوعي لا يعد إنكارا لهذه الولاية باعتبار أن قواعد هذا الاختصاص هي التي تقوم بتوزيعه بين مختلف أنواع المحاكم داخل الجهة القضائية الواحدة، وكانت محكمة القضاء الإداري قد أقامت قضاءها بعدم اختصاصها نوعيا بنظر دعوى المخاصمة المرفوعة ضد المدعى عليه - وهى الدعوى رقم 5171 لسنة 40 قضائية - على أساس أن المحكمة الإدارية العليا هي التي تختص دون غيرها بالفصل في دعوى المخاصمة المقامة ضد أحد مستشاريها، وهو ما يتفق وصحيح حكم القانون، فإن التنازع المدعى به في الدعوى الماثلة لا يكون قائما بين جهتين قضائيتين في تطبيق أحكام البند "ثانيا" من المادة 25 المشار إليها. ولا يستنهض بالتالى ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى"، متى كان ذلك فإن قضاء المحكمة الدستورية العليا سالف البيان يكون قد فصل فصلا قاطعا في الأساس الذي بنيت عليه دعوى التنازع رقم 15 لسنة 8 قضائية، وتضمن ردا على الدعوى برمتها مفصحا بذلك عن تخلف شروط قبول دعوى التنازع في شأن الموضوع محل الخصومة القضائية المرددة بين جهتي القضاء العادي والإداري بعد أن اتفقت كلمتهما معا على اختصاص المحكمة الإدارية العليا وظيفيا بنظر تلك الدعوى والحكم فيها، بما ينفى معه حتما ولزوما مناط التنازع الذي يقيم ولاية هذه المحكمة، ودون أن يعتبر ذلك إنكارا لحق كل مواطن في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي على ما تقضى به المادة 68 من الدستور أو إهدارا لقواعد توزيع الاختصاص بين الهيئات المختلفة، وهى قواعد فوض الدستور المشرع في أمر تحديدها وفقا لنص المادة 167 منه.
وحيث إنه متى كانت هذه المحكمة قد استنفدت ولايتها في نظر الدعوى رقم 15 لسنة 8 قضائية تنازع بحالتها التي عرضت بها عليها، فإن ما توخاه المدعى بصفتيه من إعادة طرح ذات المنازعة عليها وبين الأخصام أنفسهم وللسبب عينه، لا يعدو أن يكون منازعه من جانبه في الدعامة القانونية التي قام عليها قضاء هذه المحكمة الدستورية العليا في الدعوى السابقة، وينحل بالتالي إلى طعن فيه بالمخالفة للمادة 48 من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 التي تنص على أن أحكامها وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن. ومن ثم فقد أضحى متعينا الحكم بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب:

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، والزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق