الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 28 يناير 2022

الطعن 537 لسنة 25 ق جلسة 4 / 10 / 1955 مكتب فني 6 ج 4 ق 351 ص 1201

جلسة 4 من أكتوبر سنة 1955

برياسة السيد الأستاذ حسن داود المستشار، وحضور السادة الأساتذة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.

---------------

(351)
القضية رقم 537 سنة 25 القضائية

(أ) إثبات. اعتراف. قبض. تفتيش.

الاعتماد على الاعتراف كدليل مستقل عن القبض والتفتيش الباطلين. لا مانع.
(ب) إثبات. شاهد.

الأخذ بأقواله التي أدلى بها في جلسة المحاكمة ولو خالفت أقواله في مراحل التحقيق الأخرى. جائز.

---------------
1 - إذا كان المستفاد من عبارة الحكم أن المحكمة بما لها من سلطة تقدير قيمة الاعتراف كدليل إثبات في الدعوى وتقدير الظروف التي أحاطت بصدوره من المتهم قد اعتبرته دليلاً سليما مستقلا عن القبض والتفتيش الباطلين وأن المتهم حين أدلى به لم يكن متأثرا بما وقع عليه بل قصد الإقرار بالجريمة طائعا مختارا - فإن إدانة المتهم اعتمادا على هذا الاعتراف لا تخالف القانون في شيء.
2 - للمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بأقوال الشاهد التي أدلى بها في جلسة المحاكمة ولو خالفت أقواله في مراحل التحقيق الأخرى إذ المرجع في ذلك إلى اطمئنانها إلى صحة الدليل الذى تأخذ به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز جواهر مخدرة عبارة عن سيقان وأوراق وبذور وقمم زهرية "أنثى الحشيش" الجاف في غير الأحوال المصرح بها قانونا. وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و7 و33 ج و35 و37 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول (أ) الملحق بند 12. فقررت بذلك. ومحكمة جنايات أسوان نظرت هذه القضية وقضت حضوريا عملا بالمواد 1، 2، 33 ج، 35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول رقم (أ) الملحق بمعاقبة نور حسن غربي بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة قدرها ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... ألخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الأوجه الثلاثة الأول هو القصور والخطأ في تطبيق القانون لاعتماد الحكم في إدانة الطاعن على دليل باطل، ذلك بأنه رغم تسليم الحكم ببطلان إجراءات القبض والتفتيش واطراح ما أسفرت عنها من ضبط المخدر، واستبعاد الدليل المستمد من أقوال المخبر والأومباشي اللذين أجريا القبض الباطل، فقد دان الطاعن استنادا إلى اعتراف نسب صدوره منه إلى الكونستابل عياد موسى ميخائيل - وهو الضابط المنوب فور القبض والتفتيش الباطلين، وهو استناد خاطئ يخالف ما جرى عليه الفقه والقضاء من عدم جواز الأخذ بمثل هذا الاعتراف الذى صدر في وقت كان المتهم فيه متأثرا بالقبض الباطل وبما أسفر عنه التفتيش المخالف للقانون، وكان في حالة نفسية لا يستطيع معها أن يختار لنفسه سوى الاعتراف، هذا إلى أن الكونستابل المذكور بعد أن تلقى هذا الاعتراف من الطاعن أحاله إلى ضابط المباحث الذي باشر التحقيق معه، ومفاد ذلك أن الكونستابل قد ساهم في الإجراءات التي أعقبت القبض والتفتيش، مما كان يتعين معه استبعاد أقواله وعدم سماع شهادته، وقد أثار الدفاع عن الطاعن هذه الاعتراضات غير أن الحكم لم يعرض لها إلا بأسباب قاصرة لا تصلح ردا عليها يضاف إلى ذلك أن المحكمة أيدت الاعتراف بالدليل المستمد من نتيجة تحليل المواد المضبوطة مع أن هذا الدليل تولد عن إجراءات باطلة هي القبض والتفتيش فاذا أسقط هذا الدليل واستبعد تعين النظر في كفاية الدليل المستمد من الاعتراف وحده، لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه "في حوالى منتصف الساعة الخامسة من مساء يوم 27 من فبراير سنة 1954 ذهب رجل البوليس السري صادق مراد عبد القادر إلى محطة أسوان لملاحظة ركاب القطار الذى يصل في ذلك الوقت ولما وصل القطار اتخذ المخبر المذكور موقفه عند الباب الخلفي للمحطة وبدأ الركاب يخرجون تباعا وقد خرج المتهم نور حسن غربي من بين خرجوا وكان يحمل معه كيسا من القماش غير ظاهر منه شيء وما أن وقع نظره على المخبر حتى أسرع بالجري خارج المحطة في شارع سعد زغلول فتبعه المخبر وعدا خلفه للحاق به وضبطه وعند ذلك ألقى المتهم الكيس وتابع الجري فالتقط المخبر الكيس وجد في أثره واستعان بأومباشي البوليس عبد الحميد عثمان محمد الذى تصادف مروره أثناء ذلك وقد تمكنا من القبض على المتهم ولما سأله المخبر عما يحتويه الكيس أخبره بأن به دخانا أخضر (بانجو) وتوسل إليه أن يخلي سبيله ووعده بأنه سيقابله فيما بعد غير أنه قاده بمساعدة زميله الأمباشي عبد الحميد عثمان إلى مركز البوليس وهناك التقيا بالضابط النوبتجي الكونستابل الممتاز عياد موسى ميخائيل فقص عليه المخبر خبر الحادث وقدم له الكيس المضبوط وقد سأل الضابط المتهم عن جلية الأمر فاعترف له بأنه هو صاحب الكيس واعترف له أن به مادة الدخان الأخضر (البانجو) فعرض الكونستابل الأمر بدوره على ضابط المباحث الذي تولى التحقيق ثم أخطر النيابة بالحادث، هذا وقد ثبت من تقرير المعمل الكيماوي أن المادة المضبوطة بداخل الكيس عبارة عن مسحوق نباتي أخضر اللون وجاف السيقان وأوراق وبذور وقمم زهرية لأنثى نبات الحشيش وثبت أن وزنها مع الكيس 276 جراما" وخلص الحكم من هذه الوقائع إلى استبعاد الدليل المستمد من أقوال المخبر صادق مراد عبد القادر الذي حاول اللحاق بالطاعن واضطره إلى التخلي عن حيازته الكيس لأن إلقاء الكيس لم يكن عن طواعية واختيار وإنما تخلى الطاعن عنه أثناء محاولة القبض عليه في غير حالة من حالات التلبس أو الأحوال القانونية الأخرى التي تجيز القبض، كما استبعد لحكم أقوال الأومباشى عبد الحميد عثمان من أن الطاعن اعترف له فور ضبطه مباشرة بملكيته للكيس وما يحتويه من مادة مخدرة وعلل الحكم ذلك بأن شهادة هذا الشاهد انصبت على اعتراف الطاعن فور ضبطه فلا يجوز الأخذ بها والتعويل عليها، ثم عرض الحكم بعد ذلك لما يثيره الطاعن فيما تقدم بشأن الاعتراف الذى صدر منه للكونستابل فقال "إن اعتراف المتهم للضابط النوبتجي الكونستابل الممتاز عياد موسى ميخائيل بأنه هو صاحب الكيس ومالكه وأنه يحتوى على مادة البانجو والتي أثبت التحليل صحة ذلك أن هذا الاعتراف قد جاء سليما وصحيحا وقد صدر من المتهم بعد أخذه إلى المركز ومثوله أمام الضابط النوبتجي فلا تثريب علي المحكمة أن تأخذ به وتعول علي شهادة الضابط النوبتجي بشأن..... خصوصا وقد ثبت أن الشاهد المذكور لم يشترك في القبض على المتهم ولا دخل له فيه وقد صدر له اعتراف المتهم عند مثوله أمامه بمركز بوليس أسوان... ولم يصدر الاعتراف له فور الضبط كما سبق بيانه" ولما كان ما قاله الحكم من ذلك وأسس عليه قضاءه بإدانة الطاعن اعتمادا على هذا الاعتراف لا يخالف القانون في شيء لأن المستفاد من عبارة الحكم أن المحكمة بمالها من سلطة تقدير قيمة الاعتراف كدليل إثبات في الدعوى، وتقدير الظروف التي أحاطت بصدوره من الطاعن قد اعتبرته دليلا سليما مستقلا عن القبض والتفتيش بمعنى أنه حين أدلى به لم يكن متأثرا بما وقع عليه وأنه قصد الإقرار بالجريمة طائعا مختارا، لما كان ذلك وكان الاعتراف منصبا على المادة المضبوطة فليس ثمة ما يمنع المحكمة من أن تتخذ من نتيجة تحليلها دليل إثبات مؤيدا للإدانة، لما كان ما تقدم فإن ما يثيره الطاعن في الوجوه المتقدمة لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع هو أن للشاهد عياد موسى ميخائيل ثلاث روايات في صدد الاعتراف المنسوب إلى الطاعن، الرواية الأولى أثبتها في محضر ضبط الواقعة ومحصلها أن الطاعن اعترف له بملكيته للكيس المضبوط وادعى بأن الكيس يحتوى على دخان، والرواية الثانية هي التي أدلى بها في تحقيق النيابة وفحواها أن الطاعن اعترف له بملكيته للدخان الذى يحتويه الكيس، والرواية الثالثة هي التي أدلى بها في الجلسة وأخذت بها المحكمة وهي تفيد أن المتهم اعترف له بملكيته الكيس كما اعترف بأن بداخله (بانجو) وهى رواية جديدة لم يذكرها في التحقيقات، وهذا التضارب في أقوال الشاهد يجعل شهادته غير جديرة بالثقة هذا إلى أن الحكم حين دان الطاعن بجريمة إحراز (بانجو) خلافا لما أثبته التحليل من أن المادة المضبوطة هي كمنجة وليست بانجو فإنه يكون باطلا للخطأ في الإسناد.
وحيث إن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه مردود بأن للمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بأقوال الشاهد التي أدلى بها في جلسة المحاكمة ولو خالفت أقواله في مراحل التحقيق الأخرى إذ المرجع في ذلك إلى اطمئنانها إلى صحة الدليل الذى تأخذ به، ولما كان الثابت في مدونات الحكم أن نتيجة التحليل دلت على أن المادة المضبوطة هي (بانجو) وهي ذات المادة التي اعترف الطاعن في محضر ضبط الواقعة بإحرازها، وكان لا جدوى للطاعن مما يثيره من أن التحليل أثبت أن المادة هي (كمنجة) وليست (بانجو) ما دام أن هذين النوعين هما من مشتقات الحشيش كما هو مبين بالجدول رقم 1 المشتمل على المواد المعتبرة مخدرة وهو الجدول الملحق بالمرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 الذى طبقه الحكم، لما كان ذلك فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه لا يكون له أساس.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن متعين الرفض موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق