الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 30 يناير 2022

الطعن 19438 لسنة 84 ق جلسة 12 / 2 / 2017 مكتب فني 68 ق 21 ص 152

جلسة 12 من فبراير سنة 2017
برئاسة السيد القاضي / فرغلي زناتي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد عبد العال ، هاشم النوبي ، توفيق سليم وأيمن شعيب نواب رئيس المحكمة .
--------------

 (21)

الطعن رقم 19438 لسنة 84 القضائية

(1) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع  " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

لمحكمة الموضوع تحصيل أقوال الشاهد واستخلاص مراميها . حد ذلك ؟

        الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة .

        مثال لما لا يعد خطأ في الإسناد .

(2) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . تلبس . نقض " المصلحة في الطعن " .

     دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لكون الحكم الصادر ضده غير واجب النفاذ . غير مجد . ما دامت الجريمة في حالة تلبس.

         مثال .

(3) إثبات " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .

عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها .    

الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .

(4) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

        عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامته .

مثال .

(5) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفاع " الإخلال بحق  الدفاع . ما لا يوفره " .

تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن . موضوعي .  

النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجراءه . غير مقبول .

مثال .

(6) سلاح . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " .

         نعي الطاعن بشأن جريمة استعمال القوة والعنف مع موظف عام . غير مجد . ما دام الحكم المطعون فيه دانه عن جريمة إحراز سلاح ناري غير مششخن بوصفها الأشد .

         مثال لتسبيب سائغ في جريمة استعمال القوة والعنف مع موظف عام .

(7) ارتباط . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الارتباط " . سلاح . عقوبة " تطبيقها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . 

         المادة 32/2 عقوبات . مناط تطبيقها ؟

         تقدير قيام الارتباط بين الجرائم . موضوعي .

         ضبط السلاح الناري وذخيرته مع الطاعن حال إحرازه للمخدر . لا يتوافر به الارتباط . وجوب توقيع عقوبة مستقلة عن الجريمتين . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح . علة ذلك ؟

(8) قانون " القانون الأصلح " . عقوبة " تنفيذها " " جب العقوبة " . غرامة . ظروف مخففة . نقض " المصلحة في الطعن " . محكمة النقض " سلطتها " .  

  جب العقوبات . أمر لاحق للقضاء بها . وجوب إعماله متى تحقق موجبه . علة ذلك ؟

القضاء بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة 26 من قانون الأسلحة والذخائر ‏فيما تضمنته من استثناء تطبيق المادة 17 عقوبات بالنسبة للجريمة المنصوص عليها بالفقرة الأولى من ذات المادة . يتحقق به معنى القانون الأصلح للمتهم . لا مصلحة للطاعن في نقض الحكم المطعون فيه في خصوصية هذه الدعوى . ما دامت عقوبة السجن المستقلة والمقضي بها عن الجريمة محل القانون الأصلح أصبحت غير ذي أثر في التنفيذ لجبها بمقتضى تنفيذ الطاعن لعقوبة السجن المشدد عن جريمة إحراز مواد مخدرة .

انصراف أثر الجب إلى العقوبة السالبة للحرية دون عقوبة الغرامة المقضي بها . غير قادح في ذلك . أساس وعلة ذلك ؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

         1- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت لا تحرف الشهادة عن مضمونها ، كما أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، وكان المعنى المشترك بين ما حصله الحكم بياناً لواقعة الدعوى وأقوال شاهد الإثبات من أن الطاعن أشهر سلاحاً نارياً وأطلق صوبه والقوة المرافقة عياراً ناريا إثر مشاهدته له وبين ما سلم به الطاعن في أسباب طعنه من أن أقواله جرت في التحقيقات من أنه لم يخرج السلاح من طيات ملابسه إلَّا بعد تتبع الضابط له هو معنى واحد في الدلالة على أن الطاعن كان محرزاً للسلاح الناري وهو المعنى الذي تتحقق به مسئوليته عن جريمة إحراز السلاح المضبوط – قبل القبض عليه قانوناً – متلبساً بها فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .

2- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الضابط لم يقم بالقبض على الطاعن إلَّا بعد أن رآه رأي العين حال إحرازه للسلاح الناري وإطلاق عيار ناري صوبه والقوة المرافقة ، مما تعتبر به الجريمة في حالة تلبس تبيح للضابط القبض عليه وتفتيشه ، فإن لا جدوى مما يثيره الطاعن – بفرض صحته – في صدد بطلان القبض عليه وتفتيشه لكون الحكم الصادر ضده في الجنحة الرقيمة .... قسم .... غيابياً غير واجب التنفيذ إذ إن الحكم المطعون فيه لم يركن إلى ذلك الحكم مسوغاً للقبض والتفتيش ، ومن ثم فلا أثر له في قضائه ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد .

3- من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، كما أن من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية  ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول .

4- لما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير المعمل الكيماوي وأبرز ما جاء به من أن المادة المضبوطة هي لمخدر الهيروين فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراده مضمون تقرير المعمل الكيماوي لا يكون له محل ؛ لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه .

5- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ منها بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير المعمل الكيماوي واستندت إلى الرأي الفني به من أن المادة المضبوطة مع الطاعن هي لمخدر الهيروين وهي من المواد المدرجة في جدول قانون المخدرات فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إجراء تحقيق بشأن قصور تقرير المعمل الكيماوي ، فليس له من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي لزوماً لإجرائه ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن في هذا الشأن.

6- لما كان الحكم قد أوقع على الطاعن عقوبة واحدة عن جرائم إحراز السلاح الناري وذخيرته واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين المسندة إليه للارتباط تطبيقاً للمادة 32/2 من قانون العقوبات وهي العقوبة المقررة للجريمة الأولى الأشد وهي إحراز السلاح الناري غير المششخن وذخيرته التي ثبتت في حقه على نحو ما سلف فلا يجديه من بعد ما أثاره من مناعي على جريمة استعمال القوة والعنف مع موظف عام ، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد من وقائع الاعتداء الحاصلة من الطاعن ما يكفي لتوافر الركن المادي  للجناية المذكورة قد استظهر استظهاراً سليماً من ظروف الدعوى أن نية الطاعن مما وقع منه من أفعال مادية تمثلت في إطلاق العيار الناري صوب رجال الشرطة - المجني عليهم - قد انصرفت إلى منعهم من أداء أعمال وظيفتهم لعدم تمكينهم من القبض عليه بعد مشاهدته متلبساً بجناية إحراز السلاح الناري وذخيرته ولم يبلغ من ذلك مقصده ، فإن جناية استعمال القوة والعنف تكون متوافرة الأركان ويضحى منعى الطاعن بصدد ذلك غير سديد .

7- لما كان مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحد بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها ، كما أن الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ، وإذ كان الثابت مما أورده الحكم في بيان الواقعة أن ضبط السلاح الناري وذخيرته مع الطاعن في الوقت الذي ضبط فيه محرزاً المخدر لا يجعل هذه الجريمة الأخيرة مرتبطة بجناية إحراز السلاح والذخيرة واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين ارتباطاً لا يقبل التجزئة بالمعنى المقصود في المادة سالفة الذكر، ذلك أن جريمة إحراز المخدر هي في  واقع الأمر جريمة مستقلة عن تلك الجرائم مما يوجب تعدد العقوبات وتوقيع عقوبة مستقلة عن كل من الجريمتين وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإنه لا يكون قد خالف القانون.

 8- لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت – من بعد صدور الحكم المطعون فيه - في القضية 88 لسنة 36 ق دستورية بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون 6 لسنة 2012 سالف الذكر فيما تضمنته من عدم جواز النزول بالعقوبة بالنسبة لجريمة إحراز السلاح الناري غير المششخن المرتبطة بجريمة إحراز الذخيرة المستخدمة فيه – اللتين دين بهما الطاعن – استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات والتي مقتضى تطبيقها جواز تبديل العقوبات السالبة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات سالبة للحرية أخف منها إذا اقتضت أحوال رأفة القضاة بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها . وكان مقتضى قضاء المحكمة الدستورية العليا – السابق الاشارة إليه - أن تعود للقاضي سلطة استعمال الرأفة وفقاً للمادة 17 من قانون العقوبات – إن ارتأى ذلك - وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح للطاعن من بعد استئصال ما عاره من نتوء عدم الدستورية ، مما كان يؤذن لهذه المحكمة – محكمة النقض – وعملاً بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تنقض الحكم المطعون فيه من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم ، إلَّا أنه لما كان البيّن من ذلك الحكم أنه قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه عن تهمة إحراز جوهر الهيروين المخدر بغير قصد من القصود المسماة ، والتي برأت من أوجه الطعن على نحو ما سلف ، ولما كانت المادة 35 من قانون العقوبات قد جرى نصها على أن " عقوبة السجن المشدد تجب بمقدار مدتها كل عقوبة مقيدة للحرية محكوم بها لجريمة وقعت قبل الحكم بالسجن المشدد المذكور " . ولئن كان من المقرر أن جب العقوبات هو أمر لاحق للقضاء بها وهو أمر متروك للسلطة المنوط بها تنفيذ الأحكام ولا شأن للمحاكم بها ، إلَّا أنه إذا تحقق موجبه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – بات إعماله وجوباً عليها إذ ليس من الحزم تعدد العقوبات كلها بما يخرج عن حد الاعتدال ، وليس من المستحسن أن المحكوم عليه بعد أن يستوفى الجانب الأشد من عقوبته أن ينفذ عليه بعقوبة أقل شدة ، ولما كان البيّن من مذكرة التنفيذ المرفقة أن الطاعن نُفذ عليه بعقوبة السجن المشدد المقضي بها عن التهمة الأولى وجبت عقوبة السجن المقضي بها ، وكان مقتضى إعمال أثر النص آنف البيان أن عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات المقضي بها عن باقي الجرائم التي دين بها الطاعن ومن بينها جريمة إحراز السلاح الناري غير المششخن وذخيرته باتت غير ذات أثر في التنفيذ لاستغراقها بعقوبة السجن المشدد ، ومن ثم فلا محل والحال كذلك لنقض الحكم إعمالاً لحكم المحكمة الدستورية العليا باعتباره قانون أصلح للمتهم – في خصوصية هذه الدعوى – كونه أضحى غير ذي جدوى لانتفاء مصلحة الطاعن بما يغدو معه النقض غير منتج ، ولا يقدح في هذا الصدد ما قد يثار من أن عقوبة الغرامة المقضي بها عن هذه الجريمة لا ينصرف إليها جب العقوبة فذلك مردود بأن القيد الذي كانت تفرضه المادة 26 من قانون الأسلحة والذخائر سالفة البيان قبل أن يتطهر بالشرعية الدستورية كان متعلقاً بالعقوبات السالبة للحرية دون عقوبة الغرامة المقررة لها والتي أوقعتها المحكمة بالقدر الذي ارتأته مناسباً للعقوبة التي ثبتت لديها وفقاً للحدود المرسومة في المادة المار بيانها .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

          اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :

1- أحرز بقصد الإتجار جوهراً مخدراً " هيروين " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

2- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن " فرد خرطوش " في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .

3- أحرز بغير ترخيص ذخيرة مما تستخدم على السلاح الناري موضوع الاتهام السابق .

4- استعمل القوة والعنف والتهديد مع موظفين عموميين هم الملازم أول/ .... " معاون مباحث .... " والقوة المرافقة له لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم للحيلولة دون إلقاء القبض عليه بأن قام بإشهار السلاح الناري موضوع الاتهام السابق في مواجهتهم ولم يبلغ من ذلك مقصده وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعـاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحـالة .

والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2 ، 38/1 ، 42/1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والبند (2) من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول ، والمواد 1/1 ، 6 ، 26/1 ، 4 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 والمرسوم بقانون 6 لسنة 2012 والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول ، والمادة 137 مكرراً (أ)/1 ، 3 من قانون العقوبات ، مع إعمال نص المادة 32/2 من قانون العقوبات بالنسبة للتهم الثانية والثالثة والرابعة واعتبارهم جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهم وهي عقوبة الجريمة موضوع التهمة الثانية . أولاً : عن التهمة الأولى بمعاقبة المتهم بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط . ثانياً : عن التهم الثانية والثالثة والرابعة بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسة آلاف جنيه للارتباط ومصادرة السلاح الناري المضبوط . ثالثاً : إلزامه بالمصاريف الجنائية . وذلك باعتبار أن إجراز جوهر الهيروين المخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون . 

فطعـن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم إحراز جوهر الهيروين المخدر بغير قصد من القصود المسماة وإحراز سلاح ناري غير مششخن وذخيرته واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهم ولم يبلغ بذلك مقصده ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد ، ذلك أنه أورد في تحصيله لواقعة الدعوى وأقوال الضابط شاهد الإثبات أن الطاعن أشهر سلاحاً نارياً وأطلق صوبه والقوة المرافقة عياراً نارياً إثر مشاهدته له في حين أن أقواله بالتحقيقات جرت على أنه لم يخرج السلاح الناري من بنطاله إلَّا بعد تتبعه له والعدو خلفه ، ولم يستظهر الحكم نهائية الحكم الصادر في الجنحة الرقيمة .... رغم دفاعه المؤيد بالمستندات بأنه حكم غيابي غير واجب التنفيذ ، وعول في قضائه بالإدانة على تقرير المعمل الكيميائي مكتفياً بإيراد نتيجته دون مضمونه بشأن كيفية الوقوف على كنه المادة المضبوطة ، وأعرض عن دفعه ببطلانه لخلوه مما يفيد تحليل المضبوطات ولم يعن بتحقيقه ، ولم يعرض لدفاعه بعدم توافر أركان جريمة استعمال القوة والعنف مع موظف عام وانتفاء علمه بأن المجني عليه من مأموري الضبط القضائي إيراداً ورداً ، وقضى الحكم بمعاقبته بعقوبتين عن الجرائم المسندة إليه حال كونها مرتبطة مما كان يتعين معه إعمال نص الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات لتحقق موجبها والحكم بعقوبة واحدة ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تحصل أقوال الشاهد وتفهم سياقها وتستشف مراميها ما دامت لا تحرف الشهادة عن مضمونها ، كما أن عقيدة المحكمة إنما تقوم على المقاصد والمعاني لا على الألفاظ والمباني وأن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، وكان المعنى المشترك بين ما حصله الحكم بياناً لواقعة الدعوى وأقوال شاهد الإثبات من أن الطاعن أشهر سلاحاً نارياً وأطلق صوبه والقوة المرافقة عياراً نارياً إثر مشاهدته له وبين ما سلم به الطاعن في أسباب طعنه من أن أقواله جرت في التحقيقات من أنه لم يخرج السلاح من طيات ملابسه إلَّا بعد تتبع الضابط له هو معنى واحد في الدلالة على أن الطاعن كان محرزاً للسلاح الناري وهو المعنى الذي تتحقق به مسئوليته عن جريمة إحراز السلاح المضبوط – قبل القبض عليه قانوناً – متلبساً بها فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الضابط لم يقم بالقبض على الطاعن إلَّا بعد أن رآه رأي العين حال إحرازه للسلاح الناري وإطلاق عيار ناري صوبه والقوة المرافقة ، مما تعتبر به الجريمة في حالة تلبس تبيح للضابط القبض عليه وتفتيشه ، فإن لا جدوى مما يثيره الطاعن – بفرض صحته – في صدد بطلان القبض عليه وتفتيشه لكون الحكم الصادر ضده في الجنحة الرقيمة .... قسم .... غيابياً غير واجب التنفيذ إذ إن الحكم المطعون فيه لم يركن إلى ذلك الحكم مسوغاً للقبض والتفتيش ، ومن ثم فلا أثر له في قضائه ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلَّا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها ، كما أن من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية  ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير المعمل الكيماوي وأبرز ما جاء به من أن المادة المضبوطة هي لمخدر الهيروين فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بعدم إيراده مضمون تقرير المعمل الكيماوي لا يكون له محل ؛ لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ منها بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير المعمل الكيماوي واستندت إلى الرأي الفني به من أن المادة المضبوطة مع الطاعن هي لمخدر الهيروين وهي من المواد المدرجة في جدول قانون المخدرات فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إجراء تحقيق بشأن قصور تقرير المعمل الكيماوي ، فليس له من بعد أن ينعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي لزوماً لإجرائه ، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أوقع على الطاعن عقوبة واحدة عن جرائم إحراز السلاح الناري وذخيرته واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين المسندة إليه للارتباط تطبيقاً للمادة 32/2 من قانون العقوبات وهي العقوبة المقررة للجريمة الأولى الأشد وهي إحراز السلاح الناري غير المششخن وذخيرته التي ثبتت في حقه على نحو ما سلف فلا يجديه من بعد ما أثاره من مناعي على جريمة استعمال القوة والعنف مع موظف عام ، هذا إلى أن الحكم المطعون فيه بعد أن أورد من وقائع الاعتداء الحاصلة من الطاعن ما يكفي لتوافر الركن المادي  للجناية المذكورة قد استظهر استظهاراً سليماً من ظروف الدعوى أن نية الطاعن مما وقع منه من أفعال مادية تمثلت في إطلاق العيار الناري صوب رجال الشرطة - المجني عليهم - قد انصرفت إلى منعهم من أداء أعمال وظيفتهم لعدم تمكينهم من القبض عليه بعد مشاهدته متلبساً بجناية إحراز السلاح الناري وذخيرته ولم يبلغ من ذلك مقصده ، فإن جناية استعمال القوة والعنف تكون متوافرة الأركان ويضحى منعى الطاعن بصدد ذلك غير سديد . لما كان ذلك ، وكان مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحد بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها ، كما أن الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ، وإذ كان الثابت مما أورده الحكم في بيان الواقعة أن ضبط السلاح الناري وذخيرته مع الطاعن في الوقت الذي ضبط فيه محرزاً المخدر لا يجعل هذه الجريمة الأخيرة مرتبطة بجناية إحراز السلاح والذخيرة واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين ارتباطاً لا يقبل التجزئة بالمعنى المقصود في المادة سالفة الذكر، ذلك أن جريمة إحراز المخدر هي في  واقع الأمر جريمة مستقلة عن تلك الجرائم مما يوجب تعدد العقوبات وتوقيع عقوبة مستقلة عن كل من الجريمتين وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، فإنه لا يكون قد خالف القانون . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت – من بعد صدور الحكم المطعون فيه - في القضية 88 لسنة 36 ق دستورية بعدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون 6 لسنة 2012 سالف الذكر فيما تضمنته من عدم جواز النزول بالعقوبة بالنسبة لجريمة إحراز السلاح الناري غير المششخن المرتبطة بجريمة إحراز الذخيرة المستخدمة فيه – اللتين دين بهما الطاعن – استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات والتي مقتضى تطبيقها جواز تبديل العقوبات السالبة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات سالبة للحرية أخف منها إذا اقتضت أحوال رأفة القضاة بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها . وكان مقتضى قضاء المحكمة الدستورية العليا – السابق الإشارة إليه - أن تعود للقاضي سلطة استعمال الرأفة وفقاً للمادة 17 من قانون العقوبات – إن ارتأى ذلك - وهو ما يتحقق به معنى القانون الأصلح للطاعن من بعد استئصال ما عاره من نتوء عدم الدستورية ، مما كان يؤذن لهذه المحكمة – محكمة النقض – وعملاً بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن تنقض الحكم المطعون فيه من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم ، إلَّا أنه لما كان البيّن من ذلك الحكم أنه قضى بمعاقبة الطاعن بالسجن المشدد لمدة ست سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه عن تهمة إحراز جوهر الهيروين المخدر بغير قصد من القصود المسماة ، والتي برأت من أوجه الطعن على نحو ما سلف ، ولما كانت المادة 35 من قانون العقوبات قد جرى نصها على أن " عقوبة السجن المشدد تجب بمقدار مدتها كل عقوبة مقيدة للحرية محكوم بها لجريمة وقعت قبل الحكم بالسجن المشدد المذكور " . ولئن كان من المقرر أن جب العقوبات هو أمر لاحق للقضاء بها وهو أمر متروك للسلطة المنوط بها تنفيذ الأحكام ولا شأن للمحاكم بها ، إلَّا أنه إذا تحقق موجبه – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – بات إعماله وجوباً عليها إذ ليس من الحزم تعدد العقوبات كلها بما يخرج عن حد الاعتدال ، وليس من المستحسن أن المحكوم عليه بعد أن يستوفى الجانب الأشد من عقوبته أن ينفذ عليه بعقوبة أقل شدة ، ولما كان البيّن من مذكرة التنفيذ المرفقة أن الطاعن نُفذ عليه بعقوبة السجن المشدد المقضي بها عن التهمة الأولى وجبت عقوبة السجن المقضي بها ، وكان مقتضى إعـمال أثر النص آنف البيان أن عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات المقضي بها عن باقي الجرائم التي دين بها الطاعن ومن بينها جريمة إحراز السلاح الناري غير المششخن وذخيرته باتت غير ذات أثر في التنفيذ لاستغراقها بعقوبة السجن المشدد ، ومن ثم فلا محل والحال كذلك لنقض الحكم إعمالاً لحكم المحكمة الدستورية العليا باعتباره قانون أصلح للمتهم – في خصوصية هذه الدعوى – كونه أضحى غير ذي جدوى لانتفاء مصلحة الطاعن بما يغدو معه النقض غير منتج ، ولا يقدح في هذا الصدد ما قد يثار من أن عقوبة الغرامة المقضي بها عن هذه الجريمة لا ينصرف إليها جب العقوبة فذلك مردود بأن القيد الذي كانت تفرضه المادة 26 من قانون الأسلحة والذخائر سالفة البيان قبل أن يتطهر بالشرعية الدستورية كان متعلقاً بالعقوبات السالبة للحرية دون عقوبة الغرامة المقررة لها والتي أوقعتها المحكمة بالقدر الذي ارتأته مناسباً للعقوبة التي ثبتت لديها وفقاً للحدود المرسومة في المادة المار بيانها . لما كان ما تقدم جميعه ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً . 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق